عبدالغفار يتفقد مستشفى العلمين ويشيد باستحداث أول عيادة لتجميل الوجه بمستشفيات الصحة    وزير التموين: زيادة ضخ اللحوم الطازجة بالمجمعات الاستهلاكية إلى 150 طن يومياً    جيش الاحتلال يبث فيديو لتحرير الأسرى الأربعة من قطاع غزة    وزير الرياضة يوجه رسالة لمنتخب مصر قبل مواجهة غينيا بيساو بتصفيات المونديال    محافظ قنا يتابع الاستعدادات النهائية لامتحانات الثانوية العامة    الأولى على الشهادة الإعدادية الأزهرية بجنوب سيناء: القرآن الكريم سر صلاح حياتي وتفوقي    مصر تواصل جهودها في تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    أنباء عن هجوم بمسيرة أوكرانية في عمق جمهورية روسية    وزير الزراعة يوجه الفريق البحثي لنبات الكسافا بإجراء مزيد من التجارب التطبيقية وتحليل صفات الجودة    بنك saib يفتتح فرعا جديدا فى التجمع الخامس    الفتيات يحصدن معظم المراكز الأولى بامتحانات الشهادة الاعدادية بمنطقة الإسماعيلية الأزهرية    العثور على 5 جثث في منطقة جبلية بأسوان    وزير الصحة يحيل المتغيبين بمستشفى مارينا للتحقيق بناء على تقرير المرور المركزي الأسبوعين الماضيين    صحة المنيا: فحص 1237 حالة خلال قافلة طبية مجانية بدير السنقورية    ولاء التمامي تشارك في مؤتمر العمل الدولي بجنيف    السر في "النينيو".. خبير مناخ يوضح سبب ارتفاع درجات الحرارة هذا العام (فيديو)    مجلس الشيوخ يناقش ملف تأثير الذكاء الاصطناعي على الشباب.. غدًا    قضايا الدولة: 12 مليون جنيه غرامة إتلاف الشعاب المرجانية بالغردقة    المشدد 5 سنوات لمتهم في قضية حرق «كنيسة كفر حكيم»    فتاة بدلا من التورتة.. تفاصيل احتفال سفاح التجمع بعيد ميلاده الأخير    الفنانة شيرين رضا تعلن أعتزالها الفن    مطرب شهير يهاجم عمرو دياب بعد واقعة الصفع: والله عيب    لطفية الدليمى: لم أتخيل في أشد كوابيسي أن أغادر العراق    انطلاق مهرجان نجوم الجامعات    في خدمتك | تعرف على الطريقة الصحيحة لتوزيع الأضحية حسب الشريعة    العشرة الأوائل من ذي الحجة .. هل هي الليال العشر ؟    زيدان: مبابي سيصنع التاريخ وسيتخطى جميع لاعبي ريال مدريد    اتحاد جدة يستقر على رحيل جاياردو قبل معسكر أوروبا    عند المعاناة من متلازمة القولون العصبي.. ماذا تأكل وماذا تتجنب؟    ب«750 ألف يورو».. الأهلي يحصل على توقيع زين الدين بلعيد لمدة 4 سنوات    وليد الركراكي يُعلق على غضب حكيم زياش ويوسف النصيري أمام زامبيا    هيئة الدواء في شهر: ضبط 21 مؤسسة غير مرخصة ومضبوطات بأكثر من 30 مليون جنيه    لماذا الوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم؟.. مركز الأزهر العالمي يُجيب    وزيرة التخطيط تبحث سبل التعاون مع وزير التنمية الاقتصادية الروسي    ناقد فني: نجيب الريحاني كان باكيًا في الحياة ومر بأزمات عصيبة    عاجل| 6 طلبات فورية من صندوق النقد للحكومة... لا يمكن الخروج عنهم    محافظ المنيا: توريد 373 ألف طن قمح حتى الآن    فريد زهران: ثورة 25 يناير كشفت حجم الفراغ السياسي المروع ولم تكن هناك قيادة واضحة للثورة    الأهلي يحسم صفقتين ويستقر