كثير من المفردات تعتمد بالأساس علي موروث المجتمع الثقافي, يضاف إليها مايكتسبه من طبيعة المكان والزمان, وفي النهاية تظهر الثقافة العامة لأي مجتمع مرتبطة بما لديه من موروث. وما اكتسبه من المفاهيم التي تحتاج لتنقيتها كالمواطنين علي سبيل المثال أو الآخر أو الاقلية.. وجدير أن نفتح هذا الملف كما يلي: د.صلاح عبد الله عضو مجلس الشعب السابق يعتبر مايحدث في المجتمع الآن أزمة وطنية تواجهنا كمصريين. وأضاف أن الثقافة العامة للشعب المصري مرت بمرحلتين: الأولي قبل عام1975 والثانية: بعد ذلك العام, حيث اختفلت الثقافتان تماما وتوازي مع ذلك الإعلام, ويحدد ملامح المرحلة الأولي بثقافة وإعلام الشعب الواحد,وتنحي المسألة الدينية أو المذهبية نهائيا وبالتالي لم تكن هناك نزعات تؤجج الفتنة بين أفراد الوطن الواحد, عن المرحلة الثانية يقول د.صلاح كانت بداية انطلاق الجماعات الدينية بعنفوان, وبدأت ثقافة جديدة مذهبية وهي مازالت سائدة حتي اليوم, وبات الإعلام جزءا من هذه الثقافة, وزاد الانفلات الإعلامي وتغاضي هذا الإعلام بشكل سيئ مع مفردات الواقع الوطني المصري, لينقل الثقافة المشوهة ليس فقط للمجتمع بل للعالم, ويحدد د.صلاح ملامح الخروج من هذه الأزمة في عدة خطوات منها: تطبيق مبدأ المواطنة تطبيقا حقيقيا, وعزل الدين عن السياسة, وعدم السماح بتوجيه خطاب سياسي أو ديني عن طريق الإعلام إلا لمن يمتلك أدوات هذا الخطاب. ويؤكد شوقي جلال الخبير في لغة المصطلح أن الأزمة لم تستثن مثقفي هذا الوطن قبل عامته حيث مفاهيم ومصطلحات تستخدم بشكل خاطئ علي ألسنتهم في المنتديات والإعلام والصحافة مثل الآخر والأقلية, والواقع أن الآخر فلسفيا قضية اثيرت في الغرب لهدف غير الذي نستخدمه نحن وهو أن الذات تشعر بوجودها وتتيقن من خلال تفاعلها مع الآخر في مصلحة واحدة, وقد أثيرت فترة النهضة الأوروبية وبداية الاستعمار والقرن الأمريكي, والتقطها الشرق خطأ في إطار معني اجتماعي أيديولوجي بمعني الغير دينيا, وبنفس النهج استعملت كلمة اقلية وعلميا هي الجماعة الواحدة ذات اللغة والعقيدة والتاريخ والثقافة المختلفة في وطن ما, حيث تشعر ذاتيا تمايزا. وعلي هذا الأساس يؤكد د.جلال أن معوقات الآخر والاقلية ليست موجودة لدينا وأننا نخطئ التعريف ونحمل هذا الخطأ لواقعنا الاجتماعي, وكأنه موروث ثقافي أو تاريخي, ويطالب بأهمية تجاوز هذا الإرث المتجمد العقيم ودخول عصر المعلوماتية والحداثة والتطور بفعل حقيقي يشارك فيه المجتمع جميعا لأن ثقافة التغيير هي ابنة الفعل الاجتماعي. ومن هنا يمكن للفهم الديني أن يتطور لمصلحة المجتمع. وتطالب د. ليلي عبد المجيد أستاذ الإعلام بإعادة ترميم المنظومة الإعلامية والتربوية والثقافية من خلال استراتيجية متكاملة وواضحة ومشتركة تترسخ من خلالها المفاهيم الثقافية العامة للشعب المصري بكل طوائفه علي أساس سليم, وأن تعتمد وسائل الإبداع وليس التلقين, لنصل في النهاية لوجود فكر وعقل جديد يؤمن بثقافة الاختلاف والخطأ والتنوع الاجتماعي تحت مشترك المواطنة. .. ولأن الجماعة الدينية متهمة بشكل كبير بترسيخ أكثر لهذه الثقافة فقد اتجهنا لواحد من اقطاب الإخوان المسلمين د. عصام العريان الذي ينفي نفيا تاما أي خطاب للجماعة يرسخ لثقافة العداء أو ضد الموروث القيمي للوطن ويؤكد أن هذا ليس من ثقافة الإسلام بشيء, وحمل النظام السابق مسئولية اللغط في السياق الثقافي العام للأمة المصرية نظرا لسياسته المرتكزة علي الابتزاز والفساد وعدم اظهار الحقائق, مؤكدا أن الموروث الثقافي للمجتمع المصري بني علي التسامح والتعايش إلا أن هذا الموروث قد تلاشي بانهيار المنظومة التعليمية, حيث طبق النظام السابق, عن عمد, سياسة إفساد لأركان التعليم بدءا بالمعلم والمناهج, وكذلك رسخت المنظومة الاعلامية لمفهوم أهل الثقة والولاء, ويضاف لذلك منظومة دينية ترتكز علي خطاب ديني ليس معرفيا وليس متسامحا, بل يرتكز علي التعصب والتشدد, ويدعو د. العريان لاستدعاد الموروث الثقافي بكل أركانه الرئيسية المعتمد علي الوسط المعتدل والتراث الإنساني لهذا الشعب الذي يمتلئ بالتقاليد والقيم الرفيعة والعليا. وتلخص ابتسام حبيب عضو مجلس الشعب السابق وجهة نظرها من خلال تأكيد علي أن الثقافة العامة للشعب المصري باتت ترسخ لقيم الانفصال وللكراهية التي يحصد نتائجها المجتمع باكمله وأن المال السياسي من أهم معضلات هذا الأمر حيث توجد بعض المؤسسات التعليمية أو العامة لاتقبل غير المدرسين وهي ممولة من جهات غير معلومة بقصد تغييب المجتمع عن ذاته وابعاده عن مشكلاته الاساسية وجره بعيدا عن مسيرة التقدم والتنمية.