يبدو أن الشعب المصري مكتوب عليه القهر والقمع والظلم.. مكتوب عليه الحسرة والمعاناة والتعذيب.. مكتوب عليه الفساد والتزوير والاستبداد.. مكتوب عليه البطالة والجوع والعطش والمرض.. الفساد استشري كافة أرجاء البلاد من أقصاها إلي أقصاها.. مجموعة من الفاسدين استولت علي مدخرات هذا الشعب وهربوها إلي الخارج وشيدوا القصور والفيلات واستقلوا الطائرات الخاصة والسيارات الفارهة وتركوا البسطاء نهباً للبطالة والعطش والمرض. لقد عاني الشعب المصري طوال حكم النظام السابق من الفساد والاستبداد والاعتقال والتعذيب.. عاني من البطالة حتي تحولت إلي ظاهرة خطيرة ومرعبة دخلت كل بيت مصري.. عاني من شتي الأمراض الخطيرة التي أصيب بها نتيجة للمبيدات المسرطنة التي استوردها لنا يوسف والي من إسرائيل.. ناهيك عن القمح المسرطن والأغذية الفاسدة التي تم استيرادها من الخارج.. عاني من القتل فوق الطرق السريعة وداخل القطارات المتهالكة.. عاني من القتل في أعماق البحار داخل عبارات لاتصلح حتي لنقل المواشي.. وعندما خرج الشعب المصري بثورة عظيمة في 25 يناير الماضي أسقط فيها النظام السابق ورموزه الفاسدين استبشرنا خيراً بتحسين الأوضاع وتطهير البلاد من الفاسدين والقضاء علي البطالة.. ولكن ليس كل مايتمناه المرء يدركه فقد أتت الرياح بما لاتشتهي السفن فسرعان ما تحولت البلاد إلي فوضي عارمة وتقهقر الاقتصاد وارتفعت نسبة البطالة وافتقرنا إلي الأمن والأمان والاستقرار.. الفوضي سادت كافة أرجاء البلاد وانتشرت السرقات بالإكراه واقتحام أقسام الشرطة لتهريب المساجين.. الشوارع الرئيسية والميادين العامة اكتظت بالمظاهرات والاعتصامات الفئوية المطالبة بحقوق غير مشروعة.. قطع الطرق السريعة وتعطيل حركة السكة الحديد أصبح من المألوف أن يتكرر يومياً.. الشوارع والميادين تحولت إلي ساحات لأعمال البلطجة والسرقة والنهب والقتل وترويع الآمنين والإتجار في المخدرات والسلاح. كل ذلك يحدث وحكومتنا المرتعشة تتفرج.. كل ذلك يحدث وجهاز الشرطة لايستطيع حتي حماية نفسه.. كل ذلك يحدث والمجلس الأعلي للقوات المسلحة لايريد التدخل تحت زعم عدم الاصطدام بالشعب من أجل حماية الثورة رغم أن هذه الأعمال قد تؤدي إلي ضياع تلك الثورة. الأحداث المؤسفة التي وقعت بميدان العباسية في الأيام الماضية وشهدت اشتباكات بين المتظاهرين وأهالي المنطقة بالطوب والعصي والسنج والجنازير والسيوف وزجاجات المولوتوف.. وكذا الأحداث التي وقعت بالسويس والإسكندرية في نفس الوقت تؤكد بما لايدع مجالا للشك أننا نسير في طريق محفوف بالمخاطر.. تؤكد أن البلاد تمر بأزمة حقيقية.. تؤكد أننا نعيش حالة فوضي عارمة.. تؤكد أن هناك مؤامرة دنيئة علي هذا البلد وهذا الشعب. وقبل أن يتهمني أحد من المزايدين الجدد أو بعضاً من المتحولين بأنني من فلول النظام السابق رغم تاريخي المعروف ومواقفي الرافضة لهذا النظام بل ومواجهة فساد رموزه سنوات طويلة فإنني مع المظاهرات السلمية المحترمة التي كفلها الدستور والقانون.. مع المظاهرات السلمية التي تطالب بسرعة محاكمة مبارك ورموز نظامه الفاسدين.. مع المظاهرات السلمية التي تطالب بسرعة القصاص من قتلة الشهداء الحقيقيين لا من قتلة البلطجية والمسجلين.. مع المظاهرات السلمية التي تطالب بحقوق الفقراء.. مع المظاهرات السلمية التي تنادي بتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين.. مع المظاهرات السلمية التي تنادي بتطهير البلاد من الفاسدين.. مع المظاهرات السلمية التي تنادي بالقضاء علي ظاهرة البطالة.. مع المظاهرات السلمية التي تنادي بالأمن