مدبولى: مهتمون بمجال ريادة الأعمال لأهميته في تسريع النمو الاقتصادي وتحقيق رؤية 2030    البرلمان العراقي يتجه لجولة ثالثة من التصويت على انتخاب رئيسه    القسام تستهدف ناقلة جند إسرائيلية بقذيفة "الياسين 105" شرق رفح    لاعبو آرسنال يودعون محمد النني بعد إعلانه الرحيل    "فيتو" تنشر المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة في اللغة الإنجليزية    السكك الحديد تعلن تشغيل قطارات إضافية بمناسبة عيد الأضحى المبارك    فصائل فلسطينية تعلن استدراج قوة للاحتلال.. وقتل 5 جنود وإصابة آخرين    أعراض الذبحة الصدرية عند الرجال والنساء، وما هي طرق علاجها؟    من هو أفضل كابتن للجولة الأخيرة من فانتازي الدوري الإنجليزي؟.. الخبراء يجيبون    وزير التعليم ومحافظ بورسعيد يعقدان اجتماعا مع القيادات التعليمية بالمحافظة    لافروف: روسيا منفتحة على الحوار مع الغرب بشأن الاستقرار الاستراتيجي    متحدث فتح: نتنياهو لا يريد حلا.. وكل من يقف جانب الاحتلال سيلوث يده بدماء الأبرياء    كان مقدسًا عند الفراعنة.. عرض تمثال ل"طائر أبو المنجل" فى متحف شرم الشيخ (صور)    19 صورة لاكتشاف نهر بجوار الهرم الأكبر.. كيف بنى المصريون القدماء حضارتهم    عزة مصطفى: عادل إمام شخصية وطنية.. وكل الشرائح العمرية تحب أعماله    الوالدان يستحقان معاملة خاصة.. الأزهر يناقش حقوق كبار السن بملتقى المرأة الأسبوعي    «الأوقاف» تفتتح 10 مساجد بعد تجديدها الجمعة المقبلة    «الصحة» توجه نصائح هامة لمرضى الجيوب الأنفية للحماية من التقلبات الجوية    وزير التعليم: لدينا 46 ألفًا و994 طفلًا من ذوي الهمم.. و159 ألفًا و825 بمدارس الدمج    أخبار مصر.. غدا طقس شديد الحرارة ورياح والعظمى بالقاهرة 38 درجة    مذكرة قواعد اللغة الفرنسية للصف الثالث الثانوي 2024.. لا يخرج عنها الامتحان    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم توكتوك مع ميكروباص في المنيا    «معلومات الوزراء» يعلن أجندة وبرنامج عمل مؤتمره العلمي السنوي بالتعاون مع جامعة القاهرة    حصاد تريزيجيه مع طرابزون قبل مواجهة إسطنبول باشاك شهير فى الدوري التركي    المعارضة الإسرائيلية: على جانتس الاستقالة اليوم    الحكومة تعتزم تطوير فندق النيل "ريتزكارلتون" بميدان التحرير لزيادة العائد    برج الثور.. حظك اليوم السبت 18 مايو: عبر عن أفكارك    بالخطوات.. طريقة الحصول على نتيجة الشهادة الابتدائية 2024    كوكا يقود تشكيل ألانيا أمام سامسون سبور في الدوري التركي    رسميًا.. إشبيلية يعلن رحيل مدربه بنهاية الموسم    العلاج على نفقة الدولة.. صحة دمياط تقدم الدعم الطبي ل 1797 مواطن    معلومات عن متحور كورونا الجديد FLiRT .. انتشر أواخر الربيع فما أعراضه؟    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. علي جمعة يوضح    هل مواقيت الحج والعمرة ثابتة بالنص أم بالاجتهاد؟ فتوى البحوث الإسلامية تجيب    وزير الصحة يشيد بدور التمريض في رعاية مصابي غزة    حبس المتهم بسرقة مبالغ مالية من داخل مسكن في الشيخ زايد    حزب الله يعلن استهداف تجمعا لجنود الاحتلال بثكنة راميم    نجم الترجي السابق ل «المصري اليوم»: إمام عاشور قادر على قلب الطاولة في أي وقت    مصرع طفلة دهستها سيارة "لودر" في المرج    السفيرة سها جندي تترأس أول اجتماعات اللجنة العليا للهجرة    مسؤولو التطوير المؤسسي بهيئة المجتمعات العمرانية يزورون مدينة العلمين الجديدة    8 تعليمات مهمة من «النقل» لقائدي القطارات على خطوط السكة الحديد    محافظة القاهرة تنظم رحلة ل120 من ذوي القدرات الخاصة والطلبة المتفوقين لزيارة المناطق السياحية    فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة يحتل المرتبة الثالثة في شباك التذاكر    مصر تنافس على لقب بطولة CIB العالم للإسكواش ب3 لاعبين في المباراة النهائية    «الصحة»: وضع خطط عادلة لتوزيع المُكلفين الجدد من الهيئات التمريضية    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    طلاب الإعدادية الأزهرية يؤدون امتحاني اللغة العربية والهندسة بالمنيا دون شكاوى    محافظ المنيا: استقبال القمح مستمر.. وتوريد 238 ألف طن ل"التموين"    رئيس جامعة بنها يتفقد الامتحانات بكليتي الحقوق والعلاج الطبيعي    موناكو ينافس عملاق تركيا لضم عبدالمنعم من الأهلي    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    وُصف بالأسطورة.. كيف تفاعل لاعبو أرسنال مع إعلان رحيل النني؟    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    الفصائل الفلسطينية تعلن قتل 15 جنديا إسرائيليا فى حى التنور برفح جنوبى غزة    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    بالفستان الأحمر.. هانا الزاهد وعبير صبري في زفاف ريم سامي | فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى ورشة عمل بالأردن
التعليم الدينى سلاح ذو حدين..ويجب تطوير مناهجه
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 08 - 2016

العنف الدينى لازم المجتمعات الإسلامية على إمتداد التاريخ الإسلامى وحتى يومنا هذا، والخوارج، هم أول من عرفوا بالتطرف أو «ِالعنف الدينى العدواني» الذى يستبيح الدم وهو ما يطلق عليه اليوم الإرهاب.. والعنف الدينى كظاهرة يعود سببها الرئيسى الى غياب مبدأ القبول بالآخر فى الثقافة العربية، رغم أن القبول بالآخر مسألة بديهية تقرها الأديان والقيم الأخلاقية والحضارية، ناهيك عن إنها قيم قديمة قدم الإنسان والتاريخ والحضارة..
وفى هذا السباق ، استضافت العاصمة الأردنية عمان على مدى ثلاثة أيام ، ورشة عمل بعنون “ نحو استراتيجية عربية شاملة لمحاربة التطرف والتعليم الدينى ودوره فى محاربة التطرف”. الورشة نظمتها مكتبة الاسكندرية بالتعاون مع مركز القدس للدراسات السياسية ، بمشاركة اكثر من 40 شخصية عربية يمثلون كيانات فكرية وتربوية فى دولهم ..حيث أشاد عريب الرنتاوى (مدير عام مركز القدس للدراسات السياسية) بالتعاون المثمر والفعال بين مكتبة الإسكندرية، والمركز، خاصة فى وضع استراتيجية لمجابهة التطرف من خلال اللقاءات التى تم تنظيمها على المستويين المحلى والإقليمي، لاسيما فى ظل ظروف بالغة الصعوبة، تفتقر فيها أمتنا العربية إلى قيم التسامح، وقبول الآخر.
الدكتور خالد عزب (رئيس قطاع المشروعات والخدمات المركزية بمكتبة الإسكندرية)، قدم تحليلا أشار فيه للعلاقة الوثيقة بين التعليم والتطرف، فتحليله مؤداه أن عجز التعليم الحكومى عن تلبية احتياجات الشباب والتواصل معهم، نتيجة اعتماده على أسلوب التلقين بدلا من التحليل النقدى هو السبب الأساسى وراء ظهور تيار تعليمى متطرف مواز للتعليم الرسمى للدولة. وأوضح طبيعة الأزمة ووصفها بأنها تمثل خطرا حقيقيا على الشباب العربي، الأمر الذى يتطلب من مؤسساتنا المحلية، والإقليمية، حتمية التدخل السريع لحمايتهم من الوقوع فريسة فى يد التنظيمات المتطرفة.
وانطلاقا من هذا الوصف وضرورة التدخل السريع لحماية الشباب، أكد د.عزب على الدور التنويرى الذى تقوم به المكتبة على عدة مستويات، منها عقد دورات الثقافة الإسلامية لتلبية متطلبات الأجيال الشابة من المعرفة الاسلامية الصحيحة. وهذه الدورات صممت لتكون عاكسة لوسطية الإسلام والثقافة الإسلامية. وتتضمن الدورة 22 محاضرة، منها محاضرات فى الفقه العمرانى وأصول الفقة وعلوم القران الكريم والحديث واللغة العربية.
