تابعنا ردود الأفعال والمظاهرات الحاشدة.. احتجاجا علي الحكم الصادر في محاكمة القرن وكان مطلبها الرئيسي اعادة محاكمة مبارك والعادلي عن تهمة قتل المتظاهرين بحجة القصاص لدم الشهداء وتحقيق مطالب الثورة, وسار علي دربهم بعض الكتاب والمفكرين. وذهبوا إلي أنه كان يتعين إتباع طريق العدالة الثورية بإنشاء محاكم ثورية لاتلتزم بأحكام القانون من حيث توجيه التهم وطرق اثباتها والحكم فيها. وهذا الامر غير مقبول من الناحية القانونية والدستورية وذلك من وجهين الأول: من المعلوم أنه اذا تم تحويل الدعوي الجنائية ضد متهم معين عن تهمة محددة وصدر فيها حكم نهائي, فإنه اعترافا لحجية ذلك الحكم الذي يعتبر عنوانا للحقيقة يتعين الالتزام به ولايجوز اعادة محاكمة نفس المتهم عن ذات التهمة مرة أخري, وهذا ما تقرره المادة 454 من قانون الاجراءات الجنائية بقولها إن الدعوي الجنائية تنقضي بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة إليه بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أو بالادانة, واذا صدر حكم في موضوع الدعوي الجنائية فلا يجوز اعادة نظرها إلا بالطعن في هذا الحكم بالطرق المقربة في القانون.. والاكثر من هذا أن المادة 455 تنص علي أنه لايجوز الرجوع إلي الدعوي الجنائية بعد الحكم فيها نهائيا بناء علي ظهور أدلة جديدة أو ظروف جديدة, وعلي ذلك فإن القول بالبحث عن أدلة اتهام حقيقية وتقديمها في محاكمة جديدة هو قول يجافي حكم القانون ويدل علي جهل بأحكامه. والثاني: أن المحاكم الثورية المطالب بها تفتقر إلي أساسها في الدساتير المتعاقبة منذ دستور 1923 حتي الاعلان الدستوري الاخير, فلم تتضمن أي منها نصا يبيح انشاء محكمة ثورة في مناسبة معينة, ويتبين كيفية تشكيلها وطبيعة الاحكام التي تصدرها فضلا عن عدم وجود اطار تشريعي ينظم ما يسمي بالمحاكم الثورية, وسبق وجود محكمة الغدر في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر, وكان الغرض من انشائها تقييد وتكبيل معارضي ثورة يوليو 1952 وعلي أي حال فقد الغي قانون انشاء تلك المحكمة في عهد الرئيس الراحل أنور السادات.. ومن ثم فلا مبرر للمطالبة بإنشاء محاكم ثورية لعدم شرعيتها في ظل قيام المحاكم العادية بوظيفتها كاملة وتطبيق أحكام قانون العقوبات بما يتضمنه من جرائم وعقوبات وما يكفله قانون الاجراءات الجنائية من ضمانات المحاكمة العادلة في دولة القانون. المستشار مجدي أمين جرجس نائب رئيس هيئة قضايا الدولة السابق