يحتضن باولو كويهلو الحياة بوجدانه ويهديها للقراء فى كل ابداعاته. وهويحتل مكانته فريدة فى الأدب المعاصر, لأنه يمنح مريديه الأفكار الإيجابية والطاقات المتنامية لخوض غمار الحياة بقلوب لا ترى إلا حتمية النجاح؛ أو كما قال فى رائعته "ساحر الصحراء" (السيميائى): ليس هناك سوى شيء واحد يمكنه أن يجعل الحلم مستحيلا: الخوف من الفشل. وهى أشهر رواياته, وتمت ترجمتها الى 67 لغة ووصلت مبيعاتها إلى 150مليون نسخة. تحكى عن راع للغنم أسبانى عرف بوجود كنز مخبوء له بمصر بجوار الأهرامات. باع خرافه وبدأ رحلة البحث عن كنزه وتعرض لعقبات كثيرة تمنع استمراره بالرحلة وتصداها بمثابرة حتى تجاوزها. ينادى كويلهو باحترام الأسطورة الشخصية لكل إنسان وعدم تجاهل الإشارات والعلامات التى نتلقاها جميعا بفترات حاسمة بحياتنا والإنصات باحترام لقلوبنا وعدم تجاهلها. ويؤكد لنا أن الحياة كريمة فقط مع من يعيش أسطورته الشخصيّة وكلما اقتربنا من تحقيق أحلامنا أصبحت الأسطورة الشخصية دافعا حقيقيا للحياة. ونتأمل أحد شخصيات الرواية: عندما اقترب من تحقيق حلمه خاف وتراجع لأنه يحلم فقط, ويريد أن يعيش فى الحلم لا يأن يتحقق لأنه لا يعرف ماذا يفعل بعد ذلك. بينما يصف بطل الرواية روحه بأنها حرة مثل الغيوم ، تتجول فى السماء، لكنه ملتزم بتحقيق حلمه، يجد نفسه دائما يسير فى الطريق التى اختارها لنفسه. أما روايته "فيرونيكا تقرر أن تموت " فتحكى عن فتاة عمرها 24 ، تتوافر لديها متع الحياة وتحاول الأنتحار من شدة الملل!ّ أفاقت بمستشقى للأمراض العقلية وأخبروها أن لديها أسبوعا واحدا للحياة. التقت بنماذج لم تقابلها من قبل, واقتربت بعمق من تفاصيل حياة كل منهم. خرجت من قوقعتها, وهناك تعلمت التحرر من قيود الاهتمام بأراء الأخرين. واستمتعت بفعل ما تريده بحرية ورأت تفاصيل حياتها بوضوح لم تعرفه قبلا. يهمس باولو إنها تعتبر كل يوم جديد معجزة، وينبه: أنت شخص مختلف ، لكنك تريدين أن تكونى مثل الآخرين ، وهذه علة خطيرة. أما ابداعه الجميل "محارب النور" فيتأمل برقى فى النفس الانسانية بضعفها وقوتها بأملها ويأسها. تحكى عن محارب يتمتع بحكمة وتجارب, يقوده إيمانه وإلهامه للخير والنصر. ونتوقف عند مقتطفات تنير العقول وتوسع القلوب. يفتح المحارب قلبه للكون ويطلب من الله أن يعطيه الإلهام الذى يحتاجه كى يحول كل ضربة يتلقاها من خصمه إلى درسٍ فى الدفاع عن النفس. ويهدينا حكمة صينية: أقنع خصمك بأنه لن يكسب الكثير من مهاجمتك لأن ذلك يقلل حماسته كثيرا. ويقول عبر المحارب: "أريد فهم كل شيء قبل أن أتمكن من اتخاذ قرار؛ وأريد أن أحتفظ بحريتى فى تغيير قراري". محارب النور هو الشخص الذى يؤمن بمعجزة الحياة, ويواظب ويحارب بجسارة من أجل تحقيق أحلامه وما يؤمن به. محارب النور يقدر عينى الطفل, فهما قادرتان على النظر الى العالم بدون مرارة. وحين يرغب فى معرفة ان كان من يحالفه جدير بثقته، يحاول رؤيته بعين طفل. لو انتظر المحارب اللحظة المثالية فلن يبدأ رحلته، لذلك يتطلب الأمر مسحة من جنون ليتخذ الخطوة التالية. ومن أقواله: من لايشك بنفسه غير جدير بالاحترام. مبارك ذلك الذى يمر بأوقات الحيرة والشك. أنت على قيد الحياة لأنك لم تصل بعد إلى حيث يجب أن تصل. ليست المطرقة هى التى جعلت الصخور بهذا الكمال, بل هو الماء بعذوبته و رقصه وغنائه. إذا سرت فى درب أحلامك التزم الطريق, لا تحتفظ لنفسك بباب للخروج لأنك فى هذه الحالة تحمل بداخلك بذرة الهزيمة.