كان من الضرورة بمكان استضافة عبد الملك المخلافى نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمنى فى ندوة بالأهرام أولا لاعتبار موضوعى يتعلق بأهمية التعرف عن كثب على مجريات وتطورات الصراع فى اليمن وهو بحكم منصبه الحالى فضلا عن مقاربته العميقة بمفردات هذه الأزمة لكونه واحدا من أهم رموز النخبة السياسية اليمنية على مدى العقود الأخيرة وبالتالى فإنه خير من يقدم ملامح وقسمات وتجليات وحقائق المشهد فى بلاده، وثانيا لاعتبار شخصى فهو واحد من رموز الفكر القومى فى اليمن وفى الوطن العربى بحكم انخراطه فى التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري في اليمن ومشاركته فى المنتديات الفكرية ذات البعد القومى فى العديد من البلدان العربية. وفيما يتعلق بالدور المصرى قال المخلافى إن اليمنيين ينتظرون من مصر الكثير لحل أزمة بلادهم، مؤكدا أن مصر داعم قوى للشرعية وللدولة اليمنية وجزء فاعل فى التحالف العربى وأنهم يتطلعون إلى مساعدتهم فى تنفيذ قرار مجلس الأمن 2216 بعد عضويتها فى مجلس الأمن. الأهرام : ماطبيعة ومحددات الصراع فى اليمن والممتد منذ ما يقرب من خمس سنوات ؟ المخلافى : لاشك أن الثورة اليمنية هى نتاج الثورة المصرية ومن قبلها الثورة التونسية فى يناير من العام 2011 وتحديدا بعد ثورة الخامس والعشرين فى مصر شعر اليمنيون أن الثورة فى بلادهم قادمة بقوة وهو ما أدركه الرئيس المعزول على عبد الله صالح بعد اندلاع الموجات الأولى من التظاهرات التى خرجت مطالبة بالتغيير وسقوط النظام فعمل على تقديم بعض التنازلات خاصة أنه كان يشبه نظام حسنى مبارك فى كثير من الملامح خاصة فيما يتصل بمسألة توريث الابن ( العقيد أحمد قائد الحرس الجمهورى) وتجسيد زواج السلطة بالثروة والنهب المنظم لثروات البلاد وهو ما أفضى الى إضعاف الثورة اليمنية التى تفجرت فى السادس والعشرين من سبتمبر 1962 بل إضعاف فكرة الجمهورية فى حد ذاتها . على أى حال تفجرت ثورة الشعب اليمنى متسمة بطابعها السلمى حيث اقتصرت على الاعتصامات متجنبة أى نزوع نحو العنف وشهدت مشاركة من النساء على نحو غير مسبوق فى أى ثورة عربية أخرى مجسدة أشواق ومطالب الشعب اليمنى كله , غير أن الجيش اليمنى فى ذلك الوقت كان مؤسسا على مرتكزات غير وطنية بتعمد واضح من قبل صالح والذى اعتمد الأسس العشائرية مما تسبب فى انقسام هذا الجيش ,ما شكل نوعا من الحماية النسبية للثورة وأنتج فيما بعد تسوية للأزمة كان مرادا لها أن تكون سياسية بين المعارضة والسلطة بموجب المبادرة الخليجية والتى انتهت بآلية تنفيذية تتمثل فى الحوار الوطنى الشامل حول كافة القضايا والملفات بما فى ذلك ملف القضية الجنوبية على أن تفضى بعد الانتهاء من الحوار الى دستور جديد وبموجب هذه التسوية منح صالح الحصانة التى تحول دون ملاحقته قضائيا وهو أمر يعد خطأ فادحا ولكن فى تلك المرحلة كان ثمة تصور بأنه فى عملية إعادة البناء الديمقراطى والوطنى لاينبغى إقصاء أى طرف ومن ثم تم منح حزب المؤتمر الشعبى العام الذى يرأسه صالح نصف عدد الحكومة وذلك سعيا لتحقيق الاستقرار تمهيدا لإعادة بناء الدولة اليمنية الجديدة على أسس مغايرة لما كان سائدا فى الماضى , غير أن هذه المعطيات أذكت لدى صالح شعورا بإمكانية العودة مجددا الى السلطة , وكان يتعين عليه بعد حصوله على الحصانة أن يقبل بالتسوية خاصة أنها أتاحت له الاحتفاظ بثروته التى قدرتها الأممالمتحدة بحولى 60 مليار دولار. الأهرام : الى أى مدى تصل صدقية هذا الرقم ألاينطوى على مبالغة فى ضوء الأوضاع الاقتصادية لليمن ؟ المخلافى : المسألة لاتتصل بمدى صحة هذه الرقم , فقد يكون الرقم الصحيح أقل من ذلك أو أكثر , وإنما بثبوت حقيقة أنه كان هناك نهب منظم للثروة الوطنية فى زمن صالح , فضلا عن أعمال غير مشروعة كعمليات غسيل للأموال , بالإضافة الى سرقة المساعدات الخارجية التى قدمت لليمن فى فترة ما قبل الثورة , وأيا كان الأمر فقد تكونت لدينا قناعة بعد الإعلان عن التسوية السياسية أننا بصدد الانتقال الحقيقى فى السلطة والاستعداد لبناء دولة على أسس وطنية , حيث بدأ الحوار الوطنى وانتخب رئيس للجمهورية لأول مرة من الجنوب من خارج التركيبة الحاكمة فى المركز – صنعاء - ما يعكس تحولا جذريا أحدثته الثورة اليمنية , وشعرنا أننا نقترب من الانخراط فى مرحلة جديدة تقوم على المواطنة والإيمان بالتعدد والتنوع وانعكس ذلك عمليا فى بدء الحوار الوطنى الشامل بمشاركة كل القوى والأحزاب السياسية والذين يمثلون جميع المناطق ولأول مرة تكون هناك مناطق تشعر بأنها جزء من عملية صنع القرار واستغرق الحوار ستة أشهر ثم تمدد شهرا إضافيا وكانت قراراته تتخذ بمنهجية التوافق دون أى فرض واللافت أن الجنوبييين شاركوا فى جلسات الحوار بنسبة 50 ٪ من أعداد دالمشاركين فيه على الرغم من أنهم لايمثلون هذه النسبة فى إجمالى عدد سكان اليمن وصدرت مخرجات الحوار الوطنى فى 200 قرار كان معظمها يشكل الأساس للبنود التى سيتضمنها الدستور الجديد, وبالفعل شكلت لجنة لصياغة هذا الدستور من كل المكونات والفعاليات السياسية والتى يبلغ عددها 17 مكوناوفعالية , بما فى ذلك المرأة التى شكلت 30 ٪ منها. الأهرام : ما هى العراقيل التى أعاقت ترجمة هذه الخطوات على الأرض ؟ المخلافى : عشية تسليم مسودة الدستور الجديد تم تشكيل الهيئة الوطنية لتنفيذ مخرجات الحوارالوطنى والتى سيكون من ضمن صلاحياتها إقرار الدستور، وفى تلك الأثناء تلقت هذه الهيئة تهديدات واضحة من قبل صالح فتم نقلهم الى العاصمة الإماراتية أبو ظبى والمفارقة أن ممثل الحوثيين فيها أبدى مواقفة على بنود الدستور الجديد، غير أنه أعلن فجأة عن التراجع عن المواقفة بعد تلقيه تعليمات من قيادته بالرفض ومن هنا بدأت ملامح المؤامرة تظهر لاسيما الشرعية متمسكة بالمسار السياسى وملتزمة بإيصال المساعدات الإنسانية لكل مناطق البلاد أن جماعة صالح والحوثيين وافقوا على كل وثائق الحوار الوطنى ومن ثم لايمكن وصف ما فعلوه الا بأنه أقرب الى التآمر حيث تم الانقضاض على مخرجات الحوار الوطنى فى الأحداث التى تلت ذلك وباتت معروفة ولكنى أتوقف عند واقعة بعينها كنت شاهدا عليها فقد كلفنى الرئيس عبد ربه منصور هادى بالتوجه لصعده فى الرابع عشر من أبريل 2014 على رأس لجنة مشكلة للتعاطى مع المشكلة التى خلقها الحوثيون وعرضت ست نقاط لتنفيذ مخرجات