في جرائم الانترنت لايحمل الجاني سلاحا, ولكن تأثيره أكثر خطورة من القتل, اذ تشمل هذه الجرائم تدمير منظومة القيم من خلال الدعارة والاتجار بالبشر والنصب من خلال التعاملات البنكية.. وهذه الجرائم لاتكلف الجاني شيئا. فهو جالس في منزله ولايجد عناء في مجرد الضغط علي زر يدخل به الي الانترنت ويبدأ في اصطياد ضحاياه. وقد حذرت دراسة طبية من خطورة شراء الأدوية عبر الانترنت وسجلت أن50% منها مغشوشة. في مصر... دخلت خدمة الانترنت في نهاية عام1993 علي يد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء بالتعاون مع شبكة الجامعات المصرية ومع بداية عام1994 بدأ المركز في ادخال خدمة الانترنت للوزارات والهيئات الحكومية والمحافظات وفي بداية عام1997 بدأ المركز في خصخصة خدمات الانترنت وتوجد بالسوق المصرية16 شركة خاصة لتقديم خدمات الانترنت ارتبطت من خلال بوابات المصرية للاتصالات ووصل عدد الشركات العاملة في هذا المجال الي نحو68 شركة بحلول عام2000. ولكي تحقق الحكومة هذه الطفرة في مجال الاتصالات قدمت مجموعة من المبادرات لنشر استخدام الانترنت كان من أهمها مبادرة الانترنت المجاني عام2002. وشهدت مصر ظاهرة فريدة فيما يتعلق بشبكاتDSL حيث يقوم البعض بالاشتراك وتوزيع الاشتراك علي آخرين ومع هذه المجهودات تضاعف عدد مستخدمي الانترنت بطريقة ملحوظة وزاد الاهتمام الجماهيري بها خصوصا مع سهولة الدخول اليها في معظم المناطق بما في ذلك المناطق النائية بالاضافة لانخفاض اسعار الاشتراك والانترنت المجاني ووجود آلاف من مقاهي الانترنت في أماكن كثيرة تقدم الخدمة بأسعار زهيدة( جنيه واحد للساعة) في المدن الصغيرة والمناطق الشعبية, وتوجد حاليا نحو211 شركة تقدم خدمات الوصول الي الانترنت. 58 مليون عربي وسجل تقرير للشبكة العربية لحقوق الانسان لعام2009 أن عدد مستخدمي الانترنت العرب58 مليونا وعدد المدونات العربية نحو600 ألف والناشط منها150 ألفا, وتحتل مصر أكثر عدد لمستخدمي الانترنت حيث يصل الي15 مليون مستخدم ويذهب الي أن مصر أشد الدول تضييقا علي نشطاء الانترنت وتنامي عدد مستخدمي الانترنت في مصر وتضاعف ثلاث مرات منذ عام2006 عندما كان الرقم نحو5 ملايين مستخدم. وفي فبراير2009 أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء أن عدد مقاهي الانترنت بلغ4597 وبلغ اجمالي عدد المستخدمين اسبوعيا لهذه المقاهي804270 بمتوسط175 مستخدما لكل مقهي اسبوعيا في حين بلغ عدد أندية تكنولوجيا المعلومات نحو1776 تقدم خدمة الانترنت اسبوعيا لنحو190016 مستخدما.. وهذه الأرقام تشمل المقاهي المسجلة قانونا في حين يزيد العدد عن ذلك كثيرا حيث يلجأ الكثير من أصحاب المقاهي الي تجاهل التراخيص والتسجيل هربا من التعقيدات الادارية ولاسيما في المناطق الشعبية والمزدحمة. سقف الرقابة وأصبحت الانترنت وما تحملها من ثورة في عالم الاتصال والمعرفة تمثل اشكالية كبيرة فيما يتعلق بحجم الحرية التي تقدمها فيراها البعض ميزة كبيرة تتيح الابداع وحرية التعبير لكن آخرين يرون أنها, ازالت سقف الرقابة الاجتماعية والأخلاقية وأصبحت تهدد قيم المجتمع وخصوصا مع تزايد عمليات النصب الالكتروني والقرصنة الالكترونية مما أدي الي ظهور العديد من الجمعيات لمكافحة جرائم الانترنت وعقد ملتقيات تدعو لحماية أمن المعلومات علي الحاسب وعلي الانترنت ومناقشة التحديات القانونية في حقل المعاملات الالكترونية وحماية المعلومات علي الحاسب عبر الانترنت وبعض انماط جرائم الانترنت. قبل ظهور الانترنت كانت الجرائم تشمل القتل والسرقة والنصب والتزوير وغيرها ولكن تقنيات الكمبيوتر سهلت ارتكاب هذه الجرائم دون أن توجه اصابع الاتهام الي مجرم بالمعني التقليدي. يقول أحمد شوقي- موظف انه تعرض لعملية نصب عن طريق الانترنت اذ وعد أحدهم بالسفر الي كندا للعمل بفندق وطلب منه ارسال صورة جواز السفر وشهادة لانهاء اجراءات الفيزا ففعل ثم طلب منع ارسال30 دولارا فقط لتسهيل الاجراءات وعندما سأل عن تفاصيل العمل في الشركة واسمها اختفي الشخص الذي يراسلني واكتشف انه كان ضحية لعملية نصب. أما عمرو مصطفي- طالب في كلية هندسة- فيقول انه اثناء تصفحه للبريد الالكتروني وصلته رسالة تفيد بأنه دخل سحب اليانصيب وفاز بجائزة قدرها مليون جنيه استرليني, وعليه الاتصال برقم للحصول علي المبلغ وحين اتصل به طولب بتحويل950 دولارا امريكيا لاستكمال الاجراءات لتحويل الأموال بالخارج ومن هنا تبين أن هناك نية النصب وانتبه وامتنع عن التعامل مع أي رسالة مجهولة. كما تعرض والد الطالب أحمد حسين- كلية دار علوم- لمحاولة نصب من خلال الانترنت حيث وصلته رسالة علي البريد الالكتروني من البنك الذي يتعامل معه يطلب منه تحديث بياناته ومنها الرقم السري الخاص به وعندما اتصل للاستفسار من البنك اكتشف ان الرسالة وهمية وأن هذه الرسائل اصبحت ترسل الي أي بريد الكتروني بمنتهي السهولة وعلي أي شخص عدم الانسياق وراءها أو يتجنب أي اغراءات حتي لايقع فريسة. يقول سيد اسماعيل- صاحب مقهي انترنت- أن محله يعمل طوال اليوم باستثناء ساعات النهار الأولي ويتردد عليه يوميا أكثر من40 شخصا اغلبهم شباب وحوالي90% منهم يدخل الي مواقع الدردشة والباقي يكلمون ذويهم المغتربين ولكن الاقبال قل في الفترة الأخيرة نتيجة انتشار وصلات النت السريع وانخفاض اسعار أجهزة الكمبيوتر. ويتفق معه شوقي حسين من حيث عدد المترددين ونسبة الاستخدامات وأن هناك نسبة كبيرة من الشباب يسعون لصداقات مع فتيات من البلدان الأجنبية ويكون هدفهم اقتناص فرصة تساعدهم علي السفر للخارج وعندما ترسل لهم رسالة أو أي فرصة للسفر قد ينساقون وراء الاغراءات ويقعون في الفخ. وليس من السهل الحصول علي تراخيص مقاهي الانترنت وتعقد الاجراءات أدي الي ظهور بعضها دون أي تراخيص مما اساء استغلالها وساعد علي ظهور بعض الجرائم ولكن وزارة الداخلية تقوم بجهود مكثفة لاغلاق هذه المقاهي. خطورة تسجيل البيانات وعن مسئولية البنوك لحماية بيانات عملائها يؤكد المهندس مقبل فياض غضو منتدب في شركة لنظم المعلومات والاتصالات أن البنوك الآن تقدم نوعين من الكروت احدهما كروت الانترنت وهي محمية100% والأخري الكروت الفردية ويؤكد أن أكبر خطأ يقع فيه العميل هو تسجيل البيانات الخاصة به في أي رسائل يشوبها أي شك. وهناك اتجاه الآن لوضع قانون يحدد التجارة الالكترونية بشكل عام ليحمي العلاقة بين التاجر والمستهلك عبر الانترنت ولأن خدمات الانترنت البنكي سهلت الكثير من الوقت والجهد علي عملاء البنوك في كل مكان فهو بديل عملي وفعال للعملاء لكي يجدوا معاملاتهم البنكية في أي وقت ومن أي مكان دون زيارة الفروع. وأصبحت كل البنوك تدعم خدمات الانترنت البنكي التي تجعل المواطن يتمتع بعدة خدمات منها معرفة رصيد الحساب وتحويل الأموال من حساب الي حساب ومستقبلا سيتم تسديد فواتير الكهرباء والهاتف وغيرها. مسئولية العميل ويقول عبد الغني سلامة مدير ادارة ببنك القاهرة ان الكروت الائتمانية مؤمنة وأن البنك نفسه لايعرف بيانات العميل السرية واذا اكتشف الرقم السري فالعميل هو المسئول الأول وعليه أن يكون واعيا ولاينساق وراء أي