قرأت فى أهرام يوم الجمعة الماضى تعليقا للأستاذ حسين عبد الرازق على مقال نشر لى مفاده أن تحديد عدد من النساء ضمن الفئات التى نص الدستور على تمثيلها فى مجلس النواب يتعارض مع نصوص الدستور الخاصة بهذا التمثيل، فضلا عن تعارضه مع مبدأ المساواة. وأرد على ذلك بالقول إن تمثيل فئات معينة فى القوائم نص عليه الدستور فى المادتين (243/244) وهى تتعلق بالعمال والفلاحين والشباب والمسيحيين وذوى الإعاقة والمصريين المقيمين فى الخارج: أما المرأة فقد تكلم عنها الدستور فى المادة (11) منه وقد اختلفت عبارة الدستور فى الحالتين. فالبنسبة للفئات الأخرى نص الدستور على أن: «تعمل الدولة على تمثيل العمال والفلاحين والشباب... إلخ» بينما فى النص الخاص بالمرأة استعمل عبارة: «وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلا مناسبا فى المجالس النيابية» وتقضى قواعد التفسير أنه إذا اختلفت العبارة المستعملة فى كلتا الحالتين فإن ذلك يعنى أن المشرع إنما أراد المغايرة فى المعني، وليس المطابقة، ولذلك نرى أن الدستور فيما يتعلق بالفئات الأخرى ألزم الدولة بنتيجة مباشرة هى تمثيل هؤلاء فى المجلس النيابي، بينما بالنسبة للمرأة فإنه لم يلزم الدولة بتحقيق هذه النتيجة مباشرة، ولو أراد المشرع ذلك لذكر المرأة من بين هذه الفئات، ولكنه لم يفعل، وإنما ألزم الدولة فى المادة (11) باتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة، فهو لم يلزمها بنتيجة، وإنما ألزمها بوسيلة، ويعرف القانونيون الفارق بين الإلزام بنتيجة والإلزام بوسيلة، فإذا جاء قانون مجلس النواب فسوى بين المرأة، وغيرها من الفئات الأخرى فى التمثيل المباشر فإنه يكون فى تقديرى قد خالف الدستور. كذلك فإن تمثيل المرأة فى القوائم يتعارض مع مبدأ المساواة الذى نص عليه الدستور فى أكثر من نص، فقد نصت مادة (53) على أن: «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس... إلخ». كما نصت المادة (11)على أن تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق... إلخ» فإذا جاء قانون مجلس النواب فنص على عدد معين للنساء فى القوائم من منطلق ما يسمى بالتمييز الإيجابى وهو تعبير مستورد فإنه يكون قد خالف الدستور، لأن التمييز الإيجابى للمرأة يقابله تمييز سلبى للرجل، وهو فى كلتا الحالتين يخالف مبدأ المساواة الذى نص عليه الدستور، ولا يكفى لدعم هذا التمييز القول إن عددا كبيرا من الدول أخذ به، ذلك أن بقية الدول وعددها أكبر لم تأخذ به. وأريد أن أؤكد لصاحب التعليق أن لا علاقة لهذا الموضوع بمبدأ تكافؤ الفرص الذى تكلم عنه، فالمساواة مبدأ، وتكافؤ الفرص مبدأ آخر، وهما مختلفان فى المعني، ولذلك نص الدستور على كل منهما فى مادة مستقلة، فقد نص على مبدأ تكافؤ الفرص فى المادة (9)، بينما نص على مبدأ المساواة فى المادة (53) والمقال المطروح كان يتناول تعارض القانون مع مبدأ المساواة فحسب، ولا أفهم ما جاء فى التعليق من أن «مفهوم المساواة قد تطور ليتحول إلى تكافؤ النتائج بدلا من تكافؤ الفرص» إذ يعد ذلك خلطا بين مبدأين يختلف كل منهما عن الآخر تمام الاختلاف!!! وفى النهاية فإنى أعترض كل الاعتراض على ما جاء فى تعليق الأستاذ حسين عبد الرازق من أن المرأة «فى مقدمة الفئات الضعيفة»، فالمرأة المصرية ارتقت إلى جميع المناصب تقريبا: مستشارة لرئيس الجمهورية ووزيرة وسفيرة وأستاذة جامعية، بل ورئيسة جامعة وقاضية.. إلخ. بل إن المرأة التى لا تعمل، وتكتفى بدورها كربة بيت إنما تؤدى دورا بالغ الأهمية، حيث ترعى الاسرة التى هى نواة المجتمع، وتربى شباب المستقبل، ويكفى المرأة تقديرا لقوتها واحتراما لدورها واعترافا بتأثيرها فى المجتمع أنها هى التى أنجبت وربت ورعت أعظم الرجال. لمزيد من مقالات د. فوزية عبد الستار