خلال زيارته لسوهاج.. نقيب المهندسين يلتقي المحافظ لبحث أوجه التعاون    تقديم الخدمة ل 85 ألف مواطن في اليوم الأول من مبادرة 100 يوم صحة بالشرقية    اليوم بدء تلقي طلبات التقديم لمدارس التمريض بالبحر الأحمر (الشروط والدرجات)    باحث: مصر تتبع نهجاً دبلوماسياً هادئاً وفعّالاً في التعامل مع أزمة سد النهضة    ورشة عمل للمتابعة الإلكترونية لمؤشرات أداء الخطة الاستراتيجية لجامعة بنها    سعر الذهب فى مصر اليوم الخميس 17 يوليو 2025.. عيار 21 يسجل 4635 جنيها    "الوزراء": الدولة مستمرة في دعم محصول الذرة الشامية وتعمل على زيادة إنتاجيته    رئيس الوزراء يفتتح مجمع الشهر العقاري بالعلمين الجديدة ويشهد إطلاق منظومة الربط والتكامل بين "العدل" و"الإسكان" ب16 مدينة جديدة.. صور    وزيرة البيئة: مصر قدمت للعالم نموذجا حقيقيا وعمليا لإمكانية الربط بين مواجهة آثار تغير المناخ    الإسكان: كراسات شروط الطرح الثاني ل"سكن لكل المصريين7" متاحة بمنصة مصر الرقمية    قرار جمهورى بالموافقة على منحة لتمويل برنامج المرفق الأخضر من الاتحاد الأوروبى    المدينة الرياضية المفتوحة بالعلمين على طاولة وزيري الرياضة والإسكان    المشاط: 45.6 مليار جنيه استثمارات عامة موجهة لمطروح في خطة 2025-2026    السلطات السورية تسحب قواتها بالكامل من محافظة السويداء    18 شهيدًا في تصعيد إسرائيلي على غزة بينهم عناصر تأمين للمساعدات    رغم الحرب.. روسيا تحتفظ بمكانتها كرابع أكبر اقتصاد في العالم    ارتفاع حصيلة ضحايا حريق مول «هايبر ماركت» في العراق ل63 حالة وفاة و40 إصابة (فيديو)    "أوتشا": أكثر من 80% من الأشخاص ذوى الإعاقة فى غزة فقدوا احتياجاتهم الأساسية    إصابة كاهن ونازحين فلسطينيين بقصف إسرائيل كنيسة في غزة    مقتل شخصين وتشريد أكثر من ألف جراء الأمطار الغزيرة بالمناطق الوسطى فى سول    موعد وصول لاعب الزمالك الجديد إلى القاهرة    نهاية رحلة وسام أبو على مع الأهلى.. فيديو    "صعبة للغاية".. شوبير يصدم جماهير الأهلي حول إمام عاشور    أحمد شريف: الزمالك أحسن من الفلوس وشيكابالا أسطورة والسعيد لن يتكرر    تعرف على مواجهات مانشستر يونايتد الودية ضمن معسكر الإعداد للموسم الجديد    حملات أمنية لضبط جالبى ومتجرى المواد المخدرة والأسلحة النارية والذخائر غير المرخصة    إخماد حريق بمنطقة الهيش بالقرب من محطة توليد كهرباء أسوان الأولى    إغلاق حركة الملاحة الجوية والنهرية بأسوان بسبب سوء أحوال الطقس    الفرص ومواعيد الامتحان والدرجات.. التعليم تجيب عن أسئلة حول البكالوريا    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبى جرائم الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبى    كشف ملابسات قيام أحد الأشخاص بحمل سلاح أبيض وتهديد المواطنين بدارالسلام بالقاهرة    تكثيف الحملات التموينية المفاجئة على الأسواق والمخابز بأسوان وتحرير 366 محضرا    انزلقت أقدامهن.. الإنقاذ النهري يكثف جهوده لانتشال 3 شقيقات بأسيوط    إيهاب توفيق وخالد سليم نجوم صيف الأوبرا 2025 بإستاد الأسكندرية    تفاصيل تشييع جنازة والدة هند صبري وموقف العزاء بالقاهرة    