تعرف على عقوبة تزوير بطاقة ذوي الهمم وفقًا للقانون    أونروا: اقتحام مقرنا بالقدس تصعيد خطير ولن ينهي قضية اللاجئين    مواعيد الجولة السادسة لبطولة دوري أبطال أوروبا    الكواليس الكاملة.. ماذا قال عبد الله السعيد عن خلافه مع جون إدوارد؟    من تجارة الخردة لتجارة السموم.. حكم مشدد بحق المتهم وإصابة طفل بري    مصدر بالسكك الحديد: الأمطار وراء خروج عربات قطار روسي عن مسارها    أحمديات: مصر جميلة    الأهلي والنعيمات.. تكليف الخطيب ونفي قطري يربك المشهد    السفير صلاح حليمة: الموقف المصري يؤكد ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي الليبية    كرامة المعلم خط أحمر |ممر شرفى لمدرس عين شمس المعتدى عليه    التعليم تُطلق أول اختبار تجريبي لطلاب أولى ثانوي في البرمجة والذكاء الاصطناعي عبر منصة QUREO    الصيدلانية المتمردة |مها تحصد جوائز بمنتجات طبية صديقة للبيئة    بفستان مثير.. غادة عبدالرازق تخطف الأنظار.. شاهد    عمر مرموش ينشر صورا من حفل خطوبته    خيوط تحكى تاريخًا |كيف وثّق المصريون ثقافتهم وخصوصية بيئتهم بالحلى والأزياء؟    "محاربة الصحراء" يحقق نجاحًا جماهيريًا وينال استحسان النقاد في عرضه الأول بالشرق الأوسط    هل يجوز إعطاء المتطوعين لدى الجمعيات الخيرية وجبات غذائية من أموال الصدقات أوالزكاة؟    حذف الأصفار.. إندونيسيا تطلق إصلاحا نقديا لتعزيز الكفاءة الاقتصادية    مرموش ينشر صورا مع خطيبته جيلان الجباس من أسوان    المستشار القانوني للزمالك: سحب الأرض جاء قبل انتهاء موعد المدة الإضافية    اليمن.. غارتان أمريكيتان تستهدفان عناصر من القاعدة فى مأرب    الصحة: جراحة نادرة بمستشفى دمياط العام تنقذ حياة رضيعة وتعالج نزيفا خطيرا بالمخ    الأوقاف تنظم أسبوعًا ثقافيًا بمسجد الرضوان بسوهاج | صور    قصور الثقافة تُطلق الملتقى الحادي عشر لمناهضة العنف ضد المرأة بمطروح    نائب وزير الإسكان يلتقي وفد مؤسسة اليابان للاستثمار الخارجي في البنية التحتية لبحث أوجه التعاون    اليوم، جنايات الإسكندرية تنظر محاكمة المتهم بالتعدي على التلاميذ بإحدى المدارس الدولية    إحالة أوراق قاتل زوجين بالمنوفية لفضيلة المفتي    طليقته مازلت في عصمته.. تطور جديد في واقعة مقتل الفنان سعيد مختار    جهود فورية لرفع تراكمات المياه وتيسير حركة المرور في القاهرة والجيزة| صور    وزير الاستثمار يبحث مع اتحاد المستثمرات العرب تعزيز التعاون المشترك لفتح آفاق استثمارية جديدة في إفريقيا والمنطقة العربية    تحذير من كارثة إنسانية فى غزة |إعلام إسرائيلى: خلاف كاتس وزامير يُفكك الجيش    جريمة مروعة بالسودان |مقتل 63 طفلاً على يد «الدعم السريع»    رئيس مصلحة الجمارك: انتهى تماما زمن السلع الرديئة.. ونتأكد من خلو المنتجات الغذائية من المواد المسرطنة    الزراعة: الثروة الحيوانية آمنة.. وأنتجنا 4 ملايين لقاح ضد الحمى القلاعية بالمرحلة الأولى    حظك اليوم وتوقعات الأبراج.. الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 مهنيًا وماليًا وعاطفيًا واجتماعيًا    رئيس قطاع المتاحف يعقد اجتماعًا