رابط الاستعلام عن المقبولين بوظيفة معلم مساعد العلوم وموعد امتحاناتهم    الحج السياحي 2025 | انتظام عودة الحجاج.. وخطة طوارئ لإزالة أي معوقات    تموين الأقصر: صرف 37 مليون رغيف و1708 أطنان دقيق مدعم في أسبوعين    «درس جيد للجميع»| «بيسكوف» يصف رد الفعل الدولي على الهجمات الإسرائيلية    السوداني: حكومة الاحتلال لا تعترف بالقوانين الدولية وترتكب الجرائم منذ السابع من أكتوبر 2023    كأس العالم للأندية| تشكيل الترجي المتوقع لمباراة فلامنجو في ضربة البداية    ضبط سائق استخدم إضاءة تُعرض حياة المواطنين أعلى الدائري| فيديو    انتداب المعمل الجنائى لفحص حريق مخزن دعاية وإعلان بالعبور| صور    بلدنا الجميلة بمعزل عن الحروب، ساويرس يعلق على اندهاش السائحين بمنطقة الأهرامات الجديدة    انطلاق البرنامج الصيفي بقصر ثقافة أحمد بهاء الدين بأسيوط    طريقة عمل كفتة الفراخ، فى خطوات بسيطة    إسرائيل تستعد لإطلاق رحلات جوية لاستدعاء العسكريين والعاملين في الصناعات الدفاعية من الخارج    «التنظيم والإدارة» يتيح الاستعلام عن موعد امتحانات المتقدمين لشغل 3500 وظيفة معلم مساعد مادة العلوم    محافظ المنوفية ورئيس الجامعة يفتتحان المعهد الفني للتمريض الجديد بمنشأة سلطان    النائب حازم الجندي: مبادرة «مصر معاكم» تؤكد تقدير الدولة لأبنائها الشهداء    مصرع طفل أسفل عجلات قطار الصعيد عند مزلقان دماريس بالمنيا    «استئناف المنيا» تؤيد عقوبة الإعدام شنقًا ل قاتل عروس بني مزار    اليوم .. محاكمة 15 متهمًا بالانضمام لجماعة إرهابية في مدينة نصر    تنسيق الجامعات.. 6 أقسام متاحة لطلاب الثانوية ب حاسبات حلوان    الكرملين: روسيا مستعدة للوساطة بين إيران وإسرائيل    «وحشتنا القاهرة».. إلهام شاهين تعلن عودتها من العراق    وزير الثقافة: لا مساس بحرية الإبداع.. والتوصيات تركز على جودة المحتوى ودعم الإنتاج والتوزيع الدرامي    «حسبي الله في اللي بيقول أخبار مش صح».. لطيفة تكشف تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل وفاة شقيقها    ما هي علامة قبول الطاعة؟.. أستاذ بالأزهر يجيب    كيف تنظم المرأة وقتها بين العبادة والأمور الدنيوية؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    الاتحاد الأوروبي: ملتزمون بتكثيف الجهود لتهدئة الصراع بين إيران وإسرائيل    «الصحة»: الدولة تسير في مسار مالي لتحفيز الأطباء وتحسين بيئة العمل بالمستشفيات الحكومية منذ 11 عامًا    محافظ المنوفية يدشن قافلة طبية متكاملة بمنشأة سلطان ضمن احتفالات العيد القومي    المصرف المتحد سابع أكبر ممول لإسكان محدودي ومتوسطي الدخل ب3.2 مليار جنيه    «هيئة الدواء» تقدم.. نصائح لتقليل الإصابة بمرض النقرس    توقيع عقد ترخيص شركة «رحلة رايدز لتنظيم خدمات النقل البري»    شوبير يكشف سبب تبديل زيزو أمام إنتر ميامي وحقيقة غضبه من التغيير    عميد «علوم سياسية الإسكندرية» يُكرّم الملحقين الدبلوماسيين الجدد من خريجي الكلية (صور)    محافظ سوهاج يدعو المواطنين للإبلاغ عن وقائع الغش في امتحانات الثانوية العامة بالأدلة    رئيس مجلس النواب يضع مجموعة قواعد لمناقشة مشروع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية    لليوم ال 16.. التموين تواصل صرف مقررات يونيو    الدخول ب 5 جنيهات.. 