تجرى مناقشات واسعة الأن داخل أجهزة الأمن، ويتساءل خبراء مكافحة الإرهاب فى الدول الغربية ، لماذا يظهر لنا أن كثيرا من الإرهابيين أشقاء؟، السؤال سبق التعرض له، لكن ماجرى فى بروكسل مؤخرا، وأكتشاف عن أن الإرهابيين الإنتحاريين، خالد وإبراهيم البكراوى، شقيقان، قد أعاد طرح السؤال. كما ظهر أيضا أن اسمى هذين الشقيقين كانا ضمن قائمة من أشقاء شاركوا فى كل عمل إرهابى إرتكب فى الدول الغربية، وذلك منذ أن شاركت ثلاث مجموعات تربط بينها علاقات عائلية فى أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001. وهذه العلاقات الأخوية والأسرية ليست جديدة، بل إنها تعود إلى سنوات قديمة، منها ما حدث فى القرن التاسع عشر من أعمال إرهابية على يد «الفوضويين» فى فرنسا، كما كان يطلق على مثيرى الفوضى والعنف فى تلك الفترة، والمتطرفين فى جنوب شرق آسيا، والمتطرفين اليهود الذين شاركوا فى قتل إسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل الأسبق عام 1995. ولوحظ أن تجنيد الأخوة لبعضهم يعتبر فى نظر منظمات الإرهاب خطوة مثالية، فأول شخص منهم يتحول إلى إرهابى، يسهل له تجنيد أخيه، بعد أن يلقنه أفكاره الوهمية التى تقنعه بأنه صاحب أيدلوجية وهدف نبيل. صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية تحدثت عن دراسة جديدة جاء فيها، أن نحو 30% من أعضاء الجماعات الإرهابية يرتبطون بروابط عائلية، وأن هذه الروابط العائلية تشمل تحديا كبيرا للأجهزة القانونية، فهؤلاء الأخوة يعيشون معا فى نفس المنزل، ويتصلون ببعضهم بدون إستخدام التليفون المحمول، والذى يمكن مراقبته. وقد تعددت تقديرات الخبراء التى تناولت ظاهرة الأشقاء، مثل ما كتبه أندرو كورتكونين، الأستاذ بجامعة جورج ميسون الأمريكية، من أن الأخوة عادة ما يكونون عرضة لنفس الأفكار المتشابهة، التى تحرضهم على التطرف، وإذا شعر أحدهم بخطأ ما يفعله فيمكن التأثير عليه من جانب الأسرة، بحيث لا يندفع لإبلاغ الشرطة عن أى عمل إرهابى إرتكبه أخوه أو أحد من أفراد أسرته. وكما ظهر من الهجوم الإرهابى على مطار بروكسل، فإن الشقيقين اللذين إرتكبا الجريمة لم تقتصر تصرفاتهما على هذا الحادث فقط، بل كانت لهما علاقة بالهجوم الإرهابى فى باريس فى 13 نوفمبر الماضى، والذى قتل فيه 130 شخصا، كما أن إبراهيم شقيق صلاح عبد السلام، الذى ألقى القبض عليه فى بروكسل، كان يضع حول جسده حزاما ناسفا وهو جالس فى مقهى قريب من موقع الحادث. إذا تتبعنا هذه العلاقات الأسرية، نجد أن هذا ينطبق أيضا على الأخوين شريف وسعيد كراتشى، اللذين قتلا 12 شخصا فى باريس فى يناير العام الماضى، وهو نفس ما حدث أثناء سباق الماراثون فى مدينة بوسطنالأمريكية، عندما قام شقيقان من أصول شيشانية ومهاجران إلى أمريكا بتفجير إرهابى فى مكان السباق. وطبقا لما ذكرته نيويورك تايمز، نقلا عن ج. بيرجر، محلل الشئون الإرهابية، فإن التطرف العنيف إنتشر عن طريق الروابط الإجتماعية، وأن علاقات الأشقاء داخل العائلة الواحدة تعتبر جانبا مهما من البيئة الإجتماعية التى تضمهم معا، وفى هذه البيئة يستطيع الأشقاء دفع بعضهم بعضا إلى التطرف. تقول أيضا الخبيرة فى قضايا الإرهاب، مايا بلوم، أن البحوث الإجتماعية أظهرت أن نحو ثلث اعضاء الجماعات الإرهابية جاءوا من نفس العائلة، ويتم الزواج فيما بينهم من أجل بناء ما سموه «التحالف الجهادى داخل الأسرة». هذه الظاهرة لفتت نظر علماء النفس الذين تعرضوا لدراسة الإرهاب، وقالوا إن تشكيل خلية صغيرة من شخصين من أسرة واحدة، هو تطور دفع أجهزة الأمن للتنبيه إليه. هذه الظاهرة المقلقة شدت إنتباه المهتمين إلى أن غياب دور التعليم فى غرس القيم الدينية والأخلاقية الصحيحة فى عقول الصغار، وتقلص وجودها فى مناهج التعليم، قد فتح الباب أمام الصغار للقيام بدور تلقين بعضهم أفكار التطرف، دون أن يكون هناك تأثير مضاد لهذه الأفكار من المؤسسات التعليمية، التى يفترض عليها أن ترشد وتعلم وتنبه إلى ما هو مضلل وخادع، ويسهل غرسه فى عقول صغيرة لم تنضج بعد، بحيث تتبنى هذه الأفكار دون وعى، وتكون قد إستولت على تفكير أصحابها حتى وهم يتقدمون فى العمر، وعندئذ يكون قد فات الأوان على تغيير ما زرعه المضللون فى عقولهم.