يشعر الغالبية من المصريين هذه الأيام، بحالة من الفخر والزهو بفحوى نجاح السياسة الخارجية المصرية، حيث هناك تحركات وحراك سياسى ملموس على جميع الأصعدة، حيث المشاركة المصرية، والرئيس عبدالفتاح السيسي، دائم الحضور والإطلالة، فى غالبية إن لم يكن كل، المؤتمرات والمنتديات واللقاءات الروسية، عملا بقاعدة حيث يجب أن نكون سنكون. هذه المقدمة ضرورية لإيضاح الصورة أمام المواطن المصري، كيف كنا وكيف أصبحنا وماذا حصدنا فى الأيام الماضية، وصورتنا حاليا فى المشهد السياسى الإقليمى والدولي، وأظن أن زيارتى الهند والصين من قبل الرئيس السيسى والمشاركة لأول مرة فى حضور قمة العشرين الأخيرة، لأول مرة، كانت ثمار ونتاج هذا النجاح السياسى المصري. ثم سيكون النجاح الأبرز خلال الأيام المقبلة عبر المشاركة والحضور من قبل الرئيس السيسى فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة للمرة الثالثة على التوالي، باعتبارها المنصة الأكبر فى العالم، حيث حضور ومشاركة القادة والزعماء من كل حدب وصوب، حيث تجرى لقاءات الكبار وترسم ملامح خريطة السياسات والسيناريوهات لأمهات أزمات ومشكلات العالم، وتجترح الحلول والمقاربات لغرض الحلول والخطط سواء عبر الآلة العسكرية أو بفعل القنوات السياسية والدبلوماسية، فمن خلال مثل هذه الاجتماعات واللقاءات وعبر حجم المشاركة والانطلاق والانغماس فى مجمل الفعاليات تقاس حجم وأوزان الدول. وليس بمستغرب أننا تأخرنا كثيرا عن الحضور والمشاركة لسنوات طويلة فى عهد مبارك عن هذه المنصة الدولية، فكان نتاج ذلك التراجع والخلل فى حجم وقوة تأثير النفوذ السياسى والوزن الإقليمى لمصر، حيث لم يشارك مبارك سوى مرتين فى اجتماعات الأممالمتحدة طيلة 30 عاما من حكمه، مفضلا فضيلة الكسل والتعاطى بخفة مع جوهر وحقائق ركائز القوة السياسية والدبلوماسية المصرية، فكان هذا السقوط والانكفاء سريعا لحجم ودور مصر حيث اعتلت دول ثلاث لسنوات طويلة المثلث الإقليمي، وهى إيرانوتركيا وإسرائيل، بسبب حالة الفراغ المصرى فى المنطقة العربية والإقليمية، ولكن الآن المعادلة تغيرت والمثلث الإقليمى تم كسره وخلخلته إن لم يكن نسفه حيث كانت القوة المصرية العائدة البازغة فى الإقليم بجانب قوى عربية أخرى مؤثرة كالسعودية، وكل ذلك بعد ما سقطت من أدبيات الدبلوماسية المصرية عبارة الانكفاء والبقاء فى مقاعد المراقبين. ومن أجل كل ذلك، فأنا من المؤيدين لكثافة حضور ومشاركة مصر والرئيس السيسى بقوة وفعالية فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، من أجل تعميق الوجود والتموضع المصرى مع قضايا العالم بصفة عامة ثم قضايا الإقليم بصفة خاصة، وهذا ما يهمنا لأنه لا يمكن أن تكون كل هذه الحرائق المشتعلة فى إقليم الشرق الأوسط الرهيب حاليا وبكل هذه الفظاعة واللوعة وتلك الانهيارات والفوضى الجوالة دون أن تكون مصر حاضرة ومشاركة للبحث فى آليات الحلول والقيام بدور الإطفائي، وإيجاد مصدات دفاعية بل هجومية لو استدعى الأمر لتوفير مظلات الحماية للأمن القومى المصري، مرورا بالأمن القومى العربى والإيعاز للجميع فى الأممالمتحدة بأن مصر عائدة حاليا بقوة لتكون مركز قوة وثقل النواة الصلبة لقوى الإقليم. وبالتالى هناك أهمية قصوى وحضور مستحق للرئيس السيسى والدبلوماسية المصرية بوصفه مهندسها الأول لاطلاع القادة والكبار فى العالم على حقيقة تطورات الأوضاع المأساوية فى الشرق الأوسط، وسيناريوهات التآمر الإقليمى لتخريب المنطقة بفعل ضغط وأجندات دولية وإمكانات فرض الحل، حيث لا يمكن الاعتماد على دول فى الإقليم كإيرانوتركيا ومعهما إسرائيل، وهى جميعا جزء من مشكلات الإقليم وليس جزءا من الحل مع ضرورة لفت السيسى نظر وبوصلة الفكر والإقناع عند هؤلاء القادة الكبار فى العالم إلى أنه فى ظل حالة الفوضى والفراغ الذى كان قائما حتى الأمس القريب حاولت قوى مثل إيران وميليشياتها وكذلك داعش وأخواتها، الاستيلاء على بلدان الإقليم والإساءة للإسلام فى سياق لم تعرف له المنطقة مثيلا، كما أن دولا مثل تركيا أردوغان أعطت لنفسها حقا غير شرعى ونسجت المؤامرات لتخريب دول عربية مثلما فعلت فى سوريا وشمال العراق وحاليا فى ليبيا وبالتالى حصلت على أدوار واستغلت الفراغ أكثر مما يستحق سلطانها المتهور أردوغان. ناهيك عن كل هذا وأكثر سيخبر به الرئيس السيسى العالم خلال كلمته المرتقبة، لرسم سياسة مصر الخارجية والداخلية، وإطلاع الجميع من أصحاب الأوزان الثقيلة والكبار، وحتى قادة الإقليم وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، من فوق منصة الأممالمتحدة مراهنا على واقع وحقائق النجاح الجديدة والقادمة فى مصر وشرح واف لصور معجزات النجاح السياسى والأمنى وكيف نجت مصر من مخططات النفق المسدود وسيناريوهات الدول الفاشلة المأزومة، لتصبح رقما صعبا ومؤثرا فى الإقليم حاليا، بجانب اطلاع هؤلاء الكبار والحضور فى الأممالمتحدة، على تفاصيل مشهد الإصلاح الاقتصادى وخطط معجزات التنمية فى محور قناة السويس والمدن الجديدة، والانتصار فى معارك شرايين الطرق والكهرباء والإسكان والبطالة، وفرص وشراكات التنمية مع دول النمور الآسيوية وروسيا الاتحادية وغيرها، وبالتالى دعوة الجميع للحضور والاستثمار وجنى فرص وأرباح النجاح المالى والاقتصادى فى مصر. لكل هذه الأسباب والدوافع، كان ومازال ضروريا حضور السيسى لمنصة الأممالمتحدة، من أجل الانفتاح على الجميع ومد يد التلاقى للتعاون مع الجميع من أجل مصر واسطة العقد فى الإقليم ودوله التى تحتاج لجراحات عاجلة سلمية لوقف كل تلك الانزلاقات القاتلة وانقاذ دول وشعوب الإقليم العربى التعيس البائس، لأجل كل هذا وأكثر، سيذهب السيسى إلى الأممالمتحدة فى نيويورك. لمزيد من مقالات أشرف العشري