السيسي: سيناء تشهد جهودًا غير مسبوقة لتحقيق التنمية الشاملة في الصحة والتعليم والبنية الأساسية    عادل الغضبان يهنئ أبناء محافظة بورسعيد بالذكرى ال 42 لعيد تحرير سيناء    عودة «القاهرةالسينمائى» نوفمبر المقبل    نقابة أطباء القاهرة تدعو أعضائها لجمعية عمومية بدار الحكمة.. غداً    سعر الريال السعودي في البنوك اليوم الخميس 25 أبريل 2024    6 طرق للتواصل مع «مصر للطيران» لمعرفة مواعيد رحلات التوقيت الصيفي    أسعار السمك البلطي والبياض اليوم الخميس25-4-2024 في محافظة قنا    انقطاع مياه الشرب عن منشية البكري و5 مناطق رئيسية بالقاهرة غدًا    «الإسكان»: حملات لإزالة التعديات ومخالفات البناء في 3 مدن جديدة    وزير النقل يشهد توقيع عقد تنفيذ أعمال البنية الفوقية لمشروع محطة الحاويات تحيا مصر 1 بميناء دمياط    رئيس «دمياط الجديدة» يوجه برفع كفاءة ممشى الكورنيش استعدادا لموسم الصيف    وزير النقل يشهد توقيع عقد تنفيذ أعمال البنية الفوقية لمشروع محطة الحاويات تحيا مصر 1 بميناء دمياط    الشرطة الأمريكية: توقيف 93 شخصا خلال تظاهرة داعمة لغزة في جامعة في لوس أنجليس    طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية للسامية    ب61 مليار دولار.. ما هي أبرز الأسلحة الأمريكية الممنوحة لأوكرانيا؟    مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح اليهودي    منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    أهلي جدة ضيفا ثقيلا على الرياض في الدوري السعودي    بعثة الزمالك تطير إلى غانا استعداداً لمواجهة دريمز في إياب نصف نهائي الكونفدرالية    موعد مباراة الأهلى ومازيمبى الكونغولى فى إياب نصف نهائى دورى أبطال أفريقيا    المندوه: الفوز ببطولة الكونفدرالية حل لجميع أزمات الزمالك الحالية    الاتحاد الإفريقي لليد يعدل موعد مباراة الزمالك وشبيبة أمل سكيكدة    فرج عامر: لم نفكر في صفقات سموحة حتى الآن.. والأخطاء الدفاعية وراء خسارة العديد من المباريات    الأرصاد تزف بشري سارة بشأن طقس اليوم    نشرة مرور "الفجر ".. سيولة بمحاور القاهرة والجيزة    أطلق النار واستعرض القوة.. «بلطجي الخصوص» في قبضة المباحث    الشواطئ العامة تجذب العائلات في الغردقة هربا من الحر.. والدخول ب20 جنيها    مواعيد المترو بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. اعرف جدول تشغيل جميع الخطوط    محمد رياض ل«الوطن»: تعلمت اللغة العربية من الفنان الراحل أشرف عبدالغفور    بيع لوحة فنية للرسام النمساوي جوستاف كليمت بمبلغ 30 مليون يورو في مزاد بفيينا    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    6 نجوم يعودون لسباق أفلام صيف 2024    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    «الأعلى للمستشفيات الجامعية»: نسعى لتقديم أفضل رعاية طبية لجرحى ومصابي غزة    «الصحة»: تنفيذ 35 مشروعا بالقطاع الطبي في سيناء منذ 2014    هيئة الرعاية بالأقصر تعلن رفع درجة الاستعداد تزامنا مع خطة تأمين ذكرى تحرير سيناء    شاب يُنهي حياته شنقًا على جذع نخلة بسوهاج    بينهم 3 أشقاء.. إصابة 9 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص مع ربع نقل في أسيوط    6 كلمات توقفك عن المعصية فورا .. علي جمعة يوضحها    حكم الحج بدون تصريح بعد أن تخلف من العمرة.. أمين الفتوى يجيب    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح    الكنيسة الأرثوذكسية تحتفل بجمعة