المهرجان القومي للمسرح يناقش أساليب الإخراج وآليات الإنتاج غير الحكومي    احتفالاً بالعيد القومي لمحافظة الإسكندرية.. فتح المواقع الأثرية كافة مجانا للجمهور    فيلم الشاطر لأمير كرارة يحصد 2.7 مليون جنيه في أول أيامه بدور السينما    كابتن محمود الخطيب يحقق أمنية الراحل نبيل الحلفاوى ويشارك في مسلسل كتالوج    مباحثات لتعزيز علاقات التعاون المشتركة بين جامعة القاهرة وجامعة جيجيانغ الصينية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 17-7-2025 في محافظة قنا    نائب وزير الصحة يعقد الاجتماع الثالث للمجلس الأعلى لشباب مقدمى خدمات الرعاية الصحية    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: بروتوكول تعاون مع الصحة لتفعيل مبادرة "الألف يوم الذهبية" للحد من الولادات القيصرية    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير (139) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    «دراسة تحذّر من تجاهله».. هرمون خفي قد يرفع ضغط الدم دون أن تدري    "كوكاكولا" تعلق على تصريحات ترامب بإضافة السكر الطبيعي    ما الفرق بين المتوكل والمتواكل؟.. محمود الهواري يجيب    بالصور.. إدوارد ولولا جفان يشاركان في أول حفل لهما بالعلمين الجديدة    برنامج مباريات توتنهام في فترة الإعداد الصيفي    كيف نواجه الضغوطات الحياتية؟.. أمين الفتوى يجيب    «التضامن» توافق على إشهار 3 جمعيات في محافظة البحيرة    إعلان القائمة النهائية بأسماء مرشحى الشيوخ وانطلاق الدعاية الانتخابية    ما هي العاصمة التالية؟ وزير خارجية إيران بعد قصف دمشق: «كان متوقعاً»    أكذوبة بعث القومية العربية في عهد ناصر    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة    الأهلي يكشف كواليس عرض الحزم السعودي لضم أحمد عبد القادر    الزمالك يقترب من ضم المغربى عبد الحميد معالى نجم اتحاد طنجة    لو لقيت حاجة فى الشارع اتصرف إزاى؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثلاث قصص قصيرة
محمد البساطي:
نشر في الأهرام اليومي يوم 18 - 05 - 2012

‏1-‏ وقتلوه أخيرا: أخرجوه من الزنزانة‏.‏ مشي في طرقة ضيقة وثلاثة من الحراس وراءه‏.‏ نزلوا درجات السلم الأربع وعبروا قاعة واسعة في نهايتها حجرة مضيئة بابها مفتوح‏,‏ يجلس بها ثلاث من الرتب العسكرية الكبيرة حول منضدة بيضاوية‏.‏ قال واحد منهم يبدو أنه رئيسهم‏. سالم؟
أومأ صامتا.
ماتعرفش طبعا طلبناك ليه.
لأ.
كنت ضابطا في المخابرات لفترة طويلة. نحو عشر سنين, وكلفوك بقتل زعيم معارضة, المرة الثانية التي حاولت فيها قتله. قبض عليك وحوكمت. العقوبة كانت ثماني سنوات. قضيت منها خمس. صح؟
صح يا أفندم.
والآن. نريد أن تقتله ولا نرغب في أي أخطاء. إيه رأيك؟
حل صمت.
قال الضابط الكبير: اتكلم.
وأقتله إزاي؟
حا أقول لك. موافق؟
موافق.
شوف يا سيدي. أقعد.
وأشار إلي مقعد خال غير بعيد عنه
حانخلق منك شخصية ثانية. ونعطيك الحرية أن تقتله. تقتله بالطريقة السليمة. الفشل معناه قتلك. ونحن من سيقتلك. لا نريد أن يظهر دورنا في العملية فيثور العالم علينا. واضح الكلام؟
حل صمت.
قال الضابط الكبير: اتكلم.
أومأ موافقا.