والدورات وكما يؤكد د. عزب لاقت نجاحا كبيرا وتم تنظيمها للشباب فى عدة مدن، منها القاهرة والإسكندرية وأسيوط.
العلاقة بين التعليم الدينى والتطرف
ورشة العمل تضمنت ثلاث جلسات أساسية، استعرض المتحدثون خلالها العلاقة بين التعليم الدينى وظاهرة التطرف فى أربع دول عربية هى الأردن، ومصر، والمغرب، وتونس. تناولت الجلسة الأولى الحالة الأردنية، وقدم د.عامر الحافى (أستاذ مشارك فى مقارنة الأديان بجامعة آل البيت، ونائب مدير المعهد الملكى للدراسات الدينية بالأردن) قراءة نقدية للتعليم الدينى فى الجامعات الأردنية، ربط فيها بين تسييس الإصلاح الدينى وظاهرة التطرف، كما تناول العلاقة بين الإصلاحين الدينى والسياسى خاصةً فيما يتعلق بقضية «التعددية» مؤكدا أن الحديث عن التعددية فى التعليم الدينى لا يمكن أن يتم بدون وجود نظام سياسى ديمقراطى يؤمن بقيمة المواطنة.
ومن الأردن أيضا، تطرق الدكتور نارت خاقون (باحث فى الفكر الإسلامي، وأستاذ النقد الأدبى فى جامعة آل البيت بالأردن) إلى خصوصية التعليم الدينى الأردني، مشيرا الى نشأته فى ظل غياب مؤسسات دينية عريقة كالأزهر الشريف فى مصر - على سبيل المثال - الأمر الذى أدى إلى وجود مشكلات فى البنية الداخلية للتعليم الدينى الأردني. ليس هذا فقط، فثمة اتجاه نحو تسطيح المناهج التعليمية، وعدم تقديمها بشكل معمق. كل هذا – كما يعتقد خاقون – جعل الشخص الذى يتصدر مجابهة الخطاب الدينى المتطرف غير مطلع وغير ملم بأصول الدين، بل وبمكونات الخطاب الدينى نفسه.. ووصف التطرف الذى يشهده العالم العربى اليوم، بأنه «تطرف نفسى وليس معرفيا»، لأنه يستند إلى تشكيك فى عقيدة وفكر الطرف الآخر.
الحالة المصرية
الحالة المصرية كانت محور الجلسة الثانية، وتحدث فيها الشيخ أحمد تركى (مدير عام مراكز التدريب فى وزارة الأوقاف، وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية) عن ظهور فكرة «الجماعة» التى خلقت حالة من الانتماء إليها دون العقيدة. ووفقا لتحليله، تعمد المتطرفون الى الانتماء الى المؤسسة الدينية بهدف الحصول على مظلة تكسبهم الشرعية، أما تكوينهم الفكري،والنفسى فاستند الى «الجماعة» التى شككتهم فى كل شيء باستثناء ما تدعو إليه.
«الخطاب الدينى لابد أن يكون خطابا ثقافيا بحيث يتم تطويعه حسب ظروف كل عصر»..هكذا يضع الشيخ تركى الحل، فالخطاب الثقافى ضرورة للتغلب على التطرف، بيد أن ثمة مشكلة يضع يده عليها، وتتخلص فى أن المؤسسات الدينية تعانى من أزمة غياب الثقافة وأصبحت عاجزة عن مواكبة تطورات العصر، وأهم هذه التطورات هى متطلبات الشباب مما يجعلهم أكثر عرضة للإنضمام للتنظيمات المتطرفة التى اتخذت من مواقع التواصل الاجتماعى أداة للتواصل معهم وتجنيدهم مثل تنظيم «داعش». وطالب الشيخ تركى المؤسسات الدينية بضرورة تطوير نفسها ومجابهة التنظيمات الارهابية باستخدام نفس السلاح.. وهو التعليم، لماذا؟، لأنه أخطر شئ يهدد التطرف،
وكما تضمن بحث الشيخ تركى توجيه انتقادات للمؤسسة الدينية لعجزها عن مواكبة تطورات العصر، طالبها فى ختام كلمته بضرورة إيجاد مشروع حضارى لتنقية التراث ومرجعيته وإخراج منهج جديد يحافظ على الثوابت ويتناغم مع معطيات العصر ومداخل الشباب الفكرية.
وسطية الأزهر..
