أحمد موسى: 2026 سنة المواطن.. ونصف ديون مصر الخارجية مش على الحكومة علشان محدش يضحك عليك    الزراعة: نطرح العديد من السلع لتوفير المنتجات وإحداث توازن في السوق    مجلس الوزراء: نراجع التحديات التي تواجه الهيئات الاقتصادية كجزء من الإصلاح الشامل    أخبار مصر اليوم: العمل تعلن صرف 1.5 مليون جنيه لأسرة ضحية حادث عمل بجنوب سيناء.. تحذير عاجل من الكهرباء لهذه الفئة قبل رفع العدادات.. قرارات جديدة لرئيس الوزراء    47.7 مليار جنيه إجمالى قيمة التداول بالبورصة خلال جلسة الإثنين    زاخاروفا: الرد على هجمات نظام كييف الإرهابية لن يكون دبلوماسيا بتاتا    ترامب يحذر إيران من إعادة ترميم برنامجها النووي مرة أخرى    استقالة محافظ البنك المركزي الإيراني بعد احتجاجات في طهران    ترامب يحذّر حماس من «ثمن باهظ» ويؤكد التزام إسرائيل بخطة الهدنة في غزة    أحمد موسى: خطة تدمير سوريا نُفذت كما يقول الكتاب    تصويت لصحيفة "ديلى ميل": 96% من البريطانيين يؤيدون ترحيل علاء عبدالفتاح رغم الاعتذار    أمم إفريقيا – خالد صبحي: التواجد في البطولة شرف كبير لي    رسميًا.. السودان تتأهل لدور ال16 من أمم أفريقيا    ماركا: برشلونة يستهدف ضم فلاهوفيتش الصيف المقبل    روما يفوز على جنوى بثلاثية في الدوري الإيطالي    ضبط كيان تعليمي وهمي للنصب على المواطنين وتزوير الشهادات بمدينة نصر    في ختام مؤتمر أدباء مصر بالعريش.. وزير الثقافة يعلن إطلاق "بيت السرد" والمنصة الرقمية لأندية الأدب    محمود العسيلي: اتجوزت 4 مرات وعمري حاليا 43 سنة.. وعمرو أديب يصفق له (فيديو)    مدير مستشفيات جامعة القاهرة: نتعامل مع أعقد حالات التلفيات الرئوية في مصر    سوريا تطلق العملة الجديدة ضمن إصلاحات نقدية واسعة    وزير الخارجية يجتمع بأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي من الدرجات الحديثة والمتوسطة |صور    ضبط عنصر إجرامي مطلوب في قضايا جنائية وصلت أحكامها 85 سنة سجنا بقنا    جوهرة فرنسا.. عثمان ديمبيلي ملك الكرة الذهبية في 2025    مركز للتلقيح الاصطناعي وتحصين 1.1 مليون حيوان.. أبرز إنجازات الطب البيطري بسوهاج في 2025| صور    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    نائب رئيس جامعة بنها يتفقد امتحانات الفصل الدراسي الأول بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي    الصحة: ارتفاع الإصابات بالفيروسات التنفسية متوقع.. وشدة الأعراض تعود لأسباب بشرية    الدكتورة نيرفانا الفيومي للفجر..قصر العيني يؤكد ريادته في دمج مرضى اضطراب كهربية المخ مجتمعيًا    الفقه المصرى والإسرائيلى فى أولويات المشروعية!    الاستراتيجية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة تؤكد: دمج حقيقي وتمكين ل11 مليون معاق    توصيات «تطوير الإعلام» |صياغة التقرير النهائى قبل إحالته إلى رئيس الوزراء    وزارة الشباب والرياضة تُجرى الكشف الطبى الشامل للاعبى منتخب مصر لكرة اليد    الإفتاء توضح مدة المسح على الشراب وكيفية التصرف عند انتهائها    معدل البطالة للسعوديين وغير السعوديين يتراجع إلى 3.4%    «طفولة آمنة».. مجمع إعلام الفيوم ينظم لقاء توعوي لمناهضة التحرش ضد الأطفال    نقابة المهن التمثيلية تنعى والدة الفنان هاني رمزي    نيافة الأنبا مينا سيّم القس مارك كاهنًا في مسيساجا كندا    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : وزارة العدالة الاجتماعية !?    السيمفونى بين مصر واليونان ورومانيا فى استقبال 2026 بالأوبرا    أسماء المصابين في حادث تصادم أسفر عن إصابة 8 أشخاص بالقناطر الخيرية    تاجيل محاكمه 49 متهم ب " اللجان التخريبيه للاخوان " لحضور المتهمين من محبسهم    مواصفات امتحان الرياضيات للشهادة الإعدادية 2026 وتوزيع الدرجات    وفاة والدة الفنان هاني رمزى بعد صراع مع المرض    لقطات جديدة من مسلسل اتنين غيرنا للنجمين آسر ياسين ودينا الشربينى.. صورة    إلغاء تدريب الزمالك اليوم.. اعرف التفاصيل    "الوزير" يلتقي وزراء الاقتصاد والمالية والصناعة والزراعة والمياه والصيد البحري والتربية الحيوانية والتجارة والسياحة في جيبوتي    إحالة ربة منزل للمفتي بعد قتلها زوجها وابن شقيقه في كفر شكر    تحقيقات الهروب الجماعي من مصحة البدرشين: المتهمون أعادوا فتحها بعد شهرين من الغلق    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر لتعزيز منظومة الصحة والأمن الدوائي في إفريقيا    برودة وصقيع.. تفاصيل طقس الأقصر اليوم    أسود الأطلس أمام اختبار التأهل الأخير ضد زامبيا في أمم إفريقيا 2025.. بث مباشر والقنوات الناقلة    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    حمو بيكا ينعي دقدق وتصدر اسمه تريند جوجل... الوسط الفني في صدمة وحزن    يحيى حسن: التحولات البسيطة تفكك ألغاز التاريخ بين الواقع والافتراض    فوضى السوشيال ميديا    مشروبات تهدئ المعدة بعد الإفراط بالأكل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشرارة القادمة علي‮ مصرنا الحبيبة
نشر في الوفد يوم 14 - 01 - 2011


بقلم‮: لواء د. وجيه عفيفي‮ سلامة
هبت رياح التغيير علي‮ دول المنظومة العربية في‮ بلاد المغرب العربي‮ بتونس والجزائر لتعلن رفضها التام لهذا الحكم الديكتاتوري‮ المتسلط علي‮ شعوب تلك الدول وخرجت الجماهير الشعبية معلنة وبكل شجاعة انها لن تعيش علي‮ هامش الحياة التي‮ حولتها الي‮ كلاب جائعة لتتبع تلك النظم الفاسدة والتي‮ استباحت ثروات البلاد وعاشت في‮ قصور فارهة تنعم بثروات البلاد دون حسيب أو رقيب لانها نصبت نفسها كرهاً‮ وأغلقت نوافذ الديمقراطية الحقيقية وعاثت في‮ الارض فساداً‮ وأغلقت كل الابواب في‮ وجه شعوبها التي‮ باتت تعيش علي‮ الكفاف والفقر المدقع‮ ينهش أجسادها والبطالة بين شبابها وأبنائها تزداد ارتفاعاً‮ في‮ معدلاتها وأصبحت لغة الارقام الفاسدة والكاذبة هي‮ لغة الحكومات الفاسدة والتي‮ ما نشاهدها دائماً‮ في‮ معظم البلاد العربية وبلا استثناء سعياً‮ وراء تخدير شعوبها وإيهامها بتلك المعدلات الكاذبة التي‮ تحقق ارتفاعاً‮ في‮ معدلات التنمية حتي‮ انكشفت كل تلك الألاعيب الكاذبة فسار جموع الشعوب في‮ تلك البلاد الي‮ الانتفاضة الكبري‮ تحمل اصراراً‮ واردة قوية لإسقاط تلك النظم الفاسدة والتحول الحقيقي‮ الي‮ الحرية والشعور بالكرامة المفقودة‮.
