هذا تدليس يتعمد الخلط بين أكثر من غرض بافتراض البلاهة فى القارئ! يقول القائل إن أمريكا تشهد انضباطاً فائقاً وشفافية مثالية فى إدارة أمور جيشها، وإن ممثلى الشعب يناقشون بنود ميزانية الجيش، حيث للكونجرس الحق الكامل فى الاطلاع على كافة تفاصيل موازنة الجيش والموافقة عليها أو رفضها بقدر كبير من الشفافية، حتى الأنشطة السرية أو تطوير سلاح جديد أو شراء سلاح محدد..إلخ، وأن المناقشات علنية فى مجلس الشيوخ، وأما التفاصيل السرية فتُناقَش فى جلسات خاصة، وأنه ليس هناك أسرار على الشعب الذى يمكنه من منازلهم أن يُطلع على كل التفاصيل بمجرد أن يدوس على زر الإنترنت! ثم يصل القائل إلى نتيجته بكل ما فيها من إيحاءات بأن مؤسسات المجتمع المدنى الأمريكية تضغط على مجلس الشيوخ لتقليل ميزانية الجيش! هذا طرح مثالى تنفق أمريكا مليارات الدولارات سنوياً لكى تُروِّج له، ولكى تنتشر صورة أن كل شىء يتم بموافقة ممثلى الشعب، فى حضور الشعب! وفى هذا إغفال تام لنشاط علنى لجماعات وأفراد فى أمريكا لهم موقف آخر، حيث ينشرون أخباراً، مما تتعمد الإدارة والأجهزة الرقابية الرسمية فى أمريكا أن تتكتمها، عن عمليات سرية للجيش الأمريكى ولأجهزة المخابرات، تتم عبر الكوكب فيها أعمال قذرة تفوق ما حدث فى تاريخ الإنسانية. هناك مئات الأسئلة، منها: هل تُعرَض هذه المهام على مجلس الشيوخ وتنال الموافقة؟ هل طُرِحَت، مثلاً، تفاصيل الغزو العراقى وما بعده؟ وهل صدَّق مجلس الشيوخ على ميزانية تأسيس داعش وتكاليف الإنفاق على مهامه التخريبية فى الإقليم؟ ليس الغرض الوحيد من هذا التدليس تجميل صورة أمريكا وجيشها ومهامه وخداع القراء بأن الأخلاقيات الحاكمة فى البنتاجون متطابقة مع عالم والت ديزني، وإنما الغرض الآخر الموحَى به هو التشكيك فى انضباط بنود الإنفاق للقوات المسلحة المصرية، مع طرح إمكانية أن يضغط المجتمع المدنى لتقليل ميزانية القوات المسلحة. لقد صار لازماً إخضاع منظمات المجتمع المدنى المصرية لقوانين الإفصاح عن مصادر التمويل وكيفية الإنفاق! [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب