"غراب" يهنئ رئيس الجمهورية بمناسبة الاحتفال بالذكري ال42 لأعياد تحرير سيناء    انخفاض أسعار الأسماك في المنوفية بنسبة 25% بعد حملات المقاطعة    قائمة رسوم الاطلاع على البيانات للعملاء المؤمن عليهم بعد موافقة «النواب»    محافظ القليوبية: تحويل المداخل والجزر الوسطى في بنها إلى حدائق ومتنزهات    ادفع مخالفات المرور 2024 برقم اللوحة عبر البوابة الإلكترونية.. بالخطوات    انطلاق معرض وتريكس للبنية التحتية وتكنولوجيا المياه والصرف 28 أبريل 2024    وزير خارجية أيرلندا: ندعم حصول فلسطين على عضوية الأمم المتحدة    الغزاوي: ملف الرعاية يتصدر اهتمامات مجلس إدارة الأهلي    فحص طبي لزيزو وفتوح في تدريبات الزمالك    التشكيلة المتوقعة لفريقي الهلال والعين ..موعد مباراة الهلال والعين اليوم    انطلاق فعاليات مهرجان سباق الهجن في العريش (فيديو)    عدلي القيعي: القادم يمثل تحديا خاصا للأهلي    إصابة 21 شخصا في حادث انقلاب أتوبيس على طريق السويس الصحراوى    النيابة تستدعي أسرة طفلة توفيت إثر سقوطها من علو بأكتوبر    مصرع سائق في حادث تصادم بسوهاج    وزير الاتصالات: مصر حققت تقدما ملحوظا في مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعي    احتفاء باليوم العالمي للكتاب.. خصومات متنوعة على إصدارات هيئة الكتاب لمدة أسبوع    افتتاح فعاليات «حكاية الإنسان والمكان» في مكتبة الإسكندرية    غدا.. صحة المنيا تنظم قافلة طبية في قرية الفقاعي بمركز أبوقرقاص    بمستهل جولته بكوريا الجنوبية.. أسامة ربيع يبحث سبل التعاون في الصناعات البحرية    اللعبة الاخيرة.. مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع في أكتوبر    تراجع أداء مؤشرات البورصة تحت ضغط من مبيعات المستثمرين    اعتماد جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني بكفر الشيخ.. اعرف المواعيد والتفاصيل    رئيس شُعبة المصورين الصحفيين: التصوير في المدافن "مرفوض".. وغدًا سنبحث مع النقابة آليات تغطية الجنازات ومراسم العزاء    السفير طلال المطيرى: مصر تمتلك منظومة حقوقية ملهمة وذات تجارب رائدة    أثليتك: إيمري يمدد عقده مع أستون فيلا إلى 2027    «النواب» يبدأ الاستماع لبيان وزير المالية حول الموازنة العامة الجديدة    11 معلومة مهمة من التعليم للطلاب بشأن اختبار "TOFAS".. اعرف التفاصيل    فيلم يقفز بإيراداته إلى 51.3 مليون جنيه في 13 يوم.. تعرف على أبطاله وقصته    هل يستمر عصام زكريا رئيسًا لمهرجان الإسماعيلية بعد توليه منصبه الجديد؟    تأجيل نظر 3 قضايا قتل والبراءة لآخر بمركز بني مزار في المنيا    احذر- الإفراط في تناول الفيتامينات يهددك بهذه الحالات المرضية    رئيس جامعة عين شمس والسفير الفرنسي بالقاهرة يبحثان سبل التعاون    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مناطق لحزب الله في جنوب لبنان    متحدث وزارة العمل: تعيين 14 ألف شخص من ذوي الهمم منذ بداية 2023    البرلمان يحيل 23 تقريرا من لجنة الاقتراحات والشكاوى للحكومة لتنفيذ توصياتها    ناتاليا: درسنا أبيدجان جيدًا وهدفنا وضع الأهلي في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    عبدالرحمن مجدي: مباراة الاتحاد بداية تحقيق طموحات جماهير الإسماعيلي    «مفاجآت مالية».. توقعات برج الدلو في الأسبوع الأخير من أبريل 2024    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعلن مواعيد امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني    "ضربها بمزهرية".. تفاصيل مقتل مسنة على يد سباك بالحدائق    وزير الصحة: التوسع في الشراكة مع القطاع الخاص يضمن خلق منظومة صحية قوية    تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية من ارتفاع درجات الحرارة ونصائح الوقاية في ظل الأجواء الحارة    الرئيس السيسى يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول    بمناسبة اقتراب شم النسيم.. أسعار الرنجة والفسيخ اليوم الثلاثاء 23/4/2024    رئيس الأركان الإيراني: ندرس كل الاحتمالات والسيناريوهات على المستوى العملياتي    شعبة الأدوية: انفراجة في توفير كل أنواع ألبان الأطفال خلال أسبوع    نيللي كريم تثير فضول متابعيها حول مسلسل «ب100 وش»: «العصابة رجعت»    الدفاعات الأوكرانية: دمرنا جميع الطائرات المسيرة التي أطلقتها موسكو خلال الليل    الرئيس البولندي: منفتحون على نشر أسلحة نووية على أراضينا    طلاب الجامعة الأمريكية يطالبون الإدارة بوقف التعاون مع شركات داعمة لإسرائيل    الإفتاء: لا يحق للزوج أو الزوجة التفتيش فى الموبايل الخاص    "بأقل التكاليف"...