لاشك أن الاستفتاء حول خروج بريطانيا العظمي من الاتحاد الأوروبي يعتبر طلاقا أو أقرب إلي خلع من قبل انجلترا للاتحاد بعد 43 عاما من زواج متكافئ ... ولقد أثار الانفصال ضجة وخيبة أمل كبيرة لأنصار الحلم الأوروبي وزلزالا في الكيان الأوروبي ومحاولات للخروج من هذا المأزق ودهشة لدي «ديفيد كاميرون» خريج «أيتون» وأكسفورد، حيث وقع «البريكسيت» - كما يطلقون علي خروج انجلترا من الاتحاد - مثل الصاعقة، وأعلن أنه سوف يستقيل في أكتوبر المقبل ولن يدير أو يشرف علي إجراءات الانفصال! وتسجل الأسواق خسائر تصل إلى تريليونى دولار، كما انهار الجنيه الاسترليني ليسجل أضعف قيمة له علي مر ثلاثين عاما برغم تدخل رئيس بنك انجلترا «مارك كارني» لتهدئة المستثمرين .. ومازالت العملة القومية تسجل هبوطا وتعيش المملكة حالة تفكك قصوي بعد مطالبة اسكتلندا باستفتاء حول استقلالها لتبقي داخل الاتحاد الأوروبي بعد أن قامت بالتصويت «للبريكسيت» بأغلبية ساحقة .. ولا ننس أيضا موقف شمال إيرلندا .. ولذلك فإن البنية الأساسية لإحدي أعرق الديمقراطيات الأوروبية مهددة.. والآن فإن حزب المحافظين الذي يضم أكثر من 60% من الأعضاء المناصرين لأوروبا يتناحرون حول خلافة كاميرون .. كما أن بوريس جونسون عمدة لندن السابق المحرض الأكبر لخروج بريطانيا من الاتحاد يثير مشاعر الرفض بعد إعلانه أن الوضع المالي لبريطانيا بخير في حين أن البورصة والعملة القومية تشهدان سقوطا مدويا .. وتستمر الأزمة داخل حزب العمال بعنف بعد استقالة 15عضوا من «حكومة الظل» بسبب انتخاب «جيريمي كوربن» وريث اليسار التقليدي القديم الذي يشهد حزبه تدهورا, مؤكدا في فترة حالكة من تاريخ بريطانيا، كما أن الوعود التي قدمت لمناصري «البريكسيت» تم تكذيبها حيث إن صندوق التأمين الاجتماعي لن يحصل علي 350 مليون جنيه أسبوعيا كما قيل، أي المبلغ المفترض لتمثيل بريطانيا العظمي داخل الاتحاد! أما الهجرة فلم تتم السيطرة عليها بطريقة أفَضل كما أعلنت «الأوزان الثقيلة» المناصرة للبريكسيت ولم يتم التحكم في تصاعد الأعمال العنصرية التي وجهت بالفعل سهامها ضد النازحين البولنديين والمسلمين .. ويري المراقبون أن أنصار «البريكسيت» لا يستحقون إدارة البلاد! لأنهم لم يمهدوا أي إجراء لتفادي الأزمة إذا وقعت. أما المجر فسوف تنظم استفتاء في الخريف المقبل حول الهجرة، وفي فرنسا يبدو أن «مارى لوبان» ممثلة التيار اليميني المتطرف تضمن وجودها في الجولة الثانية للانتخابات، أما الزوجان الفرنسي - الألماني فهما لا يتفاعلان أو يخططان! وهذا يثير شكوكا كبيرا، ولا أحد يعلم في بروكسل أو لندن كيف سوف تتم مراسم الطلاق.. فإذا تم اختيار زعيم جديد للحزب المحافظ في 2 سبتمبر المقبل وليس في أكتوبر، كما أعلن كاميرون فإن أسلوب وصيغة الانفصال سوف تكون مهزوزة، أما رجال القانون فهم يؤكدون أنهم لا يستطيعون إرغام الحكومة البريطانية علي تفعيل النص الخمسين لاتفاقية لشبونة الذي يؤدي إلي الانفصال خلال عامين، كما أن البريطانيين لا يستطيعون إرغام الاتحاد الأوروبي علي بدء مفاوضات بهدف الانفصال .. ولا ننس أن نتائج الاستفتاء ليست مجبرة بالنسبة للحكومة البريطانية المقبلة .. ولذلك ليس من المستحيل ألا يتحقق أبدا الطلاق الحقيقي بين بريطانيا العظمي والاتحاد الأوروبي. لمزيد من مقالات عائشة عبد الغفار