‬والمتابع لتلك الانتفاضة التي‮ حدثت في‮ تونس‮ يجد أن هناك العديد من الاسباب التي‮ أدت الي‮ تلك الاحداث الرافضة كلية لما‮ يجري‮ في‮ البلاد من ظلم فاحش وفساد تام‮ يشعر به المواطن التونسي‮ دون عناء فمعدل البطالة‮ يصل الي‮ 14٪‮ حسب الاحصائيات الرسمية ولكن البيانات الحقيقية تؤكد انها تتجاوز‮ 20٪‮ وزيادة الفقر بين الاسر حتي‮ أن العديد منهم لا تستطيع الحصول علي‮ الاحتياجات الضرورية التي‮ تكفل لهم حق البقاء في‮ الحياة كذلك انهيار نظم التعليم وتحول الخريجين الي‮ أعمال تافهة لا تتناسب مع تلك المؤهلات التي‮ حصلوا عليها من التعليم الجامعي‮ حتي‮ ان سبب أو بداية المظاهرات كانت نتيجة لشاب‮ يحمل مؤهلاً‮ جامعياً‮ متميزاً‮ هو الشاب محمد البوعزيزي‮ في‮ السادسة والعشرين من عمره‮ يبيع الخضار كبائع متجول أقدم علي‮ حرق نفسه نتيجة لمصادرة أفراد الشرطة لبضاعته التي‮ كان‮ يحملها أضف الي‮ ذلك اليد الحديدية التي‮ تباشر مهامها بنوع من القسوة والقوة المفرطة ضد كل من‮ ينتقد النظام الحاكم كما فرضت الحكومة التونسية رقابة شديدة ووثيقة علي‮ استخدام الانترنت خاصة تلك المدونات التي‮ يحررها المدونون ويجدون فيها متنفساً‮ للحرية وتعبيراً‮ صادقاً‮ بعيداً‮ عن التزييف وغياب الحقائق كذلك فان الاعتقالات الواسعة تجري‮ بشكل دائم خاصة‮ »‬زوار الفجر‮« لمعارضي‮ السلطة والنظام وأخيراً‮ ما‮ يشاع وتؤكده أقطاب المعارضة التونسية من فساد وأبناء عائلة الرئيس التونسي‮ زين العابدين والذي‮ استمر في‮ الحكم وحتي‮ الآن لاكثر من‮ 20‮ عاماً‮ وهو للاسف المعتاد في‮ الدول العربية ولا تنتهي‮ حياة الرئيس إلا بالوفاة أو الاغتيال أما فيما‮ يرتبط بالنظام السياسي‮ فان الاحزاب الديكورية هي‮ السائدة ولا انتقال للسلطة فالقوانين المعبرة لبقاء الرئيس هي‮ بلا نهاية والسلطات الممنوحة بلا حدود لان المجالس التشريعية الصورية هي‮ التي‮ تمنح تلك السلطات وتضفي‮ علي‮ الحاكم شيئاً‮ مميزاً‮ يحكم بصكوك الهية ومن ثم‮ يجب عدم معارضته وكتاب السلطة المأجورون والمنافقون‮ يضفون عليه الحنكة والحكمة ومن ثم فهو لا‮ يحتاج بالمرة الي‮ من‮ يرشده علي‮ الاخطاء خاصة لانه ملهم ربانياً‮ والمسرح السياسي‮ لدول المنظومة العربية‮ يؤكد كل هذه الانحرافات والتجاوزات في‮ معظم الدول العربية ويكاد‮ يكون بلا استثناء‮!.
‬لقد خرجت الجماهير التونسية‮ غاصبة ومتألمة تماماً‮ علي‮ ما حدث ومعبرة عن سخطها لهذا النظام ليس في‮ »‬سيدي‮ أبو زيد‮« موطن الشاب محمد بل في‮ كافة أرجاء البلد حتي‮ وصل لهيب الانتفاضة والاحتجاجات الي‮ العاصمة التونسية تحرق قلوب وصدور الملايين من كافة فئات الشعب العاطلة التي‮ أنهكها الجوع والفقر والبطالة فهب الجميع‮ ينشدون الثورة والتغيير‮ يواجهون بصدورهم طلقات الرصاص ونيران الجيش الذي‮ أجبر علي‮ النزول الي‮ الشارع‮ يعاون رجال الشرطة التي‮ لم تستطع أن تواجه ثورة الجماهير الغاضبة وسقط العشرات منهم دون ذنب ارتكبوه إلا انهم هرعوا ليعبروا عن سخطهم في‮ الارتفاع الجنوني‮ للاسعار وقد عبرت الشعارات التي‮ كان‮ يرددها المتظاهرون عن الغضب العارم تجاه الحكومة ومن بين هذه الشعارات‮ »‬لا للاستبداد‮ يا حكومة الفساد‮« و»الاراضي‮ بيعت والاهالي‮ جاعت‮« وقد امتدت الشعارات الي‮ النظام السياسي‮ الفاسد فيما‮ يرتبط بالديكتاتورية والاستبداد الذي‮ يولد كل أشكال الفساد والمحسوبية والرشوة‮...‬الخ‮.
‬ان الشعب التونسي‮ البطل واجه العديد من الثورات تحسب له في‮ تاريخه المجيد ومن بينها ثورة الخبز عام‮ 1984‮ والثورة النقابية عام‮ 1990‮ والانتفاضة المسلحة بسليمان ثم الحوض المنجي‮ والمناطق الحدودية مع ليبيا الشقيقة والآن في‮ سيدي‮ بوزيد والعديد من المناطق الواسعة حتي‮ العاصمة وقد واجه المنتفضون قوات الامن التي‮ وصلت الي‮ أكثر من‮ 150‮ ألف عنصر وقتل أكثر من‮ 20‮ من المتظاهرين بنيران الشرطة وكشفت الوثائق عن عمليات التعذيب الرهيبة التي‮ جرت للمعتقلين علي‮ أيدي‮ زبانية النظام فمن حرق للاجساد وتواجد الجراح العميقة في‮ أجسادهم ومن الممارسات اللاانسانية‮ غير الاخلاقية كل هذه الممارسات تظهر دليلاً‮ قاطعاً‮ علي‮ وحشية ذلك النظام الذي‮ يعتمد في‮ المقام الاول علي‮ القمع والبطش والقوة المفرطة للاحتفاظ بالحكم وينعم بكرسي‮ الرئاسة خاصة ان تلك النظم الفاسدة لا‮ يعنيها إلا أن تظل بسدة الحكم ولا‮ يعنيها ما تعانيه الجماهير من فقر ومرض ومشكلات تغوص في‮ قاع المجتمع ولا تجد سبيلاً‮ للحل لان ثروات البلاد تجد سبيلها الي‮ التهريب خارج البلاد وعادة ما تغمض هذه الانظمة الفاسدة عيونها عن بطانة الحكم الفاسدة وشلة المنتفعين وفي‮ النهاية تنهي‮ البلاد الي‮ السقوط والخراب والدمار ومن العجيب حقاً‮ اننا كنا نسمع عن المعجزة الاقتصادية في‮ تونس ولكننا فوجعنا بهذه الرواية الحزينة والتي‮ ضاع بسببها ذلك الشاب والذي‮ يشق طريقه بشرف لانه اختار عملاً‮ شريفاً‮ بالرغم من مؤهلاته العلمية نتيجة للبطالة التي‮ تضرب بجذورها المجتمعات العربية في‮ مقتل كذلك ما سمعناه عن العديد من المواطنين الذين‮ يبحثون عن مورد الرزق في‮ صناديق القمامة ويهاجرون الي‮ ليبيا بحثاً‮ عن مورد رزق أو‮ يسافرون بطرق‮ غير شرعية الي‮ موانئ ايطاليا واليونان ويتعرضون للموت المحقق أو الزج بهم في‮ السجون في‮ بلاد الغرب نتيجة لهذه الهجرة‮ غير الشرعية لقد أثبتت هذه الانتفاضة فشل النظام الحاكم في‮ تونس في‮ تحقيق تنمية حقيقية وفي‮ توفير فرص العمل للعاطلين ولا سيما حملة الشهادات ويصل تعدادهم الي‮ أكثر من‮ 50‮ ألف خريج سنوياً‮
‬كما أكدت ضعف النظام الحاكم وديكتاتوريته في‮ التعامل‮ مع المعارضة وعدم سعيه مطلقاً‮ لإقامة نظام ديمقراطي‮ حقيقي‮ يقوم علي‮ تداول السلطة ولقد أكدت هذه الانتفاضة أن الشعوب مثل الزلازل والبراكين‮ يمكن أن تثور فجأة دون سابق انذار بعد أن تكون خامدة لفترات طويلة ولكنها في‮ الاجل المحدد تنفجر مرة واحدة كالطوفان ولا أحد‮ يستطيع أن‮ يوقف جماحها وسريانها حتي‮ تقضي‮ علي‮ الظلم والفساد وكل ما‮ يكبل حرياتها ومعيشتها الشريفة التي‮ تسعي‮ الي‮ تحقيقها في‮ ظل من الكرامة المفقودة والغربة التامة في‮ أوطانها‮. اننا نؤكد ان دول العالم قد تحررت من الديكتاتورية ولكننا للاسف الشديد نجد منطقتنا العربية مازالت عصية علي‮ هذا التغيير وبالتالي‮ فإننا نعتقد ان ذلك‮ يمثل أكبر تحد تواجهه أمتنا العربية في‮ عصر العولمة الذي‮ نعيشه حالياً‮ ويتسم بالشراسة والقوة ولا حياة فيه