صرخ السائق في أبيه بفجاجة بالغة السوء معاتبا علي كثرة إلحاحه ونقده لأقرانه سائقي الميكروباص لسهره الدائم معهم كل ليلة تمزق قلب الأب وهو يعاود نصحه بالهمس تارة والصراخ تارة أخري عن ضرورة اقلاع ابنه عمن من تسبب في ضياع صحته وحياته وتعوده علي ابتلاع الحبوب السامة من المخدرات ولكن الابن كان ثد صب في أذنيه ما يحجز صوت أي نصح وعلا برأسه فوق أي اعتبار واستمر الحال للأب المسكين لا يفتأ عن نصحه لولده الضائع الذي كان يتحسر علي الساعات التي علمه فيها كيف يقود السيارات لتكون مهنة يتكسب منها ويواجه بها شظف العيش, وعقب صلاة إحدي الجمع نصحه أحد المسنين بأن ولده السائق الناشئ لن يرتدع عن الليالي القذرة وانغماسه فيها إلا بزواجه من بنت الحلال ولم يكذب الأب الخبر, انتظر حبيبه في صالون البيت ليراه بمجرد دلوفه من الباب وقبيل إشراق فجر اليوم الجديد بعد أن تسرب الملل الي نفس الوالد كان الابن يترنح لا يعرف أين مكانه وهو يتسند الي جدران ومقاعد منزله لئلا يسقط مغشيا عليه. قام الوالد ودموعه تسبقه جريا علي خده حزنا علي من يضيع أمامه ولا يملك له شيئا ينقذه إلا نصحه, واحتضنه وحاول التحدث معه إلا أن الشاب كان يحاول امساك جذع شجرة وسط الحدائق في عالمه الغائب وبذل الوالد جهدا مضنيا وقام بتقديم أكواب اللبن ليشربها المسطول ليفيق ولكن بعد ساعتين كان الشاب قد بدأ يصل إليه أنه يقف بين سبب وجوده أبيه المسكين وانتهز الأب الفرصة وطرح الفكرة أمامه وشرح له أنه لا سبيل للخروج مما هو فيه إلا بزوجة صالحة تنجب له الذرية المأمولة وتقيه شر أصحاب السوء الملتصق بهم. عارض الأبن وأصر علي رفضه ولكن الاب كان مصرا واستمر الحال بين الرفض والألحاح بينهما حتي تدخل عقلاء العائلة في حضه علي ترك المخدرات لجره الفضيحة إليهم. واختار الأهل العروس وتشارك الجميع في زفافه وقدمت له النقوط وأقيمت ليلة من الليالي الملاح للسائق الشاب حضر فيها بالطبع كل الندماء من عشاق السهرات من أصدقائه, وفي نهاية اليوم أقسم أمام الجميع أنه لن يقترب من المخدرات بقية عمره, وفي اليوم التالي ذكرت العروس لأمها أن العريس بمجرد أن دخل شقته التي في نفس دار أبيه أخرج شريطا من الأقراص ابتلعه سريعا ليرتشفها بصعوبة, ومرت أيام بطيئة علي الزوجة التي تسر الي أمها ما يتعاطاه الابن كل ليلة قبل خروجه وما يطحنه أمامها علي البلاط ثم يشمه, معللا لها بأنه أمور صحية لا ضرر منها وهو يضحك, وبعد نحو سنة انطلقت الزغاريد من الجيران فرحة بقدوم أول طفلة لنبيل سائق الميكروباص وحمل الجد فاطمة المولودة وأذن في أذنيها واحتفل الجميع بالصغيرة, إلا نبيل كان احتفاله من نوع خاص فظل ليلة كاملة يبحث عن أنواع جديدة من الأقراص المخدرة ليطحنها ويسفها حتي غاب عن الوعي وفي اليوم التالي لم يخرج الي عربته وإنما بدأ يومه بطحن جديد للأقراص وتعلمت زوجته ألا تشاهده في أفعاله المشينة وتعاطيه للأقراص.وبعد ساعة كان نبيل ينادي من نافذة منزله يبحث عن زوجته التي هربت مع صديقه الذي يخونه معها. جن جنون الزوجة وهي ترضع ابنتها في الحجرة المجاورة واتجهت تجري نحو زوجها الصارخ في الناس من النافذة, ولكنه لم يهتم وصعد أبوه المسن يستطلع الأمر وتجمع الجيران يحاولون افاقة نبيل واقناعه, أن زوجته في بيتها تحمل طفلته وترضعها لم تغادر بيتها ولكن الهيسيتريا كانت تحوط بنبيل في كل أفعاله وهذيانه واستمر ساعات يسب في صديقه الذي يطارد زوجته وانتقل يسب في أم ابنته. ومرت الليلة السوداء بشرها وانبلج صبح جديد ولكن حال نبيل لم يتغير: أقراص مخدرة في الليل والنهار, هواء وطعاما لا يستغني عنه, ومرت سنتان, وتحولت شكوك وهلاوس نبيل الي أبيه القاطن في نفس المنزل معتقدا أن علاقة آثمة تدور بينه وبين زوجته. تحول نبيل الي وحش مفترس يسب زوجته كل مساء عند عودته عقب عمله آخر كل ليلة, وفي إحدي الليالي المشئومة غادر الشيطان الدار عند رؤيته لنبيل عقب تعاطيه شرائط الأقراص المخدرة وانقلاب حاجبيه بشكل عجيب, وفتح الباب بهدوء واتجه بخطوات سريعة الي المطبخ وعقله يؤكد أن العلاقة الآثمة قديمة بين أبيه وزوجته, وأمسك بسكين المطبخ وعاد يدخل الي حجرة النوم ورفع ابنته فاطمة ذات العامين ودخل غرفة الصالون ووضعها علي الكنبة ووضع النصل علي رقبتها واستخدم قوته وفصل رقبتها عن جسدها وهي نائمة, ولكنه انزلق علي الأرض فوقع فأحدث صوتا ثم اتجه الي زوجته النائمة فانتبهت المسكينة تتلفت تبحث عن صغيرتها ولكنه عاجلها بالطعن في جنبها الأيمن وظهرها ورقبتها حتي وصلت11 طعنة واجتذب صوتها أباه والجيران الذين هرعوا ينقذوا البائسة وطلبوا رجال الشرطة فانتقل العقيد عامر عبدالمقصود نائب مأمور قسم كرداسة والمقدم ضياء رفعت رئيس المباحث بصحبة النقباء محمد فاروق ومصطفي عبدالله وكريم سمير معاونو المباحث وسيطروا علي المجرم وتم ضبطه وتحفظوا عليه بقسم كرداسة وعرض علي النيابة التي أمرت بحبسه51 يوما علي ذمة التحقيق وتبين أن زوجته بعد إسعافها بالمستشفي كانت حاملا في جنين عمره7 شهور فقدته من شدة الطعنات.