موسعًا لبحث إثراء العرض المتحفي بالمتحف المصري بالقاهرة|صور    لدعم الصناعة.. نائب محافظ دمياط تتفقد ورش النجارة ومعارض الأثاث    رئيسة القومي للمرأة تُشارك في فعاليات "المساهمة في بناء المستقبل للفتيات والنساء"    أفضل أطعمة بروتينية لصحة كبار السن    وزير الاستثمار يبحث مع مجموعة "أبو غالي موتورز" خطط توطين صناعة الدراجات النارية في مصر    محافظ سوهاج بعد واقعة طلب التصالح المتوقف منذ 4 سنوات: لن نسمح بتعطيل مصالح المواطنين    مجلس الكنائس العالمي يصدر "إعلان جاكرتا 2025" تأكيدًا لالتزامه بالعدالة الجندرية    جوتيريش يدعو إلى ضبط النفس والعودة للحوار بعد تجدد الاشتباكات بين كمبوديا وتايلاند    المنتخب السعودي يفقد لاعبه في كأس العرب للإصابة    علي الحبسي: محمد صلاح رفع اسم العرب عالميا.. والحضري أفضل حراس مصر    مراد عمار الشريعي: والدى رفض إجراء عملية لاستعادة جزء من بصره    الدوري الإيطالي | بارما يخطف الفوز.. وجنوى يتألق خارج الديار.. وميلان يحسم قمة تورينو    تحرير 97 محضر إشغال و88 إزالة فورية فى حملة مكبرة بالمنوفية    ماريسكا يكشف تطورات تعافي ثلاثي تشيلسي قبل مواجهة أتالانتا    أفضل أطعمة تحسن الحالة النفسية في الأيام الباردة    محافظ القليوبية يناقش الانتهاء من إعداد المخطط التفصيلي لمنطقتي العكرشة الصناعية وأرض جمعية    علاج ألم المعدة بالأعشاب والخلطات الطبيعية في زمن قياسي    كيف تحمي الباقيات الصالحات القلب من وساوس الشيطان؟.. دينا أبو الخير تجيب    إمام الجامع الأزهر محكمًا.. بورسعيد الدولية تختبر 73 متسابقة في حفظ القرآن للإناث الكبار    لليوم الثالث على التوالي.. استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    إقبال الناخبين المصريين في الرياض على لجان التصويت بانتخابات الدوائر الملغاة    متحدث الصحة ل الشروق: الإنفلونزا تمثل 60% من الفيروسات التنفسية المنتشرة    الإفتاء تؤكد جواز اقتناء التماثيل للزينة مالم يُقصد بها العبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إهدار المياه .. الأزمة المنسية
نشر في الأهرام اليومي يوم 11 - 08 - 2016

بيدنا لا بيد عمرو، فبينما أعصاب المصريين مشدودة خوفا مما سيحدث فى إثيوبيا بعد بناء السد، والتأثير المتوقع فى مياه النيل، نجد هؤلاء المصريين أنفسهم لا يبالون بإهدار المياه فى الشوارع والمنازل، فيتفننون فى إسراف المياه من رى الحدائق ورش الشوارع وغسل السيارات، وداخل منازلهم أيضا تجد الاسراف نفسه.
وما يحدث الآن، أنه إسراف هنا وتقتير هناك، فبينما محافظات تسرف فى المياه بطريقة غير واعية، نجد العطش يضرب عدة محافظات فى الوجهين البحرى والقبلى منذ شهور عديدة، مما دعا المواطنين إلى التظاهر وقطع الطرق، وشراء جراكن مياه بأضعاف قيمتها ثلاث مرات.
إهدار المياه ليس فقط من المواطنين، بل تشارك الحكومة بنسبة الضعف، وذلك بسبب البنية التحتية المائية الفقيرة، فمواسير المياه كثير منها متهالك، يحتاج إحلالا وتجديدا يتكلف مليارات الجنيهات، وهذه البنية المتهالكة تتسبب وحدها فى فقد ما لا يقل عن 50 % من إجمالى الفقد.