للأقزام ولقد آثرنا علي‮ أن نقدم أمثلة حية لسقوط الطغاة حفلتها أوراق التاريخ،‮ حيث مارس سلوبدان ميلوشفيتش حكماً‮ طاغياً‮ وارتكب العديد من الجرائم في‮ حق الانسانية التي‮ يندي‮ لها الجبين بين‮ 1992‮ و1999‮ ولم‮ يتوان عن استخدام القوة ضد شعبه في‮ أكتوبر عام‮ 2000‮ بعد تصاعد حدة المعارضة في‮ الشارع ولكن الانتفاضة الشعبية الحاسمة أجبرته علي‮ الاستسلام وقدم للمحاكمة بمحكمة لاهاي‮ عام‮ 2002‮ كذلك فإن أوراق التاريخ تكشف عن ذلك الديكتاتور تشاوشيسكو الذي‮ حكم رومانيا لأكثر من‮ 20‮ عاماً‮ حكماً‮ طاغياً‮ ومتطرفاً‮ ذاق فيه الشعب مرارة الحرمان والطغيان والفساد وكان عدد ضحايا المظاهرات أكثر من‮ 70‮ ألفاً،‮ قتل العديد منهم تحت عجلات المدرعات،‮ ان معظم هؤلاء الطغاة لا‮ يشعرون بآلام الجماهير الكادحة التي‮ تسعي‮ الي‮ قوت‮ يومها بمرارة وعناء بل تجاهد في‮ سبيل توفير لقمة محدودة لأسرتها التي‮ تعيش علي‮ الكفاف وهذه هي‮ الغالبية العظمي‮ في‮ معظم بلادنا العربية بعيداً‮ عن دول الخليج التي‮ حباها الله بثرواتها البترولية والتي‮ وفرت الحياة الكريمة لمعظم شعوبها وأبنائها ومع تلك الانتفاضة انتقلت شرارتها ولهيبها الي‮ بلاد الجزائر حيث شهدت عدة مدن جزائرية مظاهرات صاخبة استنكاراً‮ لتردي‮ الاوضاع المعيشية الفاسدة والتي‮ يعاني‮ منها‮ غالبية الشعب الجزائري‮ وتفشي‮ الاوضاع القائمة والمشكلات العديدة التي‮ تواجه المجتمع الجزائري‮ وخاصة مشكلة البطالة التي‮ يعاني‮ منها معظم أبناء الجزائر وارتفاع معظم أسعار السلع الاساسية الي‮ جانب النظم السياسية الفاسدة والقوانين المكبلة للحريات وتدني‮ ظروف المعيشة بالرغم انها تعتمد في‮ اقتصادها علي‮ بيع ثروتها البترولية والتي‮ حققت فائضاً‮ في‮ الميزان التجاري‮ خلال عام‮ 2010/‬2009‮ 15‮ مليار دولار ونترك الجزائر ليتردد التساؤل الحائر أين تذهب عدوي‮ هذه الانتفاضات التي‮ هبت علي‮ دول الشمال الافريقي‮ في‮ كل من تونس والجزائر‮..
‬ان الاحداث والظواهر في‮ مصر لا تختلف كثيراً‮ عن تلك البلاد التي‮ سرت فيها الانتفاضة فالفساد‮ يعم علي‮ المجتمع المصري‮ والارتفاع الجنوني‮ للاسعار لم تشهده مصر من قبل،‮ والغريب حقاً‮ ان أسعار الخضراوات قد ارتفعت ارتفاعاً‮ جنونياً‮ في‮ ظل فساد في‮ الرقابة علي‮ الاسواق والتعتيم القادم علي‮ المشكلات والاحصائيات الكاذبة والمعدلات الفاضحة التي‮ ترتبط بالسوق الحر دون وجود انتاج حقيقي‮ يعمل علي‮ تحقيق التعادل والتوازن في‮ الاسعار مع فساد العديد من رجال الأعمال الذين حولوا مصر الي‮ عزبتهم وبقرتهم الحلوب التي‮ ينهبون رزقها وصار نهب الاراضي‮ هو الأسلوب الشائع بينهم،‮ حيث استولي‮ العديد منهم علي‮ تلك الاراضي‮ المتميزة بأثمان بخسة لا‮ يصدقها عقل ثم قاموا بإعادة بيعها بمليارات الجنيهات اضافة الي‮ فساد النظام السياسي‮ خاصة ما شهدناه في‮ الانتخابات الأخيرة التي‮ قضت بجرة قلم علي‮ كل رموز المعارضة الشرفاء والذين كشفوا العديد من أوجه الفساد كصفقات القمح المشبوهة واغتصاب المزيد من الاراضي‮ وأزاحوا الستار عن التعاون المشبوه مع العدو الاسرائيلي‮ في‮ تقديم الغاز له مدعماً‮ وبسعر خيالي،‮ كذلك ما أفسدته اتفاقية الكويز من الصناعات القطنية والمنسوجات دون أمل في‮ تحديث المصانع وغرق الخزانة المصرية في‮ الديون حتي‮ تضع مصر علي‮ حافة عدم القدرة علي‮ تسديد ديونها وعندئذ نري‮ شبح التهديد الخارجي‮ باحتلال مصر،‮
