سعر الذهب في مصر اليوم الأربعاء 20-8-2025 مع بداية التعاملات    الرهائن ال20 والإعمار، ويتكوف يكشف وصفة إنهاء حرب غزة    شهداء وجرحى جراء في غارات إسرائيلية متواصلة على خان يونس    "تفوق أبيض وزيزو الهداف".. تاريخ مواجهات الزمالك ومودرن سبورت قبل مباراة الدوري    نجم الزمالك ينعى محمد الشناوي في وفاة والده    الكشف عن طاقم تحكيم مباراة الزمالك ومودرن سبورت بالدوري    البيت الأبيض يُطلق حسابًا رسميًا على "تيك توك".. وترامب: "أنا صوتكم لقد عدنا يا أمريكا"    أسعار الفراخ اليوم الأربعاء 20-8-2025 في بورصة الدواجن.. ثمن الدجاجة والكتكوت الأبيض    د.حماد عبدالله يكتب: كفانا غطرسة.. وغباء !!    صعبة وربنا يمنحني القوة، كاظم الساهر يعلن مفاجآت للجمهور قبل حفله بالسعودية (فيديو)    حمزة نمرة عن أحمد عدوية: أستاذي وبروفايل مصري زي الدهب»    لأول مرة .. برج المملكة يحمل أفيش فيلم درويش    المناعة الذاتية بوابة الشغف والتوازن    تبكير موعد استدعاء 60 ألف جندي احتياطي إسرائيلي لاحتلال غزة    محاكمة المتهم بابتزاز الفنان طارق ريحان اليوم    31 مليون جنيه مصري.. سعر ومواصفات ساعة صلاح في حفل الأفضل بالدوري الإنجليزي    ترامب: رئيس البنك المركزي يضر بقطاع الإسكان وعليه خفض أسعار الفائدة    مجلس القضاء الأعلى يقر الجزء الأول من الحركة القضائية    10 صور ترصد استعدادات قرية السلامية بقنا للاحتفال بمولد العذراء    6 رسائل مهمة من مدبولي أمام مجلس الأعمال المصري الياباني بطوكيو    موعد بدء تنسيق المرحلة الثالثة 2025 ونتيجة تقليل الاغتراب (رابط)    تنسيق الثانوية العامة 2025.. كليات المرحلة الثالثة من 50% أدبي    فلكيا.. موعد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر وعدد أيام الإجازة الرسمية للموظفين والبنوك    خلال بحثه عن طعام لطفلته.. استشهاد محمد شعلان لاعب منتخب السلة الفلسطيني    بعد موافقة حماس على وقف اطلاق النار .. تصعيد صهيوني فى قطاع غزة ومنظمة العفو تتهم الاحتلال يتنفيذ سياسة تجويع متعمد    الإليزيه: ربط الاعتراف بفلسطين بمعاداة السامية مغالطة خطيرة    مصدر أمني ينفي تداول مكالمة إباحية لشخص يدعي أنه مساعد وزير الداخلية    حسام المندوه: بيع «وحدت أكتوبر» قانوني.. والأرض تحدد مصير النادي    نبيل الكوكي: التعادل أمام بيراميدز نتيجة مقبولة.. والروح القتالية سر عودة المصري    محافظ شمال سيناء يلتقى رئيس جامعة العريش    مصطفى قمر يهنئ عمرو دياب بألبومه الجديد: هعملك أغنية مخصوص    ترامب يترقب لقاء بوتين وزيلينسكي: «أريد أن أرى ما سيحدث»    جولة ميدانية لنائب محافظ قنا لمتابعة انتظام عمل الوحدات الصحية    في أقل من 6 ساعات، مباحث الغربية تضبط سائق شاحنة دهس طفلا وهرب بقرية الناصرية    أكلة لذيذة واقتصادية، طريقة عمل كفتة الأرز    بالزغاريد والدموع.. والدة شيماء جمال تعلن موعد العزاء.. وتؤكد: ربنا رجعلها حقها    المقاولون يهنئ محمد صلاح بعد فوزه بجائزة أفضل لاعب فى الدوري الإنجليزي    أحمد العجوز: لن نصمت عن الأخطاء التحكيمية التي أضرتنا    1 سبتمر.. اختبار حاصلى الثانوية العامة السعودية للالتحاق بالجامعات الحكومية    «مصنوعة خصيصًا لها».. هدية فاخرة ل«الدكتورة يومي» من زوجها الملياردير تثير تفاعلًا (فيديو)    حملة مسائية بحي عتاقة لإزالة الإشغالات وفتح السيولة المرورية بشوارع السويس.. صور    مصرع والد محمد الشناوي .. القصة الكاملة من طريق الواحات إلى كفر الشيخ    شاهد.. رد فعل فتاة في أمريكا تتذوق طعم «العيش البلدي المصري» لأول مرة    بعيدًا عن الشائعات.. محمود سعد يطمئن جمهور أنغام على حالتها الصحية    هشام يكن: أنا أول من ضم محمد صلاح لمنتخب مصر لأنه لاعب كبير    رئيس وكالة «جايكا» اليابانية مع انعقاد قمة «التيكاد»: إفريقيا ذات تنوع وفرص غير عادية    تنفيذ حكم الإعدام في قاتل المذيعة شيماء جمال وشريكه    تخريج دفعة جديدة من دبلومة العلوم اللاهوتية والكنسية بإكليريكية الإسكندرية بيد قداسة البابا    السيطرة على حريق بأسطح منازل بمدينة الأقصر وإصابة 6 مواطنين باختناقات طفيفة    رسميا الآن بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025    حدث بالفن| سرقة فنانة ورقص منى زكي وأحمد حلمي وتعليق دينا الشربيني على توقف فيلمها مع كريم محمود عبدالعزيز    تحتوي على مواد مسرطنة، خبيرة تغذية تكشف أضرار النودلز (فيديو)    تعدّى على أبيه دفاعاً عن أمه.. والأم تسأل عن الحكم وأمين الفتوى يرد    هل الكلام أثناء الوضوء يبطله؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    أمين الفتوى ل الستات مايعرفوش يكدبوا: لا توجد صداقة بين الرجل والمرأة.. فيديو    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    بالصور- افتتاح مقر التأمين الصحي بواحة بلاط في الوادي الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شوقي حجاب يفتح صندوق ذكرياته‏:‏ الأطفال ضاعوا في صخب الثورة ولم يهتم بهم أحد

حين التقيت الشاعر والمخرج شوقي حجاب‏,‏ تداعت إلي ذهني الفكرة الشائعة بين العامة من غرابة أطوار المبدعين‏, وهي غرابة لا تتعلق بأسلوب تعاملهم مع الآخرين, وإنما بالطقوس التي ترافق قيامهم بعملية الإبداع, وهي تختلف من مبدع لآخر, وبالنسبة لشوقي فهو يلعب ليبدع . فالإبداع عنده ليس عملا يؤديه أو طقسا يمارسه, لكنه لعبة تستهويه, يستغرق فيه, ليلتحما معا وتخرج ثمرة الالتحام شهية يانعة ورحلة شوقي مع الإبداع بدأت بخمسين قرشا استدانها من شقيقته, ليركب بها الأتوبيس من قريته متوجها إلي القاهرة, بعدما اقنعه الرئيس السادات بعدم الانتحار, لتبدأ مرحلة جديدة في حياته, مرحلة تعرف خلالها الصبي القادم من أعماق الريف علي أسماء سامقة في عالم الكتابة الرسم والتليفزيون, ليجد نفسه فجأة يلعب مع الكبار, وهو لم يتخط بعد الثامنة عشرة من عمره.
الحوار مع شوقي شمل رحلة دامت قرابة نصف قرن في عالم طفولي لايزال يحياه, وكيف أنقذ د.ثروت عكاشة مستقبله المهني, والشخصيات إلي ابتكرها من أمثال دقدق وكوكي كاك ومشكلات الكتابة للطفل, ومشرع القراءة للجميع, وعلاقته بسوزان ثابت وموضوعات أخري تقرأونها في السطور التالية.
تعود جذورك إلي قرية صيادين, فماذا تركت هذه الجذور من آثار في نفسك وتكوينك الثقافي؟
مسقط رأسي مدينة المطرية بالدقهلية, وتقع علي شط بحيرة المنزلة, ولها تخطيط مميز تنفرد به, حيث احترقت عام1907, فقام الطليان بإعادة بنائهاعلي هيئة شوارع متعارضة, وهي تشابه في نمطها بلدة كريت اليونانية, التي صور فيها فيلم زوربا اليوناني, وقد كتبت لي زيارة كريت فرأيت بينها وبين بلدتي أوجه تشابه حياتية كثيرة, عدا اللغة طبعا..
وفي مجتمع ريفي مثل بلدتي تكثر فيه القيم ويقل التعليم, والدي كان أزهريا يحفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة, ويحب الشعر ويسبر غور بحوره, وكذلك كانت والدتي برغم عدم إكمالها تعليمها مثقفة تحفظ كما هائلا من الأشعار والأمثال, وتتميز بمقدرة مذهلة في إلقاء الشعر بأسلوب درامي, وكانت في بيتنا مكتبة رائعة متفرقة بين حجرات المنزل, لكنها لم تغنني عن شراء مجلات الأطفال التي أحبها, وكان والدي يصطحبنا لممارسة ألعاب الماء, والعيش صيفا في مركب بالبحيرة, وكثيرا ما كان يجري مسابقات ثقافية وشعرية بيني وبين شقيقي صلاح وسيد, كتقطيع الشعر عروضيا أو إكمال شطر بيت بشطر من تأليفنا, والفائز كان ينال جائزة عبارة عن ثلاث حبات من أبو فروة, مما أكسبنا أذنا موسيقية..
واعترف بأني أدين للوالد بالكثير, فقد كان متنورا, وأذكر حين اعتقلت عام1964 بتهمة الشيوعية, كان الموقف صعبا علي الوالد فهو يخطب ويدعو لله في المساجد بينما يعتقل ابنه لأنه ماركسي, وصراحة لم أكن مؤمنا قويا بالماركسية, لكني كنت رئيسا لاتحاد طلاب الدقهلية, وكنت وقتها أقوم بعمل اجتماعي في حل مشكلات الصيادين, يومها اكتفي الوالد بأن قال لي معبرا عن استيائه: أنت حر في نفسك, فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر, فرددت: لست كافرا, فقال: أنت حر, لكني محرج أن أقول للناس: قال الله وقال الرسول, بينما ابني يعتقل بتهمة الماركسية!
وأنقذني من هذا الموقف المجاهد إبراهيم شكري رئيس حزب العمل الأسبق رحمه الله وكان وقتها يترأس تحرير مجلة المنصورة حيث بعث الرسام الكبير محمد حجي عصام حجي لعمل تحقيق صحفي محوره أن الشعور بالمسئولية ليس كفرا, وأرسل أعدادا كبيرة من المجلة, وعليها صورتي التي رسمها محمد حجي وعلقها علي أبواب المساجد بالبلدة.
وأعترف بأن البلدة تركت في نفسي تأثيرات كثيرة, فقد كتبت أكثر من ألف أغنية معظمها خرج من عباءة فلكلور القرية وتراث الصيادين, تعلمت منهم ألا أتكالب علي شيء, وأن أرضي بنصيبي, وعشت فيها حتي رسبت في الثانوية العامة, وجئت للقاهرة لألتحق بالقسم العلمي في المدرسة التوفيقية بشبرا, ومنها يممت شطر معهد الفنون المسرحية ثم معهد السينما حيث قضيت4 سنوات.
