خاص| عبد الله المغازي: تشدد تعليمات «الوطنية للانتخابات» يعزز الشفافية    أسعار العملات أمام الجنيه المصري اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2025    رئيس هيئة الاستثمار يشارك في المؤتمر "المصري العُماني" لبحث فرص الاستثمار المشتركة بين البلدين    رئيس الوزراء: الإنتاج المحلي من اللحوم يغطي 60% من احتياجات مصر    عراقجي يؤكد جاهزية إيران لهجوم إسرائيلي جديد بصواريخ مطوّرة    تحذيرات مرورية مبكرة.. تفاصيل حالة الطقس المتوقعة اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2025    تأجيل محاكمة عاطلين بتهمة الاتجار في المواد المخدرة بروض الفرج    بسبب أعمال المونوريل.. غلق كلي لمحور 26 يوليو في اتجاه طريق الواحات    عمرو مصطفى بعد تكريمه من مهرجان ذا بيست: اللي جاي أحلى    نجوم «صديق صامت» يتألقون على السجادة الحمراء بمهرجان القاهرة    «المهن التمثيلية» تحذر من انتحال اسم مسلسل «كلهم بيحبوا مودي»    فضل سورة الكهف يوم الجمعة وأثر قراءتها على المسلم    دعاء يوم الجمعة.. ردد الآن هذا الدعاء المبارك    ما الأفضل للمرأة في يوم الجمعة: الصلاة في المسجد أم في البيت؟    سرب من 8 مقاتلات إسرائيلية يخترق الأجواء السورية    ضربة لترامب، قرار قضائي بعدم قانونية نشر الحرس الوطني في واشنطن    محمد رمضان يغنى يا حبيبى وأحمد السقا يشاركه الاحتفال.. فيديو وصور    عازف البيانو العالمي لانج لانج: العزف أمام الأهرامات حلم حياتي    لأسباب إنتاجية وفنية.. محمد التاجي يعتذر عن مشاركته في موسم رمضان المقبل    إحالة المتهم بقتل مهندس كرموز ب7 رصاصات في الإسكندرية للمحاكمة الجنائية    إصابة 4 أشخاص في انقلاب توك توك بطريق تمي الأمديد في الدقهلية    التنسيقية: فتح باب التصويت للمصريين بالخارج في أستراليا بالمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    القرنفل.. طقس يومي صغير بفوائد كبيرة    حكام مباريات السبت في افتتاح الجولة الرابعة عشرة بالدوري المصري    نائب رئيس الألومنيوم يعلن وفاة مدرب الحراس نور الزاكي ويكشف السبب    سبب غياب راشفورد عن تدريبات برشلونة    البابا في احتفالية "نيقية.. إيمان حي": العروض كشفت جمال التاريخ ودورنا في حفظ الوديعة التي سلّمها القديسون عبر العصور    بنك مصر والمجلس القومي للمرأة يوقعان بروتوكول تعاون لتعزيز الشمول المالي وتمكين المرأة    كاسبرسكي تُسجّل نموًا بنسبة 10% في المبيعات وتكشف عن تصاعد التهديدات السيبرانية في منطقة الشرق الأوسط    سلام أم استسلام.. تفاصيل الخطة الأمريكية لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية.. رفع العقوبات عن روسيا.. عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو.. إجراء انتخابات أوكرانية.. وإنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح تحت سيطرة موسكو    زيلينسكي يؤكد دعم أوكرانيا لمبادرة السلام الأمريكية    تجديد حبس سيدتين بسبب خلاف على أولوية المرور بالسلام    تجديد حبس المتهمين بسرقة طالب بأسلوب افتعال مشاجرة بمدينة نصر    مصرع 4 أشخاص إثر حادث تصادم سيارتين بالبحيرة    ضياء السيد ل dmc: الرياضة المصرية بحاجة لمتابعة دقيقة من الدولة    ستاد المحور: جلسة مرتقبة في الزمالك لتجديد عقد عمر عبد العزيز    ستاد المحور: الاتحاد السكندري يقترب من استعارة يوسف أوباما من بيراميدز في الميركاتو الشتوي    مستوطنون يشعلون النار فى مستودع للسيارات بحوارة جنوبى نابلس    ستارمر يستعد لزيارة الصين ولندن تقترب من الموافقة على السفارة الجديدة بدعم استخباراتي    مؤشرات الأسهم الأوروبية تغلق على ارتفاع بدعم نتائج إنفيديا    أشرف زكى يشيد بحفاوة استقبال سفير مصر فى عمان خلال مشاركته بمهرجان الخليج    شريهان أبو الحسن تفوز بجائزة أفضل مذيعة منوعات عن برنامج ست ستات على قناة DMC    وزير الرياضة يطمئن على وفد مصر في البرازيل بعد حريق بمقر مؤتمر المناخ    وزير السياحة يتابع الاستعدادات النهائية لتشغيل منظومة التأشيرة بالمطارات    دعما للمنتخبات الوطنية.. وزير الرياضة يلتقي هاني أبو ريدة في مقر اتحاد الكرة    "عائدون إلى البيت".. قميص خاص لمباراة برشلونة الأولى على كامب نو    تطعيم 352 ألف طفل خلال الأسبوع الأول لحملة ضد الحصبة بأسوان    قوات الاحتلال تتوغل في قرية الصمدانية الغربية بريف القنيطرة بسوريا    غلق باب الطعون الانتخابية بعدد 251 طعنا على المرحلة الأولى بانتخابات النواب    تطعيم 352 ألف طفل خلال الأسبوع الأول لحملة ضد الحصبة بأسوان    الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن رسميا انطلاق التصويت بالخارج من دولة نيوزيلندا    هل عدم زيارة المدينة المنورة يؤثر على صحة العمرة؟.. أمين الفتوى يوضح    حقيقة إلغاء انتخابات مجلس النواب وتأجيلها عام كامل؟.. مصطفى بكري يكشف الحقائق    احتفالية مستشفى الناس بحضور سفراء ونجوم المجتمع.. أول وأكبر مركز مجاني لزراعة الكبد بالشرق الأوسط "صور"    أطعمة تعيد التوازن لأمعائك وتحسن الهضم    الوكيل: تركيب وعاء أول مفاعل نووي ينقل مشروع الضبعة من مرحلة الإنشاءات إلى التركيبات    الجبهة الوطنية يكلف عبد الظاهر بتسيير أعمال أمانة الجيزة عقب استقالة الدالي    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤتمر "في نقض أسس التطرف ومقولاته" بالمغرب: الفكر يحارب بمثله
نشر في البوابة يوم 22 - 12 - 2015

أنطلق بالعاصمة المغربية الرباط، مؤتمر "في نقض أسس التطرف ومقولاته: مقاربات وتجارب" المؤتمر يستمر لمدة يومين، يناقش خلالهما أهم محددات ومظاهر ظاهرة التطرف الديني، ونقد الأصول الفكرية والأيديولوجية له، سعيًا إلى وضع أصول التدبير الوقائي والعلاجي له ومستشرفا آليات مواجهته، حيث تقدم بحوث ودراسات المشاركين من مختلف التخصصات مقاربات نقدية للأسس التأويلية والاستنبياطية التي يقوم عليها خطاب العنف والإرهاب، وإحاطات بمحددت الفكر الإرهابي السوسيولوجية والأنثربولوجية والجيوسياسية.
وقد افتتح المؤتمر الذي تنظمه مكتبة الإسكندرية، والرابطة المحمدية للعلماء بالمملكة المغربية كل من د.إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية، د.أحمد العبادي؛ الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، ود.عبد الفتاح العواري عميد كلية أصول الدين بالأزهر الشريف ممثلًا لفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر د.أحمد الطيب، والشيخ د.خالد بن خليفة آل خليفة نائب رئيس مجلس الأمناء المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي، مدير عام منظمة الإيسيسكو د.عبد العزيز التويجرى، وعدد كبيير من علماء الدين بالمغرب.
