غداً ومصر تتجه إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيسها تمر بخاطري بعض العبارات كالطيف من زمان كنت أظن يأسا وإحباطا أنه لن ينقضي وأحمد الله أن ظنى هذا لم يكن فى محله ..من هذه العبارات : مصر فيها مين غير مبارك ليحكمها ؟ كان هذا السؤال يثير اشمئزازى كلما سمعته من أحدهم أيام المخلوع فقد كنت استشعر منه نظرة دونية لمصر الولادة القادرة على مفاجأة العالم ومفاجأة نفسها كل لحظة ...ولن هذا السؤال اختزل عبقرية الشخصية المصرية فى شخص رئيس مبارك ولأن هذا السؤال يعني استسلاما بغيضا لحكم الديكتاتورية الذي قضى على حاضر مصر وأدخلها نفقا مظلما ..لكن ها هى مصر الآن تخرج فى لحظة فارقة فى تاريخها لتنتخب رئيسها وتختار من بين ثلاثة عشر مرشحا رئيسا لها .....والمصريون قادرون بعبقرية فطرية على اختيار من يمثلهم بفهم معتدل ووسطية تمثل وسطية مصر فى التاريخ والجغرافيا ...بل لقد أصبح المصريون فى سجال عبر شبكات التواصل الاجتماعي والمقاهى يساءلون بعضهم البعض عن أفضل المرشحين ..اليوم أصبح السؤال أعلاه لا محل له من الإعراب غداً يتخلص المصريون من نظريات الفرعون الإله والحاكم الذي هو ظل الله على الأرض وفق مفاهيم كرسها الكهنة ورجال الدين التابعين للسلطة عبر عصور ومن العبارات التي أتذكرها اليوم بمزيج من السخرية والارتياح تلك الإهانة التى وجهها اللواء عمر سليمان عندما رأى الشعب المصري طفلا فاقدا للأهلية لا يستطيع أن يعي فكرة الديمقراطية أو يمارسها ..وبالإحساس نفسه أتذكر تلك الأغنية البغيضة " اديها كمان حرية " والتى لا أتذكر ولا أريد أن أتذكر من قام بكتابتها فالحرية لم ولن تكون أبدا منحة من أى حاكم أيا كان لمصر والمصريين . وأخيرا أتذكر تلك العبارة العبقرية التى قالها عمنا أحمد فؤاد نجم فى عز سطوة النظام وجبروته أن المصريين انقسموا بين حب جمال عبد الناصر والسادات فأصبح لدينا الناصريون والساداتيون بينما لم يجد من يحب مبارك ... فعبد الناصر رغم تكريسه لحكم العسكر وافتئاته على الرئيس محمد نجيب الذي دفع الثمن كاش وفورا عندما طالب بعودة الجيش إلى ثكناته وإتاحة الفرصة لانتخابات ديمقراطية لتكرس حكما مدنيا . فكان مصير الرجل تحديد الإقامة مع قطط وكلاب قصر المرج . ورغم أن عبد الناصر مسئولا بشكل أو بآخر عما آلت إليه مصر الآن لأنه حرم مصر من فرصة تاريخية كى تنهض إلا أنه يظل فى حكم التاريخ رجلا وطنيا شريف اليد..وربما ينطبق عليه ما قاله الجبرتى فى محمد على مؤسس مصر الحديثة بلا منازع" لو أنه تميز بقدر من العدل لكان أسطورة زمانه مع تغيير كلمة العدل لتحل محلها كلمة الديمقراطية ...أما السادات فسيظل فى وجدان المصريين الرجل الذي أزال وصمة يونيو بكبرياء أكتوبر لكن الرجل كانت له أخطاؤه بلعبته السياسية مع الإسلاميين وخطيئته فى نظر البعض بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد مع الإسرائيليين ..والسادات كعبد الناصر كانت له كاريزمته فى طلته وطريقة حديثه أما مبارك فلن نتذكر له سوى أنه ترك لنا تعليم مهلهلا وصحة مضعضة وفقرا مضجعا وآمالا محطمة ولكن لأننا نريد الحياة فقد آن لليل أن ينجلى. المزيد من مقالات سهير عبد الحميد