جئت للقاهرة, محبطا تائها, باحثا عن ذاتي في مدينة عملاقة تغمرها الأضواء وتكتظ بالمواهب, وكان أخي الأكبر سيد قد سبقني بست سنوات إليها ليدرس في كلية الهندسة, وجمعته في العاصمة صداقات مع مجموعة من أهل الأدب والثقافة.
* وأي أفراد أسرتك كان الأكثر تأثيرا في توجهك الإبداعي؟
أخي سيد إذ كثيرا ما تبناني شعريا وراجع قصائدي, وحتي حين كان يسافر كنت أرسلها له ليطلع عليها ويوجهني الوجهة الصحيحة.
*وكيف استطعت إيجاد توازن داخلي بين جانب المثقف فيك, والطالب الفاشل دراسيا؟
فعلا هذه نقطة أهمتني حينها لدرجة أني فكرت في الانتحار وأنقذتني نصيحة من زائر للبلدة, هل تعلم من كان؟! لقد كان الرئيس السادات, رئيس مجلس الأمة وقتها, وكان صديقا للشاعر والمنشد الشعبي الكبير زكريا الحجاوي, وذات يوم وهما جالسان في قهوة صغيرة علي شاطيء البحيرة يسمونها الخص قدمني له زكريا, موضحا أني محبط لرسوبي مرتين في الثانوية العامة وأني أكتب شعرا جيدا, فأجلسني السادات إلي جواره, وحين علم أني فكرت في الإنتحار قال لي عن نفسه: لو كنت سأنتحر مثلك لكنت فعلتها منذ سنوات, فقد هربت وتشردت وفقدت عملي وعملت شيالا وتباعا للسيارات, وكانت تمر بي أوقات لا أجد ما اشتري به الطعام, لكني في النهاية وقفت علي رجلي, ثم أطلق ضحكته العفوية المشهورة.
حديث السادات جعلني أفوق لنفسي, وقر رأيي علي الكفاح لتحقيق طموحاتي, وعدم تحميل والدي أعبائي, فاستدنت خمسين قرشا وكان مبلغ ثمن تذكرة الاتوبيس من شقيقتي الكبري, وقررت الرحيل إلي القاهرة بملابسي التي ارتديها فقط, ثم ذهبت لشقيقي سيد, وكان قد ترك كلية الهندسة لرسوبه وتفرغ للشعر والكتابة, وألحقني صديقه خيري شلبي بمدرسة التوفيقية, وعشت في القاهرة متنقلا بين بيت سيد وبيت شقيقي الأكبر صلاح الذي كان قد سافر لأمريكا.. وفي هذه المرحلة أخذني مجدي نجيب إلي مجلتي سمير وميكي, وفيهما كنت أكتب الشعر مقابل أجر ضئيل هو جنيهان للقصيدة(!!).
وما حكاية عدم قبولك في معهد الفنون المسرحية؟
بعد حصولي علي الثانوية العامة تقدمت للإلتحاق بقسم الأدب والنقد بالمعهد عام1966, وكان من المتقدمين معي لينين الرملي وفاطمة المعدول, وأجريت الاختبارات وكان ترتيبي الثاني بعد لينين الرملي, لكنني لم أجد اسمي بين الأسماء المقبولة, وعلمت أن اعتقال أخي سيد مع عبد الرحمن الأبنودي سبب استبعادي, فذهبت إلي صلاح جاهين وكان رئيسا لتحرير مجلة صباح الخير, وحكيت له ماحدث, فكتب لي في ورقة هذا شاعر واعد يستحق الالتحاق بمعهد الفنون المسرحية أرجو دراسة مشكلته, وشاركه الرجاء الشاعر العراقي الكبير عبد الوهاب البياتي الذي كان موجودا معه, إذ كتب نحن في العراق نحتفل بميلاد أي شاعر, وعندكم في مصر مثل هذا الشاب, أرجو مراعاة موقعه فهذا شاعر عظيم, وطلب جاهين مني تسليم الورقة لشخص في مكتب وزير الثقافة, فذهبت في السابعة صباحا, ووجدت شخصا يرتدي بدلة بيضاء يسير في الحديقة, فلما سألته عن الموظف أخذ مني الورقة وقرأها وعرفني بنفسه, ولم يكن سوي الوزير ثروت عكاشة, وبسعة صدر استمع لمشكلتي, وما أن انتهيت حتي هب قائلا: تعال معي, وركبت معه السيارة وكلي رهبة, وهو يزمجر بغضب ولاتزال كلماته في ذاكرتي كأنه قالها بالأمس: يحرمون شاعرا, هل نحن في مصر نجد كل يوم شاعرا, ودخل الوزير لمكتب عميد المعهد نبيل الألفي غاضبا, وأمر بإعادتي فورا, وشهد هذا الموقف العاصف فوزي فهمي وكان معيدا بالمعهد والفنان حمدي أحمد, وعدت.
والعمل بالتليفزيون متي بدأته وكيف؟
خلال الاشهر الستة التي اعتقل فيها شقيقي سيد, أخبرني محيي اللباد وعدلي رزق الله أن هناك برنامجا جديدا في التليفزيون يمكن أن أعده اسمه عصافير الجنة تقدمه اللامعة سلوي حجازي, وكانت مفاجأة لأخي سيد حين خرج بعد ستة أشهر من المعتقل ووجدني قد اشتهرت وصرت كاتبا في التليفزيون اكتب برنامجا, فضلا عن أغنيات في بعض تترات البرامج, وذلك بفضل مساعدة أصدقاء منهم صلاح جاهين وفنان الكاريكاتير أحمد حجازي.
ولماذا اتجهت للكتابة للطفل وهو مجال يهرب منه كثير من المبدعين لصعوبته ولأنه لا يحقق انتشارا وشهرة مثل الكتابة للكبار؟
أعتقد أن ذلك يعود لعمري وقتها إذ كنت في الثامنة عشرة, وكنت لا أزال أحتفظ في داخلي بتراث الطفل وروحه, وأيضا كان الطريق الأول الذي وجدته لتحقيق ذاتي, إلي جانب تماشيه مع العالم الذي أحبه وهو اللعب, فالتأليف للطفل سواء شعرا أو قصة أو أغاني أو برامج يعد لعبة جميلة استمتع بها, فضلا عن أنها قضية قومية تتوافق مع حسي الوطني.
بلا شك حدثت مواقف غريبة أو طريفة أو مزعجة خلال تلك المدة الطويلة هل تذكر بعضها؟
أيام النكسة كنا نقدم ما يسمي أدب المقاومة وكان يؤكد للأطفال أننا سنحرر فلسطين ونرمي الصهاينة في البحر, وحدث أن تغيبت سلوي حجازي ذات يوم وحلت مكانهاعائشة البحراوي, وارتكبت خطأ كاد يطيح بي, إذ قالت لأطفال في سن3-6 أعوام: أنتم ستحررون فلسطين!!, وقامت الدنيا ولم تقعد بسبب هذه العبارة, حيث حولوني للتحقيق في اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي العربي باعتباري معد البرنامج, فأكدت لهم أني لم أكتب هذه العبارة, وكانت المطربة فايدة كامل عضوا باللجنة, وكانت وجهة نظرهم أن العبارة تعني أن فلسطين ستظل محتلة حتي يكبر أولئك الأطفال ويحررونها, وهو أمر غير مقبول.
وهل أدي هذا الخطأ لإيقاف البرنامج؟
لا لم يحدث بل استمر بعد مقتل سلوي حجازي في حادثة إسقاط إسرائيل للطائرة التي كانت علي متنها, وتولت الإعلامية نجوي إبراهيم تقديمه, وفي استمراره رد علي من يقولون إنه لم تكن هناك حرية في عهد عبدالناصر, فقد كانت الحرية أيامه أكثر منها في عصر مبارك, وازدهر الأدب والفكر والفن, لأن عبدالناصر حرص علي أن يوجد جوا مناسبا لنمو الإبداع, يتمثل في احترام المبدع والإبداع الحقيقي الصادق.