وقد أكد د.أحمد العبادي؛ الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء أن ظاهرة التطرف العنيف والذي يتخذ من شريعة الله البريئة من ذلك تكأة له، وذلك من خلال إشهار جملة الأحلام من كحلم الوحدة وحلم الصفاء وحلم الكرامة وحلم الخلاص، من خلال الترويج إلى كونهم جاءوا لكي يحققوا ذلك الحلم الدفين للوحدة الإسلامية ودولة الخلافة الإسلامية، كما لو أن إطلاق الشعارات يكفي وحده لكي يحقق هذه الشعارات، بيد أن الأمر ليس كذلك، الأمر نفسه في علاقة حلم الكرامة حيث يزعموا أنهم قد جاءوا لمحاولة رم ما استرم من حال الأمة واسترداد هذه الأمور وعطاؤها من عز وامتداد وسيادة وصولة بحسب زعمهم، وكأن إشهار كلمة خليفة أو خلافة وحده يكفي دون النظر إلى الأسس والرافعات التي ينبغي أن يتأسس عليها، كذلك حلم الصفاء والزعم بأن هذا العمل هو تطهير للشريعة مما شابها من شوائب، كما لو أن الأمر لا يتطلب قطع بعض الرءوس وقتل بعض الأبرياء وتفجير الآمنين من أجل أن يكون الأمر بالصفاء المطلوب، كذلك حلم الخلاص وزعم أن الطائفة المنصورة والفرقة الناجية وسفينة نوح التي من لم يركب فيها فهو من الضائعين، وهو محض إدعاء، بيد أن هذه الأمة ليست بهذه الصورة التي يحاول هؤلاء تقديمها، ولذلك لابد من إعادة استكشاف كل هذه المقولات غير المؤصلة ولا المؤسسة من أجل تفكيكها ونقدها وإعطاء هذه التجربة الشافي والكافي.
وأضاف "إن عملية التفكيك تحتاج إلى جملة من المداخل، وهذه الفعاليات تقام من أجل العكوف على هذه الظاهرة والنظر إليها من خلال أنظار متعددة، نظر مقاصد الشريعة والأصول بحكم أن مفهوم الدولة الإسلامية في شريعتنا هو وسيلة لتحقيق المقاصد الكبرى للتشريع الإسلامي الذي هو كله رحمة وعدل وتحقيق للمصالح، وقد قال علماؤنا "الشريعة عدل كلها ورحمة كلها" وقالوا حيثما المصلحة فثمة شرع الله، وطبعا وفقا للضوابط المؤصلة والمبينة، وهذه المقاصد الكبرى التي تأتي الدولة لتحقيقها يمكن رصدها في ستة مقاصد: الحفاظ على الحياة لأنه إذا لم تكن هناك أبدان لن تكون هناك أديان، الحفاظ على الدين، ثم الحفاظ على العرض وتم تقسيمه لقسمين كرامة ورزق، ثم الحفاظ على العقل، ثم الحفاظ على المال والملكية، ولا شك أن التفاصيل التي في كتب علمائنا فيها ما يمكن من تفكيك كل مقصد إلى جملة من المقاصد، مثلا إذا أخذنا الحفاظ على الحياة فهذا لا يعني سوى مستشفيات تبنى والأطباء الذين ينبغي أن يكوّنوا، وكل الهيئات التمريضية، قبل وأثناء وبعد المرض، صناعة الأدوية وغير ذلك مما يتصل بهذا الفرع "الاشفاء والاستشفاء والنظر الطبي الصرف" ثم البعد الأمن في الحياة اليومية للمواطن "أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف"، إلى غير ذلك من المقاصد والتي يمكن أن نسوق في أمتنا إلى دلائل التي يمكن أن تقيس مدى تحقيق كل مقصد، لاشك من هذا الأمل التفكيكي الإيجابي الذي فيه البعد التدافعي العلمي الراشد سوف يفضح هذه الدعاوى، ويبين أن زعم تحقيق هذه المقاصد باطل، فمقصد العقل يقتضي المناهج والبرامج والنظر في الوسائط والحوامل وفي تدريب المشرفين على الهيئات التدريسية وبلورة مناراتهم وبناء قدراتهم، والتكامل بين هذه المدارك التي سوف يتم توثيقها