مدبولي: إطلاق الأكاديمية الدولية للعمارة خطوة ضمن رؤية الدولة المصرية    احذر.. انتحال صفة ذوي الإعاقة للحصول على الخدمات يعرضك للحبس    عاجل.. هبوط مفاجئ في سعر الدولار اليوم    ارتفاع أسعار الخضروات اليوم بأسواق الإسكندرية.. الطماطم ب15 جنيها للكيلو    رئيس "التطوير العقاري": عدد المطورين ارتفع من 75 إلى 15 ألفا في 10 سنوات    البيئة واللجنة المصرية الألمانية يعقدان اجتماعا تنسيقيا لتعزيز التعاون في العمل المناخي    وزير التعليم العالي ل«الشروق»: تدشين 3 جامعات متخصصة مع وزارات النقل والسياحة والشباب والرياضة    بعد بدء العملية البرية.. مصادر إسرائيلية: الجيش أدخل روبوتات مفخخة لأطراف غزة    رئيس نقل النواب: الحملات الصهيونية ضد الرموز العربية محاولات يائسة لن تنال من وحدة الصف العربي    دخول عشرات شاحنات المساعدات من معبر رفح إلى كرم أبو سالم    غياب 5 لاعبين.. قائمة أتلتيكو مدريد لمواجهة ليفربول    ضبط شخص يدير استديو تسجيل صوتي بدون ترخيص في الجيزة    مصرع مسن صدمته سيارة في أكتوبر    حملت سفاحا.. التحقيق مع طالبة ألقت رضيعتها أمام جامعة القاهرة    بدء المؤتمر الصحفي الخاص بكشف تفاصيل الدورة الثامنة لمهرجان الجونة السينمائي    ترامب يعلن مقتل 3 أشخاص باستهداف سفينة مخدرات من فنزويلا    وزير الري يلتقي نظيره البحرينى لمناقشة تعزيز التعاون في مجال الموارد المائية    تأجيل محاكمة "نعمة" المتهمة بقتل زوجها وأطفاله في دلجا إلى 11 أكتوبر    ضبط 104 أطنان لحوم وأسماك فاسدة في حملة تفتيش بمدينة العبور بالقليوبية    جيش الاحتلال: رئيس الأركان عقد اجتماعات مع القوات بشأن عدم الإضرار بالمحتجزين    صيف قطاع المسرح يختتم فعالياته بالاحتفال باليوم المصري للموسيقى    مهرجان الإسكندرية المسرحي يكرّم عصام السيد ومحسن منصور وعددًا من المبدعين    وزير الصحة يبحث مع شركة أليكسيون التعاون في مجال الأمراض النادرة والوراثية    دراسة: وجبة غنية بالدهون قد تؤثر سلبا على الذاكرة خلال أيام قليلة    اليوم.. انتهاء العمل بمكتب تنسيق القبول بجامعة الأزهر وغلق تسجيل الرغبات    نقل الأسرى فوق الأرض.. ترامب يتحدث من جديد عن قطر ويحذر حماس "فيديو"    أنباء تفيد بأن حماس أخرجت الأسرى من الأنفاق إلى الأرض.. ترامب: لا تدعوا هذا يحدث    إنقاذ حياة طفل مصاب بنزيف في المخ وكسر بالجمجة بمستشفى إيتاي البارود    رئيس لجنة مكافحة كورونا: هناك انتشار للفيروسات النفسية لكنها لا تمثل خطورة    عشية بحث سعر الفائدة، تعيين مستشار لترامب عضوا بالاحتياطي الفيدرالي وبقاء ليزا كوك في منصبها    بعد فشل النحاس في لملمة الجراح، قناة الأهلي تفجر مفاجأة حول المدرب الجديد (فيديو)    قلبك يدفع الثمن، تحذير خطير من النوم 6 ساعات فقط كل ليلة    قرارات التعليم بشأن الكتب المدرسية 2025.. تسليم دون ربط بالمصروفات (تفاصيل)    وزير العمل يُصدر قرارًا لتحديد ضوابط وآليات اعتماد «الاستقالات العمالية»    رسمياً موعد صرف مرتبات شهر سبتمبر 2025 للمعلمين.. هل يتم الصرف قبل بدء الدراسة؟ (تفاصيل)    خالد جلال وكشف حساب    هند صبري عن والدتها الراحلة: علاقتنا كانت استثنائية ومبحبش أعيط قدام بناتي    قبل أيام من بدء العام الدراسي.. تفاصيل قرارات وزارة التعليم (نظام الإعدادية الجديد وموقف التربية الدينية)    إبراهيم صلاح: فيريرا كسب ثقة جماهير الزمالك بعد التوقف    مسلسلات المتحدة تتصدر نتائج تقييم موسم 2025 باستفتاء نقابة المهن السينمائية.. تصدر "لام شمسية" و"أولاد الشمس" و"قهوة المحطة" و"قلبى ومفتاحه" و"ظلم المصطبة".. كريم الشناوى أفضل مخرج وسعدى جوهر أفضل شركة إنتاج    هشام حنفي: حسام البدري الأقرب لقيادة الأهلي.. وغياب عاشور وزيزو مؤثر أمام سيراميكا    عاجل القناة 12: إجلاء 320 ألفًا من سكان غزة يفتح الطريق أمام