يعتبر المتحف القبطى أحد أهم شواهد التاريخ المصرى فهو يجسد بآثاره مسيرة تاريخ المسيحية فى مصر منذ أن حضر إليها السيد المسيح مع أمه السيدة مريم ، وحتى عصرنا الحديث. يحوى المتحف تاريخا مجيدا لمصر منذ عصر الاضطهاد الرومانى حتى صدور قرار الإمبراطور بالاعتراف بالمسيحية وكانت هذه مرحلة حافلة استحقت أن تقام لها احتفالية من 31 يناير الماضى وحتى منتصف فبراير الحالى بالتعاون مع مركز الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية تضم معرضا لمقتنيات المتحف باسم «فارس لكل العصور» للقرون الثلاثة الأولى بعد ميلاد السيد المسيح عليه السلام، التى شهدت مرحلة التضحية والفداء للمسيحيين ، ولما تمثله هذه الحقبة من إبداع الفنان القبطى فى التغلب على هذه المرحلة ، فكانت مفرداته الفنية على الأحجار والنسيج متأثرة بالأساطير اليونانية والرومانية وبالحضارة الفرعونية. د. عاطف نجيب مدير عام المتحف القبطى أكد أن أهم مايميز هذه الحقبة الأولى من التاريخ القبطى هو لجوء الفنان للتصوير الجداري، لذلك فإن المتحف لديه ذخيرة منها، ومن أماكن متفرقة فى أنحاء مصر، خاصة دير الأنبا أرميا بسقارة ، والأنبا ابوللو فى أسيوط وجداريات من متحف النوبة والفيوم، ثم ما لبث الفنان أن استبدلها بالأيقونة لسهولة حملها والتحرك بها من مكان لآخر.والمعرض ينفرد ب 15 قطعة فنية ومقصود به إلقاء الضوء على النبوغ الذى ميز التاريخ القبطى الأول بما فيه من صناعات ومهن، مثل الأدوات الطبية التى كانت تستخدم فى العمليات الجراحية ، والقوالب التى كانت تصنع عليها الأدوات الفخارية التى كانت أساسية فى استخداماتهم الغذائية، وأدوات الغزل، وقطعة قماش نادرة تبين مدى إتقان وحرفية التصنيع وعليها رسم فارس ومزخرفة بألوان وتطعيمات نسجية. يضيف كما اننا لا نكتفى بالعرض المتحفى ونقوم بدور تثقيفى وتعليمى للأطفال والشباب بالمدارس والجامعات والأندية ، فافتتحنا مدرسة لهم تعمل فى فترات الإجازات ونساعد من يريد الاشتراك فى التدريب المجانى على الفنون والصناعات الفنية ونقيم لهم معرضا، ونتفاعل مع البيئة المحيطة، ونساعد طلاب الفنون والعمارة للدراسة والبحث فى مختلف القطع النادرة والزخرفية وأخشاب الأرابيسك التى تزين مختلف المواقع بالمتحف ويرجع تاريخها لاكثر من 500 عام ، ونتكلف كل هذه الأنشطة الشهرية من تبرعات أمناء المتحف والعاملين به، حيث لا توجد ميزانية لها ، لذلك ليس لدينا مطبوعات عن المتحف وإمكانياته ونحتاج دعم الدولة. أكبر المتاحف ويؤكد د. عاطف نجيب حقيقة أن هذا المتحف هو أكبر المتاحف التى تهتم بالآثار القبطية فى العالم، وفى نفس الوقت هو علامة بارزة فى تاريخ الفن المصرى عبر الأجيال، حيث أسسه مرقص سميكة (باشا) عام 1910 ليساعد على دراسة تاريخ المسيحية فى مصر ، ويقع فى داخل أسوار حصن بابليون الشهير الذى يعتبر من أشهر وأضخم الآثار الباقية للامبراطورية الرومانية فى مصر، يبلغ عدد مقتنياته آلاف القطع، رتبت فى عرض علمى بالترتيب الزمنى، وكان يتبع البطريركية القبطية حتى عام 1931، ويتميز بطابع الفن القبطى الممزوج بالتقاليد