«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشرارة القادمة علي‮ مصرنا الحبيبة
نشر في الوفد يوم 14 - 01 - 2011


بقلم‮: لواء د. وجيه عفيفي‮ سلامة
هبت رياح التغيير علي‮ دول المنظومة العربية في‮ بلاد المغرب العربي‮ بتونس والجزائر لتعلن رفضها التام لهذا الحكم الديكتاتوري‮ المتسلط علي‮ شعوب تلك الدول وخرجت الجماهير الشعبية معلنة وبكل شجاعة انها لن تعيش علي‮ هامش الحياة التي‮ حولتها الي‮ كلاب جائعة لتتبع تلك النظم الفاسدة والتي‮ استباحت ثروات البلاد وعاشت في‮ قصور فارهة تنعم بثروات البلاد دون حسيب أو رقيب لانها نصبت نفسها كرهاً‮ وأغلقت نوافذ الديمقراطية الحقيقية وعاثت في‮ الارض فساداً‮ وأغلقت كل الابواب في‮ وجه شعوبها التي‮ باتت تعيش علي‮ الكفاف والفقر المدقع‮ ينهش أجسادها والبطالة بين شبابها وأبنائها تزداد ارتفاعاً‮ في‮ معدلاتها وأصبحت لغة الارقام الفاسدة والكاذبة هي‮ لغة الحكومات الفاسدة والتي‮ ما نشاهدها دائماً‮ في‮ معظم البلاد العربية وبلا استثناء سعياً‮ وراء تخدير شعوبها وإيهامها بتلك المعدلات الكاذبة التي‮ تحقق ارتفاعاً‮ في‮ معدلات التنمية حتي‮ انكشفت كل تلك الألاعيب الكاذبة فسار جموع الشعوب في‮ تلك البلاد الي‮ الانتفاضة الكبري‮ تحمل اصراراً‮ واردة قوية لإسقاط تلك النظم الفاسدة والتحول الحقيقي‮ الي‮ الحرية والشعور بالكرامة المفقودة‮.
‬والمتابع لتلك الانتفاضة التي‮ حدثت في‮ تونس‮ يجد أن هناك العديد من الاسباب التي‮ أدت الي‮ تلك الاحداث الرافضة كلية لما‮ يجري‮ في‮ البلاد من ظلم فاحش وفساد تام‮ يشعر به المواطن التونسي‮ دون عناء فمعدل البطالة‮ يصل الي‮ 14٪‮ حسب الاحصائيات الرسمية ولكن البيانات الحقيقية تؤكد انها تتجاوز‮ 20٪‮ وزيادة الفقر بين الاسر حتي‮ أن العديد منهم لا تستطيع الحصول علي‮ الاحتياجات الضرورية التي‮ تكفل لهم حق البقاء في‮ الحياة كذلك انهيار نظم التعليم وتحول الخريجين الي‮ أعمال تافهة لا تتناسب مع تلك المؤهلات التي‮ حصلوا عليها من التعليم الجامعي‮ حتي‮ ان سبب أو بداية المظاهرات كانت نتيجة لشاب‮ يحمل مؤهلاً‮ جامعياً‮ متميزاً‮ هو الشاب محمد البوعزيزي‮ في‮ السادسة والعشرين من عمره‮ يبيع الخضار كبائع متجول أقدم علي‮ حرق نفسه نتيجة لمصادرة أفراد الشرطة لبضاعته التي‮ كان‮ يحملها أضف الي‮ ذلك اليد الحديدية التي‮ تباشر مهامها بنوع من القسوة