اجتاحتني مشاعر لا يمكن وصفها عندما دار حديث بيني وبين أستاذتي بكلية الطب حكت لي فيه قصة تلميذ بالمرحلة الابتدائية لم يتجاوز عمره اثنتي عشرة سنة, ويحتاج إلي جراحة بفرنسا حتي يستطيع بلع الطعام, فلقد قضي عشر سنوات من عمره دون أن يستطيع تذوقه, وينظر لأصدقائه في المدرسة وهم يضعون الطعام والحلوي في أفواههم, ويتناول هو الطعام من خلال أنبوبة متصلة بالمعدة مباشرة. بدأت قصة هذا الطفل في يوم من أصعب أيام حياته عندما كان عمره واحد وعشرين شهرا, حيث كان يلعب ويلهو وهو لا يعرف ما يخبئه له القدر عندما أمسك مادة البوتاس وبلعها وظل يصرخ, وجري به والده إلي وحدة السموم بمستشفي الدمرداش وظل23 يوما يتلقي العلاج, ثم تم تحويله إلي قسم جراحة الأطفال حيث بدأت سلسلة متتالية من الجراحات لوجود انسداد بالبلعوم والمريء, وكانت أولي هذه الجراحات تركيب أنبوبة تغذية متصلة بالمعدة حتي يتلقي الطفل احتياجاته الغذائية, وأيضا أجري له شق حنجري حتي يستطيع التنفس وتجريب البلع مع التنفس, وفي جراحة أخري تم أخذ جزء من القولون وترقيع البلعوم به, وظل هذا الطفل من عام2003 إلي2008 يتعرض لجراحات لم تنجح واحدة منها لأن الجسم يبدأ في تكوين أغشية في البلعوم, ويسد الفتحة مرة أخري عند التئام الجرح. وعرضت حالته علي مستشفي الأطفال بجامعة باريس, ووافق رئيس القسم المختص علي أن يبدأ أول عملية جراحية للطفل هناك, وذلك يتطلب إقامته بالمستشفي لمدة12 يوما, ويتكلف ذلك ثلاثة عشر ألفا ومائتين وستة وستين يورو. لقد بدأ الأمل يلوح في الأفق من جديد في أن يستغني الصغير عن الأنبوبة التي صاحبته سنين عمره, ويعود للاستمتاع بتذوق الطعام, ومشاركة عائلته في تناول الوجبات, واللعب والجري مع أقرانه, هذا الأمل لا يقف في طريق تحقيقه, غير أن والد الطفل موظف بسيط لن يستطيع توفير هذا المبلغ, لذلك لم أجد أمامي غير بابكم لمناداة أهل الخير من خلاله لمساعدة هذا الطفل في تحقيق أمنيته, فلقد تم توفير أربعة عشر ألف جنيه من الأصدقاء وباقي المبلغ يعادل مائة وسبعة آلاف جنيه, فمن يروي الأمل الذي بدأ في النمو بنفس هذا الطفل البريء؟ {{ وأقول لكاتبة هذه الرسالة: يرويه أهل الخير الذين لا تعلم شمائلهم ما تنفقه أيمانهم, فلا تقلقي ياسيدتي, وسوف ييسر الله له من يدبر هذا المبلغ, ولتعلم أسرة هذا الطفل أن مع العسر يسرا, وأن دعاءنا له لاينقطع, فلتنتظر عطاء من لا يغفل ولا ينام.