ومنذ سنوات عديدة، تخرج الحكومة بين الفترة والأخرى بتصريحات عن الشروع فى إصدار قانون لتجريم إهدار المياه، وأنه سوف يعرض قريبا على مجلس النواب، الشعب سابقا، ثم تصمت الحكومة، ومع أزمة جديدة تخرج التصريحات القديمة، عن قرب إصدار قانون لتجريم إهدار المياه، وهكذا، فهل ستصدق الحكومة هذه المرة فى وعدها، أم ستأتى مشكلات أخرى تغطى على هذا القانون؟
د. محمد حسان رئيس جهاز تنظيم مرفق المياه قال إن القانون الجديد المزمع طرحه على مجلس الوزراء والبرلمان ليس لتجريم إهدار المياه فقط، بل هو قانون لتنظيم قطاع مياه الشرب والصرف الصحى، ذلك أنه يتعرض لكل مشكلات المياه والصرف الصحى، ويحدد أدوار كل الجهات العاملة فى هذا المرفق الحيوى، خاصة فى ظل إهدار مياه الشرب، وتعدد أوجهه، كاستخدام المياه فى غير أغراض الشرب، ورش الشوارع وغسل السيارات، إضافة إلى الوصلات غير القانونية، ورغم أن هذه الوصلات مجرمة، فلم يكن لها نص قانونى واضح، وكان يتم استخدام ضبطيات قضائية من خلال قرارات وليس قوانين، وتأخر صدور القانون كان بسبب تعاقب الوزراء، وهو حاليا تتم مراجعته لدى المستشار القانونى للوزارة وعلى وشك الانتهاء منه.
ومن أهم ملامح القانون كما يضيف د. حسان وجود ضبطية قضائية لبعض العاملين ولكن بشكل قانونى وليس بقرار، وعملهم هو المرور فى الشوارع وعلى المصالح الحكومية، وتشكيل إدارات للوصلات المسروقة، ومعاقبة من يستخدم المياه فى غير أغراضها المخصصة لها ، ومن المتوقع مناقشة هذا القانون خلال دورة الانعقاد الثانى لمجلس النواب.
ويضيف أن من أوجه الإهدار ما يتم فى المنشآت الحكومية، إذ تفتقد الصيانة الدورية، من ثم يحدث هدر كبير لمياه الشرب، وكان الامر نفسه يسرى على دور العبادة ولكن منذ إلزام هذه الدور بدفع فواتير المياه أصبح الإهدار قليلا، وتوقفت الاستثناءات للجهات الحكومية منذ إقرار مجلس الوزراء تعريفة جديدة عام 2013.
وقال د. حسان إن فاقد مواسير المياه، وفاقد مياه غير محاسب عليها، وانفجار المواسير، وحنفيات الحريق، كل ذلك يدخل فى الفاقد، ونسبة الفاقد فى مصر 30% والأرقام العالمية نسبة الفاقد من 10 إلى 15%، والسؤال هل من الممكن النزول إلى النسبة العالمية؟ نعم، إذا تم الاهتمام بالبنية التحتية، فلدينا شبكات تفوق ال 30 سنة وتحتاج إلى إحلال وتجديد، وهى تحتاج إلى نحو 8 مليارات جنيه، وهى تمثل من 20 إلى 30% من إجمالى أطوال الشبكات.
وأضاف أن نصيب الفرد من المياه فى مصر نحو 300 متر يوميا، يصله نحو 130 بعد الفاقد من إجمالى إنتاج 25 مليون متر مكعب يوميا، وفى أوروبا فإن النسبة 110 إلى 150 مترا.
الحل ليس فى التجريم
رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، مهندس معتز محمود، رفض هذا المسمى تماما، و قال لا يوجد ما يسمى تجريم إهدار المياه، والحل هو رفع الدعم عن أسعار المياه، ومن هنا فإن المواطن سوف يحافظ على المياه ويتوقف عن إهدارها، كما حدث مع الكهرباء، فحين ارتفعت أسعار الكهرباء حدث ترشيد لها، وبالمثل سوف يحدث ذلك مع المياه.
وقال إن الأزمة ليست فى إهدار المياه فى الشوارع، الأزمة فى الإحلال والتجديد لشبكات المياه التى تتسبب فى فقدان ما يقرب من 50 % من مياه الشرب، وبسبب عجز الميزانية لا تستطيع الدولة القيام بعملية الإحلال والتجديد التى تحتاج إلى نحو 11 مليار جنيه، والموجود هو 3 مليارات مخصصة لمياه الشرب سنويا، وتحتاج إلى 5 مليارات لتوصيل مياه الشرب إلى القرى التى لم تصلها المياه حتى الآن، إذا نحن فى حاجة إلى مبالغ ضخمة للغاية لضبط هذا المرفق والحفاظ على المياه.