الحوار مع القيادة الحوثية من أهمها تسليم الأٍسلحة الثقيلة التى تم نهبها خلال الحروب الست وتحول الجماعة الى حزب سياسى واستعداد الحكومة لاستيعاب ميلشياتها فى الجيش وقوات الأمن ثم إتمام مصالحة عامة فى صعدة والمساهمة فى أعادة إعمار المنطقة ولكن القيادة الحوثية لم تتجاوب مع هذه المطالب وفى تلك الأثناء بدأ صالح فى بناء تحالفه مع الحوثيين وبالطبع تم استغلال الصراع مع آل الأحمر والإخوان المسلمون فضلا عن الضعف الذى اتسم به أداء حكومة التوافق الوطنى التى يشكل حزب المؤتمر الشعبى نصف حقائبها ثم تداعت الأحداث فيما بعد وتسارعت الخطوات التى انتهت باحتلال الحوثيين لبعض المناطق ثم دخول صنعاء فى 21 سبتمبر من العام 2014 ثم التمدد الى باقى المناطق ووفقا لمعلوماتنا فإن صالح كان يطلب من الميليشياالحوثية إطلاق عدد قليل من الطلقات على معسكرات الجيش تمهيدا ليسلمها لهم وعندما اقتحموا العاصمة طلب منهم صالح التقدم الى مقر الرئاسة وذلك فى التوقيت ذاته الذى كان الرئيس هادى وكبار القادة والقوى السياسية يستعدون للتوقيع على وثيقة اتفاق السلم والشراكة التى تم إبرامها مع الحوثيين لإنهاء الأزمة وتشكيل حكومة جديدة , ولكن الحوثيين حاصروا الرئيس هادى والذى اضطر الى الاستقالة وتواصلت التطورات التى قادت الرئيس الى التوجه لعدن ثم لاحقته طائرات صالح والحوثيين وقد كنت معه عندما دكوا قصر الرئاسة فيها بالصواريخ مما أضطر ه الى التوجه الى الرياض ليقود من هناك عملية إعادة الشرعية وتحرير الوطن . الأهرام : وصف ما جرى من قبل الحوثيين المدعومين من صالح بأنه إنقلاب بينما هم يعتبرونه ثورة . المخلافى : ما جرى ليس مجرد إنقلاب على سلطة شرعية ولكنه إنقلاب على فكرة الدولة , لأن كل ممارسات الميليشيا الحوثية كانت وما زالت تتم من خار ج مؤسسات الدولة فهم الذين يقومون بتعيينهم فى مواقع بهذه المؤسسات يضعون معهم أشخاصا من قبلهم وهم الذين يتولون إدارتها بمنأى عن المسئولين المعنيين ولأنه إنقلاب على الشرعية والدولة فإن لم يحظ بتأييد إقليمى أو دولى فقد صدرت إدانات عديدة والأهم من ذلك أن بنود قرار مجلس الأمن رقم 2216 تتضمن العديد من المطالب التى تدعو الحوثيين للتراجع عما أقدموا عليه بعد استيلائهم بالقوة المسلحة على مؤسسات الدولة اليمنية ,وهذا القرار هو الذى يشكل المرجعية الأساسية لمفاوضات جنيف الرامية لإيجاد حل سياسى للأزمة فى اليمن ونحن نطالب بتطبيق هذا القانون أو العودة لنفس النقطة التى توقفنا عندها لاستكمال تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطنى من خلال الشراكات الوطنية والتى لانستبعد منها الحوثيين , ولكن من دون سلاح . الأهرام : كيف تقيم جولة مفاوضات جنيف التى عقدت فى ديسمبر الماضى ؟ المخلافى : بالفعل توجهنا الى جنيف 2 فى الثانى من ديسمبر الماضى بعد أن أمضينا مايقارب الشهر والنصف فى مفاوضات غير مباشرة مع اسماعيل ولدالشيخ مبعوث الأممالمتحدة الخاص لليمن لتحديد الأسس التى تنهض عليها عملية التفاوض مع الجانب الحوثى وجماعة صالح وتم الاتفاق على جدول الأعمال وعلى اللائحة التنظيمية لتشكيل الوفود وكنا من جهتنا كممثلين للشرعية جادين وتم تحديد أربع نقاط لتدور بشأنها المباحثات وهى أسس تنفيذ قرار مجلس الأمن 2216 واستمرار تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتهاالتنفيذية ثم خطوات بناء الثقة عن طريق الإفراج عن المعتقلين والانسحاب من المدن وأخيرا تيسير تقديم الإغاثات الإنسانية للمناطق المتضررة , والمفارقة أنه عند بدء المفاوضات فى جنيف أعلن الجانب الآخر رفضه للإفراج عن المعتقلين وملف الإغاثة غير أننا أعلنا لهم رفضنا القاطع لهذا التوجه بالذات فيما يتصل بالإغاثة على أساس أننا نتصرف كدولة مؤكدين التزامنا بإزالة أى عقبات أمام وصول المساعدات الإنسانية لأى منطقة فى اليمن بينما الطرف الآخر أصر على موقفه وبالتالى فإن مدينة تعز المحاصرة لم تدخلها أى مساعدات منذ شهر يوليو الماضى وهى تكابد أوضاعا انسانية شديدة القسوة وعلى الرغم من بعض الضغوط الدولية التى مورست على الوفد الحوثى فى نهاية مفاوضات الجولة الأخيرة فى جنيف وإعلان مواقفتهم على دخول المساعدات الأنسانية لتعز إلا أنه لم تدخلها حتى الآن أى أنواع من المساعدات والحصار مازال مستمرا. الأهرام : وماذا عن موضوع الإفراج عن المعتقلين وهو ما نص عليه قرار مجلس الأمن ؟ المخلافى : لقد رفضوا ذلك بينما التزمنا من جهتنا بالإفراج عن أى معتقل ينتمى للحوثيين أو لجماعة صالح وفى حقيقية الأمر لايوجد لدينا معتقلون بينما يوجد نحو 1900 أسير منهم ويوجد لديهم حوالى 1400 أسير ينتمون لقوات الجيش اليمنى والمقاومة , لقد بلغ الأمر بنا أن ناقشنا الطرف الآخر حول ما إذا كان المعتقلون أحياءأو لقوا حتفهم ومن بينهم شقيق الرئيس هادى وغيره ووعدونا بالإفراج عنهم الا أنه لم يقوموا بالوفاء بهذا الوعد . الأهرام : ماطبيعة الوضع على الأرض بالنسبة للصراع فى المرحلة الراهنة ؟ المخلافى : إن غالبية الشعب اليمنى يرفضون الإنقلاب الحوثى وحتى لوكان للمعزول صالح بعض التأثير فى بعض المناطق فإن هناك تراجعا وإنحسارا فى نفوذ الانقلابيين وأستطيع أن أؤكد بيقين أن أكثر من 70 فى المائة من الأراضى اليمنية هى الآن تخضع للشرعية بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادى وذلك بعد أن تلقى الإنقلابيون هزيمة نكراء فى المحافظاتالجنوبية وحتى محافظة تعز التى تقع فى جنوب شمال اليمن فإن أغلب مساحتها فى قبضة الشرعية والحصار مفروض على مدينة تعز العاصمة فقط وفى أجزاء مفصلية منها إن المشهد اليمنى يقوم على معادلة وجود الرئيس هادى وحكومته ووزرائه فى عدن والشرعية تتقدم والإنقلابيون يتواجعون وأود هنا أن الفت الى أن الحرب الدائرة فى اليمن فجرتها مجموعة من ا لأوهام المدعومة بالقوة وهو ما جعل الشعب اليمنى يدفع ثمن هذه الأوهام فهناك وهم المعزول صالح باستعادة السلطة بعد ثورة عظيمةوشهداء بالآلاف رغم طبيعتها السلمية ووهو الحوثيين بالعودة الى ما قبل ثورة السادس والعشرين من سبتمبر1962 , بالإضافة الى وهمهم بإمكانية استغلال الانقسام الدولى للتخصل من قرار مجلس الأمن رقم 2215 , لكن الحقيقة الساطعة الآن هى أن كل هذه الأوهام انكسرت. الأهرام : كيف قرأتم فى الشرعية تصريحات الرئيس المعزول صالح أنه لن يتفاوض مع الرئيس هادى وأنه يجب أن يتفاوض مع السعودية والتى أعلنت رفضها ذلك قبل أيام ؟ المخلافى : بالطبع هذه تصريحات تأتى فى إطار الأوهام التى تسكن عقلية صالح فهو يعتقد أن الصراع مع السعودية وليس هناك صراع داخلى وهو عكس الحقيقة فالصراع فى اليمن داخلى بالأساس , لقد كان ولد الشيخ فى الرياض قبل أيام واقترحنا عليه نقل المفاوضات الى المنطقة سواء فى مصر أو الأردن آو مصر وولد الشيخ اقترح الكويت ولكن بعد الرفض الحوثى للانتقال الى المنطقة العربية تقرر أن تستمر المفاوضات فى جنيف وهى من المنتظر أن تعقد إما فى 23 أو 25 يناير بعد أن كان مقررا لها أن تعقد فى 15 يناير حسبما أبلغنى به ولد الشيخ , ومن جهتنا اشترطنا أن يأتى كل طرف الى جنيف ولديه وثيقة مكتوبة يحدد فيها مواقفه فنحن لانريد اجتماعات ومفاوضات لتبادل النوايا الحسنة ,لاسيما أننا أمام مجموعة لاتدرك معطيات المجتمع الدولى وتفتقر الى الإحساس بفكرة الدولة وهم مستعدون للاستمرار فى القتال الى مالانهاية لكن مالايتمكنون من إدراكه واستيعابه أن الشعب اليمنى قام بثورته العظيمة التى لن يفرط فى منجزاتها وما يجرى هو محض محطة من محطاتها فهى لاتحقق كل أهدافها فى مرحلة واحدة وإنما يتطلب الأمر عدة مراحل ولدينا أمل فى الشرعية فى بناء الدولة على أساس يمن موحد مع استقلال كل إقليم فى أطار الدولة الموحدة التى تقوم على الديمقراطية العادلة وتعظيم خيار المواطنة واحترام التنوع والتعددية . الأهرام : لماذا تأخر حسم معركة تعز على الرغم من التصريحات بقرب حسمها من قبل قوات الجيش اليمنى والمقاومة الشعبية ؟ ومتى سيتم اقتحام صنعاء لتحريرها ؟ المخلافى : المسألة مرتبطة ببعض الصعوبات العملياتية أو العسكرية على الأرض وقد تكون مرتبطة بتعقيدات الواقع , ومع ذلك فإن الأمور تمضى الى الأمام وأظن أن المسألة مسألة وقت , خاصة بعد السيطرة على مأرب وثمة قناعة بأنه إذا حسمت معركة تعز فإن مسألة صنعاء ستكون منتهية لاسيما أن قوات الشرعية باتت على بعد أربعين كيلومتر من العاصمة فضلا عن ذلك فإن معظم سكان صنعاء رافضون للإنقلاب الحوثى المدعوم من صالح وبالتالى فإنه بمجرد أن يقترب موعد تحريرها سينتفض هؤلاء السكان , والذى يجدر الانتباه اليه أن صنعاء اليوم ليست هى صنعاء القديمة فهى تحتوى حاليا أكثر من 10 فى المائة من سكان اليمن . الأهرام " يقال أن حسم معركة تعز مرهون ربما بقرار دولى أو إقليمى فهل توافق على ذلك ؟ المخلافى : ربما هناك قرار خارجى لم يحسم فيما يتعلق بتعز الأهرام : هل نفهم من ذلك أن مايجرى فى اليمن هو انعكاس للعبة خارجية تضم أطرافا إقليمية تصفى حساباتها على أرضه ؟ المخلافى : ثمة صراع إقليمى فى اليمن بدأ بالتدخل الإيرانى الذى فرض معادلة الإنقلاب الحوثى المدعوم من قبل جماعة صالح وهو ما أفضى الى التدخل العربى عبر التحالف الذى تقوده المملكة العربية السعودية ولكن الأغلبية فى اليمن تريد أن يكون متصالحا مع إقليمه المحيط ( الخليج والجزيرة العربية وأن يكون حر الإرادة وهو ما سوف نحققه بدعم من التحالف العربى الذى نفذ عملية عاصفة الحزم والآن ينفذ عملية إعادة الأمل وتتواجد قواته البرية على الأرض مساهمة بفعالية فى الانتصارات التى تحققها قوات الجيش والمقاومة الشعبية . الأهرام : بصراحة هل يمكن القول أن حل الأزمة اليمنية بات مرتبطا بتوافق سعودى إيرانى ؟ المخلافى : الحل مرهون بتوافق داخلى أولا وإذا ما تحقق وفق الشروط والضوابط الصحيحة فإنه لن تكون هناك حاجة لتدخل خارجى بالثقل الذى عليه الآن . الأهرام : تحدثت عن خطوات لبناء الثقة وأشرت الى الإفراج عن المعتقلين والمساعدات الإنسانية لكن الخطوة الأهم المطلوبة فى هذا السياق هى وقف لإطلاق النار؟ المخلافى : بالعكس كان ذلك شرطا ضروريا قبل التوجه لمفاوضات جنيف الأخيرة , لقد تباحثت مع اسماعيل ولد الشيخ حول هذه النقطة واتفقنا على أن نذهب لجنيف فى ظل وقف إطلاق النار بشكل متزامن ومتبادل وتوجهت الى الرئيس هادى فى عدن والذى أصدر قرار بوقف إطلاق النار لمدة أسبوع بشرط التزام الجانب الآخر به وطرح خيار تمديده وعشية بدء المفاوضات فى الرابع من ديسمبر التقيت بولد الشيخ وقررنا إصدار بيان بشأن ذلك وعندما انطلقت جولة المفاوضات فى اليوم التالى كان بحث وقف إطلاق النار أول بند تتم مناقشته لكنهم سرعان ما طالب الانقلابيون بأن يوقف التحالف العربى إطلاق النار أولا بحسبانه - وفق تصورهم – بأن عدوان خارجى ويبدو أنه كانت لديهم وعود غامضة من بعض الدوائر الدولية بأنه ستم الضغط على التحالف العربى لوقف إطلاق النار جوا على أن يبقى استمرار القتال برا ثم قالوا بعد رفضنا ذلك إنهم على استعداد لوقف إطلاق النار بالسلاح الثقيل غير أننا رفضنا فبوسع قناص يقبص عل بندقية أن يشكل الحياة فى حى كامل بعدن وبعد شد وجذب وافقوا على إصدار بيان أيدوا فيه وقف إطلاق النار غير أنه عمليا لم ينفذوه على الأرض ففى تعز لم يتوقف القتال دقيقة واحدة والغريب أنهم قالوا ردا على ذلك أن قوات الحكومة احتلت بعض المدن الجديدة فقلنا لهم إن الحكومات فى العادة لاتحتل مدنها ولكنها تستعيد ما احتله الآخرون المتمرودن أو المعتدون من الخارج وأكدنا لهم أن ماقام به الجيش اليمنى والمقاومة الشعبية هو رد على اختراقات ميليشيات الحوثى وصالح لقرار وقف إطلاق النار وأشير فى هذا السياق أن ثمة هاجسا يسكن عقول هؤلاء الإنقلابيين مؤداه أن الحرب هى مع السعودية ولاتوجد مشكلة داخلية وبالتالى أخذوا فى إطلاق الصواريخ على الأراضى السعودية تزامنا مع انطلاق المفاوضات ظنا منهم أن ذلك سيجبرها على القبول بالتفاوض معهم ولازل صالح يردد نفس المقولات الخاطئة والمتناقضة مع الواقع لأن المشكلة كما لفت غيرمة هى داخلية بالأساس وهم أثبتوا أن ليس لديهم استعداد لتقديم تنازلات وهذه هى المعضلة فى المرحلة الراهنة والتى تعرقل التوصل الى حل سياسى وفق محددات قرار مجلس الأمن والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وهم باختصار طرف لايرغب فى تحقيق التوافق الوطنى . الأهرام : ما هو تصوركم للجولة الجديدة المرتقبة فى جنيف نهاية الشهر الحالى ؟ المخلافى : إننا نستعد للتوجه الى جنيف على الرغم من المماطلات الحوثية ولدينا معطيان أساسيان أولهما أن هناك توافقا دوليا على الحل السياسى للأزمة من خلال تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2216 وقناعتى أن لدينا فرصة فى هذا الجانب أكثر من الأزمات الأخرى فى المنطقة باعتبار أن أسس الحل متاحة وقائمة سواء عبر القرار الأممى أو المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية أما الثانى فيكمن فى امتلاكنا مساحة من التفاؤل بأن ثمة سلاما قادما وقناعتنا أن الصراعات الداخلية لاتنتهى الا عبر الانخراط فى المفاوضات وصولا لاتفاق سياسى. الأهرام : ثمة من دلل على وجود خلافات فى معسكر الشرعية من خلال التغييرات الأخيرة التى أجراها الرئيس هادى على تركيبة الحكومة اليمنية ما صحة ذلك ؟ المخلافى : من الطبيعى فى المراحل التى تحدث فيها عملية خطف للدولة تقع تباينات بين القيادات حول كيفية معالجة الأمور والتطورات ومع ذلك تزول هذه التباينات ثم يتحقق التماسك وأؤكد لك أن حالة التماسك التى تتسم بها القيادة السياسية فى المرحلة الراهنة هى أكثر من أى وقت مضى الأهرام : ماذا عن تنظيم القاعدة الذى يبدو أنه بات يمثل تهديدا للشرعية فى عقر دارها مثلما حدث مؤخرا فى عدن ومدن جنوبية أخرى ؟ المخلافى : بالتأكيد الحكومة الشرعية تواجه مهمة صعبة فى المناطق المحررة للقضا على الإرهاب وقد بدأت المواجهات فى عدن وهناك توجه للتمدد فى حضرموت والمكلا ومناطق أخرى فى إطار ألتزام الحكومة بمحاصرة ومحاربة الإرهاب لأنه تداعياته لاتتوقف عند اليمن فحسب ولكنها تمتد الى المنطقة كلها الأهرام : هل هناك وجود فاعل لتنظيم داعش ؟ المخلافى : حتى الآن لم نرصد تحولا من العناصر الموالية لتنظيم القاعدة الى داعش لكن تصدر فى بعض الأحيان بيانات باسم هذا التنظيم وهى جزء من لعبة النظام السابق بقيادة المعزول صالح ومازالت قائمة. الأهرام : ما تقييمك لأداء التحالف العربى بقيادة المملكة العربية السعودية والذى يضم عشر دول عربية ؟ المخلافى : لقد جسد هذا التحالف بحق وقوف الأشقاء مع اليمن وشعبها وقيادتها الشرعية على تنوع الأدوار التى يلعبها كل طرف للمساعدة فى إعادة بناء الدولة. الأهرام : كيف تتصور دور مصر فيما تعلق بالأوضاع فى اليمن ؟ المخلافى : مصر جزء فاعل فى التحالف العربى وهو داعم للشرعية وداعم للدولة اليمنية من منطلق قناعتها بأن ذلك يصب فى منحى تحقيق الاستقرار سواء بالنسبة لأشقائها فى اليمن أو بالنسبة لأمنها الوطنى أو بالنسبة للأمن القومى العربى خاصة فيما يتعلق بمضيق باب المندب, ولاشك أن دعم مصر للشرعية فى اليمن مطلوب خاصة بعد عضويتها فى مجلس الأمن والتى نراهن علها لتكون الصوت العربى المعبر عن تنفيذ القرار 2216 ولدينا تطلعات بأن تسهم مصر فى تدريب الجيش وقوات الأمن الداخلى لاسيما على صعيد محاربة الإرهاب كما أنه بحكم أن لديها علاقة مع كل مكونات الشعب اليمنى أن تلعب دورا مهما على هذا الصعيد الأهرام : هل حصلتم على تطمينات من السلطات المصرية بخصوص تأشيرات اليمنيين وإقامتهم ؟ المخلافى : لقد طالبنا بتخفيف القيود على منح تأشيرات الدخول وصولا الى ألغائها عندما تتسنى الظروف الأمنية، وقد حصلنا على وعود بذلك خاصة بالنسبة للمرضى والنساء تقوم الأجهزة المعنية بدراسة طلباتنا بمالايخل بأمن مصر الذى نحرص عليه بقوة وفى هذا الصدد أود أن أؤكد أن مصر لها مكانه خاصة عند كل عربي ، باعتبار ما تمثله في الوجدان والتاريخ العربي والإقليم الأكبر ، وثبات مصر وقيامها بدورها يعني ثبات الأمة كلها وبعد مصر أو غيابها هو غياب للأمة وغياب للأمن القومي العربي .. وثمة روايط قوية تجمع مصر واليمن في اطار الامن القومي العربي بشكل عام وكما تجعمهما روابط خاصة منذ فجر التاريخ وليست جديدة وقد لاتكون من المصادفة الذكر بأن كل الدويلات التي نشأت في مصر بعد الإسلام كان لها امتداد في اليمن من الفاطميين والايوبيين والمماليك وحتى دولة محمد علي وغيرها.. كما أن أمن مصر يبدأ من البحر الأحمر ومن باب المندب .. وقناة السويس تأتي قيمتها من باب المندب الآمن ، واستمر هذا في التاريخ الحديث في عهد جمال عبد الناصر عندما كان قامت مصر بأعظم أدوارها في إنقاذ الشعب اليمني من الأمية والتخلف ومن الاستعمار البريطاني واسهمت مصر من خلال وجود قواتها في اليمن أولا في تحرر الشمال والدفاع عن فكرة الثورة والجمهورية علي مدي سنوات قدمت فيها التضحيات واختلطت فيها الدماء المصرية واليمنية لتصنع ملحمة وقومية عربية أكدت حقيقة الانتماء العربي بالدم وليس بالاقوال .. وسيبقي هذا خالدا في وجدان اليمن الي الابد .. ولم يقتصرهذا الدعم علي العمل العسكري والتضحيات التي قدمها جيش مصر العظيم الذي هو جيش الأمة العربية وحاميها .. ولكنه كان متعدد الجوانب ومنها الدعم في مجال التعليم فلا يمكن أن ينكر وأن ينسي بأن نهضة اليمن التعليمية بدأت بمصر وبالمدرسين المصريين وبالمناهج المصرية التى استمرت لسنوات طويلة تدرس بمراحل التعليم المختلفة .
عبد الملك المخلافى فى سطور ولد المخلافي في تعز في قرية الحصين المخلاف في أغسطس عام 1959 من أسرة يمنية توارثت الفقه والقضاء لمئات السنين .. تلقي تعليمه الأولي علي يد جده الفقيه علي ردمان المخلافي، وحصل علي ليسانس الشريعة والقانون 1984.. إهتمامه السياسي بدأ في الخامسة عشرة من عمره ،حينما انضم للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري في اليمن ، وبسبب نشاطه ونبوغه وقدرته التنظيمية صعد نجمه سريعا في صفوف التنظيم فانتخب أمينا عاما له عام 1982 وعمره 23 عاما .وقدعمل في الصحافة بصحيفة الجمهورية عام 1978 وقدم برنامجا في اذاعة تعز .. وتعرض أكثر من مرة للاعتقال في أعوام 1978، و1984 ثم 1985 وظل مطاردا من أجهزة الأمن ، فاضطر لمغادرة اليمن وتوجه الي سوريا وعاش بها نحو خمس سنوات ، وفي عام 1992 اختير عضوا في اللجنة العليا للانتخابات بدرجة وزير ثم أعتذر عن هذه العضوية لرفضه تجميد نشاطه الحزبي، وفي عام 1997 أصبح مستشارا لرئيس الجمهورية لشئون الانتخابات بناء علي طلب المعارضة ، وفي كما عين فى العام ذاته عضوا في المجلس الاستشاري وفي 2001 أصبح عضوا في مجلس الشوري ، وفي العام 2012 اختير أمينا عاما للمؤتمر القومي العربي وكان قد انضم لعضويته فى العام 1990 كما أصبح عضوا فى مؤسسا للمؤتمر القومى الإسلامى فى العام 1994 وفي 2013 أصبح عضوا مؤتمر الحدود الحوار الوطني وفى العام 2014 أصبح مستشارا للرئيس عبد ربه منصورهادي وفي 2015 الأول من ديسمبر الماضى اختير فى منصب نائب رئيس الوزرا ءووزيرا للخارجية .