من خلال مختلف المداخل، كيف يمكن أن نقيس هذا، في استذكار لكون ديوان التربية عند البغدادي قد حرّم كل علوم الإنسانيات حرمها تحريما كيف يمكن أن نضبط السياق إذا لم ندخل من أبواب الإحصاء والانثربولوجيا وعلم الاجتماع وعلم الاقتصاد غير ذلك من العلوم، علما بأن علوم النص لابد من امتلاكها ولابد من التجسير بين هذين الجانبين من جوانب العلوم، وأخلص إلى أن التفكيك وظيفي وليس تفكيكا فلسفيا سجاليا، إننا نريد أن نقف على هذه الدعاوى ونريد أن نفندها ونبين خطأها حتى نكون أول من يدرك خطأ هذه الدعاوى وقصوره هو المروجون لها أنفسهم قبل غيرهم، نفعل ذلك مع كل المقاصد حين نقارب هذا المدخل التفكيكي القابل للقياس، سوف نعلم أن هذه الشعارات جوفاء فارغة من الداخل. ولاشك أن بلداننا لابد أن تكون عند هذه القابلية والاستعداد لإعمال هذه الدلائل على ذواتنا والبرهنة على أن ثمة اجتهادا مستمرا من أجل الاستجابة لهذه المقتضيات والمقاصد جميعها، وهذا لابد فيه من العكوف والكدح من أجل الوصول إليه".
ورأى د.إسماعيل سراج الدين أن موضوع المؤتمر "نقض أسس التطرف ومقولاته" لم يأت مكن فراغ بل جاء تعبيرا عن إدراك لخطر التطرف الذي صار موضوع الساعة "حيث يلح علينا كل يوم، ويطل علينا في الإعلام والثقافة والمجتمع بوجهه القبيح، من أي مورد أتى هذا التطرف وهؤلاء المتطرفون؟ لماذا باتت مجتمعاتنا تموج بالمتطرفين وتنضح بخطابات وممارسات التطرف؟ فقد تصاعدت تيارات العنف باسم الإسلام مرتكزة على مقولات واجتهادات فكرية فقدت صوابها، ولم تجد ما يبررها من سند في الدين أو الضمير أو العقل، والإسلام براء منهم، ومن تطرفهم ولا نوافق أبدا أن يحمل هؤلاء اسمه أو ينتسبون إليه ولا نقبل أن ينسبهم الآخرون إليه.
وقال د.سراج الدين أن المجتمعات الإسلامية اليوم تموج بالفكر التكفيري، ويسرف أصحابه في تضليل الناس وتكفيرهم ويستبيحون دماءهم وأموالهم، هؤلاء يقتلون المسلمين الأبرياء لمجرد أنهم يخالفونهم في الرأي ويتوعدون كل من خالفهم في الدين بالإبادة، ويتناسون بل يجحدون المبادئ التي جاء بها الإسلام في توقير التعددية واحترام الاختلاف. فكر متطرف معاد للإسلام والحضارة ورافض للإنسانية، مظلم المقصد والمآل، ومع ذلك فنحن على يقين دوما أن الفكر لا يحارب إلا بفكر مثله، لذا فإن إعادة بناء الفكر الإسلامي المعاصر وإحياء أدب المناظرة الذي ألف فيه د.محمد أبو ظهرة كتابا رائعا جرى وأده، لأنه يؤكد أن الرأي والرأي الآخر والجدال للوصول لصحيح الدين أفضل طريق لفهم الدين بصورة معاصرة، إن التعددية في الرؤى خاصة مع اختلاف البيئات والمجتمعات هي التي تقوم على دين يلبي الاحتياجات الإنسانية، هذا ما فهمه الإمام الشافعي حين رحل من العراق ليستقر في مصر، هذا ما استوعبه كبار فقهاء المالكية والأحناف والشافعية والحنابلة، فلما إذن يسعى المتطرفون إلى تهميش هؤلاء الذين قبلوا الخلاف المذهبي على قاعدة احترام آراء العلماء واختلافهم واجتهادهم؟ هل لأنهم لا يرون إلا أحادية الرأي؟ نعم أحادية الرأي والمذهب والفكر، وهي إحدى مقولات التطرف والغلو، وهذا يتعارض مع بنى النسيج الثقافي والاجتماعي المجتمعات الإسلامية التي تقوم على قاعدة التنوع في إطار الوحدة".