كيف تري كتاب وبرامج الأطفال بين الأمس واليوم وأيهما أفضل؟
لا جدال أن هناك حركة تأليف جيدة, وبالأمس توجد تجارب جميلة ليعقوب الشاروني نثرا, وفؤاد حداد وصلاح جاهين وعبد الرحمن الأبنودي وسيد حجاب شعرا, هؤلاء احترم قيمتهم ككتاب أطفال, وحاليا يوجد من الكتاب أمل فرح, فضلا عن تجارب شعرية جميلة لأمين حداد وبهاء جاهين, ولا أنسي الرائع صنع الله إبراهيم, وألفريد فرج الذي قدم مسرحا جيدا للأطفال وكذلك أغاني نادر أبو الفتوح, ويبقي مشروع القراءة للجميع أفضل من اهتم بالطفل.
أما في البرامج فقد حدثت طفرة في عالم الكارتون خلال السنوات العشر الماضية علي يد السيدة شويكار خليفة, إلا أنها أحبطت بعد ثورة25 يناير, إذ ضاع الأطفال في صخب الضوضاء.
أما مشروع القراءة للجميع, وبرغم أني ضد النظام السابق, إلا أني أومن بأن الجزئية الخاصة بمشروع مكتبة الأسرة كانت ناجحة, وهذا المشروع ليس من بنات أفكار سوزان مبارك, بل صاحبه الحقيقي الراحل د.سمير سرحان, علي الرغم من تدخل الست في الموضوع.
علي ذكر الست, كيف كانت علاقتك وتعاملك معها؟
كانت تحترمني, وكانت تريد أن يكون لها دور اجتماعي, وتحسين وجهها بمشروع محترم مثل القراءة للجميع, وأنا لا يهمني دوافعها سواء أكانت تفعل ذلك بنية خالصة أو تفعله بنية المنظرة, فكل شخص يعمل في قضيتي قضية نشر الثقافة والفكر أرفع له القبعة, ومشروع القراءة للجميع اعتبره أهم المشروعات القومية في السنوات الأخيرة, أما عن الجرائم التي نسبت للست فلابد أن تعاقب عليهاهي وغيرها.
وهل كان لسوزان سياسة معينة تتبعها في رعاية الطفولة؟
لا.. فهي لم تكن مفكرة ولا مثقفة, فقط كانت تريد دورا لها, وجاء الدور في مجال الطفولة مستقبل مصر, وقد استمر العمل بيننا بشكل غير مباشر مابين10 15 عاما, ولم يحدث أن جمعني بها لقاء ثنائي, وإنما كنت ألتقيها في المؤتمرات التي أشارك فيها بصفتي كاتبا وشاعرا ومخرجا ورئيسا للحركة الفنية العاملة في مجال الطفولة.
هل صحيح أنه طلب منك وضع أغنيات تتغني بسوزان مبارك؟ ومن الذي طلب؟
بالفعل طلب وزير الإعلام شخصيا مني ذلك, وتملصت من الموضوع بلباقة, لحرصي ألا أمجد شخصا, فولائي للوطن فقط وليس لشخص مهما يكن, فلست بشاعر ملاكي, حتي عبدالناصر الذي أحببته لم أمجده فكيف أمجد آخرين؟!
وأي البرامج حاليا تراه الأكثر تأثيرا في الأطفال؟
كبرنامج تعليمي هناك عالم السمسم, وقد شاركت فيه, وكنت أكتب له الأفكار والأغاني, وابتكرت كوكي كاك سابقا, وعملت جزءا ثانيا له, كما يوجد مسلسل من تأليفي وإخراجي عملته منذ نحو6 سنوات بعنوان ألف نهار ونهار, وقام ببطولته عزت أبو عوف ونهال عنبر ومحمد أبو الحسن, وألحان عمار الشريعي, و برغم أنه أنتج قبل الثورة إلا أن من يشاهده يظنه يحكي قصة الثورة ويؤرخ لها, فهو يتناول الظلم الاجتماعي وعمليات النهب والقهر في البلد وأحداثا كثيرة حدثت فيما بعد أثناء الثورة.