كويس. كلام قليل. خلي بالك معاي. دي بطاقة شخصية باسم غير اسمك. حسين. كويس كده. ما تلفتش النظر لك. ودول قرشين تصرف منهم. وتنزل في فندق درجة ثالثة. هادئ. موش زحمة. واضح كلامي.
واضح.
ادخل الحجرة اللي وراءك. غير هدومك. وحاتلاقي في شنطة ورق هدوم تانية علشان لما تحب تغير شكلك. وفيه شنب كبير في الشنطة الورق ومعاه لاصق مفهوم؟
ولما أحب اتصل بكم استفسر عن حاجة.
ما تتصلش بنا أبدا. من اللحظة دي لا نعرفك ولا تعرفنا, مفهوم كلامي؟
مفهوم يا أفندم.
بالتوفيق.
جرت المحاولة الثالثة للاغتيال في شارع عام وقت الظهيرة, كانت السيارات الكثيرة تقف في اشارة مرور. يعرف السيارة التي يركبها الزعيم. كان قد راقب بيته يوما كاملا. متظاهرا بقراءة جريدة قديمة عثر عليها فوق الدكة التي يجلس عليها في مواجهة البيت.
حين رأي سائقه يخرج بالسيارة وهو داخلها, استأجر تاكسي وتبعه. توقفت السيارة في إشارة المرور. نزل من التاكسي وألقي نظرة خاطفة علي السيارة, وقال انها اللحظة المناسبة.
كان يلبس جلبابا من الصوف وكوفية تخفي نصف وجهه ويحمل مقطفا ممتلئا بجرائد قديمة. انحني بجوار سيارة الزعيم وكأنما يربط حذاءه, وجذب صمام الأمان من القنبلة ودحرجها تحت السيارة, وأسرع مبتعدا. في اللحظة نفسها فتحت اشارة المرور. حين رأي السيارات الواقفة تتحرك التفت مذعورا, ورأي سيارة الزعيم تتحرك بطيئا, وحلت مكانها سيارة أخري تسوقها امرأة وعلي مقعدها الخلفي ثلاثة من الأولاد الصغار يغنون ويصفقون, لوحوا له حين رأوه ينظر إليهم, هرول متخفيا في زحام المارة. وترك المقطف بجوار دكان مفتوح. وسمع الانفجار. لمح أجساد من السيارة تتناثر, ومالت السيارة علي جنبها مهشمة.
مشي مسرعا حتي بلغ الفندق. تلفت حوله. لا أحد يتبعه, وقف لحظة وأخري ينظر إلي الشارع محدقا إلي وجوه المارة. لا شئ. صعد إلي غرفته.
خلع جلبابه وقذف به والكوفية إلي الشنطة الورقية. لبس البدلة, وجمع ملابسه في شنطة ورقية أخري, وجذب شاربه وأزال آثار المادة اللاصقة من فوق شفته.
يعرف أنهم سيحاولون قتله, وعليه أن يختفي. دفع حسابه في الفندق, وخرج ليبحث عن لوكاندة رخيصة.
جرت محاولة قتله بعد خروجه بخطوتين. لمح سيارة مندفعة نحوه تسعي لهرسه بالحائط, اندفع يجري في الشارع ودخل حارة جانبية ومنها إلي شارع يكثر به المارة.
سار متمهلا إلي اللوكاندة, تمدد ببدلته ونام.
صحا بعد ساعتين.
أخذ حماما وأفاق. والآن؟. سرعان ما يكتشفون مكانه. لابد أن يختفي. أين؟. تذكر امرأة كان يعرفها من سنوات. ربما لا تزال في بيتها. لبس بدلته وخرج.
دق جرس شقتها. فتحت الباب امرأة مليحة. حدقت لحظة في وجهه. ثم صاحت:
سالم؟ يا خبر. عاش من شافك.
وأنت زي ما أنت. ما تغيرش فيك حاجة.
دايما كان كلامك حلو.
وأنت كمان.
موش قادرة أقول لك تفضل. أصل اتجوزت.
وحل صمت.
قالت: وعندي ولدين. والحمد لله مستريحة.
أصلك وحشتيني قلت آجي أشوفك. وشوفتك, طيب. أمشي أنا.