65 شاطئًا بالإسكندرية في خدمة المصطافين    أسعار النفط تقفز وسط تصاعد المخاوف من تعطل الإمدادات    أحمد السقا يرد برسالة مؤثرة على تهنئة نجله ياسين بعيد الأب    بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالمنصورة الجديدة.. 6 يوليو    محافظ أسوان: 14 ألف حالة من المترددين على الخدمات الطبية بوحدة صحة العوضلاب    الاثنين 16 يونيو 2025.. البورصة المصرية تعاود الارتفاع في بداية التعاملات بعد خسائر أمس    الينك الأهلي: لا نمانع رحيل أسامة فيصل للعرض الأعلى    أحمد فؤاد هنو: عرض «كارمن» يُجسّد حيوية المسرح المصري ويُبرز الطاقات الإبداعية للشباب    إيران تنفذ حكم الإعدام فى مدان بالتجسس لصالح إسرائيل    الرئيس الإيراني: الوحدة الداخلية مهمة أكثر من أي وقت مضى.. ولن نتخلى عن برنامجنا النووي السلمي    أمن الجيزة يضبط المتهمين بسرقة كابلات شركة فى كرداسة    انتصار تاريخي.. السعودية تهزم هايتي في افتتاحية مشوارها بالكأس الذهبية    "عايزة أتجوز" لا يزال يلاحقها.. هند صبري تشارك جمهورها لحظاتها ويكرمها مهرجان بيروت    مدرب بالميراس يتوعد الأهلي قبل مواجهته في مونديال الأندية    بعد تعرضها لوعكة صحية.. كريم الحسيني يطلب الدعاء لزوجته    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    عمرو أديب: كنت أتمنى فوز الأهلي في افتتاح كأس العالم للأندية    "بعد لقطة إنتر ميامي".. هل يلقى حسين الشحات نفس مصير محمد شريف مع الأهلي؟    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    إيران تعلن اعتقال عنصرين تابعين للموساد الإسرائيلى جنوب طهران    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشرارة القادمة علي‮ مصرنا الحبيبة
نشر في الوفد يوم 14 - 01 - 2011


بقلم‮: لواء د. وجيه عفيفي‮ سلامة
هبت رياح التغيير علي‮ دول المنظومة العربية في‮ بلاد المغرب العربي‮ بتونس والجزائر لتعلن رفضها التام لهذا الحكم الديكتاتوري‮ المتسلط علي‮ شعوب تلك الدول وخرجت الجماهير الشعبية معلنة وبكل شجاعة انها لن تعيش علي‮ هامش الحياة التي‮ حولتها الي‮ كلاب جائعة لتتبع تلك النظم الفاسدة والتي‮ استباحت ثروات البلاد وعاشت في‮ قصور فارهة تنعم بثروات البلاد دون حسيب أو رقيب لانها نصبت نفسها كرهاً‮ وأغلقت نوافذ الديمقراطية الحقيقية وعاثت في‮ الارض فساداً‮ وأغلقت كل الابواب في‮ وجه شعوبها التي‮ باتت تعيش علي‮ الكفاف والفقر المدقع‮ ينهش أجسادها والبطالة بين شبابها وأبنائها تزداد ارتفاعاً‮ في‮ معدلاتها وأصبحت لغة الارقام الفاسدة والكاذبة هي‮ لغة الحكومات الفاسدة والتي‮ ما نشاهدها دائماً‮ في‮ معظم البلاد العربية وبلا استثناء سعياً‮ وراء تخدير شعوبها وإيهامها بتلك المعدلات الكاذبة التي‮ تحقق ارتفاعاً‮ في‮ معدلات التنمية حتي‮ انكشفت كل تلك الألاعيب الكاذبة فسار جموع الشعوب في‮ تلك البلاد الي‮ الانتفاضة الكبري‮ تحمل اصراراً‮ واردة قوية لإسقاط تلك النظم الفاسدة والتحول الحقيقي‮ الي‮ الحرية والشعور بالكرامة المفقودة‮.