وأضاف رئيس لجنة الإسكان، إننا من جانبنا سنسعى إلى ضبط مخالفات المياه من خلال التعديلات المقترحة على قانون 119 الخاص بالبناء الموحد، للحد من الإهدار وضياع أموال الدولة، ومع ذلك ينبغى اتخاذ خطوات جادة لوقف الهدر، منها توصيل مياه عكرة لرى الحدائق، وإجبار المزارعين على الرى بالتنقيط، وتطبيق الدورة الثلاثية، ومحاسبة من يخالف بعقوبات كبيرة.
هيكلة السياسة المائية فى مصر
الدكتور أحمد فوزي دياب، أستاذ المياه بمركز بحوث الصحراء وخبير المياه بالأمم المتحدة، يقول: بادئ ذى بدء وقبل الحديث عن طرق إهدار المياه، ينبغى علينا أولا أن نعيد هيكلة السياسة المائية فى مصر، فالسياسة المائية حاليا تسير بالمسكنات، فما لا يعرفه كثيرون أن نهر النيل لدينا نهر مغلق، أى أنه يستقبل مياه نهر النيل ومياه الصرف الزراعى والصحى والصناعى، وهذه المكونات تحدث وفرة مائية تكفى لاحتياجاتنا المائية حتى الآن، فالميزانية المائية حاليا 80.5% مليار متر مكعب، فى حين أن الإيراد المائى 5.5 مليار متر مكعب، وذلك على حساب ارتفاع ملوثات المياه وملوحة المياه، وكلاهما يؤثر تأثيرا مباشرا على الصحة العامة للمواطنين وعلى الانتاج الزراعى، فملوثات المياه تأتى من الصرف الصحى والصناعى، وملوحة المياه من الصرف الزراعى والتربة الزراعية، فمياه الصرف دائما وأبدا تكون أعلى ملوحة من مياه الرى.
والوضع الحالى كما يشير د. فوزى دياب فى ظل فجوة غذائية تصل إلى نحو 50%، ونحن فى حاجة إلى حبوب وزيوت وسكر، نحتاج إلى نحو 30 مليار متر مكعب مياه لسد هذه الفجوة من خلال رى مساحات أراض زراعية جديدة، وهذه الفجوة كان من المفترض أن تسد عن طريق قناة جونجلى ولم تتم، وعن طريق نهر الكونجو ولم تتم، عن طريق التعاون مع جنوب السودان ولم تتم.
ومن أسف، بل المفزع والمخيف كما يقول د. دياب أن استهلاك معدل مياه الشرب فى مصر هو الأعلى فى العالم، فنحن نستهلك ما بين 11 و 11.5 مليار متر مكعب سنويا للاسف الشديد، يضيع أكثر من نصفها فى الشبكات المتهالكة، والنصف الباقى أى نحو 3 مليارات متر معكب يضيع من خلال التعامل غير المرشد من قبل المواطنين، إما من خلال عدم التعاون الجاد من شركات المياه ضد من يهدر المياه، أو من خلال الوصلات غير القانونية، واستخدام مياه الشرب فى عمليات الرى، فى الأراضى والحدائق.
والمشكلة تكمن أيضا فى المياه المتسربة، حيث إنها ترفع منسوب المياه الجوفية، وتؤدى إلى تدهور المناطق المنخفضة، ومعظمها تكون فى المناطق الأثرية، أو إحداث هبوط فى الطرق بعد إنشائها، ومن هنا ترتفع مناسيب المياه نتيجة هذا التسرب، ومع التناقص المحتمل فى المياه الواردة من إثيوبيا سوف ترتفع نسبة الملوثات الناتجة عن الصرف الصناعى والصحى، وبالتالى ستحدث أضرار كارثية بالنسبة للشعب المصرى تؤدى إلى تدهور الصحة العامة وتدهور المزروعات والمأكولات، ويؤدى عدم التخلص منها إلى كارثة.
ويضيف أن الحل الوحيد هو الحفاظ على نهر النيل، والتعامل مع هذه الملوثات من خلال ما يسمى علم إدارة الأزمات، ليس من خلال عدم توقع حدوث الأزمة بل التعامل معها فورا من خلال سياسة إدارة المياه فى مصر، وتضافر جهود وزارة الرى والزراعة وشركة مياه الشرب لوضع سياسة مائية جديدة، فعلينا أن نجعل نهر النيل محمية طبيعية بعيدا عن الملوثات الصناعية والزراعية والصحية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.