والقوة المفرطة ضد كل من‮ ينتقد النظام الحاكم كما فرضت الحكومة التونسية رقابة شديدة ووثيقة علي‮ استخدام الانترنت خاصة تلك المدونات التي‮ يحررها المدونون ويجدون فيها متنفساً‮ للحرية وتعبيراً‮ صادقاً‮ بعيداً‮ عن التزييف وغياب الحقائق كذلك فان الاعتقالات الواسعة تجري‮ بشكل دائم خاصة‮ »‬زوار الفجر‮« لمعارضي‮ السلطة والنظام وأخيراً‮ ما‮ يشاع وتؤكده أقطاب المعارضة التونسية من فساد وأبناء عائلة الرئيس التونسي‮ زين العابدين والذي‮ استمر في‮ الحكم وحتي‮ الآن لاكثر من‮ 20‮ عاماً‮ وهو للاسف المعتاد في‮ الدول العربية ولا تنتهي‮ حياة الرئيس إلا بالوفاة أو الاغتيال أما فيما‮ يرتبط بالنظام السياسي‮ فان الاحزاب الديكورية هي‮ السائدة ولا انتقال للسلطة فالقوانين المعبرة لبقاء الرئيس هي‮ بلا نهاية والسلطات الممنوحة بلا حدود لان المجالس التشريعية الصورية هي‮ التي‮ تمنح تلك السلطات وتضفي‮ علي‮ الحاكم شيئاً‮ مميزاً‮ يحكم بصكوك الهية ومن ثم‮ يجب عدم معارضته وكتاب السلطة المأجورون والمنافقون‮ يضفون عليه الحنكة والحكمة ومن ثم فهو لا‮ يحتاج بالمرة الي‮ من‮ يرشده علي‮ الاخطاء خاصة لانه ملهم ربانياً‮ والمسرح السياسي‮ لدول المنظومة العربية‮ يؤكد كل هذه الانحرافات والتجاوزات في‮ معظم الدول العربية ويكاد‮ يكون بلا استثناء‮!.
‬لقد خرجت الجماهير التونسية‮ غاصبة ومتألمة تماماً‮ علي‮ ما حدث ومعبرة عن سخطها لهذا النظام ليس في‮ »‬سيدي‮ أبو زيد‮« موطن الشاب محمد بل في‮ كافة أرجاء البلد حتي‮ وصل لهيب الانتفاضة والاحتجاجات الي‮ العاصمة التونسية تحرق قلوب وصدور الملايين من كافة فئات الشعب العاطلة التي‮ أنهكها الجوع والفقر والبطالة فهب الجميع‮ ينشدون الثورة والتغيير‮ يواجهون بصدورهم طلقات الرصاص ونيران الجيش الذي‮ أجبر علي‮ النزول الي‮ الشارع‮ يعاون رجال الشرطة التي‮ لم تستطع أن تواجه ثورة الجماهير الغاضبة وسقط العشرات منهم دون ذنب ارتكبوه إلا انهم هرعوا ليعبروا عن سخطهم في‮ الارتفاع الجنوني‮ للاسعار وقد عبرت الشعارات التي‮ كان‮ يرددها المتظاهرون عن الغضب العارم تجاه الحكومة ومن بين هذه الشعارات‮ »‬لا للاستبداد‮ يا حكومة الفساد‮« و»الاراضي‮ بيعت والاهالي‮ جاعت‮« وقد امتدت الشعارات الي‮ النظام السياسي‮ الفاسد فيما‮ يرتبط بالديكتاتورية والاستبداد الذي‮ يولد كل أشكال الفساد والمحسوبية والرشوة‮...‬الخ‮.