ويعود التاريخ ليكرر نفسه لانقاذ ديونها،‮ اننا نطالب الحكومة وباصرار من مواطن‮ يعشق مصر ويفديها بروحه وحياته ويتمني‮ لها دائماً‮ العزة والشموخ بأن تسعي‮ وبشكل عملي‮ للقضاء علي‮ البطالة التي‮ تتفشي‮ بين شبابنا وأبنائنا فهذه تمثل القنبلة الموقوتة التي‮ بالفعل‮ يمكن أن تفجر كل شيء علي‮ أرض مصر من الاخضر واليابس ويجب أن تتبني‮ مشروعاً‮ قومياً‮ يسهم فيه رجال الاعمال بكل طاقاتهم وامكانياتهم لتشغيل الشباب والعمل علي‮ اعطائهم دورات تدريبية قصيرة تمهد لهم العمل وتدربهم علي‮ تنفيذه والارتقاء بمستوي‮ الخبرة والانتاج حتي‮ يمكن أن نخلق بالفعل سوقاً‮ تصديرياً‮ لمنتجاتنا التي‮ يمكن أن تحقق منافسة قوية أمام المنتجات الاجنبية مع الحنكة في‮ اختيار تلك المنتجات بنوع من الموضوعية والقدرة التنافسية كما ان الحكومة ملزمة بوضع نظام رقابي‮ علي‮ الاسواق لوقف الارتفاع الجنوني‮ للاسعار لمعظم السلع بالاسواق خاصة المنتجات الزراعية ومنها الخضراوات ومنتجات الالبان واللحوم وتضع الاجراءات الرادعة لمعاقبة التجار الجشعين لأنهم في‮ الحقيقة‮ يعتدون علي‮ الوطن واستقراره واذا كانت الحكومة لديها الارادة الكاملة والاتجاه الجاد والايجابي‮ لحل تلك المشكلات التي‮ تواجه المجتمع المصري‮ فلماذا لا تقوم بالعمل علي‮ انشاء المؤسسات التسويقية من الشباب العاطل وبالتالي‮ فهي‮ تضرب عصفورين بحجر واحد وهو القضاء علي‮ البطالة من جانب والعمل علي‮ مواجهة الارتفاع في‮ الاسعار‮.. اننا نقول وبكل أمانة ان الشرارة قادمة لا محالة علي‮ مصرنا الحبيبة ويجب أن نوقفها خاصة اننا نواجه العديد من المشكلات الرهيبة التي‮ برزت علي‮ سطح المجتمع المصري‮ خاصة ذلك الارهاب الاعمي‮ ومحاولة الكيان الصهيوني‮ الفاسد ضرب وحدتنا الوطنية وشرخ النسيج القومي‮ لبلدنا الحبيب كذلك فإن انقسام السودان وفصل شماله عن جنوبه سوف‮ يؤثر تأثيراً‮ سيئاً‮ علي‮ أمننا القومي‮ خاصة مع نفاذ اسرائيل بالجنوب السوداني‮ وما سوف تكشفه الايام عن ممارساتها الدنيئة في‮ دول المنبع لنهر النيل العظيم،‮ اننا في‮ النهاية نتمني‮ أن تأخذ الحكومة تحذيرنا بنوع من الجدية والاهتمام وسوف‮ يساندها الجميع خاصة اذا شعرنا جميعاً‮ انها سوف تقف وقفة صلبة أمام الفاسدين والمفسدين لأنها اذا لم تتبن هذا النهج بشفافية فإن ثورة الجياع قادمة لا محالة ولن توقفها الشعارات الكاذبة أو القوة المفرطة من رجال الأمن حتي‮ يرحل الفاسدون والمنافقون من أرضنا الطيبة،‮ وتبقي‮ مصر فوق الجميع وان‮ غداً‮ لناظره قريب‮.‬
مدير المركز العربي‮ للدراسات السياسية والاستراتيجية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.