‬والمتابع لتلك الانتفاضة التي‮ حدثت في‮ تونس‮ يجد أن هناك العديد من الاسباب التي‮ أدت الي‮ تلك الاحداث الرافضة كلية لما‮ يجري‮ في‮ البلاد من ظلم فاحش وفساد تام‮ يشعر به المواطن التونسي‮ دون عناء فمعدل البطالة‮ يصل الي‮ 14٪‮ حسب الاحصائيات الرسمية ولكن البيانات الحقيقية تؤكد انها تتجاوز‮ 20٪‮ وزيادة الفقر بين الاسر حتي‮ أن العديد منهم لا تستطيع الحصول علي‮ الاحتياجات الضرورية التي‮ تكفل لهم حق البقاء في‮ الحياة كذلك انهيار نظم التعليم وتحول الخريجين الي‮ أعمال تافهة لا تتناسب مع تلك المؤهلات التي‮ حصلوا عليها من التعليم الجامعي‮ حتي‮ ان سبب أو بداية المظاهرات كانت نتيجة لشاب‮ يحمل مؤهلاً‮ جامعياً‮ متميزاً‮ هو الشاب محمد البوعزيزي‮ في‮ السادسة والعشرين من عمره‮ يبيع الخضار كبائع متجول أقدم علي‮ حرق نفسه نتيجة لمصادرة أفراد الشرطة لبضاعته التي‮ كان‮ يحملها أضف الي‮ ذلك اليد الحديدية التي‮ تباشر مهامها بنوع من القسوة والقوة المفرطة ضد كل من‮ ينتقد النظام الحاكم كما فرضت الحكومة التونسية رقابة شديدة ووثيقة علي‮ استخدام الانترنت خاصة تلك المدونات التي‮ يحررها المدونون ويجدون فيها متنفساً‮ للحرية وتعبيراً‮ صادقاً‮ بعيداً‮ عن التزييف وغياب الحقائق كذلك فان الاعتقالات الواسعة تجري‮ بشكل دائم خاصة‮ »‬زوار الفجر‮« لمعارضي‮ السلطة والنظام وأخيراً‮ ما‮ يشاع وتؤكده أقطاب المعارضة التونسية من فساد وأبناء عائلة الرئيس التونسي‮ زين العابدين والذي‮ استمر في‮ الحكم وحتي‮ الآن لاكثر من‮ 20‮ عاماً‮ وهو للاسف المعتاد في‮ الدول العربية ولا تنتهي‮ حياة الرئيس إلا بالوفاة أو الاغتيال أما فيما‮ يرتبط بالنظام السياسي‮ فان الاحزاب الديكورية هي‮ السائدة ولا انتقال للسلطة فالقوانين المعبرة لبقاء الرئيس هي‮ بلا نهاية والسلطات الممنوحة بلا حدود لان المجالس التشريعية الصورية هي‮ التي‮ تمنح تلك السلطات وتضفي‮ علي‮ الحاكم شيئاً‮ مميزاً‮ يحكم بصكوك الهية ومن ثم‮ يجب عدم معارضته وكتاب السلطة المأجورون والمنافقون‮ يضفون عليه الحنكة والحكمة ومن ثم فهو لا‮ يحتاج بالمرة الي‮ من‮ يرشده علي‮ الاخطاء خاصة لانه ملهم ربانياً‮ والمسرح السياسي‮ لدول المنظومة العربية‮ يؤكد كل هذه الانحرافات والتجاوزات في‮ معظم الدول العربية ويكاد‮ يكون بلا استثناء‮!.