ولفت د.سراج الدين إلى قضية الشباب والتطرف حيث أكد أن سقوط الشباب في براثن الفكر المتطرف له أسبابه التي يجب أن نفطن لها ونعمل أفرادا وجماعات ومجتمعات على اقتلاعها من جذورها، فمن ذلك ارتفاع نسبة الفقر في الكثير من البلدان العربية والإسلامية وما يترتب على ذلك من زيادة نسبة البطالة وزيادة عدد المتسربين من التعليم بحثا عن عمل يقتاتون عليه، ومما يرتبط بالنقطة السابقة ارتفاع نسبة الأمية وانتشار الجهل ما يمثل تربة خصبة لانتشار الشائعات والخرافات التي هي وقود نار التطرف والغلو.
يضاف إلى ذلك غياب العدالة الاجتماعية في كثير من الدول، وارتباط هذا في كثير من الأحيان بغياب الديمقراطية وحرية التعبير، ما يصيب العقل والرأي بالإحباط وسوء الظن فيقعون فريسة لمن يفتح لهم صدره ليستمع لهم.
وأشار إلى أن ثورة الاتصالات وانتشار آلاف المحطات الفضائية التي تبث من كل أنحاء العالم، أوجد فوضى دينية في مجال الفتاوى الفقهية، ما أوجد سياقا مناسبا لكل صاحب فكر متطرف أن يفتي ويدعو أصحابه إلى اتباع فتاواه بكل الطرق الممكنة، هذا ما استدعى دار الافتاء المصرية إلى إنشاء مرصد للفتوى يجابه الفتاوى العشوائية ويحجم تأثيرها.
ورأى د.سراج الدين أنه في سبيل نقد الخطاب الديني المعاصر وجب معالجة الآثار التي ورثناها من العقود السابقة للخطب الحماسية التي تؤجج كراهية الآخر المختلف في الدين أو الفكر أو المذهب أو الأصول العرقية. هذا الخطاب جعل شركاء الوطن يتقاتلون وهم أبناء دين واحد ولغة واحدة وثقافة مشتركة.
وقال د.عبد الفتاح العواري عميد كلية أصول الدين جامعة الأزهر "بعض الجماعات المتشددة التي ظهرت على الساحة الآن مثل داعش وأخواتها كطالبان وبوكو حرام وغيرها تدعو إلى هجرة المجتمعات الإسلامية واعتزالها، ويحكمون عليها بالكفر، لأنهم مقيمون في بلاد كافرة يرون وجوب الهجرة منها، وينادون بتكوين دولة الخلافة، وينصبون واحدا منهم أميرا عليهم - كما صنعت داعش في بلاد العراق والشام ويأخذون له البيعة، ويحاربون من أجل تحقيق غرضهم، فيهلكون الحرث والنسل ويقتلون الأطفال والنساء والشيوخ بل ويقتلون الحيوانات والطيور ويهدمون البيوت والمدارس ودور العبادة كالمساجد والكنائس وغيرها، بيل وصل بهم الإجرام إلى هدم أضرحة الصالحين، والاعتداء الغاشم على آثار الأمم الماضية التي تمثل للإنسانية جمعاء قيمة عالية وثروة نفسية لأنها تحكي لنا تاريخ أمم سبقتنا عمرت الأرض وارتقت بهم الحياة".
وأكد أنه لا يوجد في الإسلام ما يوجب نظاما معينا وإنما الواجب هو أن تكون هناك دولة ملتزمة ذات هيئات ومؤسسات يحكمها دستور عام ويمثلها رئيس أيا ما كان لقبه: خليفة أو إماما أو أميرا أو رئيسا للدولة أو أي لقب آخر يفيد هذا المعنى، فلا مشاحة في الاصطلاح، فإذا وجدت الدولة المتحدة الولايات التي يقوم فيها نظامها السياسي على حفظ الدين والاختيار الحر للحاكم وحرية الرأي والشورى والدل ومسئولية رئيس الدولة، فهذا يحقق المراد من فكرة الخلافة مهما كانت التسمية التي تطلق عليها. غاية ما هناك أن تكون هناك روابط تربط تلك الدول بأخواتها من الدول اقتصادية وسياسية وقانونية تقوم على أسس واقعية ورؤية مستقبلية على أن تجتمع علاقات أطرافها وقت السلم ويكون ذلك الالتزام هو المصدر الرئيس لتنظيم تلك علاقات الدول.
