ابني الذي لم يتعد عمره السنوات العشر يقضي ساعات طويلة علي الإنترنت أو' السايبر' كما يطلق عليه الشباب الصغير' الذين لم يبلغوا بعد سن الرشد' فبمجرد أن أغلق جهاز الكمبيوتر'أو الحاسوب إلا ويغضب ويذهب لمقهي الإنترنت المجاور لمنزلنا, . فماهي حكاية هذه المقاهي التي أصبحت ملاذا للصغار من الشباب في سن المراهقة؟, وهل هي أماكن آمنة لأبنائنا لقضاء ساعات طويلة من النهار أو الليل, خاصة أن معظمها جاهز لاستقبال الشباب طوال ال24 ساعة ولايوجد شروط لأعمار روادها؟. العديد من الدراسات في مختلف جامعات الوطن العربي مصر ترجع السبب الملح في ذهاب كثيرا من الشباب إلي مقاهي الإنترنت, لتحفظ كثير من الأسر تجاه إدخال الكمبيوتر أو الحاسب إلي البيت, ووضع ضوابط مشددة علي فتحه دون رقابة وهوما يدفع كثير من الشباب إلي البحث عن المتعة في إستخدام هذا الجهاز من خلال هذه المقاهي ومن دون رقابة, وكما يؤكد د. عبد الفتاح بيومي حجازي المستشار بمجلس الدولة في دراسته المتعمقة عن أثر الإنترنت في إنحراف الأحداث, أن من أخطر هذه الخدمات التي تقدمها كثير من مقاهي الإنترنت تقديم خدمة فتح المواقع الإباحية بهدف زيادة الزبائن خاصة من الشباب وبالتالي زيادة الأرباح وغيرها من الخدمات التي تساعد علي تعزيز قيم اللهو والفردية والعنف والعري, وهو مايتعارض مع عملية التربية السليمة, كما أن هناك حقيقة لايمكن تجاهلها أن جرائم الحاسب الآلي في العالم تعتمد علي' الأحداث', والأطفال, وأن شبكة الإنترنت لها دور كبير في دفع الحدث أو الطفل لارتكاب الجريمة بتزويده بمعلومات عنها أو تجنيده ودفعه لإرتكابها, فمن المعروف علي سبيل المثال: أن عصابات الإتجار في المخدرات, وغسل الأموال, وجرائم' العرض' وإفساد الأخلاق تلجأ لتشغيل الأحداث لأنهم يعلمون مسبقا أن هؤلاء الأحداث لاتطبق عليهم بعض العقوبات المشددة, ولذلك يفضل الزج بالصغار بدلا من الكبار, حتي إذا ماوقعوا في يد العدالة, فلن تطبق عليهم سوي بعض العقوبات الجنائية المخففة كالحبس أو إلحاقهم بدور رعاية الأحداث'لاقدر الله'. وبرغم أن الإنترنت يعتبر أكبر شبكة للمعلومات والأكثر إنفتاحا علي العالم, إلا أن الدراسات قد أكدت أن هناك ثلاثة آثار سلبية لاستخدام الإنترنت في مقهي الإنترنت وهي: وجود المواقع المزيفة ذات الموضوعات السيئة بنسبة81.6%, والقرصنة والتجسس علي الشبكة بنسبة77.6%, وانحطاط الرسائل المتبادلة بنسبة59.2%, وهذه النسب تشير إلي أن أغلبية الشباب المتعاملين مع شبكة الإنترنت في المقهي يدركون سلبيات هذا التعامل, ولكنهم-علي مايبدو- لايجدون سواها متنفسا لمعاناتهم, وتلبية احتياجاتهم وملء أوقات فراغهم, لذلك خلصت الدراسات إلي ضرورة تطبيق أربعة مقترحات لتلافي سلبيات إستخدام مقاهي الإنترنت هي: 1 حجب المواقع المنحرفة والمحظورة ووضع المقاهي تحت رقابة مسئولة تضبط عملها من حيث تنظيم خدماتها ومواعيد دوامها في ساعات محددة من اليوم ومراقبة البرامج المقدمة خاصة بالنسبة للشباب الصغير. 2 إلزام هذه المقاهي بالقيام بتكليف إدارات من ذوي الخبرة في عمل الحاسوب والإنترنت, تتولي تدريب مرتادي هذه المقاهي وتوعيتهم بخدمة شبكة الإنترنت النافعة وليست المسيئة. 3-علي المؤسسات التربوية والشبابية والإعلامية القيام بإنشاء مواقع خاصة بها, تعليمية وثقافية, علي شبكة الإنترنت, موجهة خصيصا لجيل المراهقة والشباب تتسم بالجاذبية والتشويق, وتكون بديلا عن المواقع الأجنبية غير المأمونة. وأخيرا إخضاع أصحاب مقاهي الإنترنت والمشرفين عليها لدورات تأهيلية خاصة قبل الترخيص لهم بفتحها, ليكون مقهي الإنترنت مقصدا حضاريا هادفا للشباب يحقق لهم التواصل الإيجابي مع ثقافات المجتمعات الإنسانية وعلومها.