‬ان الشعب التونسي‮ البطل واجه العديد من الثورات تحسب له في‮ تاريخه المجيد ومن بينها ثورة الخبز عام‮ 1984‮ والثورة النقابية عام‮ 1990‮ والانتفاضة المسلحة بسليمان ثم الحوض المنجي‮ والمناطق الحدودية مع ليبيا الشقيقة والآن في‮ سيدي‮ بوزيد والعديد من المناطق الواسعة حتي‮ العاصمة وقد واجه المنتفضون قوات الامن التي‮ وصلت الي‮ أكثر من‮ 150‮ ألف عنصر وقتل أكثر من‮ 20‮ من المتظاهرين بنيران الشرطة وكشفت الوثائق عن عمليات التعذيب الرهيبة التي‮ جرت للمعتقلين علي‮ أيدي‮ زبانية النظام فمن حرق للاجساد وتواجد الجراح العميقة في‮ أجسادهم ومن الممارسات اللاانسانية‮ غير الاخلاقية كل هذه الممارسات تظهر دليلاً‮ قاطعاً‮ علي‮ وحشية ذلك النظام الذي‮ يعتمد في‮ المقام الاول علي‮ القمع والبطش والقوة المفرطة للاحتفاظ بالحكم وينعم بكرسي‮ الرئاسة خاصة ان تلك النظم الفاسدة لا‮ يعنيها إلا أن تظل بسدة الحكم ولا‮ يعنيها ما تعانيه الجماهير من فقر ومرض ومشكلات تغوص في‮ قاع المجتمع ولا تجد سبيلاً‮ للحل لان ثروات البلاد تجد سبيلها الي‮ التهريب خارج البلاد وعادة ما تغمض هذه الانظمة الفاسدة عيونها عن بطانة الحكم الفاسدة وشلة المنتفعين وفي‮ النهاية تنهي‮ البلاد الي‮ السقوط والخراب والدمار ومن العجيب حقاً‮ اننا كنا نسمع عن المعجزة الاقتصادية في‮ تونس ولكننا فوجعنا بهذه الرواية الحزينة والتي‮ ضاع بسببها ذلك الشاب والذي‮ يشق طريقه بشرف لانه اختار عملاً‮ شريفاً‮ بالرغم من مؤهلاته العلمية نتيجة للبطالة التي‮ تضرب بجذورها المجتمعات العربية في‮ مقتل كذلك ما سمعناه عن العديد من المواطنين الذين‮ يبحثون عن مورد الرزق في‮ صناديق القمامة ويهاجرون الي‮ ليبيا بحثاً‮ عن مورد رزق أو‮ يسافرون بطرق‮ غير شرعية الي‮ موانئ ايطاليا واليونان ويتعرضون للموت المحقق أو الزج بهم في‮ السجون في‮ بلاد الغرب نتيجة لهذه الهجرة‮ غير الشرعية لقد أثبتت هذه الانتفاضة فشل النظام الحاكم في‮ تونس في‮ تحقيق تنمية حقيقية وفي‮ توفير فرص العمل للعاطلين ولا سيما حملة الشهادات ويصل تعدادهم الي‮ أكثر من‮ 50‮ ألف خريج سنوياً‮
‬كما أكدت ضعف النظام الحاكم وديكتاتوريته في‮ التعامل‮ مع المعارضة وعدم سعيه مطلقاً‮ لإقامة نظام ديمقراطي‮ حقيقي‮ يقوم علي‮ تداول السلطة ولقد أكدت هذه الانتفاضة أن الشعوب مثل الزلازل والبراكين‮ يمكن أن تثور فجأة دون سابق انذار بعد أن تكون خامدة لفترات طويلة ولكنها في‮ الاجل المحدد تنفجر مرة واحدة كالطوفان ولا أحد‮ يستطيع أن‮ يوقف جماحها وسريانها حتي‮ تقضي‮ علي‮ الظلم والفساد وكل ما‮ يكبل حرياتها ومعيشتها الشريفة التي‮ تسعي‮ الي‮ تحقيقها في‮ ظل من الكرامة المفقودة والغربة التامة في‮ أوطانها‮. اننا نؤكد ان دول العالم قد تحررت من الديكتاتورية ولكننا للاسف الشديد نجد منطقتنا العربية مازالت عصية علي‮ هذا التغيير وبالتالي‮ فإننا نعتقد ان ذلك‮ يمثل أكبر تحد تواجهه أمتنا العربية في‮ عصر العولمة الذي‮ نعيشه حالياً‮ ويتسم بالشراسة والقوة ولا حياة فيه