بالسلامة.
عاد إلي اللوكاندة. خلع ملابسه واستلقي علي السرير. سرعان ما يأتون.
سمع وقع أقدامهم تصعد السلم. الحذاء الميري له صوت غير الأحذية الأخري.
استدار وأعطي وجهه للحائط.
2- ثلاثون رجلا يواجهون الموت
اندفع عدد من الرجال خارج بيوتهم. استندوا إلي الجدران الجانبية للبيوت, وأخذوا يتقيئون.
أحصاهم رجل كان يمر صدفة وتوقف. وجد عددهم يقترب من الثلاثين. صف طويل من البيوت علي جانب الحارة, ونسوة يصرخن ويلطمن الوجوه.
قال الرجل: هو السماد الكيماوي. سقط سهوا علي العيش أو أي طعام آخر.
هز رأسه مؤكدا ما يقول ومضي.
الرجال الثلاثون المستندون إلي الجدار يعتصرون بطونهم ويتأوهون, وكثير من القطط وقفت بالقرب منهم تهز ذيولها وتنظر.
قالت امرأة رجل من المرضي:
المستشفي. مافيش غيرها.
وأندفعت ثلاث نسوة يقترضن الحمير من البيوت بامتداد الحارة جمعن أكثر من ثلاثين حمارا. انتقين القوي منها الذي يشبه البغل وردن الباقي. تأكدن من ثبات البرادع فوقها. وحملن الرجال المرضي, ووضعوهن عليها. تدلت سيقان وأذرع المرضي من الجانبين, وكان القئ يسيل من أفواههم.
اكتشفت امرأة أن رجلها من غير سروال. صاحت بالرجال أن ينتظروا. جرت إلي داخل البيت وعادت بسروال نظيف, ساعدها الرجال في إدخاله بين ساقيه. تحركت الحمير في طابور مزدوج, يهرول علي جانبيه رجلان يحمل كل منهما عصا صغيرة ويمنعونها من الاحتكاك بالجدران.
المستشفي خارج البلدة. ما أن وصلوا حتي أخلي الممرضون عنبرا واسعا, ونقلوا المرضي به إلي عنابر أخري.
حملوا المرضي القادمين علي نقالات, شطفوا أفواههم وخلعوا جلابيبهم المتسخة. وأخذوهم في طابور إلي دورة المياه وغسلوا معداتهم وأرقدوهم في السرير.
النسوة في الحارة لم يصبرن. يذهبن ويأتين أمام البيوت. قالت واحدة منهن:
يعني نسيبهم وحدهم؟
وحانعمل إيه؟
نبص عليهم.
ويسمحوا لنا في المستشفي؟
ليه لأ.
جلابيبهن مهلهلة, وأقدامهن حافية. قالت امرأة وقد خمنت ما يدور في رؤوسهن:
احنا في زنقة.
هي وصلت أننا نستلف الهدوم؟
وفيها إيه. الناس لبعض.
تطوعت امرأتان للمرور علي بيوت الحارة. عادتا بكومة من الجلابيب. تجمعن في بيت واحدة منهن. تنتقي كل امرأة ما يناسبها.
قالت امرأة: ونروح حافيين؟
لأ. شكلها وحش.
هرعت المرأتان اللتان تطوعتا من قبل لجمع الجلابيب إلي البيوت وعادتا يرافقهما نسوة أخريات يحملن شيكارتين ممتلئتين بالشباشب. وأخذت كل امرأة الشبشب الذي يناسب مقاسها.
قالت امرأة: ونروح ماشيين؟
والسكة طويلة.
اندفعت أربعة منهن إلي الحواري المجاورة, يستلفن ثلاثين حمارا. وانطلقن في طابور مزدوج وسيقانهن تتشبث بالبرادع. وصلن إلي المستشفي, ووقفن مترددات بمدخل العنبر الواسع, وأحكمن الطرحة حول رءوسهن.
وقفت كل منهن أمام سرير رجلها يبكين في صمت. وجوههم شاحبة وأنفاسهم لاهثة.
