فى تقديرى أن دعوة مصر، ممثلة بالرئيس عبدالفتاح السيسي، للمشاركة والحضور فى قمة العشرين أى أكبر تجمع لاقتصادات دول العالم المقررة فى الصين أوائل الأسبوع المقبل، هو الانتصار فى أعلى تجلياته بنجاح هذا الوطن مصر ببراعة فى تجاوز جبال الأزمات والمشكلات الطاحنة، وأفلتت من تصنيف الدول المأزومة الفاشلة وتفوقت بامتياز خلال عامين لكتابة فصل جديد فى مسار النجاح السياسى والأمني، برغم بعض الصعاب الاقتصادية المفاجئة فى الأسابيع الماضية. الحضور والمشاركة فى هذه القمة بالصين وسط عمالقة السياسة والاقتصادات الكبري، هو اعتراف ومنح شيك على بياض بقدرة هذا البلد مصر على فتح ثغرات ونوافذ كبرى فى جدران الاقتصاد المصرى المسدودة منذ سنوات طويلة، ووضع أقدامه على أعتاب الدول البازغة الصاعدة بقوة فى قادم الأيام والسنوات بفضل لائحة مشروعات إصلاح اقتصادية تنموية عملاقة، ستغير قواعد اللعبة الاقتصادية والاستثمارية لبلد سيشب سريعا باعتراف خبراء الاقتصاد ومراكز تصنيف التنافسية الدولية عن الطوق سريعا بعد عامين من الآن. حضور ومشاركة الرئيس السيسى فى قمة العشرين، وما أدراك ما قمة العشرين، حيث تصنع سياسات الكون وتقام التحالفات وتكتسب الصداقات الاستراتيجية التى توفر آفاقا استراتيجية للعلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية بين الدول عبر توفير مظلات الحماية والدعم، وفتح الممرات الإجبارية فى الدول الكبرى وأصحاب الاقتصادات والوفرة المالية للدولة الراغبة فى السير على نهج أو ملامسة طريق وخارطة اقتصاد دول العشرين. هى المرة الأولى منذ سنوات طويلة، إن لم تكن الاستثنائية التى تدعى فيها مصر ورئيسها إلى حضور قمة العشرين لحضور جلسات العصف السياسى وسبر الآراء وتبادل الخبرات والاتفاقات والطلب بفتح ممرات آمنة للاقتصاد المصرى للاندماج فى اقتصادات تلك الدول الكبري، خاصة أن الرئيس السيسى يستطيع دوما فى هذه القمة أن يكون مرفوع الرأس صاحب القامة المديدة تشفع له نجاحاته خلال عامين فقط فى انتشال بلده مصر من رذائل وذيول الحروب والفوضى ومنع الوقوع فى شرك الفتن والطائفية وحمامات الدم الطويلة، والنجاة من تصنيف دول ترسم فيها الخرائط حاليا بالدم والتفخيخات القاتلة، يستطيع أن يقول السيسى لكبار العشرين، إننى وشعبى قد اجتزنا امتحانا صعبا وعسيرا حيث أفشلنا مؤامرة كبيركم التى كان يريد لنا أن نكون أولى باكورات دول التقسيم والتجزئة لكامل دول الإقليم، ولكن بعناد وصلابة شعبى وصمود أمتى تجاوزنا تلك الألغام الناسفة التى نصبت لتفجير وطنى وقتل وتشريد وتشرذم شعبى فى المنافى والشتات، وبالتالى جئتكم بتجربة بلد وقصة نجاح قائد وشعب تستحق أن تسمع وتدرس فى معاهدكم الاستراتيجية وداخل دوائر مستشارى الأمن القومى بقصوركم. ولا تنسى أن تقول لهم وتبلغهم سيادة الرئيس، أن بلدى مصر قد عادت بقوة عبر