تجسدت كل معاني ظاهرة العنف الاسري بأسوأ أشكالها، في حادث هو الابشع من نوعه ، حيث كان جزاء الزوج - الذي أبرح زوجته ضربا - القتل علي يد ابنه الذي اعتقد خطأ أن والدته قد فارقت الحياة فقام علي فوره للانتقام لأمه من أبيه وطعنه بسلاح أبيض "مطواة" كانت بحوزته، داخل الزراعات المجاورة للمنزل. شهدت قرية مير التابعة لمركز القوصية وقائع الحادث الأليم الذي تسبب في حالة من الحزن الممزوج بالدهشة لدي أهالي القرية ، فعلي اصوات الصراخ والنحيب تجمع الاهالي حول المنزل ليجدوا اسرة تهدمت اركانها ، والسبب لا يربو علي كونه لحظة غضب سيطرت علي الزوج ليقوم بعدها بضرب زوجته لتدخل في حالة من الاغماء وتسقط علي الارض ، ويظن الزوج أنها فارقت الحياة ، فيفر هاربا الي الزراعات المتاخمة لمنزله ، ويستشيط "عادل" الابن الأصغر لهما غضبا ، مما رآه امام عينيه من مشهد اليم ، ليستل سلاحه الابيض وداخله نار لا يطفئها الا الثأر لوالدته التي لم تقو علي الدفاع عن نفسها وماتت حسب ظنه ، وهرول للحاق بابيه حتي وجده فأجهز عليه بكل ما اوتي من قوة وطعنه طعنات نافذة ، وهو يصارع الالم المخلوط بنوع من العذاب لا مثيل له ، وكأنه وهو يطعنه يعاتبه عن قتله لوالدته ، ولكن لم يكن بمقدور الاب الذي بلغ من العمر 65 عاما ان يقاوم عنفوان شباب ابنه الذي يقتله ، وما إن عاد الابن إلي المنزل يلملم أجزاء جسده وأعضائه التي انهارت امام والده وهو يصارع الموت بين يديه ، ليكتشف ان والدته علي قيد الحياة، فيعود الي والده ربما يلحق به قبل ان يلفظ انفاسه الاخيرة ليسامحه الا ان الوقت قد انقضي ، وأنه دون ان يدري أنهي حياة والده ليحمل مرارة وشعورا بالذنب والاسف والاسي تلاحقه طيلة حياته. ورغم قيام الابن الأكبر بتحرير محضر بمركزالشرطة يفيد فيه بأن والده سقط علي سكين بالمنزل مما نتج عنه وفاته في الحال ، فان ضباط مباحث مركز القوصية كثفوا تحرياتهم - بناء علي توجيهات اللواء طارق نصر، مدير أمن أسيوط، واللواء خالد شلبي، مدير المباحث الجنائية بمديرية امن المحافظة - لكشف غموض الحادث والتأكد من رواية الابن الاكبر التي لم تلق قبولا لدي رجال المباحث وتبين لهم انها حكاية بائرة ضاقت اذانهم من سماعهم طوال سنوات خدمتهم ، وهل يعقل ان يموت الاب وهو يقطع الخضراوات بالمنزل حيث تنتابه غيبوبة سكر فجأة فيسقط علي السكين الذي في يده لتخترق قلبه واجزاء من جسده ؟!! وحامت الشبهات حول الابن الاصغر الذي اشتهر عنه حبه الشديد لامه وتدخله دائما لدي ابيه لمنعه من ضربها حتي انكشف المستور . بدأت المأساة عندما استيقظ طالب الثانوي علي اصوات صراخ امه وفوجيء بوالده يطرحها علي الارض وينهال عليها ركلا وضربا ويجذبها علي الارض في كل اركان المنزل والدماء تنزف من كل ذرة في جسدها وبنيانها الضعيف قد اعجزها عن المقاومة والدفاع عن نفسها ، بل واستباح زوجها جسدها وراح يدهسه بحذائه لا لذنب اقترفته سوي انها استغرقت في النوم ، وتأخرت في اعداد الطعام له الساعة الخامسة صباحا ، وقامت الدنيا علي رأس الزوجة التي اعتادت السهر مع ابنائها لمساعدتهم في المذاكره ، وتلبية احتياجاتهم فكيف طاوعها قلبها وعقلها علي النوم خمس ساعات وزوجها يصارع الام الجوع فجرا ؟! كاد الابن البار طالب الثانوي يفقد عقله عندما شاهد امه مسجاة علي الارض بلا حراك ، فاعتقد انها فارقت الحياة ، وخاصة ان اباه تركها ولاذ بالفرار واختبأ وسط الزراعات الا الابن اقسم ان يثأر لامه قبل ان يتواري جسدها خلف الثري لتهدأ في قبرها وتصعد روحها الي السماء راضية مرضية ، فاستل سكينا وهرول الي ابيه وسدد اليه عدة طعنات ، رافضا كل توسلاته بان يتركه يعيش حتي فارق الاب الحياة ، فحمل الابن السلاح الملطخ بدماء ابيه وراح يزف الخبر لجسد امه ، وكانت المفاجأة التي كادت تزهق روحه وهي انها مازالت علي قيد الحياة وانها قد فقدت الوعي من كثره تعذيب زوجها لها . عاد الابن ثانيه الي الحقول لانقاذ حياة ابيه الا انه قد فارق الحياة وارتوت الارض بدمائه فجلس بجوار جثته ينتظر المصير المشئوم الذي ينتظره ليسدل الستار علي حكاية مأساوية بطلها اب عجز عن زرع بذور الحب والاحترام داخل اسرته فكان عقابه أقسي عقاب وهو القتل علي يد ابنه الذي بات مصيره السجن