..في البداية قد نتفق أو نختلف علي أن هناك أجندات داخلية تسعي جاهدة لإعادة مصر إلي سابق عهدها أيام المخلوع وأتباعه؛ حفاظا علي مصالحهم غير المشروعة الممتدة بطول مصر وعرضها وأجندات أخري خارجية تسعي هي الأخري جاهدة لإسقاط مصر،وأن يتحول المشهد بداخلها كما هو عليه في السودان وليبيا وسوريا وغيرهم من الدول التي أصبحت علي حافة الانهيار التام. ..ولكن قد نتفق علي أن المشهد علي أرض الوطن يزداد من سوء إلي أسوأ، وبدلا من أن نتقدم خطوة للأمام نتراجع خطوات للوراء، وكلما أطفأت نار اشتعلت نيران أخري، وكلما انتهي اعتصام بدأت اعتصامات أخري.. ناهيك عن المطالب الفئوية- مع العلم بأن أغلبها علي حق ولكن ليس هذا وقتها- التي تبدأ في أغلب الأحيان بوقفات احتجاجية سلمية، وفي الغالب لا يستجيب المسئولون ما دامت أنها لا تضر!، فيضطر المحتجون استخدام أسلوب"لوى الدراع"، فتتحول الوقفات إلي إضرابات عن العمل والإنتاج، ويزداد سقف المطالب، وتزداد الخسائر التي يتكبدها في النهاية شعب مصر كله، ووقتها يضطر المسئولون والحكومة علي استجابة المطالب، وعندما يدرك العاملون في جهة أخري أن أسلوب"لوي الدراع" هو الطريق الوحيد لتلبية مطالبهم يسرعون في استخدامه بشتي الطرق قبل أن تفيق مصر من محنتها، فهذه الأيام الأفضل علي الإطلاق في استخدام"لوي الدراع" بل وصل الأمر مؤخرا إلي تهديد عمال الصرف الصناعي بإغراق الشوارع والمصانع إذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم!! ..ارتفعت معدلات الإجرام، وازداد عدد الجناة والمجني عليهم، والاعتداء علي السياح وسرقتهم، وقطع الطرق والهجوم علي أقسام الشرطة، والاشتباكات بين المؤيدين والمعارضين لهذا أو ذاك، والحرائق في البترول والغاز و... ناهيك عن تبادل الاتهامات والاعتراضات بين القوي السياسية، وترك القضايا المهمة وقنابل مشكلات الوطن التي قد تنفجر في أي لحظة في وجوهنا جميعا، مما أدي كل هذا إلي خسائر اقتصادية بالمليارات، وتراجع في الدخل القومي، وعجز صارخ في الموازنة العامة، وارتفاع معدل الغلاء، وانخفاض الاستثمار الأجنبي، وبالتالي تسريح عدد كبير من العمالة..حتي أصبح البسطاء الصامتون الذين لا يبحثون إلا عن لقمة العيش ينظرون إلي الثورة وكأنها السبب في كل مايحدث. ..حتي بعد أن عادت الروح إلي ميادين الثورة، وأصبح الأمل يتجدد بداخلنا بأننا سوف نعود إلي السير في الطريق الصحيح،فوجئنا بانقسام الميادين، وتشتت القوي الثورية ، وأخذ كل فصيل ينادي بمطالبه الخاصة،وتناسي الجميع ما نادت به الثورة في أيامها الأولي!! ..مصر تحتاج من أبنائها الكثير حتي تستطيع أن تعبر هذه الفترة الحرجة بسلام، تحتاج أن ننحي الخلافات جانبا،وأن نغيرما بأنفسنا، وأن نقدم مصالحها العامة علي مصالحنا الخاصة، قال تعالي:"..إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم.."الرعد/11 ..مصر تحتاج إلي اعتصام من نوع جديد..تحتاج إلي الاعتصام بحبل الله، قال تعالي:"واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا.."آل عمران/103 ..مصر تحتاج إلي تكاتف أبنائها بجميع أطيافهم والإعداد لمواجهة العدو الذي يتربص بأرض الوطن، قال تعالي:"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوالله وعدوكم وءاخرين من دونهم.."الأنفال/60..اللهم أجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن. المزيد من مقالات أحمد عادل عبدالوهاب