بدء العملية البرية    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الكلب طاهر.. وغسل الإناء الذي ولغ فيه أمر تعبدي    فيديو أهداف مباراة إسبانيول و مايوركا في الدوري الإسباني الممتاز ( فيديو)    بسبب المال.. أنهى حياة زوجته في العبور وهرب    صور.. حفلة تخريج دفعة بكالوريوس 2025 الدراسات العليا تجارة القاهرة بالشيخ زايد    تحية العلم يوميًا وصيانة شاملة.. تعليمات جديدة لضبط مدارس الجيزة    ليت الزمان يعود يومًا.. النجوم يعودون للطفولة والشباب ب الذكاء الاصطناعي    فائدة 27% للسنة الأولى.. أعلى عائد تراكمي على شهادات الادخار في البنوك اليوم (احسب هتكسب كام؟)    الشيبي: نريد دخول التاريخ.. وهدفنا مواجهة باريس سان جيرمان في نهائي الإنتركونتيننتال    سيطرة مصرية في ختام دور ال16 ببطولة مصر المفتوحة للإسكواش    الوقت ليس مناسب للتنازلات.. حظ برج الدلو اليوم 16 سبتمبر    قبل كأس العالم.. أسامة نبيه يحدد برنامج معسكر منتخب الشباب في تشيلي    تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد تُناشد: «حافظوا على سلامتكم»    شيخ الأزهر: مستعدون للتعاون في إعداد برامج إعلامية لربط النشء والشباب بكتاب الله تعالى    أستاذ بالأزهر يحذر من ارتكاب الحرام بحجة توفير المال للأهل والأولاد    ما حكم أخذ قرض لتجهيز ابنتي للزواج؟.. أمين الفتوى يوضح رأي الشرع    كيفية قضاء الصلوات الفائتة وهل تجزئ عنها النوافل.. 6 أحكام مهمة يكشف عنها الأزهر للفتوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نهاية الليبرالية 3

تناولنا خلال المقالات السابقة العديد من الظواهر والمتغيرات السلبية الجارية على الساحة الدولية والتى أكدت بما لايدع مجالا للشك ضرورة إعادة النظر فى السياسات التنموية الحالية القائمة على أساس توافق واشنطن او ما اصطلح على تسميته الرأسمالية المتوحشة.
حيث يشير تقرير منظمة اوكسفام الصادر فى يناير 2016 الى ان اغنى 62 شخصا فى العالم يملكون نفس مقدار ثروة افقر 3.6 مليار نسمة من سكان العالم الامر الذى دفع بالمفكر الألمانى هورست افيهليد الى اصدار كتابه بعنوان (الاقتصاد يغدق فقرا) مشيرا فيه الى ان تحويل النمو الى رفاهة للجميع امسى سرابا لاوجود له على ارض الواقع. وهو ما أشار اليه جون جالبرث فى كتابه اقتصاد الاحتيال البرى قائلا ان التقدم الإنسانى الذى تحقق يهيمن عليه موت ووحشية غير متخيلة اذ قطعت الحضارة شوطا هائلا فى العلم والرعاية الصحية والفنون ولكنها أعطت وضعا متميزا لتطوير الأسلحة والحروب والمجازر الجماعية التى اعتبرت المنجز الجوهرى لهذه السياسات. وعلى الرغم من الثروة التكنولوجية الهائلة والتى حققت انتشارا سريعا فإنها أدت الى اختلال التوازن اذ ان عدد الاسر التى تملك هاتفا محمولا فى البلدان النامية اكبر من عدد الاسر الذين تتوافر لهم الكهرباء او المياه النقية ( وفقا لتقرير البنك الدولى 2016) ومع ذلك فإن قرابة مليارى نسمة لايملكون هاتفا محمولا ونحو 60% من سكان العالم ليست لديهم إمكانية الاتصال بالانترنت. كل هذه المؤشرات وغيرها تدفعنا الى ضرورة فهم الآثار السلبية الناجمة عن هذا المسار ، اى الرأسمالية على النمط الليبرالية الجديدة، وهو ما تكفل به العديد من الاقتصاديين المرموقين وعلى رأسهم ستجليتز كبير الاقتصاديين بالبنك الدولى سابقا وكذلك بول كروجمان وغيرهما من عتادة الفكر الرأسمالى وكلهم اصطدموا بالنتائج السلبية التى برزت من خلال السير فى هذا المجال خاصة فيما يتعلق بالنمو غير المتوازن وعدم المساواة مع تزايد حدة الفقر او على الاقل عدم القدرة على التصدى لهذه المشكلة التى تعتبرها المؤسسات الدولية نفسها وصمة فى جبين العالم الذى نحياه. ولذلك باء النموذج التنموى المبنى على الليبرالية الجديدة بالفشل الذريع نتيجة للآثار الاجتماعية الكارثية التى انتهى إليها.
وهو ما أكدته الدراسات التى تناولت التجارب التنموية التى شهدتها الفترة منذ تسعينيات القرن العشرين وحتى الآن، والتى تدل على أنها لم تسر فى وتيرة واحدة للنمو ، فعلى الرغم من أنها بدأت التجربة فى القرن التاسع عشر مع سياسة الحرية الاقتصادية والمتوافقة مع أفكار «أدم سميث» فإنها غيرت هذا المسار عدة مرات ، فلجأت مع فترة الكساد الكبير فى ثلاثينيات القرن العشرين الى التخلى عن هذا المبدأ لمصلحة تدخل الدولة فى النشاط الاقتصادى فى إطار النظرية الكينزية. وهو النظام الذى ظل قائما بشكل او بآخر فى هذه البلدان حتى منتصف السبعينيات حين انتهى هذا النظام مع تصاعد موجات البطالة والتضخم. وظهرت الثورة المضادة والتى تمثلت فى أفكار«مليتون فريدمان» والذى طالب بالعودة مرة أخرى للانفتاح الخارجى والحد من تدخل الدولة والاعتماد على الرأسمالية باعتبارها الوحيدة القادرة على إحداث النمو شريطة إزالة كل العوائق التى تحول دون حرية تدفق السلع والخدمات ...الخ وهكذا انتهى القرن العشرون بتخلى الاقتصاد الكينزى عن عرشه لمصلحة ما اصطلح على تسميته وفاق واشنطن.
ويرجع السبب فى ذلك الى ان النظام الرأسمالى يتميز بأنه فى حالة تغير مستمر وهو تغير له اتجاه محدد ومبدأ كامن وراءه وهو الاندفاع قدما لتحقيق التراكم الرأسمالى وهذا التراكم هو المحرك الاساسى للنظام الرأسمالى وهو ما يؤدى الى نتيجتين أساسيتين إحداهما التقدم الاقتصادى والأخرى ازدياد حدة الفقر فى المجتمعات. وهو ما اكده آدم سميث نفسه والاقتصاديون اللاحقون.
وهنا يشير موريس اليه المفكر الاقتصادى الفرنسى الحائز على جائزة نوبل الى ان المشكلات الكبرى للنظام الرأسمالى لم تحل حتى الآن الامر الذى يعيق الكفاءة الاقتصادية وعدالة توزيع الدخول فى آن واحد. وبالتالى فإن عدم الاستقرار الاقتصادى ونقص الانتاج والبطالة وما يرافق ذلك من ارتفاع فى حدة الفقر يعتبر إحدى المصائب الكبرى للاقتصاد الرأسمالي.
والاخطر مما سبق ما اكده ميشيل البير فى كتابه الرأسمالية ضد الرأسمالية من تأثير الثقافة الرأسمالية التى تعتبر الاستهلاك مقياسا للحياة نفسها ، مما يهدد بتحولها الى هدم القيم الاجتماعية السائدة على المدى البعيد. وهو ما عبر عنه المفكر الفرنسى فرانسوا بيرو قائلا (ان كل مجتمع رأسمالى يعمل بشكل منتظم تحركه عقلية الكسب والسعى الى تحقيق اقصى ربح ممكن، يؤدى الى مخاطر شديدة فعندما تسيطر هذه العقلية على الجندى او الفنان او العالم ، ينهار المجتمع وتصبح كل اشكال الاقتصاد مهددة ) وبالتالى يجب الا تنتقل الى السوق انبل القيم فى حياة البشر والا تزعزعت اسس الجماعة الاقتصادية. فالرأسمالية تنتهك القيم وتفسدها .
من هنا فإنه وإذا كانت آلية السوق باعتبارها جزءا أساسيا من النظام لا تخدم بدقة بعض الأهداف التى تدعى أنها تحققها مثل تزويد المجتمع بتقييم دقيق للتكاليف النسبية للإنتاج وغيرها. وبمعنى آخر فانه وعلى الرغم من هذه الآلية مهمة فإن اللجوء إليها فى كل الأمور يعتبر من قبيل الخطأ القاتل. وهكذا تصبح مشكلات النظام الرأسمالى عميقة الجذور وربما لايمكن التخلص منها. وهو ما ادى الى تشاؤم معظم الفلاسفة الكبار للنظام الرأسمالى وعلى رأسهم آدم سميث وشومبيتر ، بشان مستقبل هذا النظام. من هذا المنطلق فإن مواجهة هذه المشكلات اللصيقة الصلة بالنظام الرأسمالى والتى تنبع من طبيعته تحتاج الى ارادة سياسية عن طريق تفعيل دور الدولة لتعويض اوجه النقص فى هذا النظام. وتنشا الحاجة الى التدخل الحكومى لإنقاذ الاندفاع نحو التراكم الرأسمالى من المعاناة من نتائجه الخاصة به وضبط عملية السوق.
لمزيد من مقالات عبد الفتاح الجبالي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.