ظهرت في الآونة الأخيرة مشكلات الانخفاض الكبير في قيمة الاحتياطي بالعملة الأجنبية في البنك المركزي وتحدث البعض عن أننا نستورد اكثر من80% من غذائنا من الخارج ما أدي إلي زيادة الضغط علي رصيد العملة الصعبة وارتفاع قيمتها في السوق الموازية إلي ارتفاعات غير مسبوقة. ونادي الكثيرون بضرورة تشجيع الفلاح علي زراعة القمح والمنتجات الزراعية الأخري مثل الفول والعدس والبقوليات الأخري بدلا من الاستيراد. إذ إلي متي سنعتمد علي استيراد القمح والبقوليات من الخارج وهي محاصيل استراتيجية مهمة, ويعلم الجميع أن مراكز الأبحاث الزراعية التابعة لوزارة الزراعة نجحت في استنباط بعض أنواع القمح التي تعطي انتاجية عالية في الفدان وفي الوقت نفسه توفير كميات كبيرة من مياه الري, واستغرب بشدة لماذا لا تفكر وزارة الزراعة في تطبيق هذه الأبحاث والدراسات, وتعتمد خطة للتوسع في زراعة القمح بالأراضي الزراعية التي تعتمد علي المطر في الساحل الشمالي وسيناء, وهما المنطقتان اللتان كانتا سلة خبز العالم قبل اكتشاف الأمريكتين. ثم يظهر التساؤل: أين الذهب الأبيض وهو القطن من منظومة الزراعة في مصر, فلقد كان مصدرا مهما للدخل القومي ومصدرا رئيسيا لدخل الفلاح إلي أن تدهور الانتاج بصورة غريبة ليس لها تفسير منطقي, فلماذا لا تهتم وزارة الزراعة بتشجيع الفلاح علي استعادة مكانة القطن وتسويق الانتاج خارجيا لزيادة نسبة التصدير إلي الخارج, وبالتالي زيادة العائدات بالعملة الصعبة مما ينعش اقتصادنا من ناحية, ويوفر للفلاح عائدات مجزية تمكنه من العيش بكرامة كما كان يحدث سابقا, فلماذا لا تشجع الحكومة الفلاح علي زراعة القمح والبقوليات وتمده بالتقاوي العالية الانتاج والمقاومة للأمراض والفطريات, وكذلك تعيين مجموعة كبيرة من المهندسين الزراعيين للقيام بالإرشاد الزراعي ومد الفلاح بالأسمدة اللازمة ثم شراء المحصول بأسعار عادلة لكي يزرع القمح في العام التالي, وقد شجعته هذا العام لزراعة القمح مما نتج عنه توريد أكثر من أربعة ملايين وسبعمائة ألف طن حتي الآن, واتمني ان يستمر دعم الفلاح حتي يتم تقليل الكميات المستوردة من القمح مما يخفف الضغط علي الرصيد الاحتياطي من العملة الصعبة. إن الأمن الغذائي هو المحور الرئيسي الذي يجب أن تستنفر له كل الامكانات المادية والدراسات والبحوث العلمية حتي ننجح في الاكتفاء الذاتي من القمح ومن المنتجات الزراعية الأخري التي كنا نصدرها لبلاد العالم مثل العدس والفول والبصل والثوم.. الخ والآن نستوردها من تركيا والصين, وأقترح أن تقوم الدولة بتشكيل مجلس للأمن القومي الغذائي يضم إضافة إلي وزيري الزراعة والتضامن الاجتماعي وزراء الري والموارد المائية, والإدارة المحلية والمالية ونخبة من المتخصصين في الزراعة لدراسة الأمن الغذائي بصورة شاملة في مصر مع التركيز علي الاكتفاء الذاتي من القمح, وإعداد خطة إستراتيجية لسياسة الانتاج الزراعي الشامل في مصر, ويجب أيضا التوسع في الانتاج الحيواني( العودة مثلا إلي مشروع انتاج البتلو) وسبل زيادته, ودعم وتمويل وتشجيع الدراسات المتخصصة التي تساعد علي تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات الزراعية, ومتابعة تنفيذها من جانب الجهات التنفيذية المختصة, خاصة بعد الزيادة الكبيرة في أسعار اللحوم والدواجن والمنتجات الزراعية, واعتمادنا علي الاستيراد من الخارج لتوفيرها للمواطنين, ويجب أن نقوم بمحاولات جادة للاكتفاء الذاتي من جميع المنتجات الزراعية خاصة القمح, وينبغي أن نضمن ترتيب وجود مخزون إستراتيجي من المواد الغذائية علي مدي العام مراعاة للأمن القومي, والعمل علي تخفيض أسعارها, مراعاة للبعد الاجتماعي. محمود علي حسن استشاري تخطيط مدن الولاياتالمتحدة الأمريكية