فاجأنى أهرام الجمعة الماضى بتصريح منسوب للدكتورة فوزية عبدالستار أستاذ القانون بجامعة القاهرة والتى تولت رئاسة اللجنة التشريعية والدستورية فى مجلس الشعب لسنوات طويلة، قالت فيه إن اشتراط وجود عدد من النساء ضمن الفئات التى نص الدستور على تمثيلها تمثيلا ملائما فى أول مجلس للنواب ينتخب بعد إقرار هذا الدستور يتعارض مع نصوص الدستور للقانون بتمثيلهم، إضافة إلى تعارض ذلك مع مبدأ المساواة المنصوص عليه فى الدستور. وتأتى المفاجأة أن الدستور وإن لم يضع المرأة ضمن الفئات المطلوب تمثيلها فى أول مجلس نواب، إلا أن الدستور نص فى المادة (11) فى الباب الثانى «المقومات الأساسية للمجتمع» على ما يلى: «تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور. وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلا مناسبا فى المجالس النيابية، على النحو الذى يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الادارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية. دون تمييز ضدها..» إلى آخر هذه المادة. وهو نص ينطبق بالضرورة على كل الانتخابات النيابية بما فيها أول انتخابات بعد إقرار الدستور وكل الانتخابات التالية أما القول بأن النص على تمثيل النساء تمثيلا مناسبا أو ملائما يتعارض مع مبدأ المساواة، فهو أمر يجافى الحقيقة، فلابد أن أستاذة القانون تعلم أن الفقه الدستورى تبنى فكرة التمييز الايجابى للطبقات والفئات الضعيفة وفى مقدمتها المرأة، مستندا إلى تطور مفهوم المساواة فى العقود الأخيرة ليتحول إلى تكافؤ النتائج بدلا من تكافؤ الفرص. ويقوم مبدأ تكافؤ النتائج على أساس أن إسقاط الحواجز الرسمية ليس كافيا فى ظل معوقات واقعية وعلمية، وهى معوقات مركبة وذات أبعاد اجتماعية واقتصادية وثقافية، لذا يعد تخصيص المقاعد وسيلة لتحقيق تكافؤ النتائج والقفز فوق المعوقات الحقيقية العلنى منها والمخفى، وتخصيص نسبة من مقاعد البرلمان للنساء لايمكن اعتباره طبقا لهذا المنطق تمييزا ضد الرجال وافتئاتا على حق الرجل، بل تعويض للمرأة عن التمييز التاريخى الذى عانته وتعانيه بالفعل اليوم، خصوصا فى المجال السياسى، ومسعى لتحقيق المساواة، وإجراء يهدف إلى تحول تكافؤ الفرص من مبدأ إلى واقع. وفى الوقت الحاضر هناك 108 دول تأخذ بنظام تخصيص نسبة من المقاعد فى البرلمان للمرأة، سواء بنص دستورى أو قانونى أو إلزام الأحزاب بترشيح نسبة 50% على قوائمهم للنساء. لمزيد من مقالات حسين عبدالرازق