بالأمس مرت مائة وأربعون عاما على تأسيس صحيفة «الأهرام» على يد الأخوين سليم وبشارة تقلا فى 27 ديسمبر عام 1875، وصدر العدد الأول منها فى الخامس من أغسطس 1876، ومنذ يومها الأول سطرت الأهرام لنفسها تاريخا حافلا فى عالم الصحافة والتنوير وتبوأت موقعا فريدا كأقدم الصحف التى عرفها العالمان العربى والإسلامي، بل وحجزت لها مكانا بارزا فى صدارة أعرق الصحف على مستوى العالم كله. وقد ولدت الصحيفة عملاقة كمسماها «الأهرام» لتعكس على صفحاتها حياة المصريين وحضارتهم وتسجل تاريخهم الحديث بكل مراحله ومنعطفاته عبر سنوات عمرها المديد الذى كان شاهدا على العديد من الأحداث الضخمة التى مرت بها البلاد من العهد الملكى والاحتلال الانجليزى الذى دام نحو 70 عاما، حتى قيام ثورة 23 يوليو وما اكتنف هذه الحقبة من أحداث شكلت معالم المنطقة، بل وامتد تأثيرها إلى خارج حدودها. وكما كانت «الأهرام» عملاقة فى نشأتها وأهدافها ومكانتها، فقد اجتذبت اليها أيضا عمالقة الأدب والفكر والتنوير، بدءا من الإمام محمد عبده وأستاذه جمال الدين الأفغانى مرورا بأحمد لطفى السيد والبارودى وشوقى والمنفلوطى وطه حسين والعقاد والحكيم وصاحب نوبل نجيب محفوظ ولويس عوض وعبد الرحمن الشرقاوى وزكى نجيب محمود ويوسف إدريس وإحسان عبد القدوس وسلامة موسى وهيكل وأحمد بهاء الدين وصلاح جاهين وغيرهم العديد والعديد من أصحاب الفكر والابداع والرأى السديد الذين زينوا صفحاتها بما سطروه من إبداعاتهم وإسهاماتهم فى تشكيل الوجدان والوعى المصرى والارتقاء به. وقد كانت الأهرام تمثل لكل هؤلاء العظماء مركز اشعاع ثقافى وحضارى كبير، حتى أن الإمام محمد عبده من فرط إعجابه وافتتانه بها، كتب يوما وهو لا يزال طالبا يقول فيها، «يالها من جريدة أرست قواعدها فى القلوب وامتدت لتكشف الغيوب». وكما تميزت الأهرام بكتابها وشعرائها وفنانيها العظام اجتذبت لها قارئا مميزا، تميز عن قراء غيرها من الصحف بسعة الاطلاع والثقافة الموسوعية، حتى يكاد يكون قارئ الأهرام أحد كتابها. كما لعبت الأهرام دورا مهما فى عملية التنوير وتشكيل وعى القارئ المصرى والعربى وشكلت أداة مهمة من أدوات القوة الناعمة لمصر فى المنطقة خلال حقبة ثرية بالأحداث والتحولات والتاريخية. لمزيد من مقالات رأى الاهرام