لأن الخير والشر حالتان وجدانيتان وجدتا في الانسان وتموج بهما النفس البشرية منذ نشأة الكون وبدء الخليقة يتجه اليهما برغبته دوما ورغما عنه أحيانا فقد تظهر احداهما فجأة لتطيح بالآخري مع اختلاف طبيعة الانسان الذي قد يتحول للشر برغم سماته المعتدلة والتي تجنح للعكس .. لحظات بسيطة فارقة بين التحول من الخير للشر ما لم يستطع الشخص كبح جماحه والسيطرة عليه. فقد تحول «عطية الشاب المسالم ابن مركز الزقازيق ذو ال21 ربيعا الي جاني وقاتل في دقائق معدودة بسبب ضغوط وتراكمات وظروف قهر لطالما ظل يطارده ويلاحقه ليلوث يداه بدماء أعز الناس. كان «عطية» يحاول أن يكون بعيدا حتي يتجنب الصدام والألم والشعور بالقهر الذي بات يلح عليه كلما غدا أو راح يعكر عليه صفو حياته ويطارده أينما ذهب وتزداد شفقته علي والدته تلك المسكينة التي لا تملك من أمرها شيئا فالأب كان غليظا شديدا وشحيحا ضيق الصدر دائم الاهانة والتعدي علي زوجته لدرجة الضرب بعدما تجاوز مراحل التطاول والشتائم والسباب مع كل طلب تطلبه فكان يبتعد قدر ما يملك ليتخلص من تلك المشاعر التي سرعان ما تعاوده مع عودته للمنزل فيغتسل ويحاول ان يخلد للنوم دون فائدة وفي اليوم الموعود استيقظ كالعادة علي صوت ابيه لكنه هذه المرة كان اشبه بالزئير حادا ومخيفا وكأن مكبرات صوت قد ملأت البيت وزلزلت كيانه وفي المقابل كان صوت الزوجة وهي تبكي بل تئن لا تملك ما تفعله أمام هذا الغضب الهادر كان صوته يعلو ويرتفع بالسباب لوالدته وتزداد حدة غضبه ظل يفكر ماذا يفعل لإسكاته واقناعه بالعدول عن ذلك دقائق قليلة مرت عليه كالدهر وفجأة توقف الأب سكت تماما لم يعد يسمع صوته فقد كان قتيلا بين يدي ابنه . تلقي اللواء حسن سيف مدير امن الشرقية اخطارا من اللواء هشام خطاب مدير المباحث الجنائية يفيد بتلقيه بلاغا بمقتل مزارع 63 عاما فأمر بتشكيل فريق بحث وتوصلت التحريات التي قام بها الرائد أشرف ضيف رئيس مباحث المركز ومعاونوه باشراف العميد احمد عبد العزيز رئيس المباحث الجنائية إلى أن مشاجرة نشبت بين المجني عليه وزوجته، ولم يتحمل الابن اهانة والدته حيث هرع لتهدئة أبيه ومنعه من سب والدته والامساك به لابعاده عنها لكنه لم يستجب فحاول الاطباق علي فمه لاسكاته خشية الفضيحة وسماع الجيران لكلماته البذيئة ونعت والدته بمافيها لكنه ايضا لم يتوقف وازدادت يد الابن اطباقا بكل ما أوتي من قوة لمنع والده من الاسترسال ولم يدر بنفسه الا حينما رأي دماؤه تسيل ويلفظ أنفاسه وأمام أحمد ياسين مدير نيابة المركز وقف الابن المتهم يبكي بدموع الندم قائلا «والله ما كنت أقصد ده مهما كان أبويا».