وفى إطار الجلسة ذاتها، تحدث الشيخ سعود محمد (باحث فى المنهج الأزهرى والدعوة والثقافة الإسلامية، وإمام فى وزارة الأوقاف) عن التعليم الدينى فى الأزهر الشريف، وأكد على وسطيته ، وحرصه الدائم على تطوير مناهجه من خلال التنقيح المستمر له. كما وصفه بأنه يتسم بالحوار والتحليل بدلا من التلقين، ويغرس فى الطلاب مبدأ أن الدين ليس شكليا بل معاملة يقوم على القيم السامية والتسامح. ومن الوصف الى الرأي، يعتقد الشيخ محمد أن التعليم الدينى المعتدل يسهم فى صياغة شخصية متزنة، ومن ثمَّ يحقق وحدة البلاد ونهضتها، وعلى العكس من ذلك فتطويع النصوص الدينية، وتحريفها يؤدى إلى العزلة،والكراهية، ورفض الآخر ، وبالتالى فالتعليم الدينى سلاح ذو حدين قد يسهم فى تطوير المجتمعات من ناحية، ومن ناحية أخرى قد يفتح المجال لانتاج عقول متطرفة.
الحلول التونسية
أما الجلسة الثالثة والأخيرة، فقد تضمنت الحالتين التونسية والمغربية. وبالنسبة للحالة التونسية التى تصدت لها الدكتورة بدرة قعلول (رئيسة المركز الدولى للدراسات الإستراتيجية الأمنية والعسكرية بتونس)، فقد دخلت مباشرة الى القضية وحددتها بتدريس العلوم الدينية حيث يعتبر الطالب محور العملية التربوية. وعليه، فإن الحل يستوجب العمل بعدة طرق، منها: التخلى عن التلقين، والتراكم المعرفي، والسير فى اتجاه يدفع إلى «تكوين عقول مفكرة بدلا من حشو الأدمغة بالمعلومات، والعمل على اختيار مقاربات تربوية ومنهجية تمكن من تطوير قدرات المتعلمين الفكرية، وتنمية ملكاتهم الشخصية، وتساعدهم على الترشد الذاتي، واكتساب مهارات التحليل، والنقد، والحوار، وبناء المواقف، وتقبل الرأى المخالف، وهو ما ينمى فيهم روح المبادرة، والمسئولية، ويؤهلهم للانخراط الإيجابى فى محيطهم الاجتماعي.
وأما الورقة المغربية، فقد أشار فيها الدكتور محمد بلكبير (رئيس مركز الدراسات والأبحاث فى الرابطة المحمدية للعلماء بالمغرب) إلى أن مجابهة التطرف تتطلب تغيير صورة القائد – الزعيم - الديني، وإبراز دوره القيادى لاسيما فى عمليات تغيير السلوك. و قدم بلكبير منهجا تفكيكيا لخطاب التطرف يقوم على القراءة النقدية للفكر التطرفي، مع التشديد على تخليص فكر الشخص المرشح للتجنيد من الأخطاء والأوهام، حتى يكون قادرا على تفعيل تفكيره، وتحريكه فى إطار حوار نقدى مع ذاته، وبحيث يصبح مدركا لخطورة الأفكار التدميرية التى تمارس عليه قهرا وتستعبده.
ومع انتهاء الجلسات الثلاث لورشة العمل، ومشاركة كل هذه العقول المستنيرة والحوار الذى اتسم بالموضوعية والوضوح والشفافية فقد نجحت الورشة فى رصد وحصر مشكلة التعليم الدينى، وتقديم الحلول للتصدى للفكر المتطرف الذى التصق به، كل هذا جعلنى اتساءل” لماذا طالما نملك هذا الفكر المتحضر المستنير، نتعرض لكل هذه العمليات الإرهابية؟ فكل بلد عربى تقريبا يعيش مواجهة مع جهة إرهابية، وقد أجمع المشاركون على أن التطرف ظاهرة معقدة تتداخل فيها عوامل سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وأمنية، كما حددوا الداء ويكمن بصراحة فى ضعف المؤسسات الدينية الرسمية، وارتباطها بالسلطة..وهنا قرر المتحدثون والمشاركون أن الحل الأمثل للخروج من الأزمة يتطلب ضرورة إعادة النظر فى استقلاليتها – أى المؤسسات الدينية الرسمية - وحياديتها. هذا أولا، على أن تكون الخطوة التالية مباشرة هى التواصل مع الشباب من خلال تدريب الأئمة، ورجال الدين. وفى النهاية اعتبروا أن الإصلاح السياسى وبناء نظام سياسى ديمقراطى يعزز من قيمة المواطنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.