‬لقد خرجت الجماهير التونسية‮ غاصبة ومتألمة تماماً‮ علي‮ ما حدث ومعبرة عن سخطها لهذا النظام ليس في‮ »‬سيدي‮ أبو زيد‮« موطن الشاب محمد بل في‮ كافة أرجاء البلد حتي‮ وصل لهيب الانتفاضة والاحتجاجات الي‮ العاصمة التونسية تحرق قلوب وصدور الملايين من كافة فئات الشعب العاطلة التي‮ أنهكها الجوع والفقر والبطالة فهب الجميع‮ ينشدون الثورة والتغيير‮ يواجهون بصدورهم طلقات الرصاص ونيران الجيش الذي‮ أجبر علي‮ النزول الي‮ الشارع‮ يعاون رجال الشرطة التي‮ لم تستطع أن تواجه ثورة الجماهير الغاضبة وسقط العشرات منهم دون ذنب ارتكبوه إلا انهم هرعوا ليعبروا عن سخطهم في‮ الارتفاع الجنوني‮ للاسعار وقد عبرت الشعارات التي‮ كان‮ يرددها المتظاهرون عن الغضب العارم تجاه الحكومة ومن بين هذه الشعارات‮ »‬لا للاستبداد‮ يا حكومة الفساد‮« و»الاراضي‮ بيعت والاهالي‮ جاعت‮« وقد امتدت الشعارات الي‮ النظام السياسي‮ الفاسد فيما‮ يرتبط بالديكتاتورية والاستبداد الذي‮ يولد كل أشكال الفساد والمحسوبية والرشوة‮...‬الخ‮.
‬ان الشعب التونسي‮ البطل واجه العديد من الثورات تحسب له في‮ تاريخه المجيد ومن بينها ثورة الخبز عام‮ 1984‮ والثورة النقابية عام‮ 1990‮ والانتفاضة المسلحة بسليمان ثم الحوض المنجي‮ والمناطق الحدودية مع ليبيا الشقيقة والآن في‮ سيدي‮ بوزيد والعديد من المناطق الواسعة حتي‮ العاصمة وقد واجه المنتفضون قوات الامن التي‮ وصلت الي‮ أكثر من‮ 150‮ ألف عنصر وقتل أكثر من‮ 20‮ من المتظاهرين بنيران الشرطة وكشفت الوثائق عن عمليات التعذيب الرهيبة التي‮ جرت للمعتقلين علي‮ أيدي‮ زبانية النظام فمن حرق للاجساد وتواجد الجراح العميقة في‮ أجسادهم ومن الممارسات اللاانسانية‮ غير الاخلاقية كل هذه الممارسات تظهر دليلاً‮ قاطعاً‮ علي‮ وحشية ذلك النظام الذي‮ يعتمد في‮ المقام الاول علي‮ القمع والبطش والقوة المفرطة للاحتفاظ بالحكم وينعم بكرسي‮ الرئاسة خاصة ان تلك النظم الفاسدة لا‮ يعنيها إلا أن تظل بسدة الحكم ولا‮ يعنيها ما تعانيه الجماهير من فقر ومرض ومشكلات تغوص في‮ قاع المجتمع ولا تجد سبيلاً‮ للحل لان ثروات البلاد تجد سبيلها الي‮ التهريب خارج البلاد وعادة ما تغمض هذه الانظمة الفاسدة عيونها عن بطانة الحكم الفاسدة وشلة المنتفعين وفي‮ النهاية تنهي‮ البلاد الي‮ السقوط والخراب والدمار ومن العجيب حقاً‮ اننا كنا نسمع عن المعجزة الاقتصادية في‮ تونس ولكننا فوجعنا بهذه الرواية الحزينة والتي‮ ضاع بسببها ذلك الشاب والذي‮ يشق طريقه بشرف لانه اختار عملاً‮ شريفاً‮ بالرغم من مؤهلاته العلمية نتيجة للبطالة التي‮ تضرب بجذورها المجتمعات العربية في‮ مقتل كذلك ما سمعناه عن العديد من المواطنين الذين‮ يبحثون عن مورد الرزق في‮ صناديق القمامة ويهاجرون الي‮ ليبيا بحثاً‮ عن مورد رزق أو‮ يسافرون بطرق‮ غير شرعية الي‮ موانئ ايطاليا واليونان ويتعرضون للموت المحقق أو الزج بهم في‮ السجون في‮ بلاد الغرب نتيجة لهذه الهجرة‮ غير الشرعية لقد أثبتت هذه الانتفاضة فشل النظام الحاكم في‮ تونس في‮ تحقيق تنمية حقيقية وفي‮ توفير فرص العمل للعاطلين ولا سيما حملة الشهادات ويصل تعدادهم الي‮ أكثر من‮ 50‮ ألف خريج سنوياً‮
‬كما أكدت ضعف النظام الحاكم وديكتاتوريته في‮ التعامل‮ مع المعارضة وعدم سعيه مطلقاً‮ لإقامة نظام ديمقراطي‮ حقيقي‮ يقوم علي‮ تداول السلطة ولقد أكدت هذه الانتفاضة أن الشعوب مثل الزلازل والبراكين‮ يمكن أن تثور فجأة دون سابق انذار بعد أن تكون خامدة لفترات طويلة ولكنها في‮ الاجل المحدد تنفجر مرة واحدة كالطوفان ولا أحد‮ يستطيع أن‮ يوقف جماحها وسريانها حتي‮ تقضي‮ علي‮ الظلم والفساد وكل ما‮ يكبل حرياتها ومعيشتها الشريفة التي‮ تسعي‮ الي‮ تحقيقها في‮ ظل من الكرامة المفقودة والغربة التامة في‮ أوطانها‮. اننا نؤكد ان دول العالم قد تحررت من الديكتاتورية ولكننا للاسف الشديد نجد منطقتنا العربية مازالت عصية علي‮ هذا التغيير وبالتالي‮ فإننا نعتقد ان ذلك‮ يمثل أكبر تحد تواجهه أمتنا العربية في‮ عصر العولمة الذي‮ نعيشه حالياً‮ ويتسم بالشراسة والقوة ولا حياة فيه للأقزام ولقد آثرنا علي‮ أن نقدم أمثلة حية لسقوط الطغاة حفلتها أوراق التاريخ،‮ حيث مارس سلوبدان ميلوشفيتش حكماً‮ طاغياً‮ وارتكب العديد من الجرائم في‮ حق الانسانية التي‮ يندي‮ لها الجبين بين‮ 1992‮ و1999‮ ولم‮ يتوان عن استخدام القوة ضد شعبه في‮ أكتوبر عام‮ 2000‮ بعد تصاعد حدة المعارضة في‮ الشارع ولكن الانتفاضة الشعبية الحاسمة أجبرته علي‮ الاستسلام وقدم للمحاكمة بمحكمة لاهاي‮ عام‮ 2002‮ كذلك فإن أوراق التاريخ تكشف عن ذلك الديكتاتور تشاوشيسكو الذي‮ حكم رومانيا لأكثر من‮ 20‮ عاماً‮ حكماً‮ طاغياً‮ ومتطرفاً‮ ذاق فيه الشعب مرارة الحرمان والطغيان والفساد وكان عدد ضحايا المظاهرات أكثر من‮ 70‮ ألفاً،‮ قتل العديد منهم تحت عجلات المدرعات،‮ ان معظم هؤلاء الطغاة لا‮ يشعرون بآلام الجماهير الكادحة التي‮ تسعي‮ الي‮ قوت‮ يومها بمرارة وعناء بل تجاهد في‮ سبيل توفير لقمة محدودة لأسرتها التي‮ تعيش علي‮ الكفاف وهذه هي‮ الغالبية العظمي‮ في‮ معظم بلادنا العربية بعيداً‮ عن دول الخليج التي‮ حباها الله بثرواتها البترولية والتي‮ وفرت الحياة الكريمة لمعظم شعوبها وأبنائها ومع تلك الانتفاضة انتقلت شرارتها ولهيبها الي‮ بلاد الجزائر حيث شهدت عدة مدن جزائرية مظاهرات صاخبة استنكاراً‮ لتردي‮ الاوضاع المعيشية الفاسدة والتي‮ يعاني‮ منها‮ غالبية الشعب الجزائري‮ وتفشي‮ الاوضاع القائمة والمشكلات العديدة التي‮ تواجه المجتمع الجزائري‮ وخاصة مشكلة البطالة التي‮ يعاني‮ منها معظم أبناء الجزائر وارتفاع معظم أسعار السلع الاساسية الي‮ جانب النظم السياسية الفاسدة والقوانين المكبلة للحريات وتدني‮ ظروف المعيشة بالرغم انها تعتمد في‮ اقتصادها علي‮ بيع ثروتها البترولية والتي‮ حققت فائضاً‮ في‮ الميزان التجاري‮ خلال عام‮ 2010/‬2009‮ 15‮ مليار دولار ونترك الجزائر ليتردد التساؤل الحائر أين تذهب عدوي‮ هذه الانتفاضات التي‮ هبت علي‮ دول الشمال الافريقي‮ في‮ كل من تونس والجزائر‮..
‬ان الاحداث والظواهر في‮ مصر لا تختلف كثيراً‮ عن تلك البلاد التي‮ سرت فيها الانتفاضة فالفساد‮ يعم علي‮ المجتمع المصري‮ والارتفاع الجنوني‮ للاسعار لم تشهده مصر من قبل،‮ والغريب حقاً‮ ان أسعار الخضراوات قد ارتفعت ارتفاعاً‮ جنونياً‮ في‮ ظل فساد في‮ الرقابة علي‮ الاسواق والتعتيم القادم علي‮ المشكلات والاحصائيات الكاذبة والمعدلات الفاضحة التي‮ ترتبط بالسوق الحر دون وجود انتاج حقيقي‮ يعمل علي‮ تحقيق التعادل والتوازن في‮ الاسعار مع فساد العديد من رجال الأعمال الذين حولوا مصر الي‮ عزبتهم وبقرتهم الحلوب التي‮ ينهبون رزقها وصار نهب الاراضي‮ هو الأسلوب الشائع بينهم،‮ حيث استولي‮ العديد منهم علي‮ تلك الاراضي‮ المتميزة بأثمان بخسة لا‮ يصدقها عقل ثم قاموا بإعادة بيعها بمليارات الجنيهات اضافة الي‮ فساد النظام السياسي‮ خاصة ما شهدناه في‮ الانتخابات الأخيرة التي‮ قضت بجرة قلم علي‮ كل رموز المعارضة الشرفاء والذين كشفوا العديد من أوجه الفساد كصفقات القمح المشبوهة واغتصاب المزيد من الاراضي‮ وأزاحوا الستار عن التعاون المشبوه مع العدو الاسرائيلي‮ في‮ تقديم الغاز له مدعماً‮ وبسعر خيالي،‮ كذلك ما أفسدته اتفاقية الكويز من الصناعات القطنية والمنسوجات دون أمل في‮ تحديث المصانع وغرق الخزانة المصرية في‮ الديون حتي‮ تضع مصر علي‮ حافة عدم القدرة علي‮ تسديد ديونها وعندئذ نري‮ شبح التهديد الخارجي‮ باحتلال مصر،‮
