من البداية يتضح ان فيلم «حرام الجسد» بعيد تماما عن الافلام التجارية التى اعتدنا عليها السنوات الماضية وهو ليس الفيلم الوحيد الذى يخرج من عباءة الافلام التجارية فى الفترة الأخيرة فقد سبقه فيلمان الاول «نواره» والثانى «قبل زحمة الصيف» والثلاثة منحونا بارقة أمل فى التنوع السينمائى سواء اتفقنا او اختلافنا على جودة تلك الافلام. ورغم أن الثلاثة أفلام قد اتخذت من الثورة محورا للأحداث فإن فيلم «حرام الجسد» قد اصابنا بصدمة كبيرة حيث تأخذنا الكاميرا فى البداية الى سجين هارب وسط صحراء جرداء لتقوده قدماه الى احدى المزارع التى يملكها أحد الاثرياء الذين ترعرعوا فى عهد نظام مبارك قاصدا ابن عمه حسن ذلك الرجل العاجز الذى يأمل فى انجاب طفل يكون عونا له.. وهنا السؤال: كيف لذلك الرجل المريض حراسة مثل هذه المزرعة الشاسعة بمفرده رغم حالة الخوف المسيطرة نتيجة الانفلات الأمنى الذى خلفه اقتحام السجون وهروب المساجين ؟ وكيف تزوج من فتاة صغيرة يتضح لنا انها كانت حبيبة ذلك السجين الذى انتهز فرصة اقتحام السجون ليهرب الى حريته ولكن لماذا ذهب الى ابن عمه بالتحديد، هل لابتعاد المزرعة وسط تلك الصحراء بعيدا عن الانظار؟ ام ليكون قريبا من حبيبته التى تركته بعد الحكم عليه بالسجن المشدد خمسة وعشرين عاما؟ اتخذ المؤلف والمخرج خالد الحجر واقعة هروب المساجين عقب اندلاع ثورة يناير لجمع الشخصيات فى مكان واحد وهو الامر الذى يعد نقطة الانطلاق للاحداث ليغزل خيوط الحكاية التى يلعب فيها كل من على وحسن وفاطمة والمهندس مراد الثرى محور الاحداث التى نحن بصددها ، ثلاث شخصيات ينتمون الى الطبقة الفقيرة وشخص آخر يمثل رأس المال الذى نما وترعرع فى عهد مبارك ولكن القصة الاساسية كانت ركزت على السجين الهارب «احمد عبد الله محمود» والغفير «محمود البزاوي» وفاطمة «ناهد السباعي» التى ترفض فى البداية وجود «علي» ولكن مع الضغوط استسلمت لبقائه وفى ذات الوقت يشتعل بداخلها الصراع كيف تتحمل وجود الرجل الذى احبته أمام عينها وبين عجز زوجها غير القادر على اسعادها جنسيا فبين المنع والقبول ترضخ الزوجة الحبيبة لمشاعرها الملتهبه بداخلها وتمارس الرذيلة سرا، الى ان يكتشف تلك العلاقة غير الشرعيه المهندس مراد صاحب المزرعة فيحتفظ بالسر فى نفسه الى ان تتطور الاحداث ويقتل السجين ابن عمه «حسن» بمساعدة الزوجة الحبيبة حيث اصر مراد الثرى على زواجهما ليصدمنا مرة اخرى بابتزاز الزوجة الحبيبة لممارسة الرذيلة معه وبين هذا وذاك ينجبان طفلا لا نعرف لمن ينسب هل للسجين الهارب ام لمراد؟ اذا نظرنا الى شخصيات الفيلم والعلاقة التى تربط كل شخصية بالاخرى نجدها تتشابه كثيرا مع مسرحية «جريمة فى جزيرة الماعز» للكاتب الإيطالى اجو بيتى وقد تتشابه ايضاً بافلام اخرى عن نفس المسرحية ولكننا فى النهاية امام فيلم له شخوصه وموضوعه. فى خلفية الفيلم نجد خط يمثل الثورة جاء من خلال حديث الشخصيات عن اليوم التالى لجمعة الغضب وايضا من خلال «مراد» الذى يمثل النظام الذى ثار عليه الشعب فنجده يتحكم فى كل شيئ ويغتصب ما ليس له حق فيه ويكون بذلك الخط الدرامى هو المعادل الموضوعى من وجهة نظر مخرج الفيلم خالد الحجر لما يحدث فى مصر بعد الثورة وكيف بات كل شىء كسابق عهده لكن يعيب الفيلم رتابة الاحداث فكان يحتاج الى ايقاع اسرع خاصة مع الصورة المعبرة وكذلك الاداء التمثيلى غير المقنع فى بعض المشاهد فكان احمد عبدلله محمود يعتمد على البنيان الجسدى اكثر من انفعالات الشخصية الداخلية مع كل مشهد بينما كانت ناهد السباعى تبتعد عن الشخصية احيانا فجاء ادائها غير مقنع فى بعض المشاهد وتفوق محمود البزاوى على نفسه فى اظهار ابعاد شخصية حسن العاجز الذى لايمتلك غير الدعاء وكالعادة تمكن زكى فطين من تجسيد شخصية الرجل الثرى بأدائه المقنع ليبقى السؤال فى النهاية: لماذا يدفع الفقراء ثمن الخطيئة ويبقى الجانى دائما حرا طليقا؟