للأقزام ولقد آثرنا علي‮ أن نقدم أمثلة حية لسقوط الطغاة حفلتها أوراق التاريخ،‮ حيث مارس سلوبدان ميلوشفيتش حكماً‮ طاغياً‮ وارتكب العديد من الجرائم في‮ حق الانسانية التي‮ يندي‮ لها الجبين بين‮ 1992‮ و1999‮ ولم‮ يتوان عن استخدام القوة ضد شعبه في‮ أكتوبر عام‮ 2000‮ بعد تصاعد حدة المعارضة في‮ الشارع ولكن الانتفاضة الشعبية الحاسمة أجبرته علي‮ الاستسلام وقدم للمحاكمة بمحكمة لاهاي‮ عام‮ 2002‮ كذلك فإن أوراق التاريخ تكشف عن ذلك الديكتاتور تشاوشيسكو الذي‮ حكم رومانيا لأكثر من‮ 20‮ عاماً‮ حكماً‮ طاغياً‮ ومتطرفاً‮ ذاق فيه الشعب مرارة الحرمان والطغيان والفساد وكان عدد ضحايا المظاهرات أكثر من‮ 70‮ ألفاً،‮ قتل العديد منهم تحت عجلات المدرعات،‮ ان معظم هؤلاء الطغاة لا‮ يشعرون بآلام الجماهير الكادحة التي‮ تسعي‮ الي‮ قوت‮ يومها بمرارة وعناء بل تجاهد في‮ سبيل توفير لقمة محدودة لأسرتها التي‮ تعيش علي‮ الكفاف وهذه هي‮ الغالبية العظمي‮ في‮ معظم بلادنا العربية بعيداً‮ عن دول الخليج التي‮ حباها الله بثرواتها البترولية والتي‮ وفرت الحياة الكريمة لمعظم شعوبها وأبنائها ومع تلك الانتفاضة انتقلت شرارتها ولهيبها الي‮ بلاد الجزائر حيث شهدت عدة مدن جزائرية مظاهرات صاخبة استنكاراً‮ لتردي‮ الاوضاع المعيشية الفاسدة والتي‮ يعاني‮ منها‮ غالبية الشعب الجزائري‮ وتفشي‮ الاوضاع القائمة والمشكلات العديدة التي‮ تواجه المجتمع الجزائري‮ وخاصة مشكلة البطالة التي‮ يعاني‮ منها معظم أبناء الجزائر وارتفاع معظم أسعار السلع الاساسية الي‮ جانب النظم السياسية الفاسدة والقوانين المكبلة للحريات وتدني‮ ظروف المعيشة بالرغم انها تعتمد في‮ اقتصادها علي‮ بيع ثروتها البترولية والتي‮ حققت فائضاً‮ في‮ الميزان التجاري‮ خلال عام‮ 2010/‬2009‮ 15‮ مليار دولار ونترك الجزائر ليتردد التساؤل الحائر أين تذهب عدوي‮ هذه الانتفاضات التي‮ هبت علي‮ دول الشمال الافريقي‮ في‮ كل من تونس والجزائر‮..
‬ان الاحداث والظواهر في‮ مصر لا تختلف كثيراً‮ عن تلك البلاد التي‮ سرت فيها الانتفاضة فالفساد‮ يعم علي‮ المجتمع المصري‮ والارتفاع الجنوني‮ للاسعار لم تشهده مصر من قبل،‮ والغريب حقاً‮ ان أسعار الخضراوات قد ارتفعت ارتفاعاً‮ جنونياً‮ في‮ ظل فساد في‮ الرقابة علي‮ الاسواق والتعتيم القادم علي‮ المشكلات والاحصائيات الكاذبة والمعدلات الفاضحة التي‮ ترتبط بالسوق الحر دون وجود انتاج حقيقي‮ يعمل علي‮ تحقيق التعادل والتوازن في‮ الاسعار مع فساد العديد من رجال الأعمال الذين حولوا مصر الي‮ عزبتهم وبقرتهم الحلوب التي‮ ينهبون رزقها وصار نهب الاراضي‮ هو الأسلوب الشائع بينهم،‮ حيث استولي‮ العديد منهم علي‮ تلك الاراضي‮ المتميزة بأثمان بخسة لا‮ يصدقها عقل ثم قاموا بإعادة بيعها بمليارات الجنيهات اضافة الي‮ فساد النظام السياسي‮ خاصة ما شهدناه في‮ الانتخابات الأخيرة التي‮ قضت بجرة قلم علي‮ كل رموز المعارضة الشرفاء والذين كشفوا العديد من أوجه الفساد كصفقات القمح المشبوهة واغتصاب المزيد من الاراضي‮ وأزاحوا الستار عن التعاون المشبوه مع العدو الاسرائيلي‮ في‮ تقديم الغاز له مدعماً‮ وبسعر خيالي،‮ كذلك ما أفسدته اتفاقية الكويز من الصناعات القطنية والمنسوجات دون أمل في‮ تحديث المصانع وغرق الخزانة المصرية في‮ الديون حتي‮ تضع مصر علي‮ حافة عدم القدرة علي‮ تسديد ديونها وعندئذ نري‮ شبح التهديد الخارجي‮ باحتلال مصر،‮
