عاشت أماني حياة سعيدة وهادئة بعد أن لبي لها زوجها أغلب طلباتها الطبيعية من مأكل ومشرب وملبس وجاءت اللحظة التي زفت له فيها البشري مبروك ياحبيبي أنا حامل حينها طار أسامة فرحا وأخذ يحضنها ويقبلها في سعادة غامرة. وبدأ في شراء ملابس المولود الجديد وذلك بعد أن تأكد من أنه ذكر بإجراء كشف بالأشعة لدي أحد أطباء النساء والتوليد. وبعد عدة أشهر استقبلا طفلهما الجميل وكان أسامة أكثر فرحا بالمولود الذكر من أماني حيث كثيرا ما كان يردد بينه وبين نفسه الواد هيشيل عني لما يكبر ويساعدني في لقمة العيش. عقب خروج أماني من المستشفي بعد أن وضعت مولودها أصرت علي إقامة السبوع في شقتهم البسيطة بمدينة حلوان رغم اعتراض الزوج وتجمع الأهل والأحباب, وبعد ساعات الفرح والسعادة والضحك انصرف الجميع من المنزل السعيد داعين لهم: ربنا يحفظه لكم ومرت الأيام وتوالت الليالي وبدأ صوت الطفل يعلو في المنزل بالبكاء أثناء إعداد الأم للطعام بالمطبخ وفي لحظات الحب والحميمية التي تجمع الزوجين في منتصف الليل وفي الصباح الباكر حيث ينام الطفل نوما متقطعا ويصحو الأبوان علي صوت بكائه وبدأ صوته يعلو ويرفض السكوت رغم الحيل التي يأتي بها أبواه من تصفيق وصفير وألعاب متنوعة أتي بها الأب بعد إلحاح الأم عليه في كل مرة ولكن الطفل المزعج كما يراه والده رفع شعار لا تراجع ولا استسلام مما دفعهما إلي أن ذهبا به خلال فترة خمسة أشهر لأكثر من طبيب لايجاد حل لبكائه المتواصل ولكن دون جدوي بدأ الأب يضيق ذرعا بإبنه الذي أحبه حبا شديدا عند ولادته ولكن سرعان ما انقلب عليه وفي إحدي الليالي ظل الطفل يصرخ ويبكي لمدة ساعتين متواصلتين في الصباح الباكر وكان الأب قد بدأ يغفو للحظات بعد يوم شاق من العمل وسهرة طويلة مع أصدقائه علي المقهي بسبب حرارة الجو وقام الرجل فزعا من نومه علي صرخات ابنه وقال للطفل رافعا صوته ويده نحوه يا أخي عذبتنا معاك إنت كده وأنت صغير أمال لما تكبر هتعمل إيه وهوي بيده علي وجه الطفل الذي أجابه بموجة أعلي من البكاء ولم يكتف الأب بلكمة وإنما هوي بالثانية والثالثة علي وجه أمير الطفل الذي لم يبلغ الستة أشهر بعد وهنا توقف الطفل للحظة عن البكاء وقال الأب قومي يا أماني شوفي الواد فصرخت في زوجها ونهضت أماني مسرعة لتجد الطفل قد سكت صوته ماله؟ فأجابها متلعثما باين أغمي عليه وقالت: أوع تكون ضربته ولا مديت إيدك عليه أنا عرفاك لما تكون متضايق مبتشوفش قدامك وهنا جاء صوته مكسورا حزينا أنا صحيت علي صراخه من النوم وعلي الفور نهضت أماني واقفة وقالت: يلا بينا علي المستشفي علشان نلحقه وبالفعل توجها به سريعا إلي مستشفي. تشجعت أماني وقالت لوالدتها لازم نروح بيه حالا المستشفي وعلي الفور توجهتا معا إلي مستشفي حلوان العام وطلبا احتجاز الطفل طبقا لخطاب الطبيب المعالج وهو ماحدث وبقيت الأم وابنتها وحفيدها البائس في المستشفي وأخذت الأم تحكي قصة الطفل إلي كل من بجوارها في قسم الأطفال وتلقي بالتهمة علي زوجها وتقول هو السبب راجل معندوش رحمة ويرد عليها كل من يسمع الحكاية منها ويلقي نظرة علي وجه الطفل الذي يتورم ويزداد زرقة وحمرة بمرور الوقت: إيه البشر دول كلاب ده الكلاب عندها رحمة راجل كافر بصحيح وحرضها كثيرون علي الإبلاغ عن زوجها ليلقي عقابه نتيجة ما فعله بفلذة كبدها وهي تتردد عندما تتذكر الأيام الخوالي الجميلة التي عاشاها معا ولكنها بمجرد أن تلقي نظرة إلي الابن تسري في عروقها نيران الانتقام وتردد بصوت لايسمعه من حولها لازم يتأدب علي عملته وفي أثناء ذلك رن هاتفها فإذ باسم المتصل يظهر حبيبي وقالت بابتسامة ساخرة حبيبي إزاي يعمل كده في أحب الناس إلي قلبي فلم تجب في المرة الأولي وبعد تكرار رنين الهاتف أجابته عايز إيه يا مفتري أنت هتتسجن علي اللي عملته فرد عليها بوابل من السباب والشتائم لها ولأسرتها وتحديدا أمها فأنهت الاتصال وأغلقت الهاتف تماما وبعد مرور يوم في المستشفي فاضت روح الملاك الطاهر أمير إلي بارئها وصرخت الأم وأخذت تكيل السباب لزوجها وطلبت من الأطباء تحرير المحضر الحقيقي عن حالة الطفل وسبب الوفاة وتوجهت به فورا إلي قسم شرطة حلوان حيث استقبلها المقدم حازم سعيد رئيس المباحث وهدأ من روعها وجلست في مكتبه تقص عليه التفاصيل وبعد ساعة من الحديث أمر بتحرير محضر للأب الجاحد وتوجه بصحبتها وقوة من المباحث إلي منزلها وألقي القبض علي المتهم الذي اعترف بجريمته مبررا فعلته بمنع ابنه من البكاء لأنه يزعجه وهو نائم ليلا. تم تحرير محضر له وأحيل إلي النيابة التي أمرت بحبسه بتهمة قتله لابنه.