مسألة المساواة بين المرأة والرجل فى الدستور فيما يتعلق بقانون مجلس النواب أثيرت حولها وجهتا نظر تم نشرهما مؤخرا فى الأهرام الأولى صاحبتها د.فوزية عبد الستار أستاذ القانون الجنائى ورئيسة اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس الشعب سابقا، والثانية صاحبها حسين عبد الرازق عضو المكتب السياسى بحزب التجمع وعضو لجنة الخمسين ردا على وجهة نظر د. فوزية دفعنا الى أن نستعرضهما مرة أخرى ونحتكم الى مختصين فى القانون الدستورى كى يفسروا لنا الى أى مدى تتفق كل من وجهتى النظر مع النص الدستورى.. تقول د.فوزية عبد الستار: إن قانون مجلس النواب اشترط دون سند من الدستور-أن يكون فى قائمة الخمسة عشر مقعدا سبعة من النساء على الأقل، وفى القائمة ذات الخمسة وأربعين عضوا إحدى وعشرون من النساء على الأقل، وقد أراد المشرع بذلك أن يساعد على تمثيل المرأة فى البرلمان ولكن هذا الوضع يؤخذ عليه، أولا: أنه فيه إهانة للمرأة لأنه يحمل معنى ضعفها وعدم قدرتها على منافسة الرجال، ثانيا: إن هذا الشرط يتعارض مع نصوص الدستور التى اقتصرت على الفئات المذكورة (ثلاثة مرشحين من المسيحيين واثنان من الشباب وواحد من ذوى الإعاقة، وواحد من المصريين المقيمين فى الخارج) ولم تذكر من بينها النساء، ولم يعهد الدستور الى القانون بتمثيلهن، ثالثا: انه يتعارض مع مبدأ المساواة المنصوص عليها فى الدستور. ويرد عليها حسين عبد الرازق قائلا: إن الدستور نص فى المادة (11) فى الباب الثانى (المقومات الأساسية للمجتمع) بأن الدولة : تكفل تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور، وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلا مناسبا فى المجالس النيابية، كما تكفل للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية دون تمييز ضدها.. الى آخر المادة وهو نص ينطبق بالضرورة على كل الانتخابات النيابية بما فيها أول انتخابات بعد إقرار الدستور وكل الانتخابات التالية.. أما القول بأن النص على تمثيل النساء تمثيلا مناسبا او ملائما يتعارض مع مبدأ المساواة فهو أمر يجافى الحقيقة، فلابد أن أستاذة القانون تعلم أن الفقه الدستورى - ومازال الكلام لحسين عبد الرازق تبنى فكرة التمييز الإيحابى للفئات الضعيفة وفى مقدمتها المرأة، ومستند الى تطور مفهوم المساواة فى العقود الأخيرة ليتحول الى تكافؤ النتائج بدلا من تكافؤ الفرص، وتخصيص نسبة من مقاعد البرلمان للنساء لا يمكن اعتباره طبقا لهذا المنطق تمييزا ضد الرجال، بل تعويضا للمرأة عن التمييز التاريخى الذى عانته وتعانيه بالفعل اليوم وخصوصا فى المجال السياسى ، وإجراء يهدف الى تحول تكافؤ الفرص من مبدأ الى واقع، وفى الوقت الحاضر هناك 108 دول تأخذ بنظام تخصيص نسبة من المقاعد فى البرلمان للمرأة سواء بنص دستورى او قانونى او إلزام الأحزاب بترشيح نسبة 50% على قوائمها للنساء. ويرى د. صلاح عبد البديع أستاذ القانون الدستورى ووكيل كلية الحقوق للدراسات العليا جامعة الزقازيق والنائب بمجلس النواب الجديد أن وجهتى النظر سواء المؤيدة لتمييز المرأة او الرافض تحترمان، لأن كل رأى يستند على حجج قانونية ولكن الفيصل فى الموضوع هو نص الدستور ففى المادة (11) منه نص على أن تكفل الدولة اتخاذ التدابير اللازمة لتمثيل المرأة تمثيلا مناسبا فى المجالس النيابية، وهذا النص وإن كان مخالفا او يتعارض مع المادة (33) من الدستور والتى تنص على المساواة بين المواطنين فى الحقوق والحريات العامة دون تمييز لأى سبب من الأسباب إلا أن الفكر الدستورى الحديث وما استقرت عليه المحاكم الدستورية فى العالم ومنها المحكمة الدستورية العليا المصرية قد أجازت تمييز الفئات الضعيفة فى المجتمع فى المجالس النيابية الى أن تقوى شوكتها ويصبح لها القدرة على التنافس مع غيرها من الفئات، ففى ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية التى يعيشها المجتمع المصرى فمازالت المرأة لم تأخذ نصيبها من التأييد فى المجالس النيابية ولذلك فإن المحاكم الدستورية تقر هذا التمييز فى حالة غياب نص فى الدستور يسمح لهذا التمييز، ومن باب أولى إذا كان هناك نص فى الدستور يسمح لهذا التمييز فلابد أن تحترم إرادة المشرع الدستورى، فنحن مع احترام النص وان كنت شخصيا مع هذا التمييز. ويؤيد أيضا د.محمد فريد الصادق أستاذ القانون الدستورى بالجامعات الخاصة وجهة نظر حسين عبد الرازق قلبا وقالبا على حد تعبيره، ويقول لأن المادة 11من الدستور واضحة جدا فى الزام الدولة بالمساواة فى الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، والمقصود هنا المساواة فى النتائج وليس فى الفرص بمعنى أن المساواة أن تحصل على حقها وتنل حظها لاسيما أن المجتمع يعانى من فهم خاطىء للدين والصاق عادات وتقاليد بالدين فى مجال ولاية المرأة للمناصب السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولذلك قال العلماء لابد من(التوصية بعد التسوية) بمعنى أنه بعد إقرار مبدأ المساواة بين المرأة والرجل لابد من تمييز إيجابى وهذا هو المقصود بالتوصية فنحن فى مجتمع يقلل من حجم المرأة فلابد أن يأتى دور القانون والدستور ليميزها ويرفع مكانتها.