ويعود التاريخ ليكرر نفسه لانقاذ ديونها،‮ اننا نطالب الحكومة وباصرار من مواطن‮ يعشق مصر ويفديها بروحه وحياته ويتمني‮ لها دائماً‮ العزة والشموخ بأن تسعي‮ وبشكل عملي‮ للقضاء علي‮ البطالة التي‮ تتفشي‮ بين شبابنا وأبنائنا فهذه تمثل القنبلة الموقوتة التي‮ بالفعل‮ يمكن أن تفجر كل شيء علي‮ أرض مصر من الاخضر واليابس ويجب أن تتبني‮ مشروعاً‮ قومياً‮ يسهم فيه رجال الاعمال بكل طاقاتهم وامكانياتهم لتشغيل الشباب والعمل علي‮ اعطائهم دورات تدريبية قصيرة تمهد لهم العمل وتدربهم علي‮ تنفيذه والارتقاء بمستوي‮ الخبرة والانتاج حتي‮ يمكن أن نخلق بالفعل سوقاً‮ تصديرياً‮ لمنتجاتنا التي‮ يمكن أن تحقق منافسة قوية أمام المنتجات الاجنبية مع الحنكة في‮ اختيار تلك المنتجات بنوع من الموضوعية والقدرة التنافسية كما ان الحكومة ملزمة بوضع نظام رقابي‮ علي‮ الاسواق لوقف الارتفاع الجنوني‮ للاسعار لمعظم السلع بالاسواق خاصة المنتجات الزراعية ومنها الخضراوات ومنتجات الالبان واللحوم وتضع الاجراءات الرادعة لمعاقبة التجار الجشعين لأنهم في‮ الحقيقة‮ يعتدون علي‮ الوطن واستقراره واذا كانت الحكومة لديها الارادة الكاملة والاتجاه الجاد والايجابي‮ لحل تلك المشكلات التي‮ تواجه المجتمع المصري‮ فلماذا لا تقوم بالعمل علي‮ انشاء المؤسسات التسويقية من الشباب العاطل وبالتالي‮ فهي‮ تضرب عصفورين بحجر واحد وهو القضاء علي‮ البطالة من جانب والعمل علي‮ مواجهة الارتفاع في‮ الاسعار‮.. اننا نقول وبكل أمانة ان الشرارة قادمة لا محالة علي‮ مصرنا الحبيبة ويجب أن نوقفها خاصة اننا نواجه العديد من المشكلات الرهيبة التي‮ برزت علي‮ سطح المجتمع المصري‮ خاصة ذلك الارهاب الاعمي‮ ومحاولة الكيان الصهيوني‮ الفاسد ضرب وحدتنا الوطنية وشرخ النسيج القومي‮ لبلدنا الحبيب كذلك فإن انقسام السودان وفصل شماله عن جنوبه سوف‮ يؤثر تأثيراً‮ سيئاً‮ علي‮ أمننا القومي‮ خاصة مع نفاذ اسرائيل بالجنوب السوداني‮ وما سوف تكشفه الايام عن ممارساتها الدنيئة في‮ دول المنبع لنهر النيل العظيم،‮ اننا في‮ النهاية نتمني‮ أن تأخذ الحكومة تحذيرنا بنوع من الجدية والاهتمام وسوف‮ يساندها الجميع خاصة اذا شعرنا جميعاً‮ انها سوف تقف وقفة صلبة أمام الفاسدين والمفسدين لأنها اذا لم تتبن هذا النهج بشفافية فإن ثورة الجياع قادمة لا محالة ولن توقفها الشعارات الكاذبة أو القوة المفرطة من رجال الأمن حتي‮ يرحل الفاسدون والمنافقون من أرضنا الطيبة،‮ وتبقي‮ مصر فوق الجميع وان‮ غداً‮ لناظره قريب‮.‬
مدير المركز العربي‮ للدراسات السياسية والاستراتيجية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.