مازال عدد من الإسرائيليين يراودهم حلم بناء ما يسمى بهيكل سليمان مكان المسجد الأقصى ولا يرون انه أمر غريب بل هو مهمة مقدسة . ومنذ عدة أيام رافقت القناة الثانية الإسرائيلية مجموعة يهوديات يطلقن على أنفسهن « نساء من أجل الهيكل»، حيث يعمل أعضاء هذه الجماعة على تجهيز احتياجات الهيكل العديدة، وقراءة النصوص الدينية واتباع تعليماتها. وهن يتعلمن طريقة تحضير التضحيات و الخبز المخمر الضرورى للطقوس، وأساليب تربية ما يسمى «الدود الأحمر» الذى يتم صباغة ملابس الكهنة بواسطتها ولكن الأهم من ذلك كله انهن يتعلمن طريقة تحضير الستارة الضخمة التى تفصل بين قاعة الهيكل الرئيسية وبين قدس الأقداس وتابوت العهد الذى يحتويه ولا يكتفين بذلك بل تعملن على ضم أشخاص جدد لصفوفهن لتحقيق الحلم ومن أجل ذلك ينظمن محاضرات ودروسا حول الهيكل وإحدى العضوات المؤسسات للمجموعة هى « رينا أريئيل « من مستوطنة كريات أربع والتى تصدرت عناوين الصحف الأسرائيلية فى الأشهر الأخيرة بعد مقتل ابنتها هليل البالغة (13 عاما) على يد ما قيل إنه فلسطينى طعنها بالسكين أثناء نومها وتعتبر أريئيل وشقيقاتها هن دينامو هذه الحركة. وأشارت الشقيقات إلى أن الحديث عن بناء الهيكل الثالث تحول من حلم صغير الى مهمة مقدسة ومجموعة نساء الهيكل ليست وحدها فهناك معهد الهيكل، الذى تأسس عام 1987وينادى بإعادة بناء الهيكل ويركز المعهد على تجهيز المعدات الضرورية لممارسة الطقوس التى يجريها الكهنة ويقود هذا العمل لجنة حاخامية, وانتقل معرض لتجهيزات المجموعة للهيكل عام 2013 من شارع فرعى ضيق فى القدس القديمة الى مساحة أكبر مجاورة لساحة حائط البراق ويتم حياكة الستارة الضخمة من جديد داخل مستوطنة ايتامار فى الضفة الغربية باستخدام خيوط حمراء وهناك من اليهود من يعتقد ان الهيكل سوف ينزل كاملا من السماء ! وهذه الجماعة كما يصفها دكتور تومر بريسكو من معهد شالوم هارتمان بالقدس بأنهم أصوليون يريدون العودة إلى ماض ذهبى يزعمون أنه كان موجودا وانه لا يوجد لهذا أساس فى النصوص الدينية ورغم ذلك تجد دعاوى الجماعة صدى لدى العديد من النساء المتدينات . ومنذ عدة سنوات تقدم النائب المتطرف بالكنيست الإسرائيلى وعضو حزب الليكود آنذاك موشيه فيجيلين بمشروع قانون ينص على بسط السيادة الإسرائيلية على المسجد الأقصى وأثار عاصفة من الغضب فى العالمين العربى والاسلامى ولم يكن ذلك سوى حلقة فى المسلسل التآمرى لهدم الأقصى فلا فرق بين متطرف ينتمى لجماعة دينية متشددة وبين مسئول سياسى، فالهدف لكليهما واحد وهو هدم المسجد الاقصى لبناء هيكل سليمان المزعوم على أنقاضه. والحفائر التى تقوم بها إسرائيل قرب المسجد الأقصى عند باب المغاربة تأتى ضمن سلسلة الانتهاكات الصارخة ضد المقدسات الاسلامية وترتكبها الجهات الرسمية والجماعات المتطرفة على السواء، ففى الخامس عشر من اغسطس عام 1967 دخل الحاخام العسكرى الرئيسى لاسرائيل ويدعى «شلومو جورن» وحاخامات الهيئة الحاخامية العليا إلى ساحة المسجد الاقصى من باب المغاربة ويحملون معهم بوقا وما يطلق عليه خزانة المقدسات ومنصة متحركة وأقاموا الصلاة فى المكان. وبعد ثلاثة أيام أراد جورن جمع