اغراءات فالأجهزة الحديثة والتقنية تمكنت الآن من كشف أي تزوير وعلي من يتعرض لأي عملية نصب من خلال الانترنت الاتصال بالبنك حتي يتم وقف الحركة البنكية الخاصة به في الحال. وأغلب شكاوي العملاء تنصب في اخطاء اثناء التعامل بكروت الائتمان واثناء توقيع العقد فهناك التزام بين العميل والبنك وعليهما الالتزام معا, وقد مكنت التقنية الحديثة كل البنوك من حماية نفسها من هذه السرقات عبر استخدام أقوي البرامج لحماية بيانات عملائها ومواجهة هذا الخطر مسئولية مستخدم الانترنت أولا وأخيرا. وينصح سلامة بعدم اعطاء اسم المستخدم والرقم السري لأي شخص لأن هذا يعني انه اعطي بطاقة الصراف والرقم السري معا, تزوير مواقع البنوك وقد ابتكر لصوص الانترنت حيلة ذكية بتصميم موقع الكتروني زائف يقلد الموقع الخاص ببنك المستخدم, وعلي المستخدم أن يكون حذرا حتي لايقع فريسة سهلة للصوص الانترنت. ويري الدكتور محمود سالم استاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة أن الانترنت وسيلة اثبات مدني وتجاري ويأخذ بها قضائيا وهو مثل أي وسيلة تحتمل الصدق أو الكذب اما الحكم فيتم حسب تقدير القاضي لما ارتكبه الجاني فاذا كانت قضية سب وقذف واذا تمكن الخصم من اثباتها فالانترنت متهمة في كثير من الجرائم ويتم وضعها في أدلة الاتهام والاثبات. حدود المسئولية فما مسئولية الجهاز القومي للاتصالات عن انتشار هذه المواقع وسوء استخدامها من قبل المستخدمين وهل هناك حصر بأعدادها؟ وما مدي سلطته لمنع هذه المواقع؟ يقول عمر وبدوي رئيس الجهاز القومي للاتصالات أن الجهاز يقتصر دوره علي المعاونة الفنية مع وزارة الداخلية بعد الإبلاغ عن المواقع التي تم ضبطها ولايملك أي مسئولية عن انتشارها. ويقول الخبير الأمني اللواء فؤاد علام إنه رغم الجرائم الالكترونية فإن هناك وجها مشرقا للنمو الثقافي والعلمي, ولكن البعض يشوه هذا الإنجاز بإساءة استخدامه ويتابع قائلا: نحن الان بصدد وضع عدة قوانين تتواكب مع التقدم التكنولوجي ولكن بشكل يحفظ التوازن بين حرية الاستخدام وبين عدم اساءة استخدامه من خلال ضوابط صارمة. ابتزاز الكتروني وذكر المستشار مصطفي ابوطالب رئيس محكمة جنايات الجيزة واقعة حيث تعرف طبيب علي فتاة من خلال مركز تعليم اللغة وقام بمراقبتها فعرف أنها تستخدم ماكينة الصرف الآلي فاعتقد بثرائها وحاول ابتزازها وعرض عليها الزواج وعندما رفضت تمكن من الحصول علي بيانات وأنشأ موقعا أباحيا وبالمصادفة علمت بالموقع عن طريق صديق لها وأبلغت الشرطة وتمت مراقبة الموقع والتعرف علي بياناتها الطبيب وتم ضبطه وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات لأن القانون اعتبرها جناية لأنه نوع الابتزاز. وأضاف أنه يجب الحصول علي إذن من النيابة قبل إنشاء المواقع. توعية عملاء البنوك ويقول أحمد غريبة مدرب بأحد المواقع الالكترونية أن الهدف الأساسي من الانترنت هو تسهيل تداول المعلومات لاغراض هادفة ولكن البعض اساء استخدامها بتسهيل الجرائم, ومنها النصب من خلال مجموعة من المغريات أو الاعتماد علي الخدع التقنية للدخول الي مواقع البنوك والنصب باسمها وهنا يأتي دور البنوك بتوعية عملائها فالانترنت لها قوانين تنظمها لكننا نحتاج الي تطوير هذه القوانين بشكل لايقيد الحريات ويحافظ علي الخصوصية. ويشبه ايهاب الزلاقي مدير تحرير أحد المواقع الالكترونية الانترنت بالدواء فله آثار سلبية أيضا. والانترنت أفضل اختراع عرفته البشرية. ولكن هناك قصورا بالفعل في القوانين فأقدم قانون يخص الانترنت يرجع إلي15 سنة ولابد من