كشفت قناة "العربية" فى تقرير مطول استغرق قرابة الساعة، أن "الأهرام" باتت اسماً للخبر المجرد من أى انحياز، وأن توثيق الموضوعات أصبح سمة أساسية من السمات التى ميزت الأهرام عن غيرها من الصحف المصرية على مدار أكثر من 135 عاماً هى عمر "الأهرام" منذ نشأته. وطوال هذه الفترة شكلت عقل ووجدان القارئ المصرى، بل امتد تأثيرها إلى المحيط العربى والدولى بصفة عامة، لتصبح بقدرة -إدارتها- أحد أعرق الصحف فى الدولية الكبرى التى رسخت لمفاهيم احترام القارئ قبل احترام هيبة الحاكم. ورصدت خلال برنامج "محطات" الذى أذيع مساء أمس الأول "الأربعاء" التاريخ الطويل والعريق للأهرام فى كفاحها من أجل المواطن المصرى بصفة خاصة، والعربى والإفريقى عامة. بدأت "العربية" مع الأستاذ صلاح عيسى الكاتب الصحفى الذى تحدث حول ذات الموضوع، مؤكداً أن الأهرام كانت ومازالت جزءاً من نهضة حدثت فى الصحافة المصرية.. بينما انتقلت كاميرا "العربية" لتلتقط بعض الصور من إصدارات "الأهرام" فى الماضى، ويشارك مع الصورة صوت أحد معدى البرنامج بقوله إن الأهرام نجحت فى لفت انتباه القارئ المصرى الذى وجد فيها قدراً كبيراً من الحيادية والتجرد والبعد عن الإنحياز لأى تيارات حزبية. و يصدّق الأستاذ لبيب السباعى رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، على الكلمات السابقة بقوله:" إن الأهرام قد يرسخ مصداقيته فى أن الخبر ملك القارئ، وساعد فى ذلك، السياسة التى يتعامل بها الأهرام فى رصد الخبر، بأنه قد يتأخر فى كتابة خبر، لكن لايخطئ فى أى خبر". فى هذه الحين، التقطت "العربية" عدداً من الصور لمبنى مؤسسة الأهرام، ثم تداخل صوت يقول:" رسّخت "الأهرام" مصداقيتها باعتبار الخبر ملكاً للقارئ، وأنه يجب أن يكون صحيحاً، ودفع الخط الملتزم للأهرام بالحكومات المتعاقبة للتعامل معها، فأصبحت جريدة المؤسسات الكبرى والدولة، وذلك على غرار صحف مثل نيويورك تايمز". هنا تنتقل كاميرا "العربية" للأستاذ أسامة سرايا رئيس تحرير الأهرام السابق، ليؤكد أن الذى يستطيع أن يقرأ الأهرام، بإمكانه أن يقرأ مصر، والعكس صحيح، وأن أى متابع للأهرام يستطيع أن يرى مصر فى الأهرام فى جميع الأنشطة عبر صفحاتها، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو سياسية أو رياضية. تطرقت "العربية" إلى الأهرام فى عهد الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل، الذى تولى رئاسة تحريرها عام 1957، والعلاقة التى جمعة بين رئاسة الجمهورية إبان حقبة جمال عبد الناصر، وبين رئاسة تحرير الأهرام فى عهد "هيكل"، حيث كانت مقالاته معبرة عن فكر الرئيس عبد الناصر. وتحدث الأستاذ عبد العظيم حماد رئيس تحرير الأهرام بتأكيده أن الدولة تشعر بكون الأهرام تستطيع نقل تأثير مصر للعالم العربى والإقليمى، وبالتالى نشأت هذه العلاقة الخاصة بين الأهرام والدولة. وقال الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس مجلس الإدارة السابق إن التزاوج بين الأهرام والدولة، بدأ بقوة منذ عهد الأستاذ هيكل، بأنه "كان يأتى بخبر طازج من رئاسة الجمهورية، وكانت الرئاسة تستفيد من خبرة هيكل، مما أعطى للأهرام صفة دولية، والشخص الوحيد الذى كان بإمكانه أن يقول "إيه اللى حصل فى البلد ويقدر يشرحه هو الأستاذ هيكل". تحدثت "العربية" عن الأهرام بعد رحيل الرئيس عبد الناصر، وقالت: " إن العلاقة توترت بين الأهرام ومؤسسة الرئاسة برحيل عبدالناصرعام 1970 حيث بدأت مرحلة جديدة في العلاقة اتسمت بالخلاف بين السادات وهيكل بسبب اختلاف الرؤى حول حرب أكتوبر وما تلاها، كما زاد من ذلك التوتر شعور السادات بوجود قوى تميل للناصرية داخل الأهرام". وهذا ما أكده الدكتور جمال عبد الجواد المدير السابق لمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية بقوله إن المسافة ابتعدت بين الدولة والمؤسسة في عصر السادات. هنا يتدخل صلاح عيسى قائلاً: الأهرام حافظت على المسافة بينها وبين السلطة، واستطاعت أن تثبت أنها أعطت مساحة للحرية لم تكن موجودة فى صحيفة أخرى، خلال فترة الكاتب الأستاذ محمد حسنين هيكل، وكانت وقتها تمارس الدعاية بشكل غير مباشر احتراماً لقارئها". أنهت "العربية" فترة رئاسة هيكل للأهرام، لترصد بعض الأحداث إبان عهد مبارك، وفترة الأستاذ إبراهيم نافع، لتصفه بأن فترة رئاسته لتحرير الأهرام تعد الأطول فى تاريخها، ثم تقف عند دقات عقارب الساعة يوم 25 يناير، الذى انطلقت منه الشرارة الأولى للثورة، وترصد موقف الأهرام منها، كاشفة عن أنها التزمت بالدفاع عن النظام، ما أفقدها مصداقيتها لدى الشارع وتراجعت عن صدارة التوزيع في مصر، وانتهت الثورة بسقوط النظام ومن بعده خروج قيادة "الأهرام"، ومالبثت أن بدأت تستعيد عدداً من كبار الكتاب الذين كانوا ممنوعين من الكتابة، بالإضافة إلى إقدامها على تخصيص ملحق خاص داخل كل عدد حمل اسم "ميدان التحرير" ليعبر عن نبض الثوار والشارع المصرى عامة، الأمر الذى كان له أكبر الأثر فى أن تستعيد مكانتها فى الشارع المصرى خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة. قبل نهاية التقرير بدقائق معدودة، خرج الأستاذ لبيب السباعى، ليراهن على استعادة "الأهرام" لدورها فى الصدارة، كاشفاً عن أنه لم يعد هناك أى قيود فى عملية التحرير، بعدما غابت المحاذير، وأصبحت موجهة للقارئ وحده، لا إلى القائد مهما كانت صفته.