آلاف المصلين اليهود فى المكان ليفرض سابقة بذلك الأمر مما أدى إلى احتجاجات إسلامية قوية وعاصفة جماهيرية أجبرت الحكومة الإسرائيلية على اتخاذ قرار رسمى بمنع صلاة اليهود داخل الحرم والسماح لهم بأداء صلواتهم عند الحائط الغربى وردا على الخطوات التى اتخذها جورن قام المسئولون فى الاوقاف الاسلامية بإغلاق باب المغاربة ولم يسمحوا لحاخامات الهيئة الحاخامية العليا بالدخول،ولكن الامر لم ينته عند ذلك فقد اجتمعت الحكومة الاسرائيلية وقررت السيطرة على البوابة. وزير الاديان الاسرائيلى فى ذلك الوقت «زيرح فير هفتيج» اعتبر نفسه مسئولا عن تنفيذ هذا القرار وطالب مدير الاوقاف الاسلامية «حسن طهبوب» بإعطائه مفاتيح باب المغاربة إلا أن طهبوب رفض هذا الطلب وأصدر المجلس الاسلامى الاعلى بيانا جاء فيه «أن الحرم الشريف هو مكان مقدس للمسلمين ولايوجد حق لأى طرف بالسيطرة عليه»، وأوضح المجلس انه لا ينوى تسليم المفاتيح . بعد ذلك بعدة أيام ظهر وزير الدفاع الاسرائيلى موشيه ديان فى مؤتمر يضم كبار الضباط واكد السماح لليهود بدخول الحرم وقام هو وقائد المنطقة الوسطى «عوزى نركيس» بزيارة باب المغاربة وقام «ديفيد فرحي» مستشار نركيس للشئون العربية بأخذ المفاتيح من طهبوب ووضع افراد الشرطة العسكرية عند البوابة. لكن بعد إحراق المسجد الاقصى فى اغسطس عام 1969 قرر المفتى الشيخ حلمى المحتسب استعادة السيطرة على باب المغاربة وأعلن المجلس الاسلامى الاعلى ان باب المغاربة لن يفتح أمام الزوار طالما لم تسترد المفاتيح. وفى التاسع عشر من اكتوبر 1969 اجتمعت الحكومة الاسرائيلية برئاسة جولدا مائير لمناقشة الامر وبعد ايام إثر اتصالات مع الاوقاف فتح باب المغاربة .وطوال السنوات الماضية سمحت الشرطة الاسرائيلية لاتباع جماعة امناء جبل الهيكل بالصلاة فوق التلة الترابية المؤدية إلى باب المغاربة. وتكمن الخطورة هنا فى أن هذه الجماعة اليهودية المتطرفة حصلت منذ عدة سنوات على الضوء الاخضر من المحكمة العليا فى إسرائيل لوضع حجر الأساس الرمزى للهيكل الثالث المزعوم فى منطقة باب المغاربة. ولكن ما هى أهداف جماعة أمناء جبل الهيكل وما مخططاتها؟ وهل يكون هذا الحجر بداية لهدم الأقصى ومحو المقدسات الاسلامية بالقدس؟ جماعة الهيكل اليهودية تقدم نفسها على انها هيئة غير سياسية تمارس أنشطة تعليمية وهو ما يخالف الحقيقة ويطالب قادة هذه الجماعة صراحة بهدم الاقصى .وقد حصلت تلك الجماعة على الترخيص اللازم لممارسة نشاطها تحت اسم «مؤسسة العلوم والأبحاث وبناء الهيكل» .ويقوم أعضاؤها بجمع الادوات الخاصة بطقوس العبادة تمهيدا لبناء الهيكل، وقد تم تأسيس جماعة الهيكل على يد الحاخام يسرائيل آرييل الحاخام السابق لمستعمرة ياميت وتحصل هذه الجماعة على تبرعات ضخمة من جهات خارج إسرائيل من بينها جهات مسيحية تشاركها فكرها العقائدى بجانب هيئات ومؤسسات داخل إسرائيل تقدم الدعم والتمويل لهذه الجماعة. ويقول اتباع الجماعة إن الهيكل الثالث بعد إقامته سوف يخضع لسلطة الحكومة الاسرائيلية برغم انها علمانية، فطبقا للتعاليم التوراتية فإن أفراد الشعب يقيمون الهيكل والحكومة تتولى السيادة بصفتها الممثلة لافراد الشعب.