تطوير ليواكب التقدم, وكما يجب أيضا عقد دورات لرجال القانون وأعضاء مجلسي الشعب والشوري لتنفيذها. كارثة الأدوية عبر الانترنت هناك كارثة أخري تتمثل في شراء الأدوية عبر الانترنت وقد حذرت دراسة طبية من ذلك قائلة إن العلاج لن يفيد المريض وربما يكون سببا في وفاته. وسجلت الدراسة أن تجارة الدواء عبر الانترنت بلغت220 مليار دولار عام2009 وأن نسبة المغشوش منها يفوق50%. وفي ورشة عمل في مصر عن مكافحة الغش التجاري في المجال الطبي. نوقش بحث حول تجارة الأدوية عبر الانترنت شمل1400 صيدلية وأثبت البحث أن62 صيدلية تبيع أدوية مغشوشة و30 نوعا من تلك الأدوية تصنف كادوية خطيرة وحيوية وأن الغش التجاري يقع فيها بنسبة7:10% من حجم التجارة. ويؤكد الدكتور مجدي حسين رئيس الشركة القابضة للأدوية أن الاحصائية سليمة100% وينصح بعدم شراء الأدوية من خلال مصادر مجهولة. توعية للقضاة والخبراء ويؤكد المستشار محمد الألفي رئيس الجمعية المصرية لمكافحة جرائم الانترنت أن هدف الجمعية هو القاء الضوء والتوعية بمخاطر الانترنت وكيفية الوقاية منها وهذا يستلزم تعديلا اجرائيا للتعامل معها فقانون العقوبات يشتمل علي تشريعات لمكافحة الجرائم ضد الأطفال والاعتداء والافعال غير المشروعة ولكنها تحتاج الي تثقيف لاعضاء النيابة والقضاة والخبراء المعنيين بالمسألة. فالجاني يحاول استغلال جهل المستخدم كأن يطلب بيانات خاصة به للاشتراك في أحدث مواقع ويسئ استغلالها وعلي المستخدم أن يحرص علي بياناته. ومن المفترض أن تشرف هيئة الصادرات والواردات ووزارة الصحة علي الأدوية. ويضيف أن الاعلانات الوهمية المنتشرة عبر الانترنت تقدم إغراءات كالحصول علي لاب توب ب30 دولارا. وينبهر المستهلك بالسعر دون معرفة بلد المنشأ وهذا يساعد علي دخول بضائع مغشوشة فضلا عن النصب والمواقع الاباحية والبورصة وهذا يستلزم توعية للمستخدمين وأن تقوم وزارة الاتصالات بعقد دورات تدريبية وأن يبادر المواطنون بالاقبال عليها فضلا عن وضع مادة خاصة بثقافة الانترنت في المناهج ومن خلال البرامج الإعلامية ايضا. وأضاف المستشار الألفي أن أغلب الدول توفر الأن الاستخدام الآمن لكروت الائتمان حتي لايحدث تلاعب في المعاملات البنكية. ثقافة التحايل فلماذا تتهم الانترنت علي الدوام باثارة المشكلات دون غيرها من وسائل الاعلام؟ يجيب الدكتور صفوت العالم الاستاذ بكلية الاعلام بجامعة القاهرة بأن هذه القضية مرتبطة بالثقافة حيث أن التسوق والشراء عبر الانترنت من المفترض أن يحظي بحالة من الشفافية والمصداقية ولكن الادعياء يحاولون التحايل علي نظم تكنولوجيا الاتصال هذا يستلزم وضع نظم قانونية وادارية وأمنية للتصدي لأي محاولة للنصب للوقوع في الفخ. ويري أن كثيرا من المواطنين يسيئون استغلال التكنولوجيا فمثلا عندما بدأ اقتراح صرف المعاشات من خلال الانترنت حاول البعض الحصول عليه من أكثر من مكان. ويقول جمال عيد رئيس تحرير موقع الكتروني إن من أسباب انتشار الجرائم عبر الانترنت وجود قدرات عالية لدي مجموعة من الشباب تحاول استغلالها بشكل اجرامي في محاولة لاثبات قدراتهم. ومن هنا يأتي دور الدولة في استغلال طاقات مثل هؤلاء الشباب ففي الهند والبرازيل عند اكتشاف مثل هذه الجرائم يتم توفير فرص عمل لاستغلال قدرات هؤلاء الأذكياء بعيدا عن النشاط الاجرامي. وأضاف أن كوريا الشمالية وكازاخستان هما الوحيدتان اللتان رفضتا دخول الشبكة العالمية والاكتفاء بشبكات داخلية الا انهما تراجعتا عن هذا القرار ودخلتا الشبكة العالمية لأنها تمثل الان اقتصادا كاملا.