فى حكم جديد لمحكمة القضاء الإدارى بالأسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة يرسخ لمفهوم تكافؤ الفرص بين الطلاب ويعزز قيم النزاهة والشفافية أكدت المحكمة انه لا يجوز إعادة تصحيح أوراق إجابات طلاب الجامعات عن طريق جامعة أخرى وأن إعادة التصحيح بالجامعات غايته الحصول على درجات أعلى من المستحق من جامعة أخرى للالتحاق بالوظائف العامة ويتعين سد هذا النزيف فى الجسد الجامعى وإحياء الثقة فى شفافية أستاذ الجامعة. وأكدت المحكمة أن إعادة التصحيح تهدر قيمة الأستاذ الجامعى وتناقض حرية الطالب فى البحث العلمى وتفتح بابا للمحاباة أو الموالاة وكلاهما محظور لتعارضه مع الشفافية وتكافؤ الفرص. كما أكدت المحكمة فى حكمها أن رقابة القضاء الإدارى تقتصر على حالة انحراف الأستاذ الجامعى بسلطته وتقف عند حدها الطبيعى بالنسبة للمسائل المادية وليست الفنية. وأن امتحانات الجامعات مختلفة بين جامعة وأخرى ولا نموذج لها ويجب أن ترضى لجنة الامتحانات عن فهم الطالب وتحصيله بخلاف الامتحان الموحد للثانوية العامة على مستوى الجمهورية له نموذج يسير على هديه المصححون. وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين محمد حراز ووائل المغاورى نائبى رئيس مجلس الدولة بتأييد القرار الصادر بإعلان نتيجة امتحانات الفرقة الرابعة بكلية الشريعة والقانون بدمنهور جامعة الأزهر للعام الجامعى 2014 - 2015 قسم قانون فيما تضمنه من حصول الطالب فى مادتى اللغة الانجليزية على 85 درجة من مائة والمرافعات 73 درجة من مائة ودون الاستجابة لطلب إعادة تصحيح وجمع ورصد أوراق إجاباته فى هاتين المادتين عن طريق جامعة أخرى وألزمت المدعى المصروفات. وقالت المحكمة أن المشرع الدستورى الزم الدولة بكفالة استقلال الجامعات وتوفير التعليم الجامعى وفقا لمعايير الجودة العالمية وتطوير التعليم الجامعى كما الزمها بكفالة حرية البحث العلمى وتشجيع مؤسساته باعتباره وسيلة لتحقيق السيادة الوطنية وبناء اقتصاد المعرفة وقد اشترط المشرع العادى لنجاح الطالب فى الامتحانات أن ترضى لجنة الامتحانات عن فهمه وتحصيله فى كل مقررات الدراسة وهذا ما نصت عليه المادة 79 من قانون إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التى يشملها والتى يقابلها حرفا ونصا المادة 173 من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 وإذ كان التعليم الجامعى على النحو المتقدم يختلف عن التعليم قبل الجامعى خاصة فى مسابقة الثانوية العامة التى تعتمد على المنهج المدرسى الذى تقرره الدولة للكافة حيث يوضع امتحان واحد على مستوى الجمهورية وبالتالى كان بديهيا أن يكون هناك نموذج للتصحيح يسير على هديه المصححون وكان من اللازم على المحكمة أن تستعين بأهل الخبرة من المدرسين بإحالة طلب طلاب الثانوية العامة بالطعن على نتيجة الإجابة للجنة ثلاثية من المدرسين بمعرفة وزارة التربية والتعليم لتقوم بتقييم الإجابة طبقا لنموذج الإجابة أما التعليم الجامعى فإنه يختلف عن نظام مسابقة الثانوية العامة اختلافا جوهريا اذ يقوم فى الجامعة على حرية الطالب فى البحث العلمى فى كل جامعة على حدة وقوام إجابة الطالب الفهم والتحصيل وبالتالى يغدو من العبث وضع نموذج لإجابة الطلاب بالجامعات يسير على هديه المصححون باعتبار أن لجوء الطالب إلى الأبحاث العلمية والمراجع الدراسية هو الأمر الواجب للتعليم الجامعى دون إجباره على الاعتماد على كتاب أستاذ المادة. وأضافت المحكمة انه لا يجوز معه فى الفهم القانونى السديد إحالة الطعن على نتائج طلاب الجامعات إلى لجنة خبراء من المصححين بجامعة أخرى لتحكم على تقييم الجامعة الأولى مما يهدر قيمة الأستاذ الجامعى ويناقض حرية الطالب فى البحث العلمى ويفتح بابا للمحاباة أو الموالاة وكلاهما محظور يتعارض من الشفافية المطلوبة وتكافؤ الفرص بين الطلاب طالما تم التصحيح ممن أناط به القانون ذلك. وأشارت المحكمة إلى أن المشرع منح الجهة الادارية المختصة سلطة تقديرية وهى تقوم بعملية تصحيح إجابات طلاب الجامعات فى الامتحانات وتقدير الدرجة التى تستحقها تلك الإجابات من وجهة نظر المصححين والمراجعين التابعين لتلك الجهة دون أن تخضع الجهة الإدارية وهى تقوم بتلك العملية لرقابة القضاء الإدارى بحسبان أن تلك المسألة من المسائل الفنية البحتة تمارسها الجهة الإدارية فى ضوء القواعد والتعليمات والضوابط العلمية والفنية التى تضعها تلك الجهة وحتى لا يتدخل القضاء الإدارى فى مسألة علمية وفنية بحتة وكذلك حتى لا يحل نفسه محل تلك الجهة فى مسألة هى من صميم اختصاصها وكل ما يملكه القضاء الإدارى فى شأن تلك العملية هو التحقق من أن جميع إجابات الطالب على الأسئلة المطلوبة قد تم تصحيحها وتقدير الدرجة لها بمعرفة المصحح والمراجع ولم تترك إجابة سؤال أو أى جزئية منها دون تصحيح وتقدير درجة لها وانه تم جمع الدرجات التى منحت للطالب ورصدها جميعا رصدا سليما دون وقوع أى خطأ فى عملية جمع الدرجات ورصدها. وذكرت المحكمة أن المدعى قد أدى الامتحانات وأن عملية التصحيح شملت جميع إجاباته وتم تقدير الدرجات المستحقة عليها ورصد الدرجة المستحقة كما خلت الأوراق مما يثبت أن ثمة انحرافا بالسلطة أو إساءة لاستعمالها إذ عجز المدعى عن إثبات عيب الانحراف بالسلطة لأساتذة هذه المادة أو من قاموا بتصحيحها بحسبانه من العيوب القصدية التى يلزم إقامة الدليل عليها وهو ما لم يقم عليه ثمة دليل من الأوراق وتطمئن المحكمة لتقدير أوراق إجابة تلك المادتين ونتيجتهما. واختتمت المحكمة حكمها انها ترفض ندب أعضاء من هيئة التدريس بكليات الحقوق أو الشريعة والقانون من الكليات الأخرى لإعادة تصحيح أوراق إجابة الطالب فى المادتين المشار إليهما باعتبار أن إحالة الطعن على نتائج طلاب الجامعات إلى لجنة خبراء من المصححين بجامعة أخرى لتحكم على تقييم الجامعة الأولى يهدر قيمة الأستاذ الجامعى ويناقض حرية الطالب فى البحث العلمى ويكون مدعاة للمحاباة أو الموالاة وإخلالا بمبدأ تكافؤ الفرص بين جميع الطلاب.