التحرك الدولى «ولو متأخرًا» هام وضرورى فى مواجهة الأوضاع الكارثية فى السودان الشقيق. أخيراً قرر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فتح تحقيق فى الانتهاكات البشعة التى وقعت مؤخراً فى مدينة «الفاشر» والسعى لتحديد هوية مرتكبيها لتقديمهم للعدالة.. المفوض الأعلى لحقوق الإنسان فى الأممالمتحدة «فولكر ترك» وصف ما شهده السودان بأنه وصمة عار على جبين المجتمع الدولى قد لا تكون واضحة بما يكفى لكن أضرارها فادحة للغاية، مضيفًا أنه قد صورت بقع الدم على أرض الفاشر بوضوح من الفضاء!! سبق ذلك خطوة أخرى على نفس الطريق بتصريحات وزير الخارجية الأمريكى «روبيو» التى أدان فيها ما يشهده السودان موجهاً الاتهام الصريح لقوات الدعم السريع بالمسئولية عن التصعيد الدموى، ومشدداً على ضرورة قطع إمدادات الأسلحة والدعم الذى تتلقاه من أطراف خارجية قال إن واشنطن سوف تتحدث معها فى هذا الأمر(!!).. وهو ما يعنى أن إدراك العالم لخطورة الموقف أصبح أكبر من الحسابات السياسية الصغيرة خاصة فى منطقة لا تنقصها عوامل الاشتعال، وفى قلب قارة يبدو أن الصراع الدولى على ثرواتها سيظل حاضراً بقوة فى عالم يعيد ترتيب أوراقه وتشكيل نظامه الدولى مع موازين قوى مختلفة وصراعات متجددة!! ما يحدث الآن يؤكد أن ما أكدت علىه مصر منذ بداية الأزمة هو الطريق الصحيح، وأن الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه لا يمكن أن يكون محل مساومة، وأن دعم الشرعية هو الخيار الطبيعى فى مواجهة تمرد الميليشيات التى أغرقت السودان مرة أخرى فى جحيم مذابحها البشعة وجرائمها التى تتباهى بتسجيلها بالصوت والصورة تنال رضا من يدعمها وتنال معه احتقار العالم وإدانته.. وربما اعتذاره عن التأخر فى مواجهة هذه الهمجية حتى تم تصوير بحيرات الدم فى «الفاشر» من الفضاء(!!) التحرك الدولى هام، لكنه لا ينفى المسئولية العربية والأفريقية عن الحل، بل يدعمها. رغم كل المحاذير يبقى التحرك العربى والأفريقى لدعم الشرعية فى السودان ولسد الطريق أمام فوضى الميليشيات أمراً واجباً وضرورياً. بعد 150 ألف قتيل و12 مليون نازح لم يعد أمام «الدعم السريع» ومن يدعمونه إلا الإقرار بالجرائم التى ارتكبت ولم يعد أمام السودان إلا طريق واحد: السودان الموحد والشرعية الواحدة، والحساب العادل لمن جعلوا بحيرات الدم فى «الفاشر» ترصد من طائرات الاستطلاع فى سماء السودان .