لعل السؤال المطروح منذ أكثر من 20 عاما ومازال ساريا حتي اليوم هو: أين أمريكا الآن من شعاراتها القائلة بأن الحرب تظل غبية ومرفوضة مهما كانت مكاسبها.. أين أمريكا من خطابها السياسي والإعلامي الذي كان يدق علي أوتار رفض الحروب ومقاومة الموت والخراب؟! وهنا لا بد من العودة إلي بداية التغير الرهيب في العلاقات الدولية عندما أطلق ميخائيل جورباتشوف قنبلته السياسية والأيديولوجية التي هزت العالم, في منتصف الثمانينيات باسم دعوة البروسترويكا وإعلان ما سماه بداية فترة الشفافية! يومها قال أحد مستشاري جورباتشوف كلمة حكيمة موجهة لأمريكا والغرب الأوروبي قال فيها بالحرف الواحد: إننا عندما نعلن عن البروسترويكا لانعلن عن خطة إصلاحية تهم الشعوب السوفيتية فقط.. إننا بصدد فعل شيء رهيب حيالكم.. إننا بصدد حرمانكم من أن يكون لكم أعداء. عندها تنبه الأمريكيون والأوروبيون إلي صحة المقولة الشهيرة والقديمة للفيلسوف العالمي هيجل والتي يقول فيها: إن الدول التي يتم حرمانها من أعداء لن تتأخر عن أن تصبح عدوة لنفسها... ومن ثم كان لابد من البحث عن عدو جديد كبديل للاتحاد السوفيتي الذي هوي نجمه وانطوي ملفه وبدأ توجيه دفة الماكينة العالمية صوب ما يسمي الخطر الإسلامي. وكان لابد لطموح الهيمنة لدي أمريكا من تعطيل أي خطوات يسعي المجتمع الدولي من خلالها لوضع تعريفات محددة للعدالة والظلم والمقاومة والإرهاب, لكي تظل القوة التي تملكها أمريكا وحدها هي الملجأ الأخير للحل والحسم في عالم اليوم. ولم يكن صعبا بعد ذلك أن تسعي أمريكا في ظل هيمنة القوة لإقناع الجميع بأن هيمنتها هي نتيجة لعولمة عادلة لارجوع عنها, ودفاع عن النفس في وجه أخطار وقعت وأخري محتملة ينبغي التصدي لها برايات الديمقراطية!
خير الكلام: ومن عاند الدهر فيما يحب رأي من أذي الدهر ما لا يحب! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله