الاهرام26/11/07 لا أعتقد أن خبر القبض علي أربعة شباب تحت سن العشرين في قرية السلاطنة بمحافظة الشرقية لاغتصابهم عددا من أطفال القرية كان مفاجئا. ولكنه شاهد علي الانهيار الأخلاقي الذي بدأ ينتشر ويتغلغل حتي في القري التي كانت دائما قلعة للفضيلة, وحصنا للأمان ولكن السؤال الذي يجب أن نطرحه هو ما الذي حدث؟ كيف تبدل حال القرية؟ هل هي التكنولوجيا التي غزت القري الوادعة التي أصبحت اسطح منازلها كما في المدينة مزارع للأطباق اللاقطة للقنوات الفضائية بسبب المقاهي ومحلات النت وما تقدمه الشبكة الدولية للمعلومات من مواقع اباحية وغرف للتعارف الممزوج باثارة الحواس والشهوات لدي شباب لم يهتد للفكر القويم في ظل غياب التربية والقدوة والرقابة. حكاية الشباب الأربعة في قرية السلاطنة تؤكد كل ذلك وتؤكد أيضا غياب رقابة الحكومة ممثلة في كل الأجهزة لمتابعة هذه السيبرات ومقاهي النت مع أن هناك دولا في المنطقة سبقتنا الي فرض هذه الرقابة ومنها السعودية كما فعلت ذلك الصين فلماذا نتأخر نحن؟ وإن كنا نؤكد ضرورة مراعاة أن البطالة هي السبب في لجوء أصحاب هذه الدكاكين الي افتتاحها للتعيش من إيرادها الذي لايزال بسيطا بدلا من التسكع علي الأرصفة حتي نضع أيدينا علي اسباب ما حدث وندق أجراس الخطر فقد انتقلنا الي قرية السلاطنة فماذا وجدنا؟ انها قرية مثل آلاف القري في مصر.. لا يتعدي عدد قاطنيها عشرين ألفا من البشر وهناك وجدت ثمانية مكاتب للنت( سايبر) في كل واحد منها أكثر من سبعة أجهزة كمبيوتر تتعامل يوميا مع أكثر من خمسمائة فرد ممن يستأجرون شاشاتها لمدد تتراوح من ساعة الي تسع ساعات للتسلية والدردشة ومشاهدة المحرمات من أفلام البورنو وتداول الحكايات الجنسية. بكر الميكانيكي الذي تعدي الخمسين من العمر تحدث الينا وهو علي الخط مع فتاة مغربية تظهر له صورتها علي الشاشة يقول: أحضر هنا كل يوم لساعتين أقضيهما علي النت أتسلي في معاكسة النساء والحديث مع البنات, وقبل أن استطرد في اسئلتي قال أرجوك اتركني الآن مع هذه الفتاة! أيمن طه أولي اعدادي يقول ألعب جاتا وأدخل علي النت في الدردشة وأتعرف علي البنات تماما مثل غيري من الكبار! وهو نفس السبب الذي يجذب أحمد حسني الشاذلي الصف الخامس الابتدائي الذي يجلس ثلاث ساعات أمام الكمبيوتر يوميا للدخول علي مواقع اللعب والدردشة بل إنه كما يقول يصادق فتاة من الفيوم وأخري من الاسكندرية في نفس عمره. والمصيبة كما يقول محمد مختار حسبه أن كل شيء متاح علي النت الذي ساعدت تكنولوجيته المتقدمة في التواصل غير المحدود بين الشباب وبين سيدات يغيب أزواجهن عن المنازل أغلب الوقت أو فتيات صغيرات في غيبة أولياء أمورهن ويضيف هناك رجال من كبار السن أدمنوا هذه الشاشة بعضهم تعدي الستين عاما وبعضهم شباب, ويعترف محمد مختار بأن زوجي شقيقتيه لا يفارقان جهازي الكمبيوتر طوال الليل تواصلا في أحاديث مع فتيات بالصوت والصورة مما يتسبب في خلافات. الصغار أكثر! وهكذا فإن استخدام هذه التكنولوجيا لم تسهم في رقي التفكير ولا تحصيل علم باستثناءات قليلة. وإن أسهمت في خراب عدد من البيوت استسلم بعض أفرادها للاباحة الجنسية التي تتعمدها جهات معنية ليس لها بالطبع أهداف حسنة والمصيبة في كثرة عدد الصغار من الصبية الذين صادفتهم تحقيقات الأهرام في عدد من هذه المحال أو المقاهي وأغلبهم يتعلم ممن هو أكبر منه سنا من شباب لم يتخطوا بعد مرحلة المراهقة ولا يستخدمه حسب دراسة لمركز معلومات مجلس الوزراء من الشباب في البحث العلمي والتسوق ومعرفة نتائج الامتحانات سوي3% من المستخدمين!! ولكن ماذا يقول أصحاب هذه المحال؟ مصطفي سند صاحب محل سايبر يؤكد أن محله يعمل طوال اليوم باستثناء ساعات النهار الأولي ويتردد عليه يوميا أكثر من40 شخصا أغلبهم شباب ومنهم صبية90% منهم يدخل الي مواقع الدردشة والعلاقات والباقي مابين مكالمات هاتفية مع ذويهم المغتربين في الخارج وإن كانت هناك نسبة لا تزيد علي2% يقومون بأعمال هندسية أو علمية أو يستفيد دراسيا. ويتفق معه أحمد أبو ضوه في كثرة المترددين عليه ونسبة الاستخدامات ونوعيتها وإن كان يضيف أن نسبة من الشباب الذين يصادقون فتيات من بعض البلدان الأجنبية يكون هدفهم اقتناص فرصة تساعدهم علي السفر للخارج فضلا عن بعض الأخوة من الاسلاميين الذين يسجلون ندوات ولقاءات اسلامية ويتحاورون مع بعض الجمعيات الأخري في الخليج. أما محمود مسعد صاحب محل سايبر فانه يتحدث عن صعوبة الترخيص لهذه المحلات وتعقيد إجراءاتها وارتفاع تكاليفها مضيفا: حتي لو استطعنا تخطي عقبات الترخيص فلن يكون المشروع مربحا لأن ايجار الساعة في الريف لا يتعدي جنيها واحدا وأنا شخصيا يقول محمود مسعد لجأت لفتح هذا المشروع لعدم تعييني في أي وظيفة ر غم أنني خريج كلية هندسة قسم حاسبات ونظم معلومات. الدراسة التي أجراها مركز استطلاع الرأي العام بمركز المعلومات استهدفت704 شباب تتراوح أعمارهم بين15 و30 سنة من محافظات القاهرةوالاسكندرية والدقهلية وأسيوط والمنيا وأسوان ودمياط والاسماعيلية أكدت أن70% ممن يستخدمون الانترنت يستخدمونه من المنزل وإن كانت الاحصاءات الرسمية لعدد مستخدمي الانترنت في مصر كما أعلنت وزارة الاتصالات علي موضعها الرسمي تؤكد أن عددهم يقرب من8 ملايين مستخدم وبشكل تقريبي يمكن أن نتوقع أن أكثر من2 مليون شاب في مصر يستخدمون الانترنت من خلال هذه السايبرات أو المقاهي التي لم تستطع الأجهزة المعنية حتي الآن فرض رقابتها عليها حتي أن محمد الطفل ذا الثماني سنوات أحد الذين تعرضوا للاغتصاب قال انه تعرف علي من قاموا باغتصابه هو وغيره من أطفال قرية السلاطنة في واحد من هذه الاماكن وانهم كانوا يجبرونهم علي مشاهدة أفلام البورنو ثم يقلدونها معهم. فهل الي سبيل للعلاج؟ المهندس زياد عبد التواب مدير ادارة الاتصالات بمركز معلومات مجلس الوزراء يقول: ان شبكة الانترنت في مصر متاحة من خلال5 شركات اتصالات كبري تمتلك خطوط ربط مع الولاياتالمتحدة وتغذي الشركات الصغيرة ويمكن وضع فلاتر علي مخارج الشبكة الرئيسية لكل شركة, أو ما يسمي بالحوائط النارية للتحكم في المواقع المراد منعها. كما يمكن وضع سوفت وير أو حائط ناري علي الأجهزة داخل المنازل ويضيف: تنظيم استخدام هذه الشبكة منوطة به وزارة الاتصالات ولا يوجد قانون يجبر هذه الشركات الكبري علي وضع فلاتر أو حوائط نارية والامر متروك للحرية الشخصية والوازع الديني وللأسف فإن عدد المواقع الإباحية تزداد يوميا و89% منها تصدر من أمريكا وتدر أرباحا تقترب من3 مليارات دولار. وإن كان الأمر كما يقول المهندس زياد عبد التواب يخضع للحرية الشخصية والوازع الديني وأن القانون لم ينتبه الي الآن لمعالجة هذا الأمر حماية لأخلاقنا التي تنهار علي عتبات غرف الدردشة التي يستخدمها52% من الشباب حسب الدراسة المشار اليها أو المواقع الاباحية التي تتزايد يوميا فهل يمكن أن تنتبه وزارة الاتصالات الي ذلك أو يكون هناك قرار سياسي للأسف فإن الوزارة( الاتصالات) يبدو أنها غير معنية بهذا الأمر فلا أحد بها بداية من الوزير طارق كامل وعدد من موظفي مكتبه واعلامه ومسئولي هذه الشبكة أبدي اهتماما بالرد علي تساؤلات تحقيقات الأهرام, وبعد.. فهذا الدمار الذي ينتشر ويتغلغل في نفوس شبابنا شيئا فشيئا من المسئول عنه؟