ختام الصوم غدا| تفاصيل وطقس اليوم    احتجاجات طلابية في مدارس وجامعات أمريكا تندد بالعدوان الإسرائيلي على غزة    علماء بريطانيون: أكثر من نصف سكان العالم قد يكونون عرضة لخطر الإصابة بالأمراض التي ينقلها البعوض    الشرطة الأمريكية تعتقل عددًا من الطلاب المؤيدين لفلسطين بجامعة كاليفورنيا.. فيديو    بسبب روسيا والصين.. الأمم المتحدة تفشل في منع سباق التسلح النووي    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    رئيس «الطب النفسي» بجامعة الإسكندرية: المريض يضع شروطا قبل بدء العلاج    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    عرابي: ناصر ماهر لم يتنازل عن مستحقاته من أجل الزمالك.. ولا توجد أزمة مع جنش    توجيهات الرئيس.. محافظ شمال سيناء: أولوية الإقامة في رفح الجديدة لأهالي المدينة    تيك توك تتعهد بالطعن في قانون أمريكي يُهدد بحظرها    اسكواش - ثلاثي مصري جديد إلى نصف نهائي الجونة الدولية    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    فريد زهران: نسعى لوضع الكتاب المصري في مكانة أفضل بكثير |فيديو    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نهاية الليبرالية 3

تناولنا خلال المقالات السابقة العديد من الظواهر والمتغيرات السلبية الجارية على الساحة الدولية والتى أكدت بما لايدع مجالا للشك ضرورة إعادة النظر فى السياسات التنموية الحالية القائمة على أساس توافق واشنطن او ما اصطلح على تسميته الرأسمالية المتوحشة.
حيث يشير تقرير منظمة اوكسفام الصادر فى يناير 2016 الى ان اغنى 62 شخصا فى العالم يملكون نفس مقدار ثروة افقر 3.6 مليار نسمة من سكان العالم الامر الذى دفع بالمفكر الألمانى هورست افيهليد الى اصدار كتابه بعنوان (الاقتصاد يغدق فقرا) مشيرا فيه الى ان تحويل النمو الى رفاهة للجميع امسى سرابا لاوجود له على ارض الواقع. وهو ما أشار اليه جون جالبرث فى كتابه اقتصاد الاحتيال البرى قائلا ان التقدم الإنسانى الذى تحقق يهيمن عليه موت ووحشية غير متخيلة اذ قطعت الحضارة شوطا هائلا فى العلم والرعاية الصحية والفنون ولكنها أعطت وضعا متميزا لتطوير الأسلحة والحروب والمجازر الجماعية التى اعتبرت المنجز الجوهرى لهذه السياسات. وعلى الرغم من الثروة التكنولوجية الهائلة والتى حققت انتشارا سريعا فإنها أدت الى اختلال التوازن اذ ان عدد الاسر التى تملك هاتفا محمولا فى البلدان النامية اكبر من عدد الاسر الذين تتوافر لهم الكهرباء او المياه النقية ( وفقا لتقرير البنك الدولى 2016) ومع ذلك فإن قرابة مليارى نسمة لايملكون هاتفا محمولا ونحو 60% من سكان العالم ليست لديهم إمكانية الاتصال بالانترنت. كل هذه المؤشرات وغيرها تدفعنا الى ضرورة فهم الآثار السلبية الناجمة عن هذا المسار ، اى الرأسمالية على النمط الليبرالية الجديدة، وهو ما تكفل به العديد من الاقتصاديين المرموقين وعلى رأسهم ستجليتز كبير الاقتصاديين بالبنك الدولى سابقا وكذلك بول كروجمان وغيرهما من عتادة الفكر الرأسمالى وكلهم اصطدموا بالنتائج السلبية التى برزت من خلال السير فى هذا المجال خاصة فيما يتعلق بالنمو غير المتوازن وعدم المساواة مع تزايد حدة الفقر او على الاقل عدم القدرة على التصدى لهذه المشكلة التى تعتبرها المؤسسات الدولية نفسها وصمة فى جبين العالم الذى نحياه. ولذلك باء النموذج التنموى المبنى على الليبرالية الجديدة بالفشل الذريع نتيجة للآثار الاجتماعية الكارثية التى انتهى إليها.
