تنفرد مدينة العاشر من رمضان بأنها من أبرز القلاع الصناعية ذات الطبيعة الخاصة, فهي تجمع بين المصانع الكبيرة والمتوسطة والصغيرة, وبها صناعات في مختلف المجالات. والتى تقدم منتجاتها للاستهلاك المحلي والتصدير, مما يزيد من قيمتها الاقتصادية ،إلا أن هناك العديد من المشكلات التي تسبب تعثر الصناعات والعمالة علي حد سواء, حيث يوجد بمدينة العاشر من رمضان1200 مصنع عملاق, و1000 ورشة ومصنع صغير, بالإضافة إلي المصانع التي تحت الترخيص, كما أنشئ بها225 مصنعا في إطار برنامج الرئيس الانتخابي, وتنتج مصانع المدينة أكثر من25% من صادرات مصر. وفي محاولة لرصد مشكلات الصناعة بهذه المدينة قمنا بجولة في عدد من المصانع.. عندما وصلنا إلي المدينة كانت الساعة التاسعة صباحا وجدنا الهدوء يخيم علي المكان لدرجة أننا اعتقدنا أن ما حولنا من مصانع لا يعمل, إلا أننا بعد دخول تلك المصانع اكتشفنا أنها عبارة عن خلايا نحل تعمل خلف الحوائط الكاتمة للصوت.. آلات عملاقة.. رجال وسواعد قوية تحمل خامات ومنتجات نهائية, وسيارات عملاقة تشحن حمولاتها في هدوء, ومع ذلك فإنك تسير في شوارع المدينة وتعتقد أنه لا أحد فيها علي الإطلاق, برغم أن بها200 ألف عامل يعملون في2425 مصنعا. كان الهدوء يخيم علي المنطقة برغم مرورنا بجوار إحدي المعدات الكهربائية, حتي شق هذا الهدوء صوت أحد رجال الأمن ليسألنا عن سبب وجودنا, وعندما قدمنا له أنفسنا نقلنا إلي أسامة همام مسئول الموارد البشرية, الذي أكد نجاحهم في صناعتهم وعدم وجود مشكلات سوي طول فترات الاستيراد وشحن المواد الخام. سرت قليلا ودخلت بهو أحد المصانع الضخمة, وإذا برجال أمن المصنع يستوقفونني شاكين من شركة الأمن التي يتبعونها حيث إنه ليس لهم تأمين صحي أو اجتماعي, ورواتبهم محدودة جدا. علي بعد عدة أمتار رأينا مجموعة من العمال يستعدون لدخول مصنع للزجاج, وقالوا: برغم أن رواتبنا معقولة فإننا نهرب من العمل في هذا المصنع في فترة الصيف, وذلك لارتفاع درجات الحرارة فلا نستطيع مواجهة الأفران بلهيبها المحترق في مصانع الزجاج, لكننا ننتظم في العمل خلال الشتاء حيث تساعدنا درجة الحرارة المنخفضة علي الاستمرار في العمل. بعد ذلك انتقلنا إلي أحد مصانع المنتجات الغذائية من منتجات ألبان وعصائر, وقال حمدي عبدالرءوف رئيس مجلس إدارة المصنع وعضو غرفة الصناعات الغذائية ورئيس شعبة العصائر: إن مشكلة الصناعات الغذائية عامة تكمن في المنافسة غير الشريفة وما توقعه علينا من ضرر اقتصادي بخلاف الضرر الصحي الذي يؤثر علي حياة المواطنين لاستخدامهم مواد غير آمنة صحيا حيث لا يلتزم أصحاب مصانع بير السلم بأصول الصناعة, لذلك لابد من مجابهتها بشكل واضح, خاصة الجبن مجهول المصدر, وهي غير خاضعة لأي إشراف أو رقابة, لكنها تطرح في الأسواق سلعا رخيصة لكنها شديدة الرداءة, والكارثة أن هذه الصناعة العشوائية, خاصة في الجبن الأبيض, تزيد علي70% من حجم المعروض في السوق, وهي بذلك تعد قنبلة صحية موقوتة. الميزات العينية وقال: إن المشكلة الأخري التي تعانيها الصناعات الغذائية هي العمالة التي تهرب من العمل برغم أننا رفعنا الحدود الدنيا للرواتب إلي650 جنيها بالإضافة إلي الميزات العينية الأخري, كما أننا نقدم فرصا لتدريب الراغبين في العمل لدينا لزيادة نسبة العمالة المستقرة لأن عدم استقرارها أزمة لأنها من أهم مدخلات الإنتاج. اتجهت بعد ذلك إلي أحد المشروعات الصغيرة الناجحة, وتحدثت مع أحمد القططي رئيس لجنة المشروعات الصغيرة بجمعيتي مستثمري العاشر من رمضان وبدر الذي أكد أن العاشر بها ألف مصنع صغير وورشة بخلاف المنشآت التي لاتزال تحت الترخيص, بالإضافة إلي1200 مصنع كبير. وأكد أن مساحة الأراضي المقام عليها مشروعات تتجاوز345 ألف متر مربع, وعدد الوحدات بها2522, وعدد الوحدات المنتجة703, وعدد العمالة المنتجة3344, وعدد العمالة المتوقعة11470. وأكد أن المشروع الصغير هو الذي لا تزيد تكلفته علي نصف مليون جنيه ولا تزيد العمالة فيه علي100 عامل, وهناك19 نوعا من الصناعات الصغيرة تواجهها سبع مشكلات رئيسية هي: التمويل, والتدريب, ونقل التكنولوجيا, والتسويق, والتصدير, والتطوير, والتعويض الحكومي. وأكد أن العاشر من رمضان استطاعت أن تتخلص من التعثر في المشروعات الصغيرة الذي تقلص التعثر فيها لمرونتها وإمكان تمويلها, خاصة بعد صدور قانون رقم141 لسنة2004 بشأن تنمية المنشآت الصغيرة, لكنه اعترف بأن العمالة لا تهرب من العمل بالمعني المفهوم حيث إن فرص العمل تقلصت بنسبة50% برغم أن أزمات الشباب والمشروعات الصغيرة تم حلها مع الصندوق الاجتماعي بالكامل في العاشر من رمضان. ولأن مشكلات تلك المصانع والأبواب المغلقة علي من فيها تصب في جمعية مستثمري العاشر من رمضان, فقد انطلقنا إليها وتقابلنا مع أيمن رضا الأمين العام للجمعية الذي أوضح أن المشكلات محدودة إلا أنها كبيرة ومرهقة, فأهمها هي مشكلات مقايسات الغاز والكهرباء وأسعارها المرتفعة بشكل يثقل كاهل الصناعة قبل المستثمر نفسه. وتطرق إلي الوعود المتكررة لإنشاء خط سكة حديد من السلام للعاشر مرورا بالعبور إلا أنها وعود لم تصل بعد إلي مستوي التنفيذ. أما الأكثر إزعاجا للمستثمر في البداية فهو عدم وجود أراض كاملة المرافق لإنشاء المصانع, أما الأراضي التي لم يلتزم المستثمر بها فيتم سحبها وتخصص بنظام القرعة. أما مشكلة العمالة, والحديث لايزال لأيمن رضا, فهي أزمة مزدوجة حيث إن لدينا مشكلة في العمالة العادية والمدربة علي السواء لأن التعليم ومخرجاته الحالية لا تتماشي مع متطلبات سوق العمل, أما خريج المعاهد الفنية المتخصصة فهو يريد أن يكون مسئولا أو قياديا.