فى السنوات الخمس الأخيرة توقف نحو 7 آلاف مصنع، منها أربعة آلاف و200 وحدة كانت تعمل بالفعل، وترتب عليها تشرد 300 ألف أسرة ، بينما توقفت المصانع الأخرى قبل أن تبدأ، وفى نفس الوقت الذى أعلن فيه مجلس الوزراء عزمه على إعادة تشغيل ألف مصنع ، ومساعدة أصحابها على استعادة نشاطها بعد تقديم الدعم الكامل لها ، تنهار بعض شركات قطاع الأعمال التى أصبحت تحقق خسائر فادحة. و يرى بعض الخبراء أن جهود الحكومة وحدها لا تكفى لأن كل حالة مختلفة عن الأخرى، وتحتاج معالجة خاصة بسبب ارتفاع أسعار الطاقة أوالمنافسة غيرالمتكافئة فى السوق، وعمليات التلاعب فى الجمارك والإغراق والتهريب، وحدد تقريرمركز تحديث الصناعة حجم استثمارات هذه المصانع المتعثرة بنحو 50 مليار جنيه، وأن متوسط استثماراتها يدور حول 50 مليون جنيه للمصنع الواحد. وأكدت ذلك إحصائيات مجالس أمناء المدن الصناعية وجمعيات المستثمرين بالمحافظات ويعمل بها نحو مليونى عامل فى قطاعات الغزل والنسيج وصناعة الملابس والكيماويات والصناعات الهندسية والغذائية ومن هذه المصانع نحو 3 آلاف مصنع متوقف قبل يناير2011 و 3 آلاف أخرى بعد يناير 2011، وما يقرب من ألف مصنع متعثر بعد 2011 أوعلى وشك التوقف. بداية يؤكد الدكتور بهاء الدين زغلول المستشار الصناعى والرئيس الأسبق لمركز بحوث وتطوير الفلزات، إنه يمكن انقاذ المصانع المتعثرة، ولكن نحتاج الجدية وعلى رأسها مصانع شركات قطاع الأعمال ، فعلى الرغم من الخسائر الفادحة فى هذا القطاع الا أن العاملين فيه يقومون بمظاهرات ويتوقفون عن العمل لزيادة حوافزهم والحصول على الأرباح والدولة تدللهم ،بينما نجد أن مصانع القطاع الخاص التى أغلقت تقع تحت ضغوط شديدة نتيجة عدم حماية المنتج المصرى وفتح باب الاستيراد على مصراعيه أمام صناعات شديدة السوء ، وهى أرخص من ثمن الخامة بالطبع ، والمصالح الشخصية هى التى تدير السوق خاصة أبواب الجمارك المفتوحة حتى أن وزير المالية أعلن أخيرا أن الجمارك تستقبل المصنوعات المستوردة، بفواتير «مضروبة» فمثلا تكون قيمة الكمية المستوردة مليون جنيه يقدم المستورد مستندا للجمارك بسعر مائتى ألف جنيه ومع الضريبة التى تبلغ 10% يدفع 20 ألفا بدلا من مائة ألف أى خمس المبلغ ، والنتيجة أن تطرح السلع "برخص التراب" ، وكذلك الحال للسلع المهربة ويتولاها متخصصون فى التهريب فى مقابل مادى ، والنتيجة أن تدخل كميات هائلة من المنتجات والبضائع الرديئة للسوق بسعر لا يتعدى 25% من المنتج المصرى الجيد ، ومع الخسائر الفادحة لا يكون هناك حل سوى الإفلاس وإغلاق المصانع وتشريد العمال . وأشار إلى أن المصانع المتعثرة تحتاج لحلول غير تقليدية لحماية إنتاجها أمام التهريب والتلاعب بالجمارك ، وذلك برفع الرسوم على الوارد من المنتجات التى لدينا سلع مناظرة لها ، حتى تكون المنافسة عادلة وتوعية المواطن بخطورة التعامل مع سلع رديئة وغالبا تكون مسرطنة ، والحل الآخر أن تعرض المصانع المتوقفة على المستثمرين للمشاركة والإحلال والتجديد ، فالمصنع المتوقف يكون جاهزا من حيث الأرض والبنية الأساسية، وعلينا أن نفرق بين مصنع جاد يريد أصحابه العمل الحقيقى وغيره ، خاصة أن نسبة كبيرة من هذه المصانع أغلقت عمدا من أصحابها، استغلالا لقانون الإعفاء الضريبى لمدة عشر سنوات، فبعد انتهاء فترة الإعفاء الضريبى يصفى المستثمر شركته، ليغير نشاطه عمدا ليستفيد من إعفاءات جديدة بالتحايل على القانون وقد يكون السبب أن المصنع أقيم على دراسة جدوى غير علمية وفى هذه الحالة يقصد الحصول على قرض من البنك ربما للاستفادة منه فى مجالات أخرى، مطالبا بضرورة تفعيل دور مجلس تصدير السلع الهندسية والمعدنية لمساندة المصانع المغلقة ، وتفعيل دور الدولة من خلال الأجهزة الرقابية كالجهاز المركزى للمحاسبات والرقابة الإدارية لمراقبة سوء التوجيه، وكذلك الدراسة الجادة لكل حالات الشركات المتوقفة أو المتعثرة جزئيا. إذ إن المؤشرات التى يوفرها مركز تحديث الصناعة تكشف عن أن نحو 84% من حالات الإغلاق ترجع لمشكلات تمويلية من جملة المصانع التى تقع فى 74 منطقة بالمدن الصناعية الثمان على مستوى الجمهورية فى حين أن المشروعات التى تناولها المؤتمر الإقتصادى فى مارس الماضى أكبر بكثير من المصانع المتعثرة، لأنها تركز على المشروعات العملاقة التى تفتح الأبواب لضخ استثمارات ضخمة فى الإقتصاد المصرى. لائحة الاستثمار وقال: إننا برغم إعلاننا فى كل مكان أننا نفتح بلادنا للاستثمار ونضع تسهيلات واسعة ،فإنه لا يوجد لائحة لقانون الاستثمار فى مصر بحيث يتعرف المستثمر على نشاطه ومعاملاته مع الدولة فى السنين القادمة ،ثم يفاجأ برفع سعر الكهرباء والغاز والخدمات دون أن يكون ذلك ضمن خطته ، والمفترض أن تعطيه الدولة ضمانات أو صورة من خطتها فى الأسعار لعدة سنوات قادمة ، حتى يضع حسابات دقيقة لأسعار منتجه ولا يصطدم بقرارات تنهى نشاطه فجأة ويتوقف مشروعه فينضم للمشروعات المتعثرة ، ثم يدور حول نفسه وهى مشكلة تكشف عدم وجود رؤية أو تخطيط حقيقى ، و لحل تلك المعضلة لابد من إقامة وزارة مستقلة لهذه المصانع أو ضمها لوزارة الصناعة وهى الأقرب لها ، والأهم هو الاختيار الدقيق بمعايير علمية لرؤساء مجالس الإدارات وألا يزيد السن بأى حال على ستين عاما ، وتتوافر لديهم الخبرات الفنية والمالية والاقتصادية والقانونية. ويشير الدكتور رشاد عبده أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة إلى أن أسباب تعثر المصانع ترجع للركود الاقتصادى والإغراق المتعمد من الأسواق الخارجية، وارتفاع أسعار الخامات ووقف التصدير، ولكن أغلبها متوقف بسبب تعثر مالى مع البنوك الحكومية .وعدم قدرة هذه المصانع على الحصول على قروض بنكية لشراء خامات ومستلزمات إنتاج ومعدات ، حيث يوضع العملاء المتعثرون فى قوائم سوداء لمدة 5 سنوات ، وعند انتهاء تلك المدة تتعسف البنوك فى إقراض العميل وتحوله إلى عميل ردىء ،فى حين أن سياسة البنوك فى العالم فى إقراض المشروعات تعتمد على قدرة المشروع على التوسع فى السوق ، ومدى حجم الطلب على منتج المشروع ، وفى مصر يعتمد الاقراض على ضمانات عينية، ولو كان المستثمر لديه الضمانات العينيه لقام ببيعها دون اللجوء الى الاقتراض من البنوك . مطالبا بضرورة إيجاد آلية للتعامل مع المصانع المتوقفة والمتعثرة لعرضها على المستثمرين لإعاده تشغيلها كمايجب إنشاء صندوق يساعد المصانع المتعثرة يدار وفقا لقانون يصدر خصيصا وتحت إدارة مجموعة محترفة من الخبراء يعيدون تقييم اصول تلك المصانع ويتم الاقراض بالمشاركة ، ليحقق الصندوق أرباحا يعاد ضخها فى مصانع متعثرة اخرى بواسطة القروض الدوارة ، ويجب على البنوك الحكوميه وقف جميع الاجراءات الجنائية التى تتخذ ضد العملاء المتعثرين والعمل على إنشاء صندوق يهدف الى دعم تلك المصانع ، فاستمرار عدم تمويل البنوك للمصانع المتعثرة سيؤدى الى نقص الانتاج وارتفاع الاسعار وزيادة معدلات البطالة التى طالت 4 ملايين شاب بالإحصاءات الرسمية أغلبهم من المؤهلات العليا . ويوضح أستاذ الأقتصاد أن تشغيل وتطوير المصانع المصرية أصبح ضرورة للأمن القومى وللتنمية على كل المستويات، ويطالب العمال بالتفرغ للتطوير وليس المطالبات والإضرابات، فقد شهدت الفترة السابقة نحو أربعة آلاف إضراب ومظاهرة منها 3 آلاف بالمحلة وحدها ، فليس هذا وقت الإضرابات ولكنه وقت العمل والإنتاج.لأنه فى هذه الحالة لا يكون أمام المستثمر سوى الإغلاق ،كما أن منع التهريب يحل 50% من مشكلات المصانع المتعثرة مع مصلحة الجمارك ، وأنه من الغرائب أنه وفقا لقانون المناطق الحرة تتم محاسبة الدولار الجمركى بسعر 70 قرشا منذ عام 2000 ، ولم تتحرك الحكومة لوقف هذا الإهدار !! مطالبا بضرورة وقف نزيف التهرب الجمركى الذى يضر الصناعة الوطنية وتغليظ عقوبة الحبس على المهربين والمتهربين ، وتخفيف الأعباء عن رجال الصناعة الوطنية بعد زيادة اسعار الكهرباء بنسبة 30% والغاز من 2 دولار إلى 5 دولارات والمياه بنسبة 300%فى محاولة لدعم المنتج المحلى الذى تحمل أعباء بزيادة 40% بعد زيادة الطاقة. ،وأنه وفق قرار مجلس الوزراء منذ أيام بدأت الجمارك وضع أسعار استرشادية لدى التجار وموظفى الجمارك لمنع تقديم فواتير مزورة .