وهو ما أكدته الدراسات التى تناولت التجارب التنموية التى شهدتها الفترة منذ تسعينيات القرن العشرين وحتى الآن، والتى تدل على أنها لم تسر فى وتيرة واحدة للنمو ، فعلى الرغم من أنها بدأت التجربة فى القرن التاسع عشر مع سياسة الحرية الاقتصادية والمتوافقة مع أفكار «أدم سميث» فإنها غيرت هذا المسار عدة مرات ، فلجأت مع فترة الكساد الكبير فى ثلاثينيات القرن العشرين الى التخلى عن هذا المبدأ لمصلحة تدخل الدولة فى النشاط الاقتصادى فى إطار النظرية الكينزية. وهو النظام الذى ظل قائما بشكل او بآخر فى هذه البلدان حتى منتصف السبعينيات حين انتهى هذا النظام مع تصاعد موجات البطالة والتضخم. وظهرت الثورة المضادة والتى تمثلت فى أفكار«مليتون فريدمان» والذى طالب بالعودة مرة أخرى للانفتاح الخارجى والحد من تدخل الدولة والاعتماد على الرأسمالية باعتبارها الوحيدة القادرة على إحداث النمو شريطة إزالة كل العوائق التى تحول دون حرية تدفق السلع والخدمات ...الخ وهكذا انتهى القرن العشرون بتخلى الاقتصاد الكينزى عن عرشه لمصلحة ما اصطلح على تسميته وفاق واشنطن.
ويرجع السبب فى ذلك الى ان النظام الرأسمالى يتميز بأنه فى حالة تغير مستمر وهو تغير له اتجاه محدد ومبدأ كامن وراءه وهو الاندفاع قدما لتحقيق التراكم الرأسمالى وهذا التراكم هو المحرك الاساسى للنظام الرأسمالى وهو ما يؤدى الى نتيجتين أساسيتين إحداهما التقدم الاقتصادى والأخرى ازدياد حدة الفقر فى المجتمعات. وهو ما اكده آدم سميث نفسه والاقتصاديون اللاحقون.
وهنا يشير موريس اليه المفكر الاقتصادى الفرنسى الحائز على جائزة نوبل الى ان المشكلات الكبرى للنظام الرأسمالى لم تحل حتى الآن الامر الذى يعيق الكفاءة الاقتصادية وعدالة توزيع الدخول فى آن واحد. وبالتالى فإن عدم الاستقرار الاقتصادى ونقص الانتاج والبطالة وما يرافق ذلك من ارتفاع فى حدة الفقر يعتبر إحدى المصائب الكبرى للاقتصاد الرأسمالي.
والاخطر مما سبق ما اكده ميشيل البير فى كتابه الرأسمالية ضد الرأسمالية من تأثير الثقافة الرأسمالية التى تعتبر الاستهلاك مقياسا للحياة نفسها ، مما يهدد بتحولها الى هدم القيم الاجتماعية السائدة على المدى البعيد. وهو ما عبر عنه المفكر الفرنسى فرانسوا بيرو قائلا (ان كل مجتمع رأسمالى يعمل بشكل منتظم تحركه عقلية الكسب والسعى الى تحقيق اقصى ربح ممكن، يؤدى الى مخاطر شديدة فعندما تسيطر هذه العقلية على الجندى او الفنان او العالم ، ينهار المجتمع وتصبح كل اشكال الاقتصاد مهددة ) وبالتالى يجب الا تنتقل الى السوق انبل القيم فى حياة البشر والا تزعزعت اسس الجماعة الاقتصادية. فالرأسمالية تنتهك القيم وتفسدها .
من هنا فإنه وإذا كانت آلية السوق باعتبارها جزءا أساسيا من النظام لا تخدم بدقة بعض الأهداف التى تدعى أنها تحققها مثل تزويد المجتمع بتقييم دقيق للتكاليف النسبية للإنتاج وغيرها. وبمعنى آخر فانه وعلى الرغم من هذه الآلية مهمة فإن اللجوء إليها فى كل الأمور يعتبر من قبيل الخطأ القاتل. وهكذا تصبح مشكلات النظام الرأسمالى عميقة الجذور وربما لايمكن التخلص منها. وهو ما ادى الى تشاؤم معظم الفلاسفة الكبار للنظام الرأسمالى وعلى رأسهم آدم سميث وشومبيتر ، بشان مستقبل هذا النظام. من هذا المنطلق فإن مواجهة هذه المشكلات اللصيقة الصلة بالنظام الرأسمالى والتى تنبع من طبيعته تحتاج الى ارادة سياسية عن طريق تفعيل دور الدولة لتعويض اوجه النقص فى هذا النظام. وتنشا الحاجة الى التدخل الحكومى لإنقاذ الاندفاع نحو التراكم الرأسمالى من المعاناة من نتائجه الخاصة به وضبط عملية السوق.
لمزيد من مقالات عبد الفتاح الجبالي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.