ويعود التاريخ ليكرر نفسه لانقاذ ديونها،‮ اننا نطالب الحكومة وباصرار من مواطن‮ يعشق مصر ويفديها بروحه وحياته ويتمني‮ لها دائماً‮ العزة والشموخ بأن تسعي‮ وبشكل عملي‮ للقضاء علي‮ البطالة التي‮ تتفشي‮ بين شبابنا وأبنائنا فهذه تمثل القنبلة الموقوتة التي‮ بالفعل‮ يمكن أن تفجر كل شيء علي‮ أرض مصر من الاخضر واليابس ويجب أن تتبني‮ مشروعاً‮ قومياً‮ يسهم فيه رجال الاعمال بكل طاقاتهم وامكانياتهم لتشغيل الشباب والعمل علي‮ اعطائهم دورات تدريبية قصيرة تمهد لهم العمل وتدربهم علي‮ تنفيذه والارتقاء بمستوي‮ الخبرة والانتاج حتي‮ يمكن أن نخلق بالفعل سوقاً‮ تصديرياً‮ لمنتجاتنا التي‮ يمكن أن تحقق منافسة قوية أمام المنتجات الاجنبية مع الحنكة في‮ اختيار تلك المنتجات بنوع من الموضوعية والقدرة التنافسية كما ان الحكومة ملزمة بوضع نظام رقابي‮ علي‮ الاسواق لوقف الارتفاع الجنوني‮ للاسعار لمعظم السلع بالاسواق خاصة المنتجات الزراعية ومنها الخضراوات ومنتجات الالبان واللحوم وتضع الاجراءات الرادعة لمعاقبة التجار الجشعين لأنهم في‮ الحقيقة‮ يعتدون علي‮ الوطن واستقراره واذا كانت الحكومة لديها الارادة الكاملة والاتجاه الجاد والايجابي‮ لحل تلك المشكلات التي‮ تواجه المجتمع المصري‮ فلماذا لا تقوم بالعمل علي‮ انشاء المؤسسات التسويقية من الشباب العاطل وبالتالي‮ فهي‮ تضرب عصفورين بحجر واحد وهو القضاء علي‮ البطالة من جانب والعمل علي‮ مواجهة الارتفاع في‮ الاسعار‮.. اننا نقول وبكل أمانة ان الشرارة قادمة لا محالة علي‮ مصرنا الحبيبة ويجب أن نوقفها خاصة اننا نواجه العديد من المشكلات الرهيبة التي‮ برزت علي‮ سطح المجتمع المصري‮ خاصة ذلك الارهاب الاعمي‮ ومحاولة الكيان الصهيوني‮ الفاسد ضرب وحدتنا الوطنية وشرخ النسيج القومي‮ لبلدنا الحبيب كذلك فإن انقسام السودان وفصل شماله عن جنوبه سوف‮ يؤثر تأثيراً‮ سيئاً‮ علي‮ أمننا القومي‮ خاصة مع نفاذ اسرائيل بالجنوب السوداني‮ وما سوف تكشفه الايام عن ممارساتها الدنيئة في‮ دول المنبع لنهر النيل العظيم،‮ اننا في‮ النهاية نتمني‮ أن تأخذ الحكومة تحذيرنا بنوع من الجدية والاهتمام وسوف‮ يساندها الجميع خاصة اذا شعرنا جميعاً‮ انها سوف تقف وقفة صلبة أمام الفاسدين والمفسدين لأنها اذا لم تتبن هذا النهج بشفافية فإن ثورة الجياع قادمة لا محالة ولن توقفها الشعارات الكاذبة أو القوة المفرطة من رجال الأمن حتي‮ يرحل الفاسدون والمنافقون من أرضنا الطيبة،‮ وتبقي‮ مصر فوق الجميع وان‮ غداً‮ لناظره قريب‮.‬
مدير المركز العربي‮ للدراسات السياسية والاستراتيجية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.