أفضل الاماكن للخروج في شم النسيم 2024    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يغادر «العربى» «بيت العرب»: ماذا يعنى وماذا بعد؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 03 - 2016

إختار نبيل العربى ألا يطلب تجديد مدته أمينا عاما للجامعة العربية، وهكذا يترك منصبه بعد خمس سنوات فقط، وهى أقل مدة مكث فيها الأمين. فقد كان المتوسط بين الأمناء الذين سبقوا العربى وهم ستة هى المكوث مدتين، أو عادة عشر سنوات، الشاذلى القليبى وهو غير المصرى الوحيد الذى تولى هذا المنصب فى ظروف استثنائية بسبب إضطرار الجامعة إلى تعليق عضوية مصر ومغادرة المقر الدائم فى القاهرة احتجاجا على إتفاقية السلام المصرية الاسرائيلية فى 1979، إستمر فى منصبه أكثر من إحد عشر عاما (مارس 1979 إلى سبتمبر 1990، وكان من الممكن أن يستمر سنوات أكثر لولا عودة الجامعة إلى مقرها الدائم. أما ثانى أمين عام للجامعة، عبدالخالق حسونة فقد إستمر فى منصبه نحو عشرين عاما: سبتمبر 1952 يونيو 1972. المراقب من الخارج إذن يرى أن سلوك العربى ذو مغزى خاص، فقد يفسره البعض على أنه تأكيد للآراء التى تعتقد أن بيت العرب ليس بالمستوى المطلوب لمواجهة التحديات الضخمة والمتزايدة التى تواجه المنطقة العربية، منذ مدة طويلة والتى تصل الآن إلى مستوى الأزمة الحادة، أزمة مؤسسة وأزمة نظام. أهم أسباب هذه الأزمة أن المؤسسة لم تحاول بالمرة أن تتطور مع عالم ومنطقة يتغيران بسرعة مدهشة. فالمعروف أن الجامعة هى فعلا من الرعيل الأول للمنظمات الاقليمية، حيث إن ميثاقها نفسه فى 1944 يسبق الأمم المتحدة التى أنشئت فى 1945 تعدى عمر الجامعة، إذن سبعين عاما. دون أن تحاول أن تجدد نفسها.
ولنتذكر ما قاله العربى فى القمة العادية الثالثة والعشرين فى بغداد فى مارس 2012: «إن ميثاق جامعة الدول العربية لايزال حتى هذه اللحظة يعكس مفهوم وفلسفة الجيل الأول من المنظمات الدولية الذى يمثله عهد عصبة الأمم.. وبناء عليه لابد للجامعة من مواكبة المتغيرات والتطورات الدولية للإرتقاء بإمكاناتها وتأهيلها للإضطلاع بالمسئوليات الجديدة فى عالم عربى متغير».
هو عالم عربى متغير فعلا، فقد بدأت الجامعة مع سبع أعضاء مؤسسين، وهم الآن 22 أى أكثر من ثلاثة أضعاف. كما أن موازين القوى تغيرت عالميا وعربيا. إنتهت الحرب الباردة، إختفى الاتحاد السوفييتى، تفكك العالم الثالث إلى تجمعات دولية مختلفة، تدهور وضع الدولة القومية فى مواجهة فعالين دوليين غير الدول، ظهر إعلام المواطن مع ثورة الاتصالات وجمهورية الفيسبوك.. وتكثر بنود قائمة التغير العالمية. على مستوى المنطقة العربية، ليس بنود التغيير أقل عددا بالمرة، وليس فقط منذ 2011، فمثلا إسرائيل التى هى دائمة الإدراج على أجندة الجامعة ومؤتمراتها على كل المستويات إستتبت فى المنطقة، وذو علاقات دبلوماسية رسمية مع العديد من الدول العربية، وعلاقات غير رسمية مع عدد أكثر من المغرب الأقصى إلى بعض دول الخليج، ومع إن الجامعة تتشبث بالسيادة الوطنية، فهى قامت بإعطاء الضوء الأخضر لتدخل الناتو فى ليبيا فى بداية ثورتها. ثم إن بعض الدول العربية يندرج أكثر وأكثر فى قائمة الدول الهشة الفاشلة، وفى الحقيقة فإن تطبيق هذا المقياس ذى ال 12 مؤشرا يؤدى إلى صورة مخيفة عن الوضع العربى العام، يكفى أن نعرف أنه إذا توقفت الحرب السورية الأهلية هذا اليوم فإن هذه الدولة الشقيقة ستحتاج إلى 39 عاما لمجرد الوصول إلى مستوى التنمية الانسانية الذى أحرزته فى 2010.