على رحيل موديست    80 شهيدا وعشرات الجرحى فى غارات إسرائيلية على مخيم النصيرات ومناطق بغزة    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة خلال مايو 2024    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 142 مخالفة عدم الالتزام بقرار غلق المحال    وزير الأوقاف: الأدب مع سيدنا رسول الله يقتضي الأدب مع سنته    "اهدى علينا".. رسالة من تركي آل الشيخ إلى رضا عبد العال    راديو جيش الاحتلال: تنفيذ غارات شمال رفح الفلسطينية مع التركيز على محور فيلادلفيا    الفوج الثاني من حجاج «المهندسين» يغادر إلى الأراضي المقدسة    كاتب صحفي: حجم التبادل التجاري بين مصر وأذربيجان بلغ 26 مليار دولار    رئيس جامعة المنوفية: فتح باب التقديم في المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    أستاذ علوم سياسية: مصر بذلت جهودًا كبيرة في الملف الفلسطيني    النائب علي مهران: ثورة 30 يونيو بمثابة فجر جديد    التوقعات الفلكية لبرج الحمل في الأسبوع الثاني من يونيو 2024 (التفاصيل)    صور.. بيان عاجل من التعليم بشأن نتيجة مسابقة شغل 11114 وظيفة معلم مساعد فصل    كريم محمود عبد العزيز يشارك الجمهور فرحته باطلاق اسم والده علي أحد محاور الساحل الشمالي    جولة مفاجئة.. إحالة 7 أطباء في أسيوط للتحقيق- صور    افتتاح المكتب الوطني للوكالة الفرانكفونية بمصر في جامعة القاهرة الدولية ب6 أكتوبر (تفاصيل)    تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري يتصدر المباحثات المصرية الأذربيجية بالقاهرة    إبراهيم حسن يكشف كواليس حديثه مع إمام عاشور بعد لقطته "المثيرة للجدل"    الإفتاء: الحج غير واجب لغير المستطيع ولا يوجب عليه الاستدانة من أجله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد حسنين هيكل
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 02 - 2016

كتب الأستاذ محمد حسنين هيكل صفحة غير مسبوقة فى تاريخ الصحافة المصرية وبلور عبر مسيرته الاستثنائية معنى أصيلاً فى تطورها سواء من حيث المستوى أيضاً وهذا هو الأهم من المنظور المؤسسي، ناهيك عن أن صفاته وقدراته الشخصية جعلته قامة متفردة فى هذه الصحافة ومن بابها دلف إلى لعب دور بالغ الأثر فى تطور الحياة المصرية ذاتها . تولى منصب رئاسة التحرير فى ريعان شبابه إشارة إلى نبوغ لازمه طيلة مسيرته ، فلما انتقل إلى رئاسة تحرير الأهرام العريقة فى 1957 جعل منها الصحيفة الأولى فى مصر والوطن العربى دون منازع وأسس لها مكانة دولية ضمن أهم الصحف العالمية، وفى عهده أسس لفكرة ترسخت يوماً بعد يوم إلى الحد الذى استمرت فيه ونمت بعد مغادرته كرسى رئاسة التحرير، وهى أن الأهرام ليس مجرد صحيفة تتفوق فى تغطيتها الخبرية أو تحليل ما يرد بها من أخبار وإنما حقيقة ثقافية متكاملة، فكانت ساحة لإبداع عظماء الفكر والثقافة فى مصر المعاصرة، ومازلت أذكر انبهارى بملحق الجمعة فى مطلع شبابى وكيف كنت أوزع قراءته على أيام الأسبوع حتى أوازن بين أعباء الدراسة ومتابعة مساهمات قامات مصر الشامخة من أمثال توفيق الحكيم وحسين فوزى ولويس عوض ونجيب محفوظ وغيرهم.
