المواليد فى مصر يواجهون مشاكل صحية خطيرة نتيجة أسباب مختلفة منها التلوث وكثرة زواج الأقارب بخلاف عدم توفر أسرة عناية مركزة فى وحدات حديثى الولادة بالمستشفيات الحكومية لتواكب الحاجة المطردة لمشاكل المواليد الصحية والأسعار الفلكية لها فى المستشفيات والمراكز الخاصة. أرقام الدراسات العلمية تبدو مفزعة ومخيفة وتستدعى دق ناقوس الخطر، فالنسب الوطنية لأمراض عيوب القلب الخلقية والوراثية تصل إلى مليون ونصف المليون طفل وفى محافظة الدقهلية وحدها 240 ألف طفل وفقا لشبكة طب الأطفال حديثى الولادة المصرية، والتى تقول إن 15 ألف مولود مصابون بتشوهات خلقية فى القلب، ويتم عمل نحو 3 آلاف عملية جراحية لقلوب الأطفال سنويا على مستوى الجمهورية وإذا افترضنا أن نصف العدد المتبقى يموت بدون علاج، فإنه يتم إضافة 6 آلاف طفل مريض بتشوه خلقى فى القلب دون علاج يضافون الى الطابور الطويل على قائمة الانتظار. يؤكد الدكتور حمدى الغيطى مدير مركز المواساة لطب وجراحة الأطفال بطلخا أن نسبة عالية من الأطفال حديثى الولادة يحتاجون إلى حضانات وعناية مركزة بعد الولادة لأسباب عديدة منها نقص الوزن ونقص العمر الجنينى ومشاكل فى الرئتين أو فى القلب أو عيوب خلقية أخرى، لكن مع ذلك لا يجد هذا المولود فى المستشفيات الحكومية المكان الآمن لعلاجه وتبدأ رحلة البحث عن حضانات خاصة قد يتعرض خلالها لمضاعفات نقص أكسجين الدم مما قد يعرضه لإعاقة ذهنية أو جسدية . ويضيف الغيطى : بالمقابل لا يوجد عدد كاف من الحضانات وأجهزة التنفس الصناعى والأجهزة المعاونة، أيضا يقتصر التأمين الصحى على المولود ويعالج داخل حضانات المستشفيات الحكومية فقط دون المراكز والمستشفيات الخاصة وهذا أدى إلى تراجع دورها مما يتسبب فى ارتفاع معدلات الوفيات بين الأطفال المبتسرين «الخدج» وعلى الأقل ارتفاع معدل الإعاقة الذهنية والجسدية. ويقترح الدكتور حمدى الغيطى إنشاء مستشفى تخصصى للأطفال المبتسرين شاملا جميع فروع طب الأطفال وتخصصاته لحل المشكلة التى يقع فيها الآباء بين فكى غياب الأسرة والخدمات فى المستشفيات الحكومية وبين المستشفيات الخاصة ذات التكلفة العالية . من جانبه يؤكد الدكتور أحمد الرفاعى مدير مستشفى الأطفال الجامعى بالمنصورة أن الأطفال المولودين بمشاكل صحية خاصة فى القلب فى زيادة كبيرة لا تستوعبها طاقة المستشفيات المتخصصة رغم الجهود المبذولة ووجود وحدة بمستشفى الأطفال بجامعة المنصورة تستقبل الحالات الحرجة وتقدم الرعاية لها وتشمل هذه الحالات حالات الغيبوبة وفشل التنفس وهبوط القلب والفشل الكبدى والكلوى والالتهابات البكتيرية الشديدة، مشيرا إلى وجود حالات انتظار بالمئات من الأطفال يحتاجون إلى إجراء عمليات عاجلة . ويضيف الرفاعي: افتتحنا أخيرا وحدة قسطرة القلب الجديدة بمستشفى الأطفال الجامعى والتى ستساعد فى تشخيص وعلاج أمراض قلب الأطفال باستخدام أحدث التقنيات كما يمكن للجهاز تصوير الشرايين التاجية اليمنى واليسرى باستخدام