لم تعد الثانوية العامة مجرد « بعبع» يخيف الأهالي والطلاب وينشر الرعب وحالة الطوارئ في مختلف أرجاء البيت المصري ، بل أصبحت طريقا للقتل والدمار وإزهاق الأرواح بدلا من أن تكون وسيلة لرسم ملامح مستقبل مشرق للطلاب ووضع أقدامهم على عتبة الأمان والهوية الجديدة في الجامعة. ولأن المجتمع أصبح في أغلبه يحدد لأبنائه ممرا ضيقا جدا للولوج نحو الأمل بكليات القمة وخاصة الطب والهندسة فإن هذه الآمال والطموحات تمثل أكبر ضاغط نفسي على الطلاب طوال العام بعد أن يعيشوا أياما وليالي في فزع من أن يخيبوا آمال الأهل أو أن يكون مصيرهم الفشل والضياع.. شيماء إبنة الثماني عشر سنة والمقيمة في عزبة الشال بمدينة المنصورة واحدة من طلاب الثانوية العامة الذين كتب عليهم الشقاء والتعب والعذاب. شيماء ذاكرت واجتهدت وبذلت كل ما في وسعها لتحقق أمنيات أسرتها وأحلامها الشخصية لم تدخر الوقت في التحصيل والسهر وشراء المذكرات واللهاث في الشوارع مع زميلاتها ذهابا وإيابا على مدار اليوم إلى مراكز الدروس الخصوصية وكانت تعرف أنها تكبد ميزانية الأسرة مبالغ كبيرة فوق طاقتها لكن الأمر في النهاية قدرات شخصية متباينة وظروف نفسية وإستعداد شخصي. وكلما إقترب موعد ظهور النتائج كانت شيماء تشعر بأن روحها ستخرج من جسدها رغم أنها تعتقد أنها أنجزت ما عليها وأن التعليم والتفوق رزق . وفي يوم إعلان النتيجة وقع المحظور ورسبت شيماء في مادتين لكنها بسرعة إحتوت الصدمة بشكل لا إرادي دون أن تدرك توابعه وأبلغت والدها أنها نجحت وحصلت على مجموع 94 % فإنهالت الزغاريد والأفراح في الشارع وتوالت تهاني الجيران والأقارب عليها وشعر والدها أن إبنته رفعت رأسه في الحارة وأنها ستدخل كلية محترمة. الزغاريد كانت تمثل لها سكاكين تمزق أحشاءها فماذا عساها أن تفعل في كذبتها التي ستنكشف خلال أيام بل ساعات فقد طلب منها والدها رقم الجلوس في اليوم التالي حتى يمر على المدرسة ويسحب الشهادة الورقية وبقية ملفها ، إرتبكت شيماء وأسقط في يدها حاولت أن تقنع أبها بأنها ستمر هي على المدرسة وظهر عليها أنها تخفي أمرا ، وما هي إلا لحظات حتى دخلت غرفتها وكان قرارها الذي أجلته مرارا هو وضع نهاية لحياتها كلها، وتعاطت مبيدا حشريا ساما وحينما طال بقاؤها في الغرفة دخل الأب وجدها تتلوى من شدة الألم وبجانبها زجاجة فارغة، فأسرع ونقلها إلى المستشفى الدولى بالمنصورة لاسعافها. وكان مدير أمن الدقهلية تلقى إخطارا من اللواء مجدي القمري مدير البحث الجنائي بانتحار طالبة ثانوي اثر تناولها مبيدا حشريا و انتقل رجال المباحث بقيادة المقدم أحمد الجميلي لمكان البلاغ وبسؤال والدها اكد ان ابنته طالبة فى الثانوية العامة رسبت في مادتين ولم تخبره بذلك وعندما طلب منها رقم الجلوس للذهاب للمدرسة دخلت حجرتها واقدمت على الانتحار بتناولها مبيدا حشريا وفارقت الحياة فور وصولها الي المستشفي وأصبحت ضحية للعنة الثانوية العامة أم الكوارث في مصر حتى الآن. وتولت النيابة التحقيق.