المصرية القديمة والهلينستية والبيزنطية، ويجمع بين الآثار والوثائق التى تساعد فى دراسة تاريخ مصر منذ بدايات ظهور المسيحية وحتى الآن، وينضم للمتاحف المصرية الأربعة الكبرى للآثار الفرعونية، واليونانى الرومانى والفن الإسلامى. وأهم المعروضات فى المتحف هو مزامير داود، وخصصت له قاعة, وثلاث قطع من الأخشاب لها أهميتها القصوى فى دراسة فن النحت فيما بين القرنين الرابع والسادس ، وهى باب كنيسة القديسة بربارة ، ومذبح كنيسة القديسين سرجيوس وواخس، وعتبة عليا كانت تزين أحد أبواب الكنيسة المعلقة، وهناك بعض الآثار الخشبية، وخصوصا الأبواب التى ترجع إلى الفترة فيما بين القرنين الربع والعاشر، مما يعكس بوضوح تأثيرات الفن القبطي. وتعتبر قاعة المكتبة، وبها أكثر من آلاف المخطوطات, من أهم القاعات, ويوجد أهم القطع فى كل كنيسة فى مصر القديمة، مثل الكنيسة المعلقة وأبى سرجة وأبى مينا. وآثار من منطقة أهناسيا، وهى ترتبط بالأساطير اليونانية، وتضم تمثال أفروديت إلهة الجمال عند الإغريق. وفى القاعة الرابعة يظهر أيضا مدى التأثيرات الفرعونية القديمة على الفن القبطي, حيث يوجد الصليب داخل علامة «عنخ», وهناك قطع من البرونز يظهر عليها الهلال وغصن الزيتون والصليب داخل علامة عنخ، وهو يوحى بمدى قوة الروح القومية وامتزاج الفرعونى بالقبطى فى العصور القديمة. أيقونات ومنسوجات وفى الدور الثانى مجموعة من حجر البرونز عليه رمز الصقر (حورس), وتوجد عملات ذهبية اكتشفت فى زلعة بدير الأنبا شنودة بسوهاج, وحفائر تحكى قصصا من العهد الجديد، وأخرى تحكى قصصا دينية من العهد القديم، ولوحة تعبر عن قصة حواء وآدم وخروجهما من الجنة. كما تضم أخشابا ومعادن مهمة وصورا نسيجية لهرقل يصارع الأسود وبرديات مهمة وهى برديات نجع حمادى أو برديات العارفين بالله. وفى قاعة أخرى نشاهد أدوات زينة ومناظر من الحياة اليومية المصرية منها الأيقونات القبطية المصرية المهمة التى تضم صور السيد المسيح والعذراء والقديسين, ومن أهمها أيقونة توضح رحلة العائلة المقدسة فى مصر والأماكن التى زارتها العائلة حتى أسيوط، وأما الأيقونة الثانية فتوضح صورة الأنبا بولا والأنبا أنطونيوس، ولكل منهما دير شهير فى البحر الأحمر. وهناك مفاتيح من دير الأنبا شنودة بسوهاج والذى يسمى الدير الأبيض عليها كتابات قبطية مذهبة, وتجاور هذه القاعة مجموعة الأدوات الفخارية التى كان يصنع بها فطير الملاك عند الأقباط المصريين. ويضم قسم الإيقونات أهم وأقدم هذه الايقونات وما رسم على ألواح الخشب مباشرة، وقسم الأخشاب وبه أقدم مذبح خشبى عرف منذ العصور القبطية الأولى وأقدم قبة خشبية كانت تظلل مذبح الكنيسة المعلقة. وأنواع من الأخشاب المنقوشة، وترجع للقرن الرابع الميلادى وفى قسم المعادن مجموعة فريدة من الأبواب المصفحة بالبرونز وأدوات المائدة وكرسى وقبة مذبح من البرونز وجميعها من القرن العاشر الميلادى، وفى قسم المنسوجات مجموعة قطع من العصور القبطية تعد من أثمن المجموعات، كما يحوى قسم الفخار والخزف مجموعة دقيقة كانت تستعمل فى حفظ أنواع الدهان والعطور والكحل.