هل نأمل فى أن نرى رجل أعمال مصرى يتبرع بجزء من أرباحه احتفالا بمولد ابنته أو بمولد حفيده.. كما فعل أخيرا عملاق التكنولوجيا «مارك زوكربيرج» مؤسس الفيسبوك.. الذى دفعته فرحته لحظة أن رأى ابنته «ماكسى» إلى التخلى عن 99% من أرباح أسهم شركته لصالح المشروعات الخيرية.. معلنا أنه يتمنى أن يتمتع جميع الأطفال بطفولة سعيدة خالية من المرض والفقر والظلم. وهل نأمل فى أن نرى ثريا مصريا يفعل مثل الأسكتلندى «أندرو كارنيجى» الذى أصبح نموذجا للإنسان الساعى إلى تعزيز الخير للإنسانية فى بدايات القرن العشرين، بعد أن ارتبط اسمه بحجم الأموال التى تبرع بها.. وليس بحجم الثروة الضخمة التى يمتلكها.. ومن يتبع مسيرة حياة هذا الرجل سيدرك أنه كان يحمل قلبا دافئا.. وروحا تواقة للمثل العليا.. فلم يخذل إنسانا طلب منه المساعدة.. ولم يتجاهل صوت ناشده المساندة.. لإيمانه بأن ما من فعل من أفعال الخير يضيع سدى. فى أمريكا التى انتقل إليها مع أسرته وهو مراهق.. أحبه كل من تعامل معه.. خاصة هؤلاء الذين ساعدهم خلال الحرب الأهلية على العثور على أبنائهم المفقودين أو المصابين فى أثناء عمله فى خطوط السكك الحديدية فى واشنطن. فى سنواته الأخيرة.. كان حزينا ومهموما.. بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى.. فقرر أن يجلس ويكتب وصية يتبرع فيها بجزء من ماله للمؤسسات التى ستسهم فى نشر السلام فى العالم.. بالإضافة إلى مبلغ قدره مليون دولار لتشييد مكتبات عامة فى جميع أنحاء الولاياتالمتحدةالأمريكية.. وأيضا فى أسكتلندا مسقط رأسه.. فقد علمته تجارب الحياة أن المعرفة من أهم العوامل التى تساعد الإنسان على التفكير السليم وعلى الارتقاء بحياته. عندما رحل عن الحياة فى عام 1919 خيم الحزن على منشآته الصناعية.. وبكاه موظفوه وعماله.. ووصفه أحد أصدقائه بأنه كان متواضعا وعطوفا.. ودائما متحمسا لرد الجميل.. وتواقا لأن يشاركه الآخرون نجاحاته وإنجازاته. أيضا هل نأمل فى أن نرى رجلا مثل الهولندى «إدوارد بوك» أحد أبرز رؤساء التحرير فى أمريكا.. والذى كتب فى مذكراته أنه كان صبيا عندما ترك أمستردام ورحل مع أسرته إلى أمريكا.. وأن جدته العجوز.. وهى تودعه.. قالت له: «افعل الخير يا بنى واجعل العالم مكانا أفضل وأكثر جمالا».. لم يدرك وقتها أن هذه النصيحة ستلهمه فى كل مراحل حياته.. وستدفعه إلى العمل.. بعد انتهاء اليوم الدراسى.. فى تنظيف واجهات المحال.. وفى بيع زجاجات المياه وعصير الليمون لراكبى الترام.. لكى يساعد أباه الذى لم يتمكن من العثور على وظيفة مناسبة.. وليساعد أمه على استعادة البسمة التى اختفت وهى تبحث عن شعاع أمل وسط ظروف بالغة القسوة. وعمره 56 عاما.. فقد قرر اعتزال العمل.. وهو فى قمة شهرته وتألقه.. بعد أن ضاعف من توزيع مجلة اسمها «ليذيز هوم» تولى رئاسة تحريرها وهى متعثرة فى بدايات القرن الماضى.. ليجعل منها إحدى أهم وأرقى المجلات فى أمريكا.. أيضا فى هذه الفترة تذكر نصيحة جدته.. وعندما بدأ يفكر كيف يساعد فى جعل الحياة أفضل وأجمل.. جاءته الإجابة.. بالتعليم والثقافة.. لذلك قرر أن يسهم بجزء كبير من أمواله فى المشروعات الخاصة بهذين المجالين. والآن.. هل لديكم يا رجال أعمال مصر.. وقت لقراءة السير الذاتية لأقطاب الصناعة فى القرن العشرين.. أمثال «جون روكفلر» وعائلة «كرافت» الذين أرجعوا نجاحهم الباهر إلى أنهم كانوا يتبرعون بعشر أموالهم للمشروعات الكبرى وللأعمال الخيرية.. وعندما سئل «روكفلر» عن سبب تبرعه بكل هذه الأموال أجاب: «الله هو الذى أعطانى هذا المال وسيضاعفه إذا ساهمت فى تحسين أحوال البشر». أيضا.. هل لديكم يا أثرياء مصر.. وقت لتبحثوا فى دهاليز الذاكرة عن نصيحة سمعتموها من جدة عجوز أو من جد مسن أن تفعلوا الخير لتصبح الحياة أجمل وأفضل.. فربما تلهمكم هذه النصيحة أن «تصبحوا» على مصر.. يا رجال أعمال مصر. لمزيد من مقالات عايدة رزق