لم يقتصد هدير التغيير على الدول بل تعداها إلى المجتمعات العربية نفسها، ولا داعى لتفصيل ما حدث فى هذه المجتمعات منذ خمس سنوات فقط، بل نقتصر على مثل واحد فقط وهو تزايد الانتفاخ الشبابى، فالمجتمعات العربية مجتمعات شابة فتية، حيث يبلغ فئة من هم أقل من 29 عاما نحو ثلثى السكان فى هذه المجتمعات. وبالطبع الخاصية الشبابية ليست فقط ناحية عمرية رقمية ولكنها خاصية إجتماعية قبل شئ، وقد تصبح طاقة ورصيدا للمجتمع، أو على العكس تكون عبئا وخطرا إذا لم يتم التعامل معها وتوجيهها وإستخدامها. ولذلك فليس غريبا أن الاتحاد الأوروبى يخصص فى الثلاث سنوات الأخيرة نحو 3.2 مليون يورو لأبحاث عن الشباب فى منطقة البحر المتوسط، وخاصة الجزء العربى منها.
فى برنامج المحاكاة الذى ننظمه فى الجامعة الأمريكية عن أحوال الجامعة، تحدياتها وسبل تطورها، هالنى الحماس الذى يشعر به طلابنا فى بداية الدورة، وهالنى أيضا خيبة الأمل التى يشعرون بها بعد ذلك، بالرغم من وجود إمكانات مالية وبشرية فى هذه المؤسسة. .
الرد المتكرر من بعض القائمين على الجامعة هم أنهم فى غلبة من أمرهم لأنهم إنعكاس للأحوال العربية العامة وما يقرره أولى الأمر من الحكام والساسة، وهذا بالطبع صحيح، وفى الواقع ينطبق على كل منظمة دولية، بما فيها الأمم المتحدة، الاتحاد الافريقى أو الاتحاد الأوروبى. كيف واجهت هذه المنظمات ما نستطيع أن نسميه معضلة «القرار من أعلى»؟ أولا: حاول بعض الساسة وحتى الوزراء تصحيح معلوماتى ليقولوا إن المشكلة فى عديد من هذه المنظمات ليست القرار من أعلى ولكن «القرار من أسفل»، بمعنى أوضح يتبرم هؤلاء الساسة من أنهم يجتمعون على فترات دورية متباعدة، بينما موظفو المنظمة هم من يديرون أمورها يوميا، وبالتالى يقومون بتطبيق «القرارات العليا» حسب رؤيتهم هم، بمعنى أن معظم القرارات العليا هى قرارات عامة تترك الكثير من المرونة فى التطبيق.ثانيا: حتى إذا لم ينطبق هذا حرفيا على الجامعة، فلماذا لم تحاول المنظمة التحرر مما نستطيع أن نسميه «تحديات السياسة والسيادة»، أى التوجه إلى مجالات أقل حساسية يكون فيها الانجاز أقل فى تكلفته وأسرع فى وتيرة القيام به. فى الواقع هذا هو أساس «نظرية التكامل الإقليمى» أو ما نسميه الوظيفية، أى محاولة الانجاز فى مجالات مثل النواحى الإقتصادية أو العلمية، أنشأت الأمم المتحدة مثلا جامعة الأمم المتحدة التى تقوم بإستضافة الباحثين ليقوموا بتحليل إشكالية معينة ثم مناقشة نتائج هذه الأبحاث على المستوى الدولى، دون أن يتكلموا بإسم المنظمة الدولية أو أحد أعضائها. كما يقوم الاتحاد الأوروبى بتمويل أبحاث علمية فى مسابقات نزيهة ومجزية وتكوين فرق أبحاث عالمية فعلا لاتقتصر على الرعايا الأوروبيين فقط، وكذلك تقوم بروكسل بعقد ورش عمل وجماعات عصف ذهنى للمناقشة فى حرية تامة، يحضر بعض القائمين للمؤسسة ورش العمل هذه ويتوجهون بالأسئلة، ولكن دون محاولة توجيه النقاش أو الحجر على الآراء حتى أكثرها بعدا عن التوجه السياسى للمؤسسة. لماذا تقوم مثل هذه المنظمات الدولية والإقليمية بهذا العمل وتصرف مثل هذه الأموال؟ هناك على الأقل ثلاثة أسباب: 1 مواجهة مشاكل حادة غير طابع سياسى مباشر، وذلك بالمشاركة والتواصل مع غير السياسيين، .
2 التواصل مع الجماعات العلمية يساعد على المعرفة وترشيد القرار عن طريق الاعتماد على رأى الخبراء بدلا من الارتجال.
3 ضمان حضور هذه المنظمات على مستوى المجتمع وفئاته المختلفة.
وليس فقط على مستوى المصالح السياسية الضيقة.
يغادر «إبن العربى» بيت العرب مبكرا وقد يشعر أن طموحاته كانت أكثر بكثير مما تحقق، فهل يكون «أبوالغيط» أكثر حظا؟
لمزيد من مقالات د.بهجت قرني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.