ما أنا بقارئ.. لسان حال كثيرين من المتواجدين بالمعرض تعكس الوجه الخفي له, فليس كل زائر بالمعرض باحث عن الثقافة والكتب, فهناك العمال والأفراد المسئولون عن التنظيم, والعمال المسئولون عن إدارة المطاعم والكافتيريات المنتشرة بكثرة, لخدمة زوار المعرض, وكذلك الزوار الباحثون عن الترفيه فبجنيه واحد يمثل قيمة التذكرة تستطيع مشاهدة المسرح والاستماع إلي الموسيقي والغناء, وحضور ندوات شعرية, وأخيرا لا تتعجب حين تجد وزارة التموين تجذب القراء ووزارة المالية من خلال مفتشي الضرائب بين زوار المعرض, ليس بغرض الشراء كقراء باحثين عن غذاء الروح, ولكن بصفتهم الوظيفية يلاحقون الناشرين لتحصيل الضراب. ...................................................................... مطاعم الفول والطعمية ومحلات الكشري في مواجهة دور النشر!!. أكثر من مليون زائر توافدوا علي المعرض خلال العشرة أيام الماضية فبحسب تصريحات هيثم الحاج علي رئيس الهيئة العامة للكتاب, يبلغ عدد الزوار يوميا ما يقرب من ال100 ألف زائر يزيد في أيام الجمع إلي ما يقرب من150 ألفا, هذا الإقبال الكثيف يطرح تساؤلا مهما: هل ما تم بيعه من كتب يتناسب مع أعداد الزوار؟ نستطيع القول أن عدد الكتب المبيعة بالمعرض لم يصل إلي مليون كتاب, لكن بالتأكيد تم بيع ما يصل إلي هذا الرقم من ساندوتشات الفول والطعمية, وعلب الكشري والعصائر وزجاجات المياه. أذهلني صديق مسئول عن إدارة أحد أكشاك بيع العصائر والمشروبات بالمعرض حين أخبرني بأن إيجار الكشك الصغير هذا خلال فترة المعرض يبلغ ال32 ألف جنيه, وهذا يعني مبيعات يومية تصل إلي10 آلاف جنيه لكي يستطيع تغطية نفقاته وتحقيق ربح, ومع ما رأيته من ازدحام شديد علي هذا المحل وغيره من مطاعم الفول والطعمية ومحلات الكشري, لم يفاجئني القول إن مبيعاته تقترب يوميا من ال20 ألف جنيه. ....................................................................... ليه تشتري كتابا بخمسين, لما ممكن تشتري عشرين؟! جناح هيئة الكتاب, مكتبة الأسرة, مكتبة مصر, سوق الأزبكية, المؤسسة العربية الحديثة, مكتبة ألف,إقبال وزحام غير عادي يجعلك تتساءل ما الذي تقدمه تلك الأجنحة مختلفا عن غيرها لتمتلئ بالزوار ويكثر الشراء منها؟., تساؤل بديهي وإجابة أكثر بديهية, الخصومات, ورخص الأسعار, لذا لا تتعجب حين تجد زوار المعرض يخرجون من جناح هيئة الكتاب أو مكتبة الأسرة بأكياس مليئة بالكتب في سلوك غير متوقع لا تجده في الأجنحة الأخري رغم أن الكتب المعروضة هي هي غالبا, فحين تجد أسعار تلك الكتب تتراوح بين جنيهين وعشرة جنيهات, في مكتبة الأسرة وهيئة الكتاب ومكتبة مصر, وسوق الأزبكية, وحين تجد مكتبات أخري مثل ألف وديوان وغيرها ترفع شعار الخصومات التي تصل إلي25% وتجري سحبا يوميا علي المشتريات تمنح للفائزين جوائز تصل إلي كتب بقيمة ألف جنيه, فمن الطبيعي أن تصبح تلك الأجنحة هي الأكثر ازدحاما وبيعا, في ظل مستوي دخل للمستهلك المصري يجعل القاعدة الذهبية للشراء, ليه تشتري كتاب بخمسين لما ممكن تشتري عشرين؟. ....................................................................... الشباب والعائلات يضعون كتب الأطفال والروايات في مقدمة الأكثر مبيعا يوم الجمعة هو الأعلي كثافة في نسبة الزوار بالمعرض, فهو اليوم الذي ينافس فيه معرض الكتاب الحدائق والمتنزهات وجنينة الحيوانات, كوجهة للفسح والزيارات العائلية والترفيهية للأسرة المصرية, وهو مقصد الزيارات الشبابية بحثا عن الثقافة حينا أو التسلية والاستمتاع بالأجواء المصاحبة أحيانا. وعلي هذا فكثيرا ما تجد عائلة بأكملها تسير بالمعرض ولا تحمل كتابا واحدا, لكن حين تنظر لأطفالهم حتما ستجد في يد الطفل كتاب قصص مصورة أو أحد المستلزمات التعليمية. أما الشباب فبنظرة سريعة علي ما تحمله أيديهم تدرك أن الروايات هي مقصدهم الأول, فبسؤال تامر عبدالكريم المسئول عن جناح الدار المصرية اللبنانية أخبرني بأن الروايات هي الأكثر مبيعا بالجناح وأهمها أن تحبك جيهان لمكاوي سعيد, و جواري العشق لرشا سمير, و6 إنش لأحمد حسين, و دستينو لأحمد القرملاوي, بالإضافة إلي إقبال لا بأس به علي الكلاسيكيات لإحسان عبد القدوس وجبران خليل جبران والمنفلوطي بعد أن قدمتها الدار بشكل جديد مصاحب بتحليل ونقد للدكتور صلاح فضل. ويضاف إلي تلك الروايات كما يؤكد عمرو عادل المسئول بجناح مكتبة ألف بالمعرض رواية لاسكالا لنور عبدالمجيد, وشيكولاتة بيضا مجموعة قصصية لتامر عبده أمين, ومازالت هيبتا لمحمد صادق ضمن الأكثر مبيعا, وكذلك إذاعة الأغاني لعمر طاهر, مع إقبال لابأس به علي كتب النوت بوكس. ويضاف إلي تلك الأعمال فودكا للكاتب الصحفي أشرف عبدالشافي, و كهنة المعبد لمحمد الباز, و الخاتن للروائي أدهم العبودي, و الورقة لإسلام جاويش, كما تحقق المؤلفات الدينية والأعمال الأدبية المترجمة نسبة لا بأس بها من المبيعات. ...................................................................... وزارات في المعرض.. التموين تستقطب القراء, والمالية تطارد الناشرين من الطبيعي أن يوجد عدد من الوزارات في المعرض بحكم طبيعة عملها, فهناك وزارة الثقافة المسئولة عن المعرض, ووزارة الإعلام ووزارة التربية والتعليم عبر بعض هيئاتها العارضة بالمعرض, ووزارة الداخلية المسئولة عن تأمين المعرض, ولكن هذا العام يضاف إليهما وزارات أخري وافدة, منها وزارة جاذبة هي وزارة التموين وأخري طاردة هي وزارة المالية. ففي الوقت الذي أطلقت فيه وزارة التموين بمشاركة وزارة الثقافة ومؤسسة بتانة, مبادرة مميزة للتشجيع علي القراءة, تحت مسمي مبادرة كتاب ورغيف, حيث قدمت المبادرة لزوار المعرض كتبا بأسعار تقل90% عن قيمتها, ويدفع زائر المعرض10% فقط من سعر الكتاب, عن طريق الاستعانة ببطاقات التموين الإلكترونية التي تمتلكها كل الأسر المصرية, والتي تستخدم للحصول علي المواد التموينية المدعمة من الدولة, فمنذ بداية العام الماضي تم ربط هذه البطاقات بشراء الخبز المدعم, وفارق النقاط من الخبز يتم استبداله بمواد تموينية أخري, ومن خلال مبادرة كتاب ورغيف طرحت وزارة التموين أن يتم استبدال النقاط بالكتب بدلا من المواد التموينية, عند قيام الزائر بالشراء من الجناح المستقل بالمعرض تحت اسم مبادرة كتاب ورغيف. وفي مقابل تلك الفكرة المميزة والترويجية بهدف نشر الفكر والثقافة من إحدي الوزارات المصرية, جاء الفعل الغير متوقع من وزارة أخري هي وزارة المالية, حين قام أحد مفتشي الضرائب بمطالبة صاحب دار ميريت للنشر محمد هاشم, خلال ندوة بمعرض الكتاب بمطالبته بتسديد ضرائب بقيمة2 مليون جنيه مستحقة علي الدار, وتهديده بالحجز علي الدار في حالة عدم السداد. ويبقي السؤال- بعيدا عن كون هذا السلوك فرديا أم بعلم قيادات المصلحة والوزارة, وعما إذا كان ملاحقة دار النشر في معرض الكتاب لمطالبتها بالضرائب سلوك جائز أم التعامل مع الدار من خلال مقرها الدائم المعروف مكانه, هو الأكثر حرفية ومهنية,- ما حاجة دور النشر إلي معرض للكتاب للترويج لكتبها وإصداراتها, والبحث عن مهرجانات ثقافية لتسويق نفسها وتحقيق بعض الربح, في الوقت الذي تكسب فيه بعض تلك الدور مئات الملايين من الجنيهات, بما يجعل ضرائبها فقط تصل إلي2 مليون جنيه؟!.