حقنة واحدة مما يوفر كمية الأشعة والصبغة المستخدمة فى القسطرة. ويؤكد الرفاعى أن تكلفة الوحدة 12 مليون جنيه وأنها من أعلى التقنيات فى مصر لقسطرة قلب الأطفال وذلك من أجل التخفيف على المرضى محدودى الدخل حيث يتم عمل هذه القسطرة من خلال التأمين الصحى وجار العمل حاليا للانتهاء من وحدة زراعة النخاع وبنك دم الحبل السرى والذى يعد إضافة جديدة لمستشفى الأطفال . ويضم مستشفى الأطفال الجامعى 334 سريرا و8 أسرة للعناية المركزة ويتم حاليا توسعات فى العناية لترتفع إلى 18 سريرا، ويخدم المستشفى 8 محافظات فى شمال وشرق الدلتا حيث يقدر عدد الأطفال الذين يستفيدون من خدماتها سنويا بأكثر من 20 ألف طفل . معهد الكنانة من جانبه يقول الدكتور محمد رضا بسيونى أستاذ طب الأطفال وحديثى الولادة بجامعة المنصورة ورئيس شبكة طب الأطفال حديثى الولادة المصرية إن ارتفاع مستوى الخدمات الصحية فى مصر خصوصاً فى وحدات العناية المركزة بالمستشفيات والمراكز الصحية الرئيسية أدى الى خفض نسبة الوفيات بين الأطفال الخدج غير أنها لاتزال بعيدة عن النسب فى الدول المتقدمة . وكشف بسيونى عن تقدم شبكة طب الأطفال حديثى الولادة المصرية وهى مؤسسة لا تهدف الى الربح ومشهرة بوزارة التضامن الاجتماعى بمشروع متكامل لإنشاء معهد الكِنانة لطب الأطفال حديثى الولادة وجراحة قلب الأطفال ويهدف إلى تقديم الرعاية الفائقة للأطفال حديثى الولادة ذوى الحالات الحرجة، أو المصابة بعيوب فى القلب وتحتاج الى تدخل جراحى دقيق، وتدريب الكوادر البشرية اللازمة لهذه المهمة، بالإضافة الى متابعة هؤلاء الأطفال ورعاية الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة والتعاون مع الهيئات المحلية والدولية ذات الاهتمام. ويتكون المشروع من مستشفى متقدم للأطفال حديثى الولادة وجراحة عيوب القلب، ومعهد عال للعلوم الصحية، ومركز رعاية الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة ومركز بحثى وفندق ومركز للمؤتمرات. ويشارك فى المشروع مؤسسة شبكة طب الأطفال حديثى الولادة المصرية ومحافظة الدقهلية ومؤسسات المجتمع المدنى الأخري. ويؤكد الدكتور رضا بسيونى أن جميع أنشطة المؤسسة تعتمد على الجهود التطوعية المقدمة من خبراء القطاع الصحى والأكاديمى فى الوحدات المشاركة وخارجها وكذلك الجمعيات والهيئات المعنية بهذا الأمر. كما تدعم المؤسسة هذه الجهود من خلال توفير وتحسين الأدوات والمعارف الجديدة لممارسة طب الأطفال حديثى الولادة المستندة إلى الأدلة بالإضافة الى التحسين المستمر لرعاية الأطفال حديثى الولادة. ويقع المشروع على مساحة 17 ألف متر مربع فى مدخل مدينة جمصة بمحافظة الدقهلية، وهى المحافظة التى تلى القاهرة فى الكثافة السكانية، وفى مركز محورى من الأنشطة الاقتصادية والتعليمية بدلتا مصر، حيث يخدم محافظاتالدقهليةودمياط وبورسعيد شرقا وكفر الشيخ والبحيرة والإسكندرية غربا، والشرقية والقليوبية والغربية جنوبا والتى يقطنها قرابة 40 مليون نسمة (45% من سكان مصر). والمشروع على مقربة من جامعات الدلتا ودمياط والأزهر فرع دمياط وبورسعيد ومستشفى الأطفال بجامعة المنصورة وفرع جامعة المنصورة بجمصة وتضم هذه الجامعات كليات التمريض والطب، والعلاج الطبيعى وتتصل بالطريق الساحلى الدولى عبر شبكة من الطرق السريعة التى تغطى دلتا مصر وتمتد الى شمال سيناء ومنطقة قناة السويس. ويؤكد رئيس الشبكة أنها تتطلع إلى أن تكون مركزا مرجعيا متميزا فى مصر، معترفا به محليا ودوليا كواحد من أفضل مقدمى الرعاية الصحية، والبحوث المبتكرة والتعليم الطبى فى مجال طب الأطفال حديثى الولادة وجراحة قلب الأطفال. وسوف تطبق برنامجا شاملا لتوفير الخدمات المتكاملة المخصصة للأطفال المحتاجين الى جراحة القلب ومرضى الأطفال حديثى الولادة مع العناية بأسرهم. وكشف بسيونى أن المشروع يشمل أيضا إنشاء وحدات عناية مركزة للأطفال حديثى الولادة ذوى الحالات الحرجة والمتوسطة والبسيطة، والمصابين بعيوب فى القلب قبل العمليات الجراحية والإفاقة من العمليات وبعد العمليات الجراحية . تمريض الأطفال ويتضمن المشروع كذلك إنشاء المعهد العالى للعلوم الصحية كأحد أهم الوسائل اللازمة لتحقيق أهداف «شبكة طب الأطفال حديثى الولادة المصرية» ومدة الدراسة بالمعهد عامان أو ثلاثة طبقا للتخصص، وقد نجحت مؤسسة «شبكة طب الأطفال حديثى الولادة المصرية» بالتنسيق مع جامعة المنصورة ووزارة الصحة وبمنحة مقدمة من مؤسسة مصر الخير فى إنشاء أول دبلوم تقنى فى تمريض الأطفال حديثى الولادة ويؤهل الخرجيين لسوق العمل فى هذا التخصص الدقيق، ويمكن معادلته بدرجة بكالوريوس التمريض التقنى من المجلس الأعلى للجامعات كما يسمح لهم بتسجيل درجات الماجستير ثم الدكتوراه التقنية. كما يشمل المشروع مركزا لرعاية الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة يقدم برنامج متابعة الأطفال بعد خروجهم من الحضانات وذلك لاكتشاف أى مشاكل حدثت للطفل قد تسبب له الإعاقة فى المستقبل. قوائم الانتظار من جانبه أكد الدكتور سعد مكى وكيل وزارة الصحة بالدقهلية أن المديرية فعلت قبل عدة شهور إدارة عامة للرعاية الحرجة والعاجلة ضمن اختصاصاتها العديدة الرعاية المركزة للأطفال والحضانات وحققت إنجازات كبيرة فى حدود الإمكانيات بتخفيض قوائم الانتظار، مشيرا إلى إنشاء قسم للغسيل الكلوى للأطفال فى نبروه وماكينات غسيل طوارئ فى المستشفى العام بالمنصورة. وقال مكى إن وزارة الصحة نجحت فى تنشيط الدور المجتمعى وتفاعل رجال الأعمال من خلال التوسع فى عدد أسرة العناية المركزة فى مختلف المراكز، حيث بلغ عدد الحضانات بالدقهلية 305 حضانات و78 جهاز تنفس صناعى وهناك خطة لرفعها إلى 400 حضانة ولكنها لا تكفى بطبيعة الحال . وأوضح مكى أنه يتم الحجز بأى حضانة وفى حالة عدم توافرها يتم التنسيق على الفور بين الحضانات للوصول للاكتفاء الذاتي، مشددا على أن المحافظة لا تزال محتاجة لحضانات وأجهزة تنفس صناعى ومونيتور من خلال المجتمع المدنى.