9 علينا أن نتذكر جيدا أنه من أرضية النصر الأمريكى الحاسم فى حرب الخليج الأولى عام 1990 وتحت مظلة العجز والصمت الروسى الذى أعقب انهيار الاتحاد السوفيتى بدأت أمريكا تنفيذ مخطط تصفية الحسابات مع الأنظمة المارقة فى البلقان واحدا تلو الآخر.. ثم جاء الدور بعد ذلك على العالم العربى تحت ما يسمى رايات الربيع العربى التى استهدفت إحداث الفوضى الشاملة فى المنطقة العربية! كان السؤال المطروح طوال السنوات الأخيرة فى دوائر البحوث الاستراتيجية ومعاهد التحليل السياسى فى الغرب وبالذات فى الساحة الأوروبية هو.. أين الدول الغربية الآن من شعاراتها القائلة بأن الحرب تظل غبية ومرفوضة مهما تكن مكاسبها.. أين أوروبا من خطابها السياسى والإعلامى الذى كان يدق على أوتار رفض الحروب ومقاومة الموت والخراب ووقف تصاعد الرسم البيانى لعدد الأرامل واليتامى فى العالم. يعتقد الأوروبيون أن بداية التغير الرهيب فى العلاقات الدولية انطلق عندما أطلق ميخائيل جورباتشوف قنبلته السياسية والأيديولوجية التى هزت العالم فى منتصف الثمانينيات باسم دعوة البروسترويكا.. يومها قال أحد مستشارى جورباتشوف كلمة حكيمة موجهة لأمريكا والغرب الأوروبي.. «إننا عندما نعلن عن البروسترويكا لانعلن عن خطة إصلاحية تهم الشعوب السوفيتية فقط إننا بصدد فعل شيء رهيب حيالكم.. إننا بصدد حرمانكم من أن يكون لكم أعداء».. عندها تنبه الأمريكيون والأوروبيون إلى صحة المقولة الشهيرة والقديمة للفيلسوف العالمى هيجل والتى يقول فيها.. إن الدول التى يتم حرمانها من أعداء لن تتأخر عن أن تصبح عدوة لنفسها. كان لابد من البحث عن عدو جديد كبديل للاتحاد السوفيتى الذى هوى نجمه وتزامن ذلك مع بدء ظهور تيار الإسلام السياسى الذى تربى على يد أمريكا فى جبال أفغا+نستان.. وكان لابد لطموح الهيمنة لدى حلف الأطلنطى بقيادة أمريكا من تعطيل أى خطوات جادة يسعى المجتمع الدولى من خلالها لوضع تعريفات محددة للعدالة والظلم والمقاومة والإرهاب لكى تظل القوة التى هى الملجأ الأخير للحل والحسم فى عالم مهما اتسع أو تضاءل ومهما ازدهر أو انكمش فإنه لن يتوقف عن الحركة والدوران.. وسوف يظل السيف هو المحور الذى يدور العالم حوله ويتحرك على ضوء إيقاعه. وأظن أن ما شهدته أوطاننا فى السنوات الخمس الأخيرة لم يكن بعيدا عما تحدثت عنه ضمن خواطر رحلة خاطفة استهدفت فى الأساس زيارة العقل الأوروبى. خير الكلام: المتفائل يرى الورد أما المتشائم فلا يرى سوى الأشواك! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله