تبدو قمة الأمن النووي فرصة جديدة لإعطاء زخم هائل لقضية منع الانتشار النووي وتعزيز اجراءات حماية المواد النووية, ومنع تهريبها والحيلولة دون وصولها إلي أيدي المنظمات الارهابية, أو عصابات الجريمة, التي يمكن أن تستخدمها لصناعة أسلحة نووية. وهذه القمة التي دعا إليها الرئيس الأمريكي باراك أوباما تأتي في التوقيت المناسب, إلا أن قضية التسليح النووي والأمن النووي لا يمكنها أن تحظي بالتأييد والحماس من قبل بقية دول العالم خارج نادي الدول النووية مالم تلتزم ادارة أوباما بمنهج متزن وغير منحاز لأي دولة أيا كانت علاقاتها مع الولاياتالمتحدة. إذن جوهر القضية مثل جميع القضايا الدولية الأخري يرتبط بضرورة المعالجة في إطار من الشفافية دون تفرقة بين دولة وأخري, وبصورة واضحة لا يمكن لواشنطن أو غيرها من الدول الأوروبية أن تستثني إسرائيل بوصفها دولة فوق القانون الدولي والأجدي أن يتم وضع اسرائيل في عين الرقابة الدولية والمناقشات العالمية مثلها مثل إيران وإخضاع الترسانة النووية الإسرائيلية الموجودة بالفعل لجميع الضوابط الدولية والمعاهدات العالمية إعمالا لمبدأ الشفافية وعدم التفرقة بين دولة وأخري. وأغلب الظن أن مسألة غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو وعدم مشاركته في القمة يجب ألا تعد فرصة للهروب من محاصرة إسرائيل ومطالبتها بالالتزام بالشرعية الدولية, والأمر المؤكد أن مصر لن تتوقف أمام حضور أو غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي, وستعيد بقوة طرح مبادرتها لإخلاء الشرق الأوسط من اسلحة الدمار الشامل. وهذه المبادرة المصرية تعكس موقفا عربيا موحدا, بل وموقفا يحظي بتأييد واسع النطاق يطالب بأن تعامل إسرائيل مثل بقية الدول الأخري, كما أن الاجماع الدولي يري أن أخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل أحد أهم الترتيبات الأمنية التي تشكل جزءا جوهريا من حل مشكلات المنطقة, وتحقيق السلام الشامل والعادل, وصولا إلي منع التطرف والارهاب وتحقيق الاستقرار في المنطقة. واذا ما تحركت الأطراف الدولية المشاركة في المؤتمر(47 دولة و3 هيئات دولية: الأممالمتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية ورئاسة الاتحاد الأوروبي) باتجاه الشفافية وعدم الكيل بمكيالين والتحرك صوب إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل, والضغط علي إسرائيل للالتزام بالشرعية الدولية, وفتح منشآتها النووية للتفتيش ومشاركة بقية دول العالم في التخلص من الاسلحة النووية, بعد ذلك لن يكون صعبا علي الاطراف الدولية من أن تتوصل إلي تفاهمات أو توافق في الآراء بشأن الأمان النووي. وتبدو الأرضية مهيأة في هذه اللحظة لاتحاذ خطوات محددة أبرزها: أولا: خطوات علي المستوي الفردي والدولي لتعزيز الأمن النووي, ومنع الإرهابيين وعصابات الجريمة من الوصول إلي مواد تستخدم لصنع أسلحة نووية. ثانيا: خطة عمل مفصلة تتضمن تعهدات قوية بإجراءات علي المستوي الوطني والدولي لدعم الأمن النووي. ثالثا: إعلان عدد من الاجراءات التي سبق أن اتخذتها بعض الدول بالفعل أو التي تنوي اتخاذها للتخلص من بعض أو كل مالديها من المواد النووية. وأغلب الظن أن الطريق لايزال طويلا وشاقا, كما أن حلم الوصول إلي عالم ينحسر فيه التهديد النووي إلي حده الأدني مسألة تبدو بعيدة المنال إلا أن الزخم الدولي, والوعي المتزايد بخطورة انتشار الاسلحة النووية والتهديد بسباق نووي في منطقة الشرق الأوسط, ومناطق أخري من العالم, له والأخطر وقوع هذه الأسلحة في أيدي جماعات الجريمة ومنظمات الارهاب.. هذه الأمور مجتمعة تدفع جميع القوي الفاعلة علي المسرح الدولي للتعامل بصورة جدية مع هذه التهديدات.. وهذه الفرصة الجديدة تدفع القاهرة لحشد التأييد لمبادرتها ورؤيتها لعالم خال من أسلحة الدمار الشامل.