*وماذا عن أعمالك في القنوات المتخصصة للأطفال؟
**عملت في قناة الأطفال بالجزيرة, وأخذوا مني بعض أعمالي مثل دقدق لعرضها, لكن هناك مشكلة بالنسبة للعمل مع هذه القنوات تتمثل في اشتراطها أن تكون الأعمال باللغة العربية الفصحي وليس بالعامية المصرية, واعتقد أن هذا موقف روج له الوليد بن طلال بعد كامب ديفيد لضرب العامية والهوية المصرية, ولا يعني كلامي أني ضد الفصحي, لكني أراها مناسبة للدراما التعليمية أو الدينية والتاريخية, وليس في الدراما الاجتماعية الخاصة بالطفل, حتي لا نصنع حاجزا نفسيا بينه وبينها لتعوده في البيت علي العامية.
*بقلظ وضاضا العضاضة ودقدق شخصيات ابتكرتها, فهل هي من وحي الخيال أم من نماذج عرفتها؟
**كلها من وحي الخيال ولكن بقلظ كانت من تجربة لمحاولة عمل أراجوز مصري للتليفزيون, وكنت صاحب فكرة الشخصية ورحمي صاحب الشكل.
*أي هذه الشخصيات أقرب إلي قلبك؟
**كوكي كاك.. فأنا أحب هذه الشخصية جدا, وكانت تجربة جديدة علي لغة الكتابة للطفل لكن وكما يقولون كلهم أبنائي, فأنا عندي خمسون أو ستون شخصية شهيرة علي رأسها كوكي كاك وبقلظ وأرنوب ودبدوب والغزاله لالا وعمو قاموس وضاضا العضاضة.
*كيف كانت تجربة كوكي كاك جديدة في اللغة ؟
**في عصافير الجنة خلال مرحلة ما قبل كوكي كاك كنت اهتم جدا بمفردات الأطفال صغنون, صغيور لكن في كوكي كاك قررت أن أتحدث للأطفال بمفردات الكبار, ووضعت دراسة استغرقت فيها عاما كاملا علي أطفال أصحابي ومشكلاتهم, فذاكرت وعملت دراسات شخصية, وكتبت مواقف ولغة وكلاما, ثم بدأت أمسك القلم لأكتب الدراما نفسها في الأغاني, وكانت بالنسبة لي تجربة إخراجية مهمة أيضا في تركيبة الشخصية وشكلها والبيت والديكور والملابس, فكانت تجربة وضعت فيها كل خبراتي السابقة وأحلامي المستقبلية, ونحجت مع الناس وحتي الآن يذكروني بها, وأنا أحب هذا الصدي وهذا التفاعل الجماهيري.
* سئل يعقوب الشاروني: كيف تمرنت علي الكتابة للأطفال؟ فقال: من كثرة جلوسي وحديثي معهم.. فما إجابتك لو وجه إليك ذات السؤال؟
**للشاروني تجارب ميدانية جميلة, أما أنا فتمرنت علي الكتابة للأطفال لأني كما قلت قبلا ألعب, فالطفل بداخلي لا يزال موجودا, بالإضافة إلي الاطلاع والقراءة, وهما الأساس, لهذا أتعامل بسهولة مع الأطفال.
ومتي يغضب الطفل الكبير الكائن داخلك ويتخذ موقفا حازما لا رجعة فيه؟
عندما أري القبح عموما, القبح الشخصي والأخلاقي والقبح في الحياة, والقبح الفكري الجامل ميكروب التخلف, والجشع الإنساني, فهذه التركيبة من القبح تفقد أي شخص أعصابه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.