والأمان والاستقرار. أنا لست مع الفوضي.. لست مع الاعتصامات والتظاهرات التي تقطع الطرق وتعطل حركة السكة الحديد.. لست مع المظاهرات والاعتصامات الفئوية التي تطالب بحقوق غير مشروعة.. لست مع المظاهرات التي تعرقل حركة الإنتاج بالمصانع.. لست مع المظاهرات التي تضر بالاقتصاد القومي.. لست مع اقتحام أقسام الشرطة وتهريب المساجين.. لست مع عدم احترام القوانين والسير عكس الاتجاه في الشوارع.. لست مع انتشار ظاهرة البلطجة.. لست مع السرقة والقتل والنهب وترويع الآمنين.. لست مع الاعتداء علي الحريات العامة.. لست مع الاستيلاء علي أراضي الدولة. نعود إلي الأحداث المؤسفة التي وقعت في الأيام الماضية بميدان العباسية بين المتظاهرين وأهالي المنطقة.. هذه الأحداث شهدت حرب بيانات متبادلة بين المجلس الأعلي للقوات المسلحة وحركة 6 أبريل.. المجلس الأعلي اتهم أعضاء الحركة بتلقي أموال من الخارج وكذا تدريبات بصربيا وهذا أمر خطير لايجب أن يمر مرور الكرام.. أنا شخصيا أري أن هذا الاتهام لو صح بالأدلة والمستندات يستوجب علي المجلس الأعلي للقوات المسلحة إبلاغ النيابة العامة به فوراً لأن هذا يعد خيانة عظمي في حق هذا الوطن. المجلس الأعلي اتهم حركة 6 أبريل كذلك بتسيير المظاهرات إلي مقر وزارة الدفاع الأمر الذي أدي إلي وقوع اشتباكات بين المتظاهرين وأهالي منطقة العباسية وما نتج عنها من إصابات كثيرة بين الطرفين.. حركة 6 أبريل نفت تلقيها أموالا من الخارج كما نفت تسيير مظاهرات العباسية. وجهة نظري الشخصية أن المسيرات التي خرجت يومي الجمعة والسبت الماضيين قاصدة المجلس الأعلي للقوات المسلحة سواء كانت بتدبير من حركة 6 أبريل أو غيرها فهي مرفوضة وغير مقبولة بالمرة في تلك الفترة التي تمر بها البلاد.. فالقوات المسلحة لعبت دوراً كبيراً في حماية الثورة وتعاملت مع الثوار بأسلوب وطريقة شهد به الجميع وأنها تعمل جاهدة للخروج بهذا البلد إلي بر الأمان عن طريق إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة ومحترمة بخلاف الانتخابات المزورة طوال حكم النظام السابق. أنا شخصيا لست مع من يهاجمون قواتنا المسلحة أو يقللون من الدور الذي لعبته لحماية الثورة والحفاظ علي البلاد.. أنا لست مع من يتهمون قواتنا المسلحة بمحاباة رموز النظام السابق أو الدفاع عنهم.. أنا ضد المساس بالمؤسسة العسكرية أو محاولة تفكيكها فتلك المؤسسة تعد الوحيدة حاليا القادرة علي الحفاظ علي هذا الوطن سواء داخلياً أو خارجياً. تفكيك القوات المسلحة يا سادة لايعني إلا انهيار البلاد وتدميرها وهو ما فعلته الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد احتلالها للعراق عندما قامت بتسريح الجيش العراقي مما أدي إلي انهيار العراق وما نتج عنه عقب ذلك من حروب أهلية ومجازر بشرية وخلافه.. لانريد أن نصبح مثل العراق.. لانريد أن نعاني ما عاناه الشعب العراقي الشقيق بعد تسريح الجيش. ونهاية يمكن القول أن الأوضاع في مصر لاتسر عدواً ولاحبيباً.. الفوضي تعم كافة أرجاء البلاد.. الشعب لايشعر بالأمن والأمان والاستقرار في بلد الأمن والأمان والاستقرار.. بأمانة شديدة تنتابني هذه الأيام حالة من الخوف الشديد علي هذا البلد.. أخشي عليها من الانهيار.. أخشي عليها من الفتن.. أخشي عليها من الحرب الأهلية.. مصر تحتاج إلي تكاتف كل أبنائها المخلصين الشرفاء.. مصر لاتستحق منا كل هذا الألم والعذاب والمعاناة.. يجب علي الجميع أن يعلم أننا نسير في طريق محفوف بالمخاطر.. يجب أن يعلم الجميع أن البلد ترجع إلي الخلف.. انتبهوا بالله عليكم قبل فوات الأوان.