فى منتصف ستينيات القرن الماضى وبالتحديد فى عام 1964 أضاف هيكل بعدا أكاديميا لمؤسسة الأهرام، مثل فى حينه سبقا ومازال يميزها بصدور مجلة « السياسة الدولية « وزاد من قيمة هذا السبق أن هيكل قد اختار بطرس غالى عالم السياسة ذا السمعة الدولية المرموقة كى يرأس تحريرها، وبالتدريج اكتسبت هذه المجلة مكانة كبرى بين الأكاديميين المصريين والعرب بل وصارت لها مكانتها الدولية وأصبحت مصدراً رئيسياً لهم فى المعرفة بالشئون الدولية، وكنت حينها على مشارف دراستى الجامعية فزادت ارتباطى بالأهرام لما وفرته لى ولزملائى من عون دراسى وبحثي، وتولت رئاسة تحريرها بعد أن اختطف عالم السياسة العملية بطرس غالى وزيرا للدولة للشئون الخارجية فى 1977 قامات شامخة فى الساحة الأكاديمية المصرية كعبد الملك عودة والسيد يسين ومن بعدهما أسامة الغزالى حرب ووحيد عبدالمجيد ، وازداد التميز الأكاديمى لمؤسسة الأهرام لكنه ارتبط هذه المرة بمهمة وطنية وقومية حين أسس هيكل «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، عقب هزيمة 1967 ليكون رافداً أصيلاً للعقل الاستراتيجى المصرى بل العربي، وتصدى المركز الذى كان حاتم صادق أول رئيس له لقضايا الصراع العربى - الإسرائيلى لكنه سرعان ما شملت موضوعاته جميع القضايا ذات الأهمية على المستويات المحلية والعربية والإقليمية والعالمية، وزادت قيمة المركز وأهميته بعد التحولات الجذرية التى طرأت على عالمنا منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضى وظهور جورباتشوف فى الاتحاد السوڤيتى وتداعيات سياساته، وتنوعت الإصدارات البحثية للمركز لتغطى جميع جوانب اهتماماته، وأصبح إنتاجه العلمى مُدخلاً ثابتاً فى عملية صنع القرار فى مصر وربما فى غيرها، وساهم المركز فى مزيد من تميز صحيفة الأهرام بما كانت تنشره من انتاجه العلمي، ويضاف إلى ذلك كله أنه أصبح مدرسة لتنشئة أجيال جديدة من الباحثين سرعان ما احتلوا مكانة مرموقة فى الساحتين الأكاديمية والسياسية فى مصر .
يمثل ما سبق جانباً من الإنجازات المؤسسية لهيكل فى الأهرام فماذا عنه كقامة فردية ؟
تربع هيكل على قمة العمل الصحفى دون منازع مع أنه عاصر قامات صحفية شامخة عديدة، وكثيراً ما كان خصومه يدعون أن الفضل فى تميزه يرجع إلى علاقته بالزعيم جمال عبد الناصر الذى اصطفاه معبراً عن سياساته وشارحاً لها ومدافعاً عنها ومحاوراً ومستشاراً وهو ما يُحسب للرجلين معاً ، فلا شك أن عبد الناصر قد وعى القدرات المتميزة لهيكل وأن الأخير كان على مستوى المسئولية فكان علامة على عصر بأكمله، غير أن وفاة عبد الناصر ومغادرة هيكل موقعه فى الأهرام عقب خلافه مع السادات قد أثبتتا تفرده فقد أخرج بعد ذلك عدداً من الكتب التى كتبت بحق التاريخ المعاصر للمنطقة وأصبحت مرجعاً أصيلاً لهذا التاريخ يواجه طوفان الكتب الأجنبية المنحازة عنه ، ومعلوم أن كتبه كانت تترجم عادة لأكثر من لغة أجنبية وتلقى اهتماماً معتبرا، ومرة أخرى قيل إن تميز تلك الكتب اعتمد على ما كان بحوزته من وثائق بسبب ارتباطه بعبدالناصر غير أن موضوعات كتبه امتدت بوضوح لقضايا بالغة الأهمية، بدأت بعد عبد الناصر وانتهاء علاقته بالسادات .
تميز هيكل بأنه صاحب مبدأ فاختلف مع السلطة كما وقع فى عهد السادات، وكان صاحب التعبير الشهير عن سلطة « شاخت فى مواقعها « فى عهد مبارك ، ولم تكن مصريته وعروبته موضع شك فى أى وقت من الأوقات ، وربما كان هذا بحد ذاته سبباً من أسباب الهجوم عليه، فالكثيرون ممن هاجموه فعلوا ذلك لارتباطه بعبد الناصر وتجربته وهذا حقهم، وهناك من اختلفوا مع أفكاره وهذا حقهم أيضاً لكنه تعرض للهجوم كذلك من شخوص تافهة لا وزن لها لم يكن يحركها إلا البحث عن شهرة يكتسبونها من افتعال معارك معه حتى تقترن أسماؤهم باسمه، توهماً بأن هذا الاقتران سوف يرتفع بهم. استأذن هيكل فى الانصراف منذ سنوات طويلة لكنه بقى حاضرا معنا فى كل حدث جلل يحدث فى مصر والوطن العربي، شارحاً وناصحاً بكل وسائل التعبير إلا الكتابة المباشرة ، وستبقى كلماته دوماً مغروسة فى أرض مصر تنفعها وتزودها بخبرة لا غنى عنها وهى تشق طريقها إلى المستقبل الذى يليق بها، والذى حلم به هيكل فى كل حرف من حروف كلماته .
لمزيد من مقالات د. أحمد يوسف أحمد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.