استقبل فتحي نبأ ولادة زوجته لطفل بفرحة غامرة وكاد يطير بعد أن ظل لسنوات يتمني ذلك بعد أن انجب بنتين في بداية زواجه الأمر الذي دفعه إلي تدليل هذا المولود وتلبية كل طلباته. كان الأب دائم الحكي والتحدث عن نجله الرضيع وطريقة لعبه وكيف أنه بدأ يحبو وينطق الكلمات بلعثمة واضحة وكثيرا ما أتلف الأثاث بالمنزل كأن يشعل النيران ببعض أعواد الذرة الجافة والتي من المفترض أن تكون علفا للمواشي أو يمسك بأحد طيور المنزل ويضغط علي رقبته حتي تخرج روحه وتكتشف أمه ذلك وتولول إلا أنها لا تمسه خوفا من عقاب الأب الذي لا يسمح بأي مكروه يحدث له ويقيم الدنيا ولا يقعدها عندما يبكي أو يشكو من شيء. ترعرع الطفل وأصبح شابا فتيا وبدأ يتمرد علي أبيه بعدم الذهاب إلي الحقول للعمل معه والأخذ بيده ومساعدته في توفير لقمة العيش بعد أن كان يقضي أغلب وقته ساهرا علي المقاهي التي تكتظ بالشباب العاطلين ممن هم في مثل سنه. بدأ محمد يعرف طريق الهلاك بتعاطي الأقراص المخدرة حينا والحشيش والبانجو حينا آخر مع زملائه علي المقهي إلي أن بدأت تخلو النقود من جيبه مما اضطره إلي السرقة ومد يده للحرام. وكانت الشكاوي لا تنقطع من أفعاله في مغازلة ابنة هذا أو التشاجر مع ابن فلان وكان الأب دائم الدعوة عليه بالمرض أو بالموت بعد أن جعل كل من لا يساوي ينتقده بل ويشتمه بالفاظ جارحة. مل الأب من تلك هذه الأفعال وفي ليلة من ليالي الشتاء وبينما الأب قادم من عمله بعد نهار شاق من العمل في الزراعات بين ري وحرث طرق باب المنزل أحد أصحاب المقاهي في البلدة والذي ما أن فتح له الرجل الباب حتي انهال عليه وعلي ابنه بالشتائم المصحوبة بالشكوي من الابن الذي قام بالاشتراك مع مجموعة من زملائه بسرقة المقهي ملك الرجل وبعد جملة مكررة من الاعتذارات والأسف وتقبيل الرأس خرج الرجل صاحب المقهي ساخطا ولاعنا سوء تربية فتحي لابنه. استشاط فتحي غضبا بعد وصلة الشتائم الجارحة التي نالت من كرامته وكبريائه وانتظر إلي أن أتي ابنه محمد وما ان فتح الباب داخلا حتي انهال الأب عليه بالشتائم والضرب إلي أن فقد الابن صوابه ومد يده علي أبيه وسدد له ركلات وضربات موجعة وعلي الفور هرع الأب إلي المطبخ واستل سكينا سدد به طعنة نافذة إلي الابن أخرجت اجزاء من امعائه وسقط الابن غارقا في دمائه بينما أصاب الأب ذهول غير متوقع وكأنه اصيب بالشلل التام. وبصراخ الأم وبناتها هرع الجيران إلي منزل فتحي الرجل الذي تجاوز الخمسين وبدأ الجميع يحاول لم الجرح وتضميده إلي ان تأتي سيارة الإسعاف التي وصلت بعد دقائق وانتشلت الشاب في سرعة البرق وطارت به إلي المستشفي التعليمي بسوهاج وفور وصول الشاب إلي غرفة الطوارئ فاضت روحه ولفظ أنفاسه الأخيرة. وعلي الفور تم اخطار اللواء عبدالعزيز النحاس مدير أمن سوهاج الذي أمر بتشكيل فريق لإجراء التحريات حيث تم استدعاء ابن عم المجني عليه وبسؤاله تلعثم وأكد أن المجني عليه سقط من الطابق الثاني من منزله علي غطاء بلوعة صرف صحي بها سيخ حديدي مما أدي إلي اصابته التي أودت بحياته ولكن بتكثيف التحريات تبين للمقدم كمال الضبع رئيس مباحث مركز سوهاج أن مرتكب الواقعة والد المجني عليه والذي بضبطه اجهش بالبكاء وانهار وأقر بارتكابه الواقعة. تم تحرير محضر بالواقعة واخطرت النيابة التي تولت التحقيق.