مؤهلات ومقومات قواها الناعمة ودرع وسيف جيشها لتفرض شروط اللعبة واللاعبين على الجميع فى الإقليم، وأنها أصبحت طرفا أصيلا ولاعبا رئيسا فى رسم ملامح صورة الإقليم واطفائيا من الدرجة الأولى لإطفاء حرائق الإقليم وصاحبة أذرع أولى فى الاشتباك السياسى والدبلوماسى وفرض الرؤى والمبادرات للحلول والاستحقاقات، بعد أن خرجنا من الانكفاء إلى المبادرة والمبادأة حيث يعلم الحضور فى قمة هانفتشو تلك، أن أى دور إقليمى له شروطه وأثمانه ومصر بهذا الوضع واستعادة الدور والمكانة وتوسيع دائرة الرؤية والحراك، أصبحت مؤهلة ومهيأة وقد ودعت زمن التعثر وعهود السقوط وتكسير الأقدام ولم تعد تملك ترف التباكى والاستسلام للأحزان، بل لديها وشعبها ورئيسها عزيمة لا تلين وصمود لا ينكسر على التغيير واقتحام أمهات الأزمات، ووضع الأقدام مهما تكن التحديات على الطريق الصحيح، نعم مصر وشعبها ورئيسها تستطيع. بلغة الحسابات، حضور مصر والرئيس السيسى فى تلك القمة، فى كل فعالياتها ونقاشاتها، مكاسب ومغانم لنا حيث ستكون الفرصة قائمة أمام الرئيس للتباحث والتشاور مع قادة العالم والاستماع إليهم والإصغاء إلينا والاطلاع على تجربتنا والاتفاق على مد جسور التواصل الاقتصادى والتنموي، حيث أصبح لنا وبتنا نملك مقومات وأرضية الاستثمار الجاذب وبالتالى ستكون الدعوات مفتوحة دون عراقيل وبيروقراطية من الآن. فى الوقت نفسه، لابد أن نتوقف بكل الاهتمام والجدية أمام الزيارة المرتقبة للرئيس للهند، التى ستبدأ الخميس وتسبق زيارة الصين حيث قمة العشرين، حيث التوقيت والاختيار لبلد مثل الهند موفق للغاية، ومحاولة مصرية ناجحة لتوسيع آفاق استراتيجية لحصيلة التعاون الاقتصادى والاستثمارى مع بلد استطاع أن يخرج من تحت الركام ويتفوق على نفسه وعلى حياة شعبه مليار و200 مليون نسمة عبر مشاريع التنمية والبرمجيات الكبرى والصناعات المتوسطة والصغري، حيث ستكون الفرصة سانحة لتوقيع اتفاقيات بالمليارات ونقل حصاد وذخيرة تلك التجارب إلى شرايين الاقتصاد المصري، وامكان إقامة تحالف استراتيجى مع عملاق اقتصادى بازغ وواعد مثل الهند حيث ستكون المكاسب والأرباح مشتركة إن لم تكن مضاعفة أكثر لمصر. بكل تأكيد إن مثل هذه الجولات وهذا الحضور الطاغى للرئيس ومصر فى الدول الكبري، ومع الكبار يرسخ مظلة التعاون الاستراتيجى ويجعل من مصر رقما صعبا وصحيحا فى المعادلة الدولية، فضلا عن تصحيح صورة مصر فى الخارج وقطع الطريق على هؤلاء المتربصين أصحاب دعوات التحريض المستمر ضد مصر والرئيس، وتشويه الصورة هناك حيث إن هذا الحضور والمشاركة فى هذه القمة العالمية بالصين، وفى بلد بحجم الهند، يبدد تلك السخافات ويمزق حالة التحريض تلك، وتؤكد للجميع أن مصر عائدة بقوة فى الإقليم والخريطة الدولية بعد أن تجاوزت الصعاب وصوبت المسار، وإن غدا لناظره قريب. لمزيد من مقالات أشرف العشري