وأضاف أن الدواعش وأمثالهم يزعمون وهما أن دولة الخلافة ستقام قريبا وبالتالي ستكون هناك خلافة، وقد استندوا في زعمهم هذا على عدة أحاديث أغلبها واهية منها قوله صلى الله عليه وسلم "كون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت". أقول هذا الحديث أخرجه البزار، وقد تكلم العلماء بما يدل على عدم صحته وضعف رواته، ومن المقرر عند العلماء أن مثل هذه الأحاديث لا يعتمد علها في تقرير الأحكام الشرعية، كيف وأمر انتظام الدولة من أهم الأحكام؟ وبهذا يكون مستندهم من حيث عدم صحته وضعف رواته ساقطا عن درجة الاعتبار الكلية، وإن سلمنا بصحة الحديث الذي اعتمدوا عليه في مدعاهم، فإن أقصى ما يفيده هو الاخبار عن أمر قدري كوني، والخطاب القدري لا يترتب عليه تكليف شرعي كما هو معلوم ضرورة. سلمنا أن في الحديث دلالة على أنه من قبيل الخطاب الشرعي، لكن الذي لا نسلمه بحال من الأحوال أن يكون هذا أمرا تكليفيا من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لفئة بعينها وجماعة بعينها".
يذكر أن المؤتمر يشارك فيه نخبة متميزة من الأكاديميين والباحثين من موريتانيا، والسعودية، والبحرين، وبريطانيا، ومصر، والمغرب، يصدرون عن خلفيات معرفية متنوعة ومتكاملة؛ حيث يسهم د. عبد الله السيد ولد أباه بدراسة حول "العنف والتطرف في الفلسفة السياسية المعاصرة"، ود.سعود السرحان ببحث حول "النظرية السياسية عند أحمد بن حنبل: إعادة اكتشاف السنية التقليدية في مواجهة خطابات التطرف"، ود.عبد الله عبد المومن بدراسة حول "أصول التدبير الوقائي والعلاجي لظاهرة التطرف في الفقه النوازلي المالكي"، ود.محمد كمال إمام بورقة بعنوان: "في نقد الأسس النظرية للتطرف: مقولة الحاكمية مثالا، ود.محمد بلكبير بدراسة تحاول الوقوف على أهم "المحددات السوسيولوجية والأنثروبولوجية لظاهرة العنف والتطرف".
كما سوف يسهم د.خالد عزب، بدراسة حول: "نقد الأسس الفكرية لظاهرة التطرف من خلال كتاب: "معالم في الطريق" لسيد قطب"، ود.عبد السلام طويل بمداخلة حول موضوع "داعش وأخواتها.. العنف الأعمى والتبريرات الأيديولوجية للشريعة"، ود.عبد الفتاح الواري بورقة حول "نقد قضية الخلافة المتوهمة عند داعش وأصحاب الفكر المتطرف"، ود.الحسان شهيد ببحث بعنوان: "مقاربة نقدية للأسس الأصولية والمقاصدية لظاهرة التطرف"، ود.عبد الصمد غازي بورقة حول "التصوف والتطرف.. ملاحظات استشكالية"، ود.محمد المنتار ببحث حول موضوع: "وظيفة كليات المقاصد في نقد أسس التطرف ومقولاته"، ود. محمد العربي بمداخلة حول موضوع "نقد خطاب الإصلاح الديني.. مدخل مستقبلي"، ود.خالد ميارة الإدريسي ببحث حول موضوع: "الكرامة الإنسانية المنتهكة.. قراءة استشرافية في مآلات التطرف الديني".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.