جلسن علي حافة السرير يجففن عرقهم بفوط وجدنها بجوار رءوسهم.
وهدأ العنبر أخيرا.
3- المرأة وطفلها
ظهرت المرأة الشابة في أول الشارع. كانت تحمل طفلا علي صدرها. خطوتها غير متزنة, تتعثر مستندة إلي جدران البيوت الممتدة بطول الشارع.
اشفقت عليها امرأة جالسة علي عتبة بيتها. حين اقتربت قالت لها:
تعالي يا بنتي استريحي جنبي.
كتر خيرك. بس ما أقعدش علي العتبة.
ليه؟
حايشوفوني. جوه البيت يكون أحسن.
حملت المرأة الطفل عنها وأدخلتها البيت:
ومين اللي يشوفك؟
اخواتي.
ويجري إيه لو شافوك؟
يقتلوني.
يا خبر. ويقتلوك ليه؟
دي حكاية.
احكي لي يمكن أقدر أساعدك.
أخذت المرأة الشابة الطفل منها وراحت ترضعه:
أصل اتجوزت من غير موافقتهم.
ويقتلوك عشان كده؟ وأبوك فين؟
مات من سنين.
وجوزك؟
هرب عند أصحاب له في بلد جنبنا. اللي اتجوزت فيها.
هرب منهم؟
آه. كانوا عايزين يقتلوه هو كمان.
وحاتعملي إيه؟
حاركب القطار وأروح لجوزي.
ابنك هايتبهدل كده.
لو تخليه عندك يومين لغاية ما أبعت حد ياخده؟
حاضر.
بس تخفيه. يمكن يقتلوه لو عرفوا أنه هنا. قلوبهم سودة.
ومعاكي فلوس.
فكت المرأة الشابة عقدة منديل بيدها, وعدت ما به من نقود. قالت:
معي ما يكفيني.
خذي معاك زيادة.
لأ كفاية.
طيب كلي لقمة.
ماليش نفس.
خديها معاك.
كتر خيرك. نفسي مسدودة.
نهضت المرأة الشابة. نفضت ما علق بمؤخرة جلبابها من نتف القش. انحنت وقبلت طفلها وخرجت.
أغلقت المرأة الباب خلفها. تربعت علي الفرشة وأطلقت الطفل يحبو في الحوش.
نهضت بعد قليل ونادت امراة من الجيران, وطلبت منها أن تأتيها بنعيمة التي ولدت حديثا.
وقولي لها أنها حاترضع عيل. عشان تبقي عارفة.
وجاءت نعيمة ورضيعها علي كتفها. تربعت بجوار المرأة, تناولت الطفل من المرأة وأرقدت رضيعها بجوارها علي الفرشة, بكي قليلا ثم سكت, وراح يمص اصبعه.
اندفعت امرأة من الجيران خلال الباب الموارب. صاحت:
قتلوا واحدة علي المحطة.
سألت المرضعة: واحدة مين؟
ماحدش عارف.
واللي قتلها؟
هرب.
وعرفوه.
ولا حد شافه.
أخذت المرأة الطفل من المرضعة, ضمته إلي صدرها, عيناها مبللتان بالدموع. همست كأنما تكلم نفسها:
حسرة عليها.
سألتها المرضعة: تعرفيها؟
آه. كنت أعرفها.
ومين هي؟
والله يا بنتي ما أعرف. كانت ماشية وأنا قاعدة علي العتبة. وشوفتها تعبانة. قلت لها اقعدي ريحي. قعدت. جبت لها لقمة أكلتها. وعملت لها شاي. شربته. شوية ومشيت.
نهضت المرضعة والجارة. خرجتا. أغلقت المرأة الباب خلفها وتربعت علي الفرشة. أطلقت الطفل يحبو في الحوش أخذت تطلق أصواتا خافتة فيرفع الطفل رأسه ملتفتا ويضحك.
تهمس لنفسها: حسرة عليها. كانت حاسة أن ده حايحصل.
رمقت الطفل وهو يدحرج نفسه علي أرض الحوش.